درست في أرقى الجامعات الأميركية. خططت لصنع "قنبلة قذرة" من فيروس إيبولا. أطلقت النار على جنود أميركيين في أفغانستان. القاعدة وطالبان وحتى دولة باكستان يطالبون بالإفراج عنها. ومؤخرا، اشترط تنظيم الدولة الإسلامية المعروف سابقا بـ"داعش" الإفراج عنها وإلا سيذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي.
فمن هي هذه المرأة الباكستانية الغامضة؟
اسمها عافية صديقي، عمرها 42 عاما، ولقبها "سيدة القاعدة Lady AlQaeda".
هذا ملخص تقرير مطول عن عافية صديقي أعدته مجلة "فورين بوليسي Foreign Policy".
سيدة القاعدة
قبل عامين، تلقى مسؤولون أميركيون طلبا محيرا: إذا أطلقت الولايات المتحدة سراح عافية صديقي فإن باكستان ستصب جهدها كله في سبيل تحرير ضابط الصف الأميركي بو بيرغدال الذي كان مفقودا منذ 2009 وساد الاعتقاد أنه محتجز لدى "طالبان باكستان".
رفض الرئيس باراك أوباما ومستشارو الأمن القومي العرض الباكستاني. فهذه المرأة مدانة منذ 2010 بالشروع بقتل أميركيين في أفغانستان، وهي تقضي بناء على ذلك عقوبة سجن طويلة، وإطلاق سراحها سيعني أن الولايات المتحدة تقدم تنازلات لمجموعات إرهابية.
إطلاق سراح صديقي سيصبح بعد ذلك مطلبا ترفعه طالبان، القاعدة ومؤخرا داعش.
كانت صديقي على علاقة مع خالد شيخ محمد، العقل المدبر لاعتداءات 11 سبتمبر، وظلت لفترة على رأس قائمة "أخطر المطلوبين" التي ينشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI.
وقبل ذلك، درست صديقي في معهد ماساشوستس للتقنية MIT في كامبردج بولاية ماساشوستس، وحصلت على شهادة الدكتوراة من جامعة برانديس Brandeis الواقعة في الولاية ذاتها.
وعندما اعتقلت في أفغانستان عام 2008 وجدت مع صديقي مادة سيانيد الصوديوم ووصفات لصنع أسلحة كيميائية و"قنابل قذرة" تعتمد على استخدام فيروس إيبولا كسلاح بيولوجي.
وفي غرفة الاستجواب، تناولت صديقي بندقية تركها جنود أميركيون على الطاولة وأطلقت النار عليهم.
داعش يطالب بصديقي
الأسبوع الماضي، عادت صديقي إلى دائرة الضوء مع إعدام تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الصحافي الأميركي جيمس فولي. فقد تبين أن داعش طالب بالإفراج عن صديقي وإلا قتل فولي.. وهذا ما فعله لاحقا.
ويوم الثلاثاء، طالب داعش مجددا بمقايضة صديقي بامرأة أميركية يحتجزها منذ العام الماضي حين كانت تعمل مع مجموعة إغاثة في سورية. وهذه المرأة البالغة 26 عاما هي واحدة من عدة أميركيين يعتقد المسؤولون في واشنطن أن داعش يحتجزهم، وبينهم الصحافي ستيفن سوتلوف.
وطالب داعش بالإفراج عن صديقي وبفدية تبلغ قيمتها 6.6 مليون دولار للإفراج عن الأميركية الشابة، التي رفضت عائلتها أن يذكر اسمها، وفق ما كشفته شبكة ABC الأميركية.
شهرة ومؤامرات
وعافية صديقي تحظى بشهرة كبيرة في باكستان، ففي 2010، عندما أدينت بالشروع في القتل، خرج باكستانيون في تظاهرات ضخمة للتضامن معها.
وتنشر صحف باكستانية مقالات تتحدث عن مؤامرات تعرضت لها صديقي، وتقول إن الاستخبارات الباكستانية اعتقلتها وسلمتها للولايات المتحدة حيث تعرضت للتعذيب.
بل إن هناك مجموعة مسلحة في باكستان تطلق على نفسها اسم "كتائب عافية صديقي" نفذت عدة هجمات تفجير قتل فيها عدة أشخاص عامي 2012 و2013.
المفاجئ في الأمر أن عائلة صديقي أصدرت بيانا استهجنت فيه استخدام داعش لاسم ابنتها، وقالت إن العائلة ترفض العنف واللجوء إليه.
تبادل؟
ونقلت "فورين بوليس" عن مشرعين أميركيين قولهم إن عدة مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية يطالبون بمبادلة صديقي بالمختطفين الأميركيين، وهو ما يرفضه البيت الأبيض.
وقال جو كاسبر، وهو ناطق باسم العضو الجمهوري في مجلس النواب دنكان هنتر، إن مبادلة صديقي خيار طرح في حالة بريغدال وغيره من المخطوفين. ولطالما انتقد هنتر، وهو عضو بارز في لجنة القوات المسلحة البرلمانية، إدارة الرئيس باراك أوباما لأنها "لا تنشط بشكل كاف لتحرير المخطوفين الأميركيين".
ومن المعروف أن الولايات المتحدة لا تدفع فدى للخاطفين على عكس عدة دول أوروبية، وهو ما جعل المواطنين الأميركيين أقل "إغراء" للمختطفين. لكن أهالي المختطفين الأميركيين في سورية يطالبون بتغيير هذه السياسة للإفراج عن أبنائهم.
وقال كاسبر إن خيار مبادلة صديقي لم يطرح أبدا على طاولة وزير الدفاع شاك هيغل.
تعقيدات قانونية
لكن تعقيدات قانونية كثيرة تقف في وجه أي صفقة تبادل محتملة، علما أن مسؤولين كبارا في الإدارة الأميركية أكدوا لمجلة "فورين بوليسي" أن ذلك الخيار لم يطرح بشكل جدي.
ولا توجد اتفاقية بين الولايات المتحدة وباكستان تتيح أن تقضي صديقي بقية محكوميتها في باكستان، لكن خبراء أكدوا أن الإدارة الأميركية بمقدورها الخروج بـ"حلول خلاقة" لهذه المعضلة لو قررت مبادلة صديقي، إلا أنها ستبدو في تلك الحالة وكأنها تتفاوض مع إرهابيين.
يشار إلى أن الولايات المتحدة حررت الجندي بيرغدال بمبادلته بخمسة مسؤولين في حركة طالبان.
خيار المبادلة بمسؤولي طالبان وليس بصديقي برر بأنه ينخرط في سياق تبادل أسرى الحرب، وأنه يحسن فرص نجاح المفاوضات مع حركة طالبان وإدماجها في العملية السياسية في أفغانستان.
وقالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي كايتلين هايدن "عافية تقضي عقوبة سجن تبلغ 86 عاما بعد إدانتها بالشروع بقتل وإيذاء مواطنين وضباط وموظفين أميركيين في أفغانستان، والولايات المتحدة لا تقدم تنازلات لخاطفين، وهذه سياسة قديمة، وتغيير هذه السياسة سيزيد مخاطر الاختطاف الذي قد يتعرض له أميركيون".