هجوم الجيش العراقي الباسل المقابل على العدو الايراني
عند طلوع فجر 8 اذار / مارس 1985 وبعد تأكد القياده العامه للقوات المسلحه ان الهجوم الايراني على قاطع شرق دجله هو الهجوم الرئيسي
انتقل معظم اعضاء القياده العامه للقوات المسلحه الى قاطع شرق دجله وعلى رأسهم المرحوم الفريق اول الركن عدنان خير الله طلفاح وزير الدفاع ونائب القائد العام للقوات المسلحه
وضعت القياده العامه للقوات المسلحه وبتنسيق مع قيادة عمليات شرق دجله خطه محكمه لحصر القطعات الايرانيه في هذا القاطع بين فكي كماشه من قبل قطعات الجيش العراقي الباسل
وبدأت مقاتلات الهجوم الارضي التابعه للقوه الجويه العراقيه بضرب اماكن تحشد العدو في العمق الايراني وضرب مواضع المدفعيه الايرانيه بعيدة المدى عيار 175 ملي
بدأت مروحيات طيران الجيش من نوع مي-25 بضرب الالسن والسدود الترابيه التي احتلها العدو
قام سلاح الصواريخ بضرب مواقع العدو في العمق الايراني
خطه الهجوم البري المعاكس للجيش العراقي في هذا القاطع
1- تحريك جميع الوية القوات الخاصه والوية المغاوير العامله ضمن قطعات الفيلقين الثالث والرابع ووضعها تحت امرة قيادة شرق دجله لاتخاذ مواضع لمنع العدو من توسيع جبهة الخرق الى حين وصول القطعات الاليه والمدرعه من قواطع الفيلقين الثالث والرابع
2- تتحرك الفرقه المدرعه السادسه بكامل تشكيلاتها من قاطع الفيلق الثالث في البصره الى هذا القاطع وتتقدم وتنفتح من اتجاه السويب جنوبا وبعرض الجبهه والتي تمتد من السده الترابيه غرب هور الحويزه الى الضفه الشرقيه لنهر دجله وتدمير قطعات العدو اينما وجدت
3- تتحرك الفرقه الاليه الخامسه وبكامل تشكيلاتها من قاطع الفيلق الثالث في البصره وتتقدم وتنفتح من اتجاه مدينة القرنه جنوبا باتجاه طريق البصره-العماره العام وتدمير العدو المتواجد بين نهر دجله شرقا وهور الحمار غربا
4- تتحرك الفرقه المدرعه العاشره وبكامل تشكيلاتها من قاطع الفيلق الرابع في العماره ومهمتها الانفتاح شمالا والتقدم بين السده الترابيه غرب هور الحويزه والضفه الشرقيه لنهر دجله وتدمير قطعات العدو هناك
5- تحركت وحدات من قوات الحرس الجمهوري وعلى رأسها اللواء المدرع العاشر " المشهور " من قاطع الفيلق الرابع والتقدم والانفتاح شمالا وبالتنسيق مع قوات الفرقه المدرعه العاشره
6- تحركت عدد من وحدات المشاة من قاطع الفيلق الرابع ومن ضمنها لواء المشاة 19 ووضعت بامره الفرق المدرعه والاليه
7- ووفقا لما تقدم فأن القوات الايرانيه المهاجمه وضعت بين كفي كماشه حال وصول الفرق المدرعه والاليه والمشاة العراقيه الى قاطع شرق دجله
واجب لواء المشاة 19 في معركة تاج المعارك
معظم الهجمات الايرانيه كانت تتم في فصل الشتاء وذلك لسبب حيوي , حيث ان ليل الشتاء طويل ويستطيع العدو القيام باعماله تحت جنح الظلام وتحقيق المباغته وتجنب ضربات القوات الجويه العراقيه
