بسم الله الرحمن الرحيم
عندما يتم ذكر التاريخ فمن الحكمه الاطلاع على مايقوله اعداؤنا عنه
فالعالم سيطلع على روايتنا ورواية العدو لكي يكون نظرته الخاصه على ماحدث فعلا
وعلينا ان نعرف ماقاله وسجله العدو حول مفاصل تاريخيه مهمه ونحاول ان نفندها بما نملك من ادله
ولهذا السبب ارتأيت ان اطلع القراء على ماسجلته اسرائيل حول صراعها معنا نحن العرب
والغرض هو اطلاعنا عليه وتفنيده وليس بالضروره تصديقه او الاخذ به فالعدو وبلاشك سيحاول ان يضخم انجازاته وان ينسب لنفسه بطولات ليست بالضروره ان تكون قد حدثت
موضوع اليوم سيتحدث عن احدى العمليات التي قامت بها اسرائيل في خضم حرب الاستنزاف
وهي عمليه هجوم الكوماندوس الاسرائيلي على الجزيره الخضراء ونبدأ :
اثناء حرب الاستنزاف وفي بدايه العام 1969 كانت نية المصريين هو استنزاف الاسرائيليين بعمليات مستمره وصغيره على المواقع الاسرائيليه على طول قناة السويس
ففي يوم 10 يوليو 1969 قامت قوات الكوماندوس المصريه بعبور قناة السويس وهاجمت المواقع الاسرائيليه في منطقه Mezach مما ادى الى مقتل 7 جنود اسرائيليين وجرح 5 ووقوع اخرين في الاسر حيث تم ارسالهم الى مصر
وكان العديد من الجنود الاسرائيليين العاملين على الضفه الشرقيه لقناة السويس هم من جنود الاحتياط وكانوا يشعرون بالخوف على زوجاتهم واطفالهم واعمالهم وبالتالي كانت معنوياتهم متدنيه وزادت الهجمات المصريه الامر سوءا
قام الجيش الاسرائيلي بأعطاء مسؤوليه الانتقام من المصريين للوحده Flotilla 13 وهي وحده نخبه في الكوماندوس البحري الاسرائيلي
وطالبت هيئة الاركان الاسرائيليه بضرب معنويات المصريين ردا على هجومهم على موقع Mezach وتسببهم بخسائر اسرائيليه مع اشاعه الذعر في صفوف الاسرائيليين المرابطين على قناه السويس
وكان الهدف الذي اختارته اسرائيل لضربه الانتقام هو واحد من اكثر مواقع الجيش المصري تحصينا وهو الجزيره الخضراء
والجزيره الخضراء هي جزيره مكونه من الصخور الناتئه والكونكريت اعتبره المصريون منيعا ودليلا على البراعه العسكريه المصريه مما اشعرهم بالامان في داخله , ويقع هذا الموقع في النهايه الجنوبيه من قناه السويس وتم بنائه من قبل بريطانيا في الحرب العالميه الثانيه لتوفير الحمايه لقناه السويس وكان مصمما لتحمل هجمات جويه وبحريه قد تشنها قوات المحور انذاك
موقع الجزيره الخضراء كبير ويحتوي على منشأه عسكريه بطول 450 قدم طولا × 240 قدم عرضا
وتم بناء هذه المنشأه على ارض مكونه من الشعاب المرجانيه المستقره وتمت تقويتها بالكونكريت " الاسمنت المسلح "
وتتألف المنشأه من مبنى ذي طابق واحد مع فناء واسع
كما يوجد في نهاية الجزيره جسر مصنوع من الاسمنت المسلح فوق الماء يوصل الى برج دائري ذي ارتفاع 5 امتار يحمل محطه رادار ورشاشين ثقيلين مضادين للطائرات
وتم بناء حائط اسمنتي مقوى بالاسلاك الشائكه على حافات المياه لمنع اي تسلل عن طريق البحر " ثلاث طبقات من الاسلاك الشائكه "
كما تم وضع رشاشات ثقيله في سطح الموقع وقدرت عدد مواقع الرشاشات الثقيله المصريه باكثر من 12 موقع
كما قدر عدد العسكريين المصريين المرابطين في الموقع بما لايقل عن 100 عسكري من ضمنهم قوات النخبه المصريه " الصاعقه "
كان موقعا محصنا يسيطر على المياه المحيطه
لم تغب طبيعه موقع الجزيره الخضراء عن اذهان الكوماندوس الاسرائيلي فقبل اشهر من هجوم المصريين على موقع Mezach الاسرائيلي وتحديدا في ابريل 1969 قامت وحده استطلاع اسرائيليه مكونه من اربع اشخاص باستطلاع الجزيره
وكان قائد وحده النخبه Flotilla 13 هو شامويل الموغ يقدر حجم القوه الاسرائيليه التي ستهاجم ب 40 فردا ولكن كانت وحده النخبه Flotilla 13 تتكون من 30 فردا فقط ويعود هذا الى الطلبات غير الواقعيه والتي يفرضها القائد شامويل الموغ في مقاييس التدريب
ولذلك ولاكمال العدد الذي طلبه القائد شامويل الموغ كان من الضروري سحب باقي الافراد من وحده اخرى للكوماندوس الاسرائيلي وهي وحده سيريت ميتكال والتي كان يقودها انذاك مناحيم ديغلي
وكان رافاييل ايتان هو قائد سلاح المظليين في الجيش الاسرائيلي والمسؤول عن جميع وحدات الكوماندوس قد طالب شامويل الموغ بتخطيط العمليه وتدريب مجموعه الهجوم خلال اسبوع واحد فقط
كان شامويل الموغ قد استطلع الجزيره بنفسه لعده مرات وادرك ان الطريق الوحيد للوصول الى الهدف هو من تحت الماء !
فقد ادرك ان اي تقدم فوق سطح الماء تجاه الجزيره الخضراء سيكون مصيره الفشل وخاصه ان المصريين قد جهزوا انفسهم للقضاء على اي محاوله تسلل للجزيره
كان احد الخيارات التي لم تطرح اثناء التخطيط لعمليه الهجوم هو القيام بضربات جويه على الجزيره ومسحها من الخريطه
فقد ادرك الاسرائيليون انهم في حرب استنزاف وليسوا بحرب مفتوحه ولم يكونوا متحمسين لتصعيد في الاحداث
وهنالك سبب اخر لاستعمال الكوماندوس الاسرائيلي يتمثل بان المصريين اثبتوا بانهم اعداء اقوياء خلال هجومهم على موقع Mezach وبالتالي اراد الاسرائيليون القيام بعمليه افضل بالكوماندوس ليثبتوا للمصريين بانهم يمتلكون قوات كوماندوس افضل وان العمليات المشتركه " البحريه والبريه " الاسرائيليه هي مميته مما سيشيع روح الخوف لدى المصريين المرابطين على قناة السويس
لم تكن قوات الكوماندوس قادره على السباحه الى الجزيره الخضراء فظلالهم ستكشف كما ان موج البحر قد يدفعهم بعيدا عن الهدف
لذلك كان على الموجه الاولى من القوه المهاجمه والتي ستتكون من جنود الوحده Flotilla 13 الغوص بعمق كاف حتى لايتم كشفها و لساعات تحت الماء وبكامل اسلحتها وذخائرها ومن ثم الصعود على السطح تحت انوف المصريين " كما ورد بالنص "
وكان جنود وحده سريت ميتكال والذين تم ضمهم الى القوه المهاجمه غير مدربين على العمليات تحت المياه لذلك كان من الافضل ابقائهم بعيدا الهدف " قرابه 1500 متر عن الهدف " حتى تكمل وحده Flotilla 13 الوصول الى شاطئ الجزيره الخضراء
وعندما تؤمن الموجه الاولى المكونه من 20-30 جندي من وحده Flotilla 13 راس جسر على شاطئ الجزيره الخضاء انذاك يتم استدعاء اعضاء وحده سيريت ميتكال
وخلال هذه الفتره كان يجب على جنود الوحده Flotilla 13 الواصلين لشاطئ الجزيره ان يواجهوا المصريين لوحدهم وان يقوموا بفتح طريق خلال سياج الاشلاك الشائكه ذي الثلاث طبقات
تحضيرا لوصول جنود وحده سيريت ميتكال بعدهم
وكانت قياده الكوماندوس البحريه الاسرائيليه تامل بان تعمل جميع الاسلحه والذخائر والرمانات اليدويه للقوه المهاجمه بعد خروجها من المياه
ولذلك تقرر ان تستعمل القوه المهاجمه رشاشات كلاشينكوف AK-47 بدلا من رشاش UZI الاسرائيلي
حيث اثبت الرشاش AK-47 انه قادر ان يعمل بعد ان تم تغطيسه بالماء
كانت تدريبات القوه المهاجمه الاسرائيليه شديده كما كانت عمليات جمع المعلومات الاستخباريه عن موقع الجزيره الخضراء تجري على قدم وساق وكانت وحدات استطلاع اسرائيليه تقوم باستطلاع ضواحي الموقع حيث وجدت الجنود المصريين المرابطين في الجزيره الخضراء بكامل الانذار حاملين رشاشاتهم نوع AK-47 ومشاعل الضوء ويمشطون المياه المحيطه بالموقع بحثا عن اي متسللين اسرائيليين
وفي الليله السابقه لتنفيذ العمليه قامت القوه المهاجمه بالتدريبات النهائيه وباعاده مراجعه الخطط والادوار وتم ضمان ان كل انج في الجزيره الخضراء محفور في ذاكره جنود القوه المهاجمه وكانت الاعصاب مشدوده جدا
في الساعه 7:45 مساء يوم 19 يوليو 1969 غادرت وحده النخبه Flotilla 13 قاعدتها في الضفه الغربيه من قناه السويس
وكان كل جندي من هذه القوه مجهز بسلاحه الشخصي وذخيره احتياط ورمانات يدويه ومعدات للاسعاف الاولي ومشاعل ضوئيه وطعام وزعانف واسطوانات اوكسجين واقنعه
في الساعه 8:30 مساء يوم 19 يوليو 1969 ركب جنود وحده سيريت ميتكال على متن 12 قارب مطاطي مزود بمحرك " قوارب نوع Zodiac "
وفي الساعه 10:30 مساء نفس اليوم وصلوا وهم على متن قواربهم الى بعد 1 ميل من الجزيره الخضراء
في الساعه 1:30 فجر يوم 20 يوليو 1969 كان جنود الكوماندوس البحري Flotilla 13 لازالوا يعومون في طريقهم الى الجزيره ولم يتم كشفهم حتى اللحظه
وعندما وصل قائد الوحده المهاجمه الى بعد 15 متر من شاطئ الجزيره الخضراء شاهد اثنين من العسكريين المصريين مسلحين على الشاطئ
فاعطى الامر لباقي القوه بالغوص مره اخرى مع التخلص من معدات الغوص الخاصه بهم
بعد خمس دقائق وبعد ان تم جمع معدات الغوص خرج عشرين شخصا من تحت الماء وتقدموا نحو الشاطئ حاملين اسلحتهم نوع Ak-47 و UZI موجهه نحو الحراس المصريين
وبعض الكوماندوس الاسرائيلي بدا بقطع الاسلاك الشائكه
عندئذ تقدم احد الحراس المصريين من القوه المهاجمه فتم قتله مما اثار انتياه جندي مصري اخر فقام بدوره برمي رمانه يدويه على القوه المهاجمه فاصيب 3 جنود اسرائيليين
بعدئذ اندلع القتال في الجزيره حيث خرج الجنود المصريين من ثكناتهم فتم اطلاق النار عليهم من قبل الكوماندوس الاسرائيلي ومن مسافات قريبه كما رمت القوه المهاجمه رمانات دخان على مواقع الرشاشات المصريه لاعمائها عن الرؤيه
وكان اشد مايشغل الكوماندوس الاسرائيلي الواصل للجزيره هو حاله الاسلحه والذخائر التي كانوا يحملونها ومدى تأثرها بالمياه بعد الغوص لساعات
حيث لم يعمل العديد من الاسلحه والذخائر التي كانوا يحملونها كما تعطل راديو القوه القوه المهاجمه
وكان من المقرر ان تنضم وحده سريت ميتكال الى المعركه بعد سماع اول اطلاق نار من الوحده Flotilla 13 ولكن لم تتقدم وحده سريت ميتكال كما كان مخططا
وبدون انتظار سريت ميتكال قام جنود وحده Flotilla 13 بصعود الجدار الاسمنتي واطلقوا النار من اسلحتهم ورموا الرمانات اليدويه واصيب العديد من افراد وحده Flotilla 13 لكنهم استمروا بالتقدم
ولم يكن هؤلاء الجنود يعرفون ان كان الدعم من جنود وحده سيريت ميتكال سيصل في الوقت المناسب ام لا
وشرعت القوه المهاجمه الاسرائيليه بالهجوم على الثكنات المصريه " والتي كانت من مهام وحده سيريت ميتكال حسب الخطه " وقتل العديد من الكوماندوس الاسرائيليين بعد ان دافع المصريون بعناد عن مواقعهم بعد ان استوعبوا المفاجأه
وبعد 17 دقيقه من الهجوم كان جنود وحده Flotilla 13 قد سيطروا على اجزاء كبيره من الجزيره وانذاك فقط وصل جنود وحده سيريت ميتكال الى ساحه المعركه
في تلك الاثناء كان نصف جنود وحده Flotilla 13 المهاجمين جرحى !!
واستمر الهجوم الاسرائيلي على المواقع المصريه في الجزيره حيث سيطرت القوه المهاجمه على الجزء العلوي من الجزيره
وادرك الاسرائيليون انه ولتدمير الموقع عليهم القضاء على المقاومه المصريه في الجزء السفلي من الجزيره
وتم القتال من غرفه الى غرفه وقام الاسرائيليون برمي قنابلهم اليدويه داخل كل غرفه يتبعها اطلاق نار كثيف لقتل ماتبقى من المقاومين كما تم قذف رمانات الدخان واطلاق النار من الرشاشات لتغطيه تقدمهم
كثير من الكوماندوس الاسرائيلي جرح والعديد قتل وامتلات زوارق Zodiac والتي حملت جنود سيريت ميتكال بالجرحى
اما الجنود الاسرائيليين المتبقين فأستمروا بالقتال لاكمال السيطره على الجزيره حتى طرأ تغير كبير في الموقف !!
حيث ادرك المصريون ان الجزيره الخضراء تقع الان تحت هجوم اسرائيلي من قوات كوماندوس اسرائيلي
فبدأت العشرات من قذائف المدفعيه المصريه عيار 130 ملم تنهال على الجزيره من المواقع المصريه غرب قناه السويس
وكان القصف المدفعي المصري للجزيره هو علامه على ضروره اخلاء الجزيره من القوه الاسرائيليه المهاجمه
حيث كانت اول الرشقات غير دقيقه وسقطت في البحر ثم مالبثت ان ازدادت دقه ووصلت قرب موقع قوارب ال Zodiac الاسرائيليه
في الساعه 2:15 فجر يوم 20 يوليو 1969 اصدر شامويل الموغ ومناحيم ديغلي الاوامر بانسحاب القوه المهاجمه " وحده Flotilla 13 ووحده سيريت ميتكال "
كانت القوه المهاجمه الاسرائيليه قد تكبدت 6 قتلى و 14 جريحا
وتمكنت القوه الاسرائيليه من احتلال ثلثي الجزيره ودحر ماتبقى من القوات المصريه
كما قام ثلاث جنود من الكوماندوس الاسرائيلي بتحضير عبوات ناسفه لتدمير الموقع المصري بالكامل حتى لايمكن للمصريين الاستفاده منه ثانيه
وكانت رحله العوده للقوه الاسرائيليه صعبه للغايه حيث استمرت المدفعيه المصريه بمتابعه القوارب الاسرائيليه ومزقت بعضها مما استدعى تدخل المروحيات الاسرائيليه لاخلاء الجرحى ولم تستطع القوارب الاسرائيليه الوصول الى سيناء حتى قبل طلوع شمس ذلك اليوم
المعلومات عن هذه العمليه ظلت سريه ل 25 سنه
في هذه العمليه تمكنت القوه الاسرائيليه المهاجمه من القضاء على 80% من القوه المصريه المدافعه في الجزيره الخضراء
ووجهت العمليه انذارا قويا للمصريين بان جميع مواقعهم يمكن ان تهاجم من قبل الاسرائيليين
ملاحظات :
- العمليه سميت اسرائيليا بالاسم الكودي Bulmus 6
- حسب الويكيبيديا الانكليزيه فقد كانت القوه المدافعه المصريه مكونه من 70 جندي مشاه + 12 جندي من الصاعقه
والخسائر كما في الويكيبيديا الانكليزيه : مقتل 6 + جرح 11 اسرائيلي
واستشهاد 80 عسكري مصري
- بعض الخسائر المصريه كانت بسبب نيران المدفعيه الصديقه
- تم تدمير الموقع الحصين في الجزيره الخضراء بالكامل