الجزء الثاني
عندما اجنمع الرئيس الامريكي رونالد ريغان مع مستشاره الجديد للامن القومي جون بوينديكستر فأنه طلب تعديلا على الخطه
فبدلا من توريد السلاح الامريكي لمجموعات معتدله في الحكومه الايرانيه فأن السلاح الامريكي من الافضل ان يورد لقاده معتدلين في الجيش الايراني
كما انه في الوقت الذي يجري فيه توريد السلاح الامريكي من اسرائيل جوا الى ايران فأن الرهائن والامركيين المحتجزين لدى حزب الله يجب ان يطلق سراحهم
كما سيستمر تعويض اسرائيل مقابل السلاح الامريكي الذي ستورده الى ايران
وفي 7 يناير 1986 اقترح بويندكستر على ريغان تعديلا على الخطه ايضا , حيث ان الوسيط الايراني غوربانيفار يمتلك علاقات واسعه مع اطراف معتدله من الحكومه الايرانيه يمكن ان تمارس نفوذا على خاطفي الرهائن الامريكان لاطلاق سراحهم .
هذه الخطه عارضها وزير الخارجيه الامريكي انذاك جورج شولتز كما عارضها وزير الدفاع الامركي كاسبار واينبيرغر
الا ان الرئيس الامريكي ريغان اقر الخطه قائلا : نحن لانقايض السلاح بالرهائن كما اننا لانتفاوض مع الارهابيين !!
اما مستشار الامن القومي الذي استقال وهو مكفارلين فقد سافر الى لندن بعد تقاعده والتقى هناك بالاسرائيليين والوسيط الايراني غوربانيفار , وفي هذا اللقاء ضغط مكفارلين على غوربانيفار من اجل الضغط على الايرانيين لكي يمارسوا نفوذهم لاطلاق سراح الرهائن الغربيين قبل اي عمليه توريد سلاح لهم
في نفس يوم استقالة مكفارلين اقترح اوليفر نورث وهو مستشار عسكري يعمل في مجلس الامن القومي الامريكي خطه جديده لبيع السلاح الى ايران تتضمن نقطتين :
1- بدلا من بيع السلاح الى ايران عن طريق اسرائيل فأن الافضل هو بيعه بشكل مباشر الى ايران
2- استخدام جزء من الوارد في دعم متمردي الكونترا في نيكاراغوا
اقترح اوليفر نورث ربح بقيمة 15 مليون دولار فيما طلب غوربانيفار عموله لنفسه بقيمة 41% من قيمة الصفقات
ايد باقي اعضاء مجلس الامن القومي خطة نورث كما اقرها مستشار الامن القومي بوينديكستر بدون اعلام الرئيس الامريكي ريغان وتم البدء بالتنفيذ
في البدايه رفض الايرانيون الشراء بسبب ارتفاع ثمن الاسلحه " يعود السبب الى الارباح التي اقترحها نورث وغوربانيفار واضافوها الى ثمن السلاح المعروض على ايران " لكن الرفض الايراني لم يطل
وافقت ايران اخيرا على الشراء وتم توريد 1000 صاروخ تاو الى ايران وفقا لهذه الخطه في فبراير 1986
لكن لم يتم تحرير اي رهينه قبل عملية التوريد هذه
وفي الفتره من مايو 1986 الى نوفمبر 1986 تلقت ايران شحنات سلاح امريكي تتضمن قطع غيار واسلحه متنوعه
كانت عملية بيع السلاح الى ايران وتمويل مليشيا الكونترا تتم بالتحيل على الحظر الذي وضعه الكونغرس وتتم بشكل مخالف للرأي الرسمي للاداره الامريكيه
ومع ذلك سعت الاداره الامريكيه الى الاستعانه باطراف اجنبيه من اجل تمويل مليشيا الكونترا وكان من بينها سلطنة بروناي
على العموم سافر مستشار الامن القومي السابق مكفارلين سفرته الثانيه بعد تقاعده وكانت هذه المره الى طهران
وكان يحمل انجيلا مكتوب عليه بخط الرئيس ريغان وطبقا من الكيك على شكل مفتاح !
في هذه السفره الى طهران التقى مكفارلين بعده اقطاب من الجناح المعتدل في الحكومه الايرانيه وطلب منهم الضغط لاطلاق سراح اربعه رهائن في لبنان
الا ان هؤلاء الايرانيين طلبوا مطالب كبيره من بينها انسحاب اسرائيل من هضبة الجولان السوريه المحتله وهذا مالاتستطيع الولايات المتحده قبوله فرفضته
في اواخر يوليوم 1986 اطلق حزب الله سراح الاب لورانس جينكو وهو يتبع منظمه كاثوليكيه للاغاثه الانسانيه في لبنان , وانذاك اقترح وليم كايسي المدير السابق لل CIA ان يتم شحن دفعه من اجزاء صواريخ الى ايران كتعبير عن الامتنان للايرانيين وقد فسر كايسي اقتراحه بضوره فتح قنوات مع ايران لضمان عدم اعدان الرهائن
اقر ريغان شحنه الاسلحه هذه وفقا لتفسير كايسي
وفي شهري اكتوبر ونوفمبر 1986 اطلق سراح مزيد من الرهائن الامريكان وهم : فرانك رييد , جوزيف سيسيبو و ادوارد تريسي .
كما تم اطلاق سراح دايفيد جاكوبسون لاحقا
وكانت الوعود باطلاق 2 من الرهائن الامريكان لكن لم يتم اطلاق سراحهم ابدا
الكشف عن الفضيحه
اول كشف للفضيحه كان على لسان مهدي هاشمي " وهو مسؤول ايراني معارض للتعامل مع ايران وكان يتواجد في لبنان وقد اعدم عام 1987 "
مهدي هاشمي كشف في 3 نوفمبر 1986 لجريدة الشراع اللبنانيه عن صفقه امريكا مع ايران " السلاح مقابل الرهائن "
وفي 5 اكتوبر 1986 سقطت طائره نقل امريكيه نوع Fairchild C-123 Provider في نيكاراغوا بواسطه صاروخ ارض-جو , القت السلطات النياراغوانيه القبض على الطاقم ومن بينهم يوجين هاسينفوس وهو عميل لل CIA . الطائره الامريكيه كانت تحمل معدات لمليشيا الكونترا
وكان القاء القبض على العميل الامريكي مع اكتشاف كتاب اسود في حطام الطائره يحمل ارقام هواتف ربطت الطائره بعمليات دعم الكونترا من قبل الولايات المتحده لامريكيه
كما اكدت الحكومه الايرانيه ماقاله مهدي هاشمي في جريدة الشراع اللبنانيه
وازاء كل هذا طهر الرئيس الامريكي ريغان على شاشات التلفزيون وحو جالس في المكتب البيضاوي في البيت الابيض يوم 13 نوفمبر 1986 وهو يعترف بالامر
ومما زاد في الطين بله هو قيام اوليفر نورث باخفاء وتدمير كل اوراق الصفقه في الفتره من 21 -25 نوفمبر 1986 وهذا ماشهد عليه سكرتير نورث الخاص اثناء محاكمه اوليفر نورث في العام 1989
اما نورث فقد اعترف بالامر ذاكرا ان الدافع هو حماية ارواح الناس الذين اشتركوا في الامر
كما قال اوليفر نورث في محاكمته انه شهد شخصيا ايام 21,22 و 24 نوفمبر 1986 قيام مستشار الامن القومي الامريكي جون بويندكستر وهو يقوم باتلاف وثائق من ابرزها اوامر صريحه بتوقيع الرئيس ريغان لغرض توريد صواريخ هوك الى ايران في نوفمبر 1985
في 25 نوفمبر 1986 قال المدعي العام الامريكي بأن صفقات بيع السلاح لايران كان الغرض منها توفير المساعده لمليشيا الكونترا في نيغاراغوا
وفي نفس اليوم طرد الرئيس ريغان اوليفر نورث كما استقال مستشار الامن القومي جون بوينديكستر
في كتاب الحروب السريه لل CIA في الاعوام 1981-1987 ذكر مؤلف الكتاب الصحفي المشهور بوب وودوارد بان وليم كايسي اعترف له وهو على فراش الموت بانه كان على علم كامل بالامر
ولكن زوجه كايسي نفت الامر وخاصه بان كايسي كان يعاني من جلطه دماغيه
لجنه تاور
في 25 نوفمبر 1986 اصدر الرئيس ريغان امرا رئاسيا بتشكيل لجنه تحقيق في الموضوع, ورأس اللجنه السناتور الامريكي السابق جون تاور
باشرت اللجنه باعمالها في 1 ديسمبر 1986 ووقف الرئيس ريغان امامها في 2 ديسمبر
وعندما تم سؤال ريغان هن دوره في شحن الاسلحه الى ايران فقد اكد على تورطه في الامر الا انه لاحقا ناقض نفسه وقال انه لايتذكر شيئا
وفي العام 1990 اعترف ريغان لمجله امريكيه بانه وافق على توريد سلاح لاسرائيل
وعلى العموم اكملت اللجنه تقريرها النهائي في 26 فبراير 1987 بعد ان استوجبت 80 شاهدا من بينهم الرئيس ريغان نفسه واثنين من تجار السلاح وهما الايراني غوربانيفار والسعودي عدنان خاشقجي
التقرير والذي جاء في 200 صفحه ادان اوليفر نورث و جون بوينديكستر وكاسبار واينبرغر واشخاص اخرين
ومن ناحية الرئيس ريغان فقد تمت تبراته من الامر وخاصه بخصوص الجزء المتعلق بتمويل الكونترا لكنها دعت الرئيس الامريكي لممارسه المزيد من السيطره على مجلس الامن القومي
لكن التقرير انتقد وبحده الرئيس ريغان بخصوص اهماله وعدم سيطرته على عمل مساعديه وافعالهم
تقرير الكونغرس
من جهته قام الكونغرس الامريكي الذي يسيطر عليه الديمقراطيين انذاك " ريغان ينمي للحزب الجمهوري " بنشر تقريره الخاص عن الفضيحه في 18 نوفمبر 1987
وذكر التقرير بان ريغان كان لايعلم بما يقوم به مستشاريه للامن القومي وهذا ما يجب ان يتفاداه مستقبلا
وحمل التقرير الرئيس ريغان المسؤوليه الكامله عن الفضيحه بسبب الاعمال الخاطئه التي كان يقوم بها مساعديه
ولكن السؤال الكبير الذي لم تتم الاجابه عليه كان هو دور الرئيس ريغان الشخصي في الامر ؟
كان اتلاف بوينديكستر ونورث للوثائق مع موت كايسي سببا لايقاء الجواب عن السؤال اعلاه غير كامل
التداعيات
في 3 مارس 1987 وبعد ثلاثه اشهر من الصمت ظهر ريغان على شاشات التلفزيون وهو يبدي ندما واسفا على الامر وهو يفسر للشعب الامريكي سبب عدم اطلاعهم على الفضيحه
وكان مما ذكره ان تصريحاته السابقه بخصوص ان الصفقه لاتتضمن تبادل الرهائن بالسلاح لم تكن صحيحه
وابدى في نفس الوقت تحمله الكامل للمسؤوليه في كل ماحدث
وكنتيجه للفضيحه انخفضت شعبيه ريغان من 67% الى 46%
اما دوليا فأن الفضيحه بينت كذب الاداره الامريكه حول تصريحاتها المستدامه حول عدم قبولها بالمفاوضت مع الارهابيين
اما مهدي هاشمي والذي كشف عن الفضيحه فقد تم اعدامه في عام 1987 بعد ان تم اتهامه بارتكاب جرائم مختلفه لكن يعتقد ان السبب الاساس هو دوره في فضح الصفقه