1- قبل الساعه 12 ليلا بقليل اتصل بي قائد الفرقه 14 وذكر لي ان العدو قام بشن هجوم ثانوي على قاطع عمليات شرق دجله وان الهجوم الرئيسي سيكون باتجاه لوائكم " لواء 19 مشاة "
اجبته : اللواء على اتم الاستعداد لقبر اي هجوم معادي
تم وضع وحدات اللواء في الانذار ومراقبة الجبهه والاخبار عن اي حركه معاديه
2- في اليوم الاول للمعركه وهو 8 اذار / مارس كانت قيادات الفرق تعطي التشكيلات التي تقع تحت امرتها المعلومات عن الموقف في قاطع شرق دجله بالقطاره وكنا نعتمد على البيانات التي تذاع بالاذاعه والتلفزيون
3- بعد الضياء الاخير من يوم 8 اذار / مارس صدرت الاوامر بتحرك لواء المشاة 18 من قاطع الفيلق الرابع الى قاطع شرق دجله
واتصل رئيس اركان الفرقه بي طالبا تحرير فوج من لواء 19 لمسك جزء من الموضع الدفاعي للواء 18 وتم تحريك الفوج 2 لواء 19 لمسك جزء من الموضع الدفاعي الذي كان يشغله لواء 18 مشاة
4- بعد ظهر اليوم الثاني للمعركه 9 اذار / مارس صدرت الاوامر بتحرك اللواء 19 مشاة " لوائي " الى قاطع شرق دجله ناقص الفوج الثاني والذي
سيلحق باللواء بعد الضياء الاخير لنفس اليوم
5- في الساعه 9 ليلا من يوم 9 اذار / مارس وصل اللواء الى شمال العزير وراجعت مقر عمليات شرق دجله واخبرتهم بوصول اللواء 19 للقاطع فأخبروني بضرورة التهيوء للاشتراك في المعركه مع قوات الحرس الجمهوري قبل الضياء الاول ليوم 10 اذار / مارس
طلبت من ضابط استخبارات اللواء ارسال بعض ضباط استخبارات اللواء الى مدينة قلعه صالح لاستقبال الفوج الثاني من اللواء وايوائهم جنوب قلعة صالح لعدم توفر اماكن ايواء لهم شمال العزير
في الساعه 12 ليلا اخبرني ضابط استخبارات اللواء ان الفوج الثاني وصل الى شمال العزير
فاخبرت ضابط الاستخبارات اني طلبت بقاء الفوج الثاني جنوب قلعه صالح فأجابني ان امر الفوج الثاني رفض البقاء في قلعه صالح وهو يريد الاشتراك في المعركه مع باقي اللواء والاستشهاد معا
فأجبت : بارك الله بهم بهذا النوع من الرجال يتحقق الصر
ثم افترشت الارض بجانب احد بطاريات المدفعيه النمساويه واستغرقت بالنوم على الرغم من الرمي طوال الليل لعدم نومي في الليلتين الماضيتين
6- في الساعه 6 صباح اليوم الثالث من المعركه " يوم 10 اذار / مارس " ذهبت للقاء قائد قوات الحرس الجمهوري فوجدت عنده نائب رئيس اركان الجيش للعمليات المرحوم الفريق الركن هشام صباح الفخري واخبرني انه حدث تغيير في الخطه وعلى اللواء 19 مشاة ان ينتقل الى قاطع الفرقه الخامسه الاليه والتي تقاتل شمال القرنه ولم يخبرني ان الطريق العام " العماره-البصره " هو تحت سيطرة العدو
7- في الساعه 10 صباحا يوم 10 اذار / مارس وانا اسير بسيارتي ومن ورائي سيارات امري الوحدات وعلى طريق " العماره - البصره " العام وقبل الوصول الى قرية الصخيريجه وجدت عجله عسكريه عراقيه قادمه من القرنه وقد اضرمت فيها النيران بفعل قذيفة ار بي جي .
اصدرت الاوامر لسائق سيارتي بالاتجاه بسرعه الى اقصى اليمين ومن ورائي سيارات امري الوحدات للابتعاد عن منطقة القتل والاحتماء بدور القريه
ووقفنا خلف ساتر ترابي يبعد عن القريه بحوالي 200 متر ورصاصات القناصين الايرانيين فوق رؤوسنا
8- اتصلت بالجهاز اللاسلكي بامر الفرقه الخامسه الاليه ليرشدني على مكانه , وفي هذه الاثناء انتبه امر الفوج 3 لواء 19 الى وجود مجموعه من العسكريين العراقيين الى يميننا
ذهبت الى هؤلاء العسكريين فوجدت امر الفرقه الخامسه الاليه بضمنهم واستلمت منه الاوامر بسرعه وعدت لامري الوحدات لاخبرهم بضروره عبور المنطقله بسياره سياره لكي لايتمكن العدو من استهدافنا
عدنا مرة اخرى شمالا وكتب الله لنا النجاة
9- كان واجب اللواء 19 الجديد هو مسك موضع دفاعي على السده الترابيه للضفه الغربيه لنهر دجله
وقمت بتوزيع الافواج على المواضع كالتالي :
الفوج الثالث من جسر العزير جنوبا ولمسافة 2 كم
الفوج الاول جنوب الفوج الثالث ولمسافة 2 كم ايضا
الفوج الثاني من جسر العزير شمالا ولمسافة 2 كم
10- اشرفت شخصيا على انفتاح سرايا الافواج في الاماكن المخصصه لها وكانت مواضع الفوج 1 لواء 19 على تماس مباشر مع العدو الموجدو على الضفه الشرقيه لنهر دجله , اوعزت بانفتاح فصائل الهاون التابعه للفوج الاول وكان قد سبق لي تدريبها على تركيز النيران على هدف واحد
اوعزت الى امر الفوج 1 بالامر الى فصائل الهاون بالرمي باسلوب 3× 6=18 هاون عيار 100 ملي وكان الرمي بدقه متناهيه على الجنود الاريانيين
وهذا السلاح يستخدم للمره الاولى في وحدات المشاة بالجيش العراقي
دور المدفعيه بتدمير قطعات الجيش الايراني
حال عودتي الى مقر اللواء والذي يقع في احد المدارس يمين الطريق العام جنوب العزير , استقبلني امر كتيبة الاسناد المدفعي المباشر للواء
وهي كتيبة مدفعية ميدان 82 المكونه من مدافع D-3 واخبرني ان الكتيبه انفتحت في مواضعها وهي جاهزة لتلبية طلبات الاسناد الناري
جلسنا على الارض وفتحنا محافظ خرائطنا واستخرجنا احداثيات المنطقه التي تتواجد بها قطعات العدو على الضفه الشرقيه لنهر دجله مقابل الفوج1 لواء 19
اتصلت بامر الفوج1 لواء 19 واخبرته بضروره رصد نيران كتيبة المدفعيه التابعه الى اللواء الى حين وصول امر البطريه الى مواضع الفوج
وقام امر كتيبه مدفعية الفوج بتمرير المعلومات الى موقع الكتيبه التي بدأت بقصف مواقع العدو وفي هذه الاثناء كان امر الفوج1 لواء 19 يراقب النيران ويوصل لنا المعلومات, تارة الرمي مؤثر ويطلب نقل الرمي الى المربع الثاني وتاره يطلب تكرار الرمي على نفس المكان وامر كتيبة مدفعية اللواء يسمع المكالمات ويقوم هو بالتالي بتمرير المعلومات الى موقع الكتيبه للرمي حسب الطلب " طلب امر الفوج 1 لواء 19 " وكل مدفع كان يرمي 3-5 اطلاقات على الهدف الواحد تصب جام غضبها على الجنود الايرانيين المنتشرين بالعراء
وقد سهلت هذه التكتيكات بتسهيل تحرك تقدم الوحدات العراقيه المهاجمه من الشمال وعلى طول الضفه الشرقيه لنهر دجله حيث بدأت مقاوم العدو بالانهيار
وقد استر رمي الكتيبه طوال ليله 10-11 اذار / مارس بلا توقف على اماكن تواجد العدو في المنطقه المقابله لقرية الصخيريجه ولسان عجيرده
فجر يوم 11 اذار / مارس " اليوم الرابع من المعركه " استلمت رساله من مقر الفرقه الاليه الخامسه بضرورة فرز فوج مشاة ووضعه تحت امرة اللواء المدرع 30 وطلبت عن طريق اللاسلكي معرفة تواجد اللواء المدرع 30 فلم يخبرني احد عن مكانه !!
وطلب مني اصدار امر بالحركه الى فوج مشاة من اللواء 19 لتطهير قرية الصخيريجه من العدو
لم اتردد واصدرت الحركه لفوج مشاة بالحركه " فوج 2 لواء 19 " من شمال جسر العزير الى جنوب مواضع الفوج1 لواء 19 وذهبت مع امر الفوج الى شمال قرية الصخيريجه ووضعت له خطه كيفية التقدم وتطهير القريه
وانفتحت فصائل الهاون التابعه للفوج " الفوج 2 لواء 19 " الى الامام من مواضع الفوج1 لواء 19 واتخذت عجلات تحمل مدفعيه 106 ملي مواضعها ثم شرعت سرايا الفوج تقضم الارض وتتقدم تحت اسناد مدافع العاون 100 ملي ومدفعيه 106 ملي بينما تقوم كتيبة المدفعيه التابعه للواء بقصف مواضع العدو شرق نهر دجله لمنعها من تعزيز قوة العدو في الريه وقطع طريق انسحابها
وماهي الا سويعات حتى تمكن الفوج 2 لواء 19 من تحرير القريه وقامت بعبور نهر دجله الى الضفه الشرقيه لتعقب العدو المنسحب الى لسان هويدي باستخدام مشاحيف القريه " المشحوف هو زورق شعبي يستعمله سكان الاهوار في جنوب العراق "
علما ان واجب الفوج هو العمل في غرب نهر دجله فقط !
في هذه الاثناء كانت مروحية المرحوم الفريق اول الركن عدنان خير الله طلفاح وزير الدفاع ونائب القائد العام للقوات المسلحه تحوم في الاجواء وتراقب سير المعركه وعندما شاهد المرحوم جنود الفوج2 لواء 19 وهم يعبرون الى الضفه الشرقيه لنهر دجله هبط بمروحيته بينهم وسألهم : من اي لواء انتم ؟
فأجابه منتسبي الفوج : نحن من فوج2 لواء 19
فأثنى على شجاعتهم وبسالتهم
وقبل الضياء الاخير من يوم 11 اذار / مارس 1985 " اليوم الرابع من المعركه " لم يبق اي جندي ايراني حي في قاطع شرق دجله
في صباح يوم 12 اذار / مارس سلم اللواء 19 مشاة موضعه الى تشكيل اخر وتسلم موقع اخر في نفس قاطع شرق دجله عند منطقة السويب على الحدود الفاصله مع الفرقه 31 مشاة التابعه للفيلق الثالث
بماذا تميزت معركة تاج المعارك في اذار / مار 1985
1- اخفاق مديريه الاستخبارات العسكريه بمعرفه مكان وزمان هجوم العدو كلف الجيش العراقي الباسل ضحايا بشريه جسيمه مرتين
المره الاولى عندما هجم العدو على قاطع شرق دجله
والمره الثانيه في الهجوم المقابل العراقي الذي طرد العدو من ارض العراق
حيث سارت انهار من الدماء الزكيه الطاهره دفاعا عن العراق
2- سرعة استجابة القياده العامه للقوات المسلحه بانتقالها الى ارض المعركه واصدارها الاوامر بحركه القطعات من قاطعي الفيلقين الثالث والرابع وبالهاتف مع وضع خطه الهجوم المقابل ومعالجة المواقف المستجده في ارض المعركه فوت الفرصه على العدو ليثبت اقامه في المواقع التي احتلها
3- سرعه استجابة القواعد الجويه في قاعدة الوحده وقاعدة علي بن ابي طالب وقاعدة ابي عبيدة الجراح في شن الهجمات الجويه في العمق الايراني وسرعة استجابة جناح طيران الجيش الثالث والرابع في ضرب الاهداف المعاديه في المناطق المغموره بالمياه والجسور المتحركه والتي يصعب رصدها من الارض مما افقد العدو صوابه وكبدته خسائر جسيمه
4- سرعة حركة القطعات المدرعه والاليه والقوات الخاصه والمغاوير والمشاة والتي تحولت من موقف الدفاع الى الهجوم بانذار قصير والتعاون بين القطعات والصنوف بما يشبه خلية نحل قادة وامرين وضباط وجنود واضعين نصب اعينهم هدف واحد مشترك وهو الدفاع عن ارض العراق وتكبيد العدو خسائر جسيمه بشريه وماديه
5- يجب الاعتراف بجهود الصنوف الخدميه والتي قدمت خدمات كبيره من اجل ادامة القطعات في المعركه واخص بالذكر صنف التموين والنقل والذي واصلت سراياه العمل ليلا ونهارا من اجل نقل العتاد الثقيل للمدفعيه والدبابات من مخازن الاعتده الى المواضع الاماميه
وصنف الطبابه العسكريه خاصة سواق سيارات الاسعاف التي كانت تعمل على مدار الساعه وتتنقل بين القطعات وتحت القصف المعادي من اجل نقل الجرحى الى الوحدات الطبيه والمستشفيات انقاذا لحياتهم
http://www.algardenia.com/terathwatareck/6076-1985.htmlملاحظات :
1- في بعض المصادر العراقيه تم ذكر تاريخ بدء الهجوم الايراني في 11 اذار / مارس 1985 ونهاية المعركه في 18 اذار / مارس 1985
ولكني ارتأيت ان لا اغير المعلومه الموجوده في المصدر لانها على عهدة صاحبها
2-
شاهد بنته الحكومه العراقيه في ارض المعركه التي جرت بها معركة تاج المعارك
ويبدو في الشاهد عدد خسائر ايران في المعركه حسب الاحصائيات العراقيه وهي 27000 قتيل ايراني