يشكل الإرهاب اليوم حالة تهدّد أمن العديد من دول المنطقة، ويسعى لبنان إلى محاربة هذا الإرهاب على طول الشريط الممتد من شمال البقاع حتى جنوبه. ولطالما سعى سلاح الجو اللبناني إلى امتلاك قدرات تمكّنه من مواجهة أي تهديد يمكن أن يمسّ بأمن لبنان وسيادته.
تتضمن أسراب سلاح الجو اللبناني مجموعة من مروحيات UH-1H، والتي زود الجيش بعدد منها أثناء معركة مخيم نهر البارد،
وكذلك مروحيات بوما (Puma) للنقل والخدمة،
ومروحيات هجومية من نوع غازيل (Gazelle)،
ومروحيات روبنسون R44 ومروحيات .Huey II
ولكن، وما هي المعوقات البنيوية والخارجية لقدرة لبنان على امتلاك سلاح جو حديث ومتطور؟ وأي نوع من السلاح يلائم حاجات ومتطلبات العقيدة العسكرية للجيش اللبناني، وما هي الصعوبات؟
في حديث خاص لمجلة "الأمن والدفاع العربي" شرح العميد الركن المتقاعد ريشار داغر، أبرز المعوقات التي يواجهها لبنان في سعيه لامتلاك سلاح جو حديث ومتطور: "فيما يتعلق بسلاح الجو، من المتوقع أن تواجهنا تعقيدات، فأولى المعوقات تكمن في الجانب الاقتصادي، أي عملياً في عدم قدرة الدولة على رصد موازنات دفاعية نوعية، تسمح بوضع برنامج تسلح قادر على تأمين ولو الحد الأدنى من التوازن العسكري مع القوى العسكرية المجاورة للبنان، وفي مقدمها اسرائيل".
وأكمل: "من هنا، كانت عمليات تسليح الجيش اللبناني تنفذ بشكل رئيس عبر طريقتين.. الأولى هي شراء الأسلحة من الأموال المرصودة للتسلح في موزانة الدفاع، وهو الأمر الذي أدى دوماً الى خيار إجباري يتمثل بشراء أسلحة قديمة نسبياً، وعدم الإقتراب من نوعيات الأسلحة المرتفعة الثمن مثل الطائرات الحربية وغيرها من الأنظمة المتطورة. أما الثانية، فهي من خلال الهبات التي تقدمها الدول الصديقة إلى لبنان، سواء أكانت عينية (أسلحة خفيفة، ذخائر، آليات خفيفة ومتوسطة...) أم هبات مالية للمساعدة في تطوير قدرات لبنان العسكرية".
وأكمل داغر: "نذكر من المعوقات أيضاً، العقبات اللوجستية التي يتطلبها مشروع التسلح بالطائرات الحربية على أنواعها، من الإنشاءات المناسبة (هنغارات ايواء وحماية، مشاغل تقنية، قواعد جوية آمنة... )، إلى التجهيزات الضرورية لمواكبة السلاح الجديد، وصولاً إلى تكوين الطاقم البشري المؤهل لتشغيل الطائرات من طيارين وفنيين وخبراء، بكل ما يتطلبه ذلك من إعداد وتدريب".
وفي الإطار عينه، أشار داغر إلى "أن العقبة الثالثة التي تعترض مشروع تسليح الجيش هي خضوع لبنان، مثل جميع الدول المستوردة للسلاح، الى القيود والإلزامات الدولية التي تحدّ من اختياره الحر لأنواع الأسلحة والأنظمة القتالية التي ينوي إقتناؤها، تحت مروحة واسعة من العناوين مثل الخوف من وقوع الأسلحة بين أيدي تنظيمات مسلحة، المساس بالتفوق العسكري الاسرائيلي، أو أخيراً عدم الحاجة إليها دفاعياً. كما تحد كذلك من اختياره لمصادر التسلح، تحت ذرائع مختلفة، كما حصل عندما جوبه عرض التسليح الإيراني باعتراضات دولية بسبب أحكام الحظر المفروضة على طهران".
وختم داغر قائلاً: "ترسم الدولة عادة حاجات الجيش وفقاً لمعايير معيّنة، وتأخذ بعين الاعتبار وحدة النوع أو المصدر بالأسلحة، وأنا أعتبر أنه من الأفضل أن يكون السلاح المقدّم للبنان من نوع واحد - أي بمعنى آخر من مصدر واحد - كما أعتقد أنه يمكننا مواجهة كل هذه الصعوبات، وللقيام بذلك نحن بحاجة إلى جهد أكبر وتدريب مكثف".
عديدة إذاً هي المشكلات التي يواجهها لبنان في سعيه لامتلاك سلاح جو حديث ومتطور؛ وهي مشكلات لا زالت حتى اليوم تمثل إحدى معوقات نجاح لبنان في إتمام صفقات السلاح التي يحتاج إليها الجيش بمختلف قطعاته. فهل سيستطيع لبنان تخطي هذه العوائق والحصول على ما يناسبه من أسلحة وأعتدة ؟ هل ستلبي الهبات المقدّمة فعلاً متطلبات الجيش اللبناني، أم سيسبّب موضوع تنوّع المصادر خلافاً داخلياً جديداً؟!