2
ثلاثة مبادئ عسكرية كفلت للحلفاء النصر في العلمين
يستهل المؤلف الفصل الثاني بالأحداث التي قذفت بمونتجمري الى مسرح العلمين والواقع الذي أحدثته نتائج الحرب الثانية الهزيلة في حينها بالنسبة للحلفاء. ويذكر أن قيادة الحلفاء كانت تحت امرة الجنرال السير كلود أوكنلك الذي أثبت أنه الرجل غير المناسب لقيادة الجيش الثامن البريطاني. فقد عانى هذا الجيش من خسائر تقدر بنحو مئة ألف معظمهم من دول الكومنولث على يد الجنرال رومل الذي قام هتلر مبتهجاً بترقيته الى رتبة مارشال.
وبفعل القيادة البريطانية الواهنة جداً تمكن رومل من احتلال طبرق بعد تقدم رائع لكنه عجز عن اختراق الموقع البريطاني عند العلمين الذي كان قطاعاً بمساحة أربعين ميلاً عند نهاية الصحراء التي تفصل بين ساحل الأبيض المتوسط ومنخفض القطارة مما دفع رومل إلى وقف الهجمات في الوقت الذي تمكن فيه بسهولة من ردع محاولات أوكنلك غير المنسقة للقيام بالهجوم المقابل.
وهكذا بدأ رومل بتجميع قطعات المحور والدبابات والمدفعية والمعدات والمؤن للقيام بهجوم إختراقي حاسم في أغسطس عام 1942 من شأنه أن يسير بفيلق المدرعات الألماني في أفريقيا صوب الاسكندرية والقاهرة والنيل وقناة السويس. وضع كل ذلك، كما يشير المؤلف، ونستون تشرشل في موقف حرج بعد سلسلة من تعيينات رجال في مراكز قيادية غاية في الحساسية وأثبتوا أنهم غير مؤهلين أو أكفاء لتولي مثل هذه المناصب فتسببوا بكوارث عديدة للجيش البريطاني في فترات مختلفة.
وشرع تشرشل بدراسة التوصيات التي قدمها له مساعده بروك في إيجاد بديل ليخلف أوكنلك في منصبه ودرس الكثير من القادة بدءاً من اللورد جوت والسير برنارد بيجر والسير روبرت آدم والسير ميتلاند ولسون، لكنه لم يأخذ بالحسبان شخصاً فتياً سيكون له أكبر دور في تغيير مسار الحرب من جهة والخروج بأسلوب قتالي جديد بعيداً عن قوقعة الأسلوب القديم العقيم، كان ذلك الشخص هو مونتجمري.
للقدر كلمة أخرى
وافق تشرشل على مضض على تعيين مونتجمري وأبرق الى الوايت هول برسالة ذات رموز سرية في هذا الشأن. وتلقى «مونتي» الذي كان يشاهد تمريناً عسكرياً شاملاً في اسكتلندا اتصالاً في 7 أغسطس من مكتب الحربية يعلمه بمنصبه الجديد في القوة الشمالية تحت قيادة الجنرال أيزنهاور ويدعوه للعودة الى لندن فوراً.
لم يحبذ «مونتي» الأمر برمته، إذ كان من الصعب بالنسبة لقائد مثله القيام بعملية غزو كبيرة في شمال أفريقيا في فترة ثلاثة أشهر، في الوقت الذي لم يلتق بأيزنهاور الاّ نادراً من دون أن تروق له أساليب الجنود الأمريكيين كثيراً. ولكنه كان في الوقت ذاته متيقناً من أداء عمله بنجاح لو سمح له بتنفيذ الأفكار والأساليب التي اصطبغت بها عقيدته العسكرية التي كان على ثقة بأنها ستعود بالنصر للحلفاء على الألمان.
وكان للقدر كلمة أخرى غير ذلك، حيث يقول المؤلف إن «مونتي» تلقى اتصالاً هاتفياً من مكتب الحربية في وقت مبكر جداً في صبيحة الثامن من أغسطس، وهو يهم للخروج للقاء ايزنهاور، يعلمه بإلغاء «عملية المشعل» وإن علية الذهاب على وجه السرعة القصوى الى الشرق الأوسط لتولي قيادة الجيش البريطاني في العلمين، بعد أن أُسقطت طائرة القائد المقترح تعيينه واحترقت حتى الموت في طريق عودته من القاهرة لأخذ قسط من الراحة.
وهكذا شرع «مونتي» يعد العدة للانتقال لقيادة جيش يواجه الألمان والايطاليين بقيادة رومل الذي سمع عنه الكثير وتاق لمواجهته والتعامل معه. وكان قلقه الوحيد يدور حول ابنه ديفيد ذي الثلاث عشرة سنة في مدرسة وينجستر. فطلب من مدير مدرسة ديفيد الابتدائية السابقة وزوجته الاهتمام به وكتب اليه رسالة أوضح فيها أن عليه السفر بأقصى درجة من السرعة حيث منح فترة 8 ساعات لحزم ملابسه والطيران. لذلك لم يكن لديه متسع من الوقت لرؤية ابنه الذي ترك له وصية تقضي بأيلولة كل ما يملك إليه بالإضافة الى حساب بمبلغ 200 جنيه لتغطية نفقاته المدرسية وحاجاته الأخرى من الملابس وغيرها.
وصل «مونتي» الى القاهرة في 12 أغسطس 1942 بعد أن تحسنت الظروف الجوية للقيام بالرحلة الجوية. وكان الموقف الذي صادفه هناك حرجاً غير سعيد حاول فيه تشرشل بشتى الوسائل تجنبه عندما بعث مساعده العسكري برسالة الى الجنرال أوكنلك في 8 أغسطس يشرح فيها سبب إعفاء الأخير من منصب قيادة الجيش الثامن في الشرق الأوسط وتوليه القيادة الجديدة في منطقة إيران التي كان يود تشرشل تشكيلها. ولكن أوكنلك رفض العرض في لقائه العاصف مع السير آلان بروك، لأنه أحس بأن توليه لأعلى المناصب في الشرق الأوسط عاد عليه بسمعة سيئة وأفقده ثقة الآخرين به كقائد ميداني كفء. وبعد أن رفض تشرشل اللقاء به وجهاً لوجه قرر أوكنلك تسليم القيادة الى «مونتي» في غرفة خرائط الأول في عملية وصفها بعض المؤرخين ـ والتي يشير اليها المؤلف ـ بأنها تشبه نزال ملاكمة غير متكافئ بين ملاكم منهك القوى من الوزن الثقيل والآخر من وزن الديك أفضى في النهاية إلى استسلام أوكنلك.
وأخذ «مونتي» ينظر الى الجيش الثامن على أنه جيشه ولا يمت بأية صلة لأوكنلك، وان هذا الجيش كان سيئ الطالع أجبره جنرال مدرعات ألماني مظفر على التقهقر ألوف الأميال. يرسم المؤلف ملامح الوضع العسكري بدقة ويقول إن المعلومات الاستخبارية قد أشارت إلى نية رومل بالقيام بهجوم ثانٍ بالمدرعات قبيل وصول 300 دبابة امريكية من طرازي جرانت وتشيرمان الى السويس، فشرع ببناء مخزون ضخم من الوقود والعتاد والدبابات والقطعات والمؤن.
رآى «مونتي» الذي بات الآن القائد الأعلى والمطلق للحلفاء أن خطط الانسحاب غير ممكنة حتى على الصعيد الافتراضي لأنها غير ضرورية. فهذا الرجل الذي يصفه المؤلف بأنه سيد الأعداد على كافة المستويات في استخدام المدفعية وإدارة الموارد سواء الدفاعية أو الهجومية قد تمرن لمدة سنتين على عمليات عسكرية واسعة النطاق ضمن القوات البريطانية في داخل إنجلترا، ولم يكن أبداً قلقاً من هجوم رومل المدرع الوشيك.
وكانت إحدى أعظم أفكار «مونتي» التي تعلمها في كلية أركان الحرب في كامبرلي تقضي بأن هنالك أهمية مطلقة على حظوة للمبادأة والاحتفاظ بها، لذلك قرر منذ وصوله الى مسرح العمليات شن هجوم واسع النطاق لينتزع زمام المبادأة ويحتفظ بها. وللقيام بذلك أيقن بأن عليه أولاً إعادة تنظيم وتنشيط الجيش الثامن من خلال الاستماع للقادة الآخرين شخصياً والوقوف على الحالة الحقيقية للجيش وثقة هؤلاء القادة في مسألة إعادة التنظيم.
اجتماع تاريخي
يطرح المؤلف دور «مونتي» الجديد في قيادة الجيش الثامن ووقوفه على الحقائق في أرض الواقع والميدان. فبالإضافة للزيارات المتكررة للفرق التي تكبدت أكثر الخسائر، خاصة الفرقة الثانية النيوزلندية وفرقة الكومنولث، للتعريف بنفسه باعتباره القائد الأعلى للجيش،
أعطى «مونتي» تعليمات واضحة في ما يتعلق بالسياسة المقبلة بعد أن أيقن أن التخطيط للانسحاب ووضع الخطط البديلة قد باتا الشغل الشاغل لجنرالاته وقادته الميدانيين. وكان الأمر الأول يتعلق برسالته إلى جميع وحدات الجيش الثامن بإلغاء جميع خطط وأوامر الجيش المتعلقة باحتمال الانسحاب، حتى وإن كان تكتيكياً، إذ أن على الجيش الثامن الصمود في مواقعه الحالية حياً أو ميتاً في حال شن رومل الهجوم. ويتعلق الأمر الثاني بدعوة جميع ضباط الأركان في مقار قيادات الجيش الثامن للاجتماع معه في ذلك اليوم.
وفي ذلك الاجتماع أدهش القائد الجميع بصراحته وواقعيته ووضوحه بعدم الرغبة بالهزيمة، لأن كل اهتمامه قد أنصب على هزيمة رومل في الأشهر المقبلة. وطرح «مونتي» عدة نقاط لهؤلاء القادة، والتي طلب منهم اعتبارها سياسة العمل المستقبلية.
فأولاً أوضح لهم أن الدفاع عن مصر يكمن في العلمين وفي هضاب الرويسات، وليس عند الدلتا التي طالب بسحب القوات منها فوراً. لذلك فخسارة العلمين أو الرويسات ستعني فقدان مصر وخسارة الحرب في أفريقيا في المحصلة النهائية.
وثانيهما عدم التعامل مع الانسحاب بأية صيغة أو التقهقر من المواقع الحالية على اعتبار أنهما يعدان أمراً واقعياً حيث أمر بالحرق الفوري لجميع الخطط والتعليمات التي تنص على ذلك، وابتهج كثيراً لنية رومل الهجوم وعبّر عