التاريخ 1991-01-17
الساعة 2:38 فجرا بتوقيت الرياض.

تم افتتاح الحرب بضربة جوية و صاروخية مهولة. فقد كانت هذه أول حرب في العصر الحديث تدخلها امريكا و هي المبادرة بالهجوم و بعد استعداد دام ﻷشهر (قارن بحروب فيتنام و كوريا و العالمية الأولى و الثاني و التي كانت تجر لها امريكا في العادة بعد البدء بفترة). و كان الخصم العراقي (حليف اﻷمس) قد سار بتصميم نحو تحدي الهيمنة اﻷمريكية على الخليج و محاولة الظهور كقوة اقليمية خارج النظام العالمي الجديد. و لم يسعف احد التردد في المناخ السياسي اﻷمريكي تجاه الحرب ( فقد اقرها الكونجرس بأغلبية صوتين فقط) في تقدير ان اﻷمر جد لا هزل. و لأخر لحظة اعتقد الجميع ان صوت العقل سوف يسود. و أن تصميم بوش و عناد صدام سوف يتوقف في اللحظة اﻷخيرة.

و نبدأ بوصف الدفاعات الجوية العراقية:

بني النظام الدفاعي العراقي (المعروف بالاسم Kari وهو عكس اسم العراق بالفرنسية) بأيد فرنسية و لكن العقيدة كانت روسية. تم تقسيم العراق لخمس قواطع عمليات للدفاع الجوي. و كل قاطع يعمل بشكل منفصل و يسيطر على اسراب للاعتراض الجوي، صواريخ ارض جو، و مدافع طائرات.

القاطع اﻷول و مركزه قيادة الدفاع الجوي في بغداد و مركز اسناد في التاجي.
القاطع الثاني مركزه في مطار قرب الحدود اﻷردنية ( عند نقطة ال H-3).
القاطع الثالث يفع الشمال (كركوك).
القاطع الرابع (وادي الفرات)
و القاطع الخامس تم انشاؤه في الكويت (قاعدة علي السالم الجوية).

كل المراكز كانت مبنية من الخرسانة المسلحة و تحت اﻷرض بحوالي 10 امتار.

كل قاطع جوي كان يسيطر على 3-5 مراكز اعتراض جوي، 3-7 رادارات، و عشرات مواقع الصواريخ و مئات مواقع المدفعية م.ط و التي وصل مجموعها ل 7500 م.ط

كان العراقيون يعلمون بالخطة الأمريكية لافتتاح الحرب بالضربة الجوية. و كان القرار هو ببساطة الصمود و الدفاع بشكل سلبي حتى تنتهي الضربة (التي تصوروها لن تزيد عن اسبوعين). و كان هناك اقتناع ان الملاجئ العراقية ستحمي القوة الجوية العراقية حتى انجلاء غبار ضربة الافتتاح. و كانت الخطة ان تستثمر المقاتلات الجوية العراقية السريعة (الميراج و الميغ 25 ) في اصطياد اي طائرة امريكية في مرحلة حرجة (اصابة او نقص وقود او نقص ذخيرة). هذه العوامل التي كانت في حساب المخطط اﻷمريكي عندما درس الموقف العام. و عليه تم بناء اهداف خطة الضربة الافتتاحية.

أهداف الضربة الافتتاحية:
1- تعطيل الاتصالات العراقية.
2- تعطيل شبكة الكهرباء.
3- تعطيل صواريخ سكود العراقية التي كانت تهدد اسرائيل و القواعد اﻷمريكية في السعودية.
4- قتل صدام حسين او تعطيل قدرته على قيادة الدولة ( تم حذف كلمة قتل بسبب مخالفتها للقوانين اﻷمريكية! حيث لا يجوز تعمد قتل رئيس أي دولة!).
5- تحقيق السيطرة الجوية.

كانت توقعات القيادة الأمريكية ان تنجح الضربة اﻷولى (و كان استلهام تجربة اسرائيل في حرب 1967 و حرب 1982 واضحا) في تحقيق اهدافها. لكن السؤال كان عن الثمن: ما هو الثمن المقبول؟ من المعروف ان ضربة الافتتاح هي اخطر مراحل العملية الجوية كون الطيار يواجه الدفاعات الجوية وهي متكاملة. و كانت توقعات غرفة العمليات ان ينتهي اليوم بخسارة 100 طائرة مغيرة.

فماذا كانت الخطة الأمريكية للتعامل مع هذا الدفاع الجوي الجيد، و ماهي الموارد المخصصة لهذه الحملة؟ يتبع في الحلقة الثانية

المصدر: R. Atkinson: Crusade - the untold story of the persian gulf war

ملاحظة: نشرت نفس الموضوع مشابها قبل فترة قصيرة في منتدى شقيق: arabic-military.com و سوف يتم تحديث السلسلة تباعا في المنتديين.

مرحبا اخى منجاوى
بعد ضرب المفاعل العراقى عام ٨١ كان لا بد للعراق مراجعة اوراقه فى هذه الخصوص بمواكبت التقنيات التى كانت متوفرى فى تلك الفترة حتى ولو كانت من امريكا
بالنسبة لى فقد كنا نلطقة بث التلفزيون السعودية القناة الاولى وعندما كان هناك هجوم محتمل يتوقف بث البرامج وتتغير الشاشة وتظهر علية توجيهات للموطنين اذكر منها الوقوف فى اركان البيت ولبس الاقنعة ورقام تلفونات للتبليغ و كان هناك صوت يشبع صفارات الانزار ثم بعد دقائق يعود بث البرامج ثم بيان بزوال الخطر
وكانت هناك اشاعات فى السودان بان امريكا وحلفائهم سوف يشنون هجوم على السودان بسبب قواعد صواريخ نصبها صدام فى السودان
اتمنى ان لا تعود مثل هذه الايام على دولة عربية وتقيم يا صديقى

أهلا و سهلا بك اخي ابو علاء. حسب تقديري ان الرئيس العراقي لم يكن يظن ان هناك حربا برية كبرى سوف تحصل بالنظر لعوامل مثل: ان الدول العربية لم تكن كلها تؤيد مثل هذه الحرب و ان الشعوب العربية قد تحرك الامور خصوصا و ان الاتحاد السوفياتي كان لا يزال قائما و لن يقبل بضرب دولة -صديقة - له دفاعا عن مصالحه. ان دول اخرى مثل سوريا تحتل دول عربية اخرى. لم يصدق ان تتحالف دول عربية مع امريكا لضرب دولة عربية اخرى بشكل مباشر. ان الجيش و الشعب الامريكي لا يزال يعاني من عقدة فيتنام و لن يدخلوا في حرب (مثلا الكونجرس صوت للحرب بفارق صوتين على ما اذكر). حتى لغاية اول يوم للضربة الجوية كان صدام حسين يشك ان الامر اكثر من فرقعة اعلامية لتحسين موقف الحلفاء التفاوضي.

أبو علاء كتب:

موضوع رائع أخ منجاوي وذكريات مؤلمة
سؤال يجول في خاطري لماذا لم ينتهز الرئيس صدام الفرصة المتاحة بالانسحاب ؟
هل كان يعتقد حقاً أنه يمكنه الانتصار والصمود أمام أمريكا وتحالفها ؟