شهدت القاعدة العسكرية الجوية ببنجرير، في الأيام الأخيرة، تداريب عسكرية مشتركة بين وحدات من القوات المسلحة الملكية وقوات عسكرية بريطانية، تنتمي إلى قوات المشاة المظليين، وذلك وفق برنامج المناورات العسكرية المعروف باسم "جبل الصحراء".
وتدربت القوات العسكرية البريطانية، لمدة أربعة أسابيع كاملة في قاعدة بنجرير، على القيام بمناورات ميدانية تحاكي المناطق الجبلية والصحراوية الوعرة، وذلك من أجل الاستفادة من المعطى الجغرافي المميز في المملكة، وهو ما يطرح السؤال عن سبب اختيار العديد من الجيوش الأوربية والأمريكية للمغرب للقيام بمناوراتها العسكرية.
الخبير في الشأن العسكري والاستراتيجي، سليم بلمزيان، يرى أن مناورات "جبل الصحراء" تعد محطة هامة في برنامج التعاون العسكري المغربي البريطاني، مشيرا إلى أن أول دورة تعود إلى 1989، ومنذ ذلك الحين تطور محتواها من أجل التدرب على عمليات حفظ السلام، والإنزال الجوي بواسطة الطائرات والمروحيات.
وأشار بلمزيان، في تصريح لهسبريس، إلى أنه تمت إضافة تمارين سنوية لا يتم الإعلان عنها إلا نادرا، تدخل في إطار تمارين جبل الصحراء، مثل جبل طارق وجبل رايان ستون، وتشارك فيها القوات المغربية في الأراضي البريطانية للتدرب على القيام بالعمليات العسكرية الخاصة.
وتابع الخبير أنه بالنسبة للقوات المسلحة الملكية، تعتبر مناورات "جبل الصحراء" فرصة مثالية وكبيرة تروم تطوير المعارف العسكرية، والأداء الميداني للوحدات المغربية، عن طريق الاحتكاك بقوات عسكرية مشهود لها بالكفاءة عبر جميع ساحات القتال التي شاركت فيها.
أما بخصوص الطرف البريطاني، يضيف بلمزيان، فكانت مناورات "جبل الصحراء"، ولا تزال، محطة مهمة تهدف إلى تحضير القوات التي شاركت في العمليات العسكرية بالشرق الأوسط والأقصى، خاصة أفغانستان، نظرا لتشابه التضاريس والعوامل المناخية، وحتى المعمارية بين المناطق القروية بضواحي مراكش وبنجرير وتلك المتواجدة بأفغانستان.
ولفت المتحدث إلى أنه إلى جانب بريطانيا، تشارك الفرق الخاصة للمشاة المظليين في تمارين "جي- سيت قوات خاصة"، بمعية القوات الخاصة المظلية الأمريكية، بهدف التدخل السريع والفعال ضد المخاطر ذات الطابع الإرهابي في المناطق الحضرية، وهي تمارين تدخل في إطار مناورات "الأسد الإفريقي".
المصدر أشار إلى أن القوات المظلية البلجيكية تفضل أيضا المغرب من أجل التدرب على القفز المظلي من الارتفاعات العالية والعالية جدا في مناطق مشابهة تتسم بمناخ قاحل مثل أفغانستان، وهو ما يفسح المجال للمظليين المغاربة للاحتكاك بالتجربة البلجيكية الرائدة في القفز من ارتفاعات شاهقة.
وأشاد بلمزيان بالأهمية التي توليها قيادة الجيش الملكي للتعاون الدولي من أجل مسايرة ما يعرفه الميدان العسكري من تحولات سريعة، كما يمكن فروع الجيش المختلفة من الاحتكاك بتجارب أخرى وطرق جديدة ومحترفة للعمل، وبالمقابل التعريف بطرق اشتغال الجيش الملكي التي لا تقل أهمية.
بلمزيان بيَّن أن المغرب يمنح فضاءات للتدرب على مناطق تشارك فيها القوات الصديقة للمملكة من داخل الحلف الأطلسي، خاصة أفغانستان، كما يعوِّل الحلف على المغرب للمشاركة في عمليات حفظ السلام، أو مكافحة الإرهاب، ما يفرض تأقلم طرق اشتغاله وتكتيكاته مع ما هو متداول بين دول الحلف.
وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، يتابع الخبير، فإن مناوراتها المختلفة مع المغرب تعتبر اعترافا بدور المملكة في حفظ السلام والأمن الدوليين، ودورها القوي كعامل للاستقرار السياسي والاقتصادي للمنطقة المغاربية والإفريقية، كما تتيح هذه التمارين تقليص الهوة بين الجيشين، خاصة إذا ما شاركا جنبا إلى جنب في عمليات عسكرية مشتركة.
مصدر