لقد انفجرت سيارة مفخخة في الساعة الثالثة إلا ربعا من ظهيرة يوم 17 مارس آذار 1992 قبالة مقرّ السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس، مما أدى إلى انهيار جزء كبير من مبنى السفارة.
وقُتل من جراء الاعتداء 29 شخصاً منهم 4 إسرائيليين و 4 من موظفي السفارة المحليين، فيما أصيب نحو 250 شخصاً آخر بجروح (منهم 10 اليهود الإسرائيليين وغير الإسرائيليين) بالإضافة إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمباني والسيارات في المنطقة المحيطة.
المبنى
إن مبنى السفارة الإسرائيلية في بوينس أيرس يقع في حي "رتيرو" (Retiro) الراقي إلى الشرق من جادة "التاسع من يوليو" (9 DE-JULIO) عند تقاطع شارعَيْ "أرويو" (ARROYO) و "سويباتشا" (SUIPACHA).
ويشار إلى أن العمارة ذات 4 طوابق وهي مبنى قديم ومظهره الخارجي مثير للإعجاب (غير أن أسلوب بنائه بدون دعامات متينة كان يزيد من احتمال انهياره في حالة تعرضه للاهتزاز). وكانت هناك في واجهة المبنى (في شارع "أرويو") إشارات مرورية تمنع إيقاف السيارات، ولكن دون وجود أي حاجز مادي. وكان مقرّا السفارتيْن الرومانية والأيرلندية يقعان في نفس المنطقة فيما كانت هناك كنيسة قبالة مبنى السفارة الإسرائيلية.
وكان جناح المبنى الذي انهار بفعل الانفجار مكوَّناً من طابقيْن فقط، وكانت تجري في تلك الفترة أعمال الترميم في الطابق الأرضي. وتواجد نحو 50 مستخدماً داخل مبنى السفارة ساعة وقوع الانفجار، بالإضافة إلى عمال الترميم، إلا أن غالبية المستخدمين تواجدوا في الجناح الذي لم يؤدِّ الانفجار إلى انهياره.
الانفجار
كان حراس السفارة قد خرجوا قبل حدوث الانفجار بعدة دقائق للقيام بعمليات تمشيط، وعادوا إلى داخل المبنى بعد 3-4 دقائق دون أن يلاحظوا أي شيء غير مألوف.
وقد جاء الانفجار الذي وقع في واجهة مبنى السفارة قرب بوابته الرئيسية نتيجة لتفجير سيارة مفخخة كانت محمَّلة حسب التقديرات بما يتراوح بين 225-340 كيلوغراماً من المواد شديدة الانفجار (TNT).
وقد صعدت السيارة التي كانت سيارة بيك آب من نوع "فورد 100-F" موديل 1985 حافة الرصيف بعجلتيْ جانبها الأيمن (الأمامية والخلفية) في الموقع المخصص لدخول السيارات وتوقفت عند شجرة، وعلى مسافة متريْن فقط من جدار مبنى السفارة، وعندها وقع الانفجار.
وتبيّن خلال التحقيقات التي أعقبت الاعتداء أن السيارة كانت قد غادرت قبل الاعتداء ب-5 دقائق موقفاً للسيارات في شارع "التاسع من يوليو" وسارت في أقصر طريق يؤدي إلى مبنى السفارة. وبالنظر إلى الفارق الزمني الضئيل الفاصل بين لحظة إيقاف السيارة ولحظة الانفجار ، الذي لم يكن سيكفي لهروب سائق السيارة منها ، فإن الاعتقاد السائد هو أن سائق السيارة كان إما انتحارياً أو مخدوعاً.
إعلان المسؤولية
وأعلنت عدة تنظيمات وجماعات، بعضها غير معروف، المسؤولية عن الاعتداء ومنها حزب الله اللبناني الذي ادّعى بأنه ارتكب الاعتداء رداً على قيام إسرائيل باغتيال أمينه العام عباس موسوي قبل ذلك بشهر (وتحديداً يوم 16 فبراير شباط 1992).
ويشار إلى أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لم تملك في تلك الفترة أي إنذار محدد حول احتمال تعرض أهداف إسرائيلية أو يهودية في الأرجنتين للاعتداءات الإرهابية، غير أنه كان من المعلوم أن هناك في الأرجنتين جالية عربية كبيرة تجري فيها فعاليات معادية لليهود وداعمة للفلسطينيين.