العمليه " رمضان " هي سلسله من العمليات الهجوميه التي قام بها الجيش الايراني على المواقع العراقيه في قاطع شرق البصره في يوليو 1982 خلال الحرب العراقيه-الايرانيه " حرب الخليج الاولى "
تعتبر هذه المعركه واحده من اكبر المعارك منذ الحرب العالميه الثانيه من ناحية حجم القوات المشاركه , وقد امتازت هذه المعركه بانها المعركه التي شهدت وعلى نطاق واسع استعمال الجيش الايراني للموجات البشريه للهجوم على المواقع المعاديه
المقدمات :
بحلول يوليو 1982 نجحت القوات الايرانيه بطرد القوات العراقيه من معظم الاراضي التي استولت عليها في بدايه الحرب عن طريق سلسله من الهجمات المضاده
وقد عرض العراق في تلك المرحله عرضا لوقف اطلاق النار مع ايران بحجه رغبته بارسال المساعدات العسكريه الى الفلسطينيين في لبنان والذين كانوا في تلك المرحله في مواجهة الغزو الاسرائيلي للبنان
ايران رفضت عرض السلام العراقي وبدات بالتخطيط لهجمات من اجل التوسع داخل الاراضي العراقيه
في طهران كان هنالك بعض الاصوات التي تنادي بعدم الهجوم والتغلغل داخل العراق بحجه ان ذلك سيفقد ايران التعاطف الاسلامي الذي حظيت به في اول سنتين من الحرب ضد الهجوم العراقي
وهذه الاصوات كانت مدعومه من المؤسسه العسكريه الايرانيه
ولكن هذه الاصوات تم اسكاتها بفعل النفوذ الذي يملكه مناصري استمرار الحرب مع العراق في القياده الايرانيه والذي كانت حجتهم بان الفرصه سانحه لاسقاط نظام صدام حسين والاتيان بحكومه مواليه لايران في بغداد
وقد ساند هذا التوجه نشوه النصر الذي سادت المجتمع الايراني
ولهذا تم التفكير بالقيام بهجوم واسع على قاطع البصره جنوب العراق والهدف من الهجوم هو تدمير الفيلق الثالث العراقي واحتلال البصره
وتم التخطيط لان يبدا الهجوم في اول ايام شهر رمضان المقدس عند المسلمين " وسميت عمليه الهجوم رمصان "
التحضيرات :
نتيجه لسلسه الخسائر التي حاقت بالجيش العراقي في الشهور السابقه للمعركه فقد كان ثلث سلاح الجو العراقي فقط لايزال بالخدمه
وعلى الرغم من الخسائر فان القوات العراقيه بقيت متيقظه في قاطع البصره وبدأت بسرعه ببناء خطوط وتحصينات شملت حفر الخنادق ومواضع للرشاشات والدبابات والمدفعيه
كما تم نشر حقول الالغام والاسلاك الشائكه
كما عززت القوات العراقيه في القاطع وتم عمل حمله لرفع معنوياتها وتحسين تجهيزاتها وامداتها بالسلاح والعتاد والارزاق
الهدف من الهجوم كما اسلفنا هو تدمير القوات العراقيه في قاطع البصره والمكونه من الفيلق الثالث العراقي
وقد قام الجيش الايراني بتدريب مجموعات لاصطياد الدبابات العراقيه بواسطه قذائف RPG
كان الجنرالات الايرانيين يرغبون بشن هجوم شامل على العراق على طول الجبهه واحتلال بغداد قبل ان يبدا تأثير الحظر الدولي على تصدير السلاح لايران
ولكن كان القرار الذي اعتمد لاحقا ينص على ان يقوم الجيش الايراني باحتلال الاراضي العراقيه رقعه رقعه سعيا لاشاعه عدم الاستقرار في المجتمع العراقي مما يشجعه على الاطاحه بنظام حكمه !!
ولاحقا اثبت هذا الرأي خطاه وكان احد الاسباب التي ادت لاحقا لهزيمه ايران بنهاية الحرب
وقد حشدت ايران معظم قواتها المسلحه في قاطع البصره وقد امل رئيس الاركان الايراني انذاك اكبري رفسنجاني بان يثور اهل الجنوب على النظام العراقي في بغداد وبالتالي يسهل سيطره ايران على جنوب العراق
كما قد يثور الاكراد على نظام بغداد مما يسهل سيطره ايران على شمال العراق
ومن ثم تحيط القوات الايرانيه على وسط العراق من ثلاث جهات " شرقا وجنوبا وشمالا " وبالتالي ينهار نظام الحكم العراقي في بغداد
وعلى الرغم من ان الخطه الايرانيه تقوم على الاعتماد على مساعدة المتعاطفين معها من الاكراد او سكان جنوب العراق الا ان التخطيط الايراني الرئيسي هو الهجوم بقوه على اضعف قاطع في الجبهه وهو قاطع البصره
اما من ناحية القوات العراقيه فيبدو انها عرفت مسار الهجوم المستقبلي الايراني وشرعت بتحشد قواتها في قاطع البصره
وتقول بعض المصادر بان القوات العراقيه كانت مجهزه بقنابل مسيله للدموع في اول استعمال للاسلحه الكيميائيه في الحرب
المعركه :
اعتبارا من يوم 11 يوليو 1982 بدأت ايران بقصف مكثف للمدفعيه على المواضع العراقيه , وقد ردت المدفعيه العراقيه بالمثل
واستمر التراشق المدفعي ليومين متواصلين
في يوم 13 يوليو 1982 صدحت اجهزه الراديو الايرانيه بكلمه السر للبدء بالهجوم وهي : ياصاحب الزمان .....ياصاحب الزمان
وبعد ان ذكرت كلمه البدء بالهجوم هجم 100 الف ايراني من البسيج والحرس الثوري الايراني على المواقع العراقيه المحصنه
القوات العراقيه من جهتها كانت متموضعه بمواضع محصنه ورصينه وتتمتع بمعنويات مرتفعه , فالان المعركه تدور على ارض العراق ولا مجال للتراجع او الهزيمه
الفرق الايرانيه النظاميه والتي شاركت في الهجوم شملت الفرق 16, 88 , 92 المدرعه والفرقتين 21 و 77 المشاة
وكان اسلوب الهجوم الايراني هو بدفع قوات البسيج اولا للهجوم بمبدأ الموجات البشريه من اجل فتح ثغرات في حقول الالغام العراقيه
ثم تندفع بعدها فرق الحرس الثوري الايراني
وقد تم تعبئه افراد البسيج عقائديا من خلال تذكيرهم بكربلاء وعاشوراء والشهاده , كما تم الاستعانه بممثلين يتشبهون بالائمه وهم ممتطين صهوات جياد بيضاء من اجل حث جنود البسيج على الاندفاع نحو المواضع العراقيه
كما تم تسليم جنود البسيج بما سمي بصكوك الجنه من اجل حثهم على الموت " الاستشهاد " اثناء تلقيهم تدريبا اساسيا لمده اسبوع على يد الحرس الثوري الايراني
كان الهجوم الايراني بالموجات البشريه يفتقر الى الدعم من الجيش النظامي الايراني , فالبسيج والحرس الثوري الايراني كانا ينافسان الجيش النظامي في الحظوه والمكانه
ولهذا تعرضت الموجات البشريه الايرانيه الى خسائر هائله بفعل نيران المدافع والصواريخ والدبابات العراقيه
ورغم هذا فقد اقتربت حشود الايرانيين من المواقع العراقيه واقتحمتها في اكثر من نقطه , حتى وصل الامر بأن يصعد البسيج الايرانيين على متن الدبابات العراقيه ثم يقومون برمي القنابل اليدويه بداخلها
اما الحرس الثوري فقد استعمل بعض دبابات T-55 والتي كان قد استولى عليها من الجيش العراقي في معارك سابقه
وعلى الرغم من ذلك فقد استطاعت القوات الايرانيه التغلغل الى عمق 16 كم داخل الاراضي العراقيه لكن بتكلفه بشريه هائله وكان هذا ذروه التقدم الايراني قبل ان يعمد الايرانيون لاتخاذ مواقع دفاعيه
اما القوات العراقيه فقد استعملت مروحيات Mi-25 وغازيل المسلحه بصواريخ HOT وقد اثبتت هذين المروحيتين بانهما قاتلتين لارتال الدبابات والمدرعات الايرانيه
كما حدثت معارك جويه في سماء المعركه بين الفانتوم الايرانيه وال Mig-21
في يوم 16 يوليو 1982 قامت القوات الايرانيه باستئناف هجومها لدفع القوات العراقيه الى الخلف , وقد وصلت القوات الايرانيه في هذا الهجوم الى بعد 13 كم من البصره
الا ان القوات العراقيه قامت بمحاصره القوات المهاجمه من ثلاث جهات , وتم تدمير جزء من القوات المهاجمه والبعض استسلم والباقي شرع بالتراجع بدون نظام
وكادت القوات الايرانيه ان تلقى هزيمه مذله لولا تدخل المروحيات الايرانيه نوع كوبرا في المعركه والت انقذت القوات الايرانيه من الدمار التام
قامت القوات الايرانيه لاحقا في يوليو بشن ثلاث هجمات اصغر حجما في نفس القاطع الا انها فشلت جميعا
اعتمدت القوات العراقيه في هجماتها المضاده على ثلاث فرق مدرعه وهي الفرق 3 و 9 و 10
وقد عانت الدروع العراقيه من خسائر كبيره في المعركه مما ادى الى اخراج الفرقه 9 من نظام معركة الجيش العراقي بسبب تحملها العبأ الاكبر من الخسائر
بنهايه المعركه خسر الطرفان مامجموعه 80 الف ضحيه و 200 الف جريح و 45 الف اسير
تمت بعونه تعالى .....
ملاحظه : مسار المعركه وتقديرات الخسائر هي من مصادر دوليه وسنحاول قدر الامكان ادراج شهادات بعض القاده الذين شاركوا بالمعركه