تقرير مفصّل من 85 صفحة، يتطلّب الحصول على نسخة كاملة منه دفع ثمنه بالعملة الصعبة، قال إن المغرب يعمل حاليا على استيراد أسلحة وذخيرة من النوع المتطوّر، «من قبيل الطائرات المقاتلة والسفن الحربية والصواريخ والدبابات والفرقاطات، بهدف تقوية قدراته العسكرية». التقرير، الذي يعتبر مرجعا لكبار مصنّعي وتجار الأسلحة في العالم، قال إن السوق المغربي في منحى تصاعدي، رغم الانخفاض الذي سجلته السنوات الأربع الماضية في قيمة النفقات السنوية، والتي تراجعت من 3.8 ملايير دولار سنة 2013 إلى 3.5 ملايير دولار في 2017. تراجع قال التقرير إنه يعود إلى ارتفاع في قيمة الدرهم مقابل الدولار، وليس إلى تراجع المخصصات المغربية الموجهة للتسلح. وكشف التقرير أن المقتنيات المغربية المقبلة من الأسلحة تتمثل، أساسا، في مزيد من الطائرات المقاتلة والمروحيات والغواصات وأنظمة رادار وسفن حربية…
الوثيقة، التي تنفرد «اليوم 24» بنشر تفاصيلها الكاملة، تفتح واحدا من أكثر الملفات المحاطة بالتكتم وغياب المعلومات والتحليلات الموثوقة. ملف تكشف عناوينه الكبرى كيف أن المغرب يخصص قرابة 3 في المائة من ناتجه الداخلي الإجمالي لتغطية النفقات العسكرية. نسبة يقول التقرير إنها ستعرف بعض الانخفاض في السنوات الخمس المقبلة، بالنظر إلى ارتفاع ميزانية الدفاع بإيقاع أقل من معدل نمو الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب.
قرابة ثلثي النفقات المالية الموجهة لشؤون الدفاع والأعباء العسكرية في المغرب تخصص، حسب التقرير الدولي الجديد، لما تسميه قوانين المالية المغربية لنفقات التسيير. أجور أكبر جيش في إفريقيا من الناحية العددية (باعتبار التقسيم المعتمد دوليا والمطابق لخريطة وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون، والتي تستثني مصر من المنطقة الإفريقية وتدرجها في منطقة الشرق الأوسط)، إضافة إلى نفقات النقل والتدريب والتكوين والإطعام والتحملات الاجتماعية… كلها أعباء تلتهم قرابة المليار دولار سنويا. الثلث المتبقي المخصص للمشتريات من الأسلحة والصيانة والتخزين، هو الذي يرتقب أن يشهد بعض الارتفاع في السنوات الخمس المقبلة، وذلك أساسا في مجال تكنولوجيا الاتصالات والغواصات والصواريخ المضادة للدبابات.
التقرير، ورغم إشارته إلى التهديد الذي تمثله جبهة البوليساريو بالنسبة إلى المغرب، فإنه يبني جل معطياته على الضغط الذي تمثله الجزائر بالنسبة إلى الاختيارات العسكرية للمغرب، الذي يعتبر ثاني أكبر مستورد للسلاح في القارة الإفريقية، بعد الجزائر التي دخلت منذ الطفرة البترولية، التي انطلقت في 2003، في حملة تسلح غير مسبوقة في تاريخها. «وبالنظر إلى أن المغرب بلد غير متقدم في مجال الصناعات العسكرية، فإنه يلجأ إلى استيراد كل حاجياته من الأسلحة». واردات يقول التقرير إنها تأتي بالدرجة الأولى من الولايات المتحدة الأمريكية، مفسرا ذلك باتفاقية التبادل الحر الموقعة بين البلدين.
المغربي ينفق 100 دولار سنويا على الجيش
التهديدات التي يتسلح لها المغرب متحملا أعباء مالية كبيرة، تشمل، إلى جانب الجزائر والبوليساريو، كلا من التهديدات الإرهابية الداخلية والخارجية، علاوة على أعباء تحصين حدود المملكة. الأعباء الأخيرة مرشحة للارتفاع بإيقاع أسرع في السنوات الخمس المقبلة، بالنظر إلى التنامي المستمر لشبكات تهريب البشر والمخدرات، «ولمواجهة هذه التهديدات، سيكون على المغرب أن يستثمر في مجال تكنولوجيا الرصد والمراقبة والاستخبارات، من قبيل تطوير الوثائق الإلكترونية ووسائل المراقبة الأوتوماتيكية للحدود»، يقول التقرير، متوقعا أن ترتفع نفقات مواجهة التهديدات الأمنية الداخلية للمغرب من 2.6 مليار دولار في 2018، إلى 3.5 ملايير دولار في العام 2022. معطيات تفتح شهية كبار المزودين العالميين بأنظمة المراقبة والسلاح والذخيرة.
يخصص المغرب بالضبط 2.9 في المائة من ناتجه الداخلي الخام لنفقات الدفاع، وهو المعدل الذي يصفه التقرير الموجه للأسواق الدولية بالمعتدل. رقم يعادل ما تخصصه دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة أكبر ميزانية عسكرية في العالم تناهز 600 مليار دولار، لكنه يفوق ما تخصصه دولة مثل فرنسا التي تبقى في حدود 1.8 في المائة من ناتجها الداخلي الخام، وبريطانيا صاحبة ثاني أكبر ميزانية دفاع في العالم، والتي تخصص أقل من 2 في المائة من ناتجها الداخلي لشؤون الدفاع. التقرير يقول إن نسبة النفقات العسكرية للمغرب من مجموع الثروة الداخلية للبلاد ستعرف بعض الانخفاض في السنوات الخمس المقبلة، حيث ستصبح في حدود 2.6 في المائة عام 2022، «بالنظر إلى تركيز البلاد على الاستثمار في الشؤون الاجتماعية»، يقول التقرير. معطى يقابله تحليل آخر لمستقبل النفقات العسكرية للمغرب، يكشف أن حجم ما يتحمله كل مغربي من نفقات عسكرية مقبل على الارتفاع، بالنظر إلى تراجع النمو الديمغرافي في السنوات المقبلة. معدل نفقات المغربي الواحد في المجال العسكري سينتقل من 98 دولارا سنويا حاليا، إلى قرابة 110 دولارات سنويا في العام 2022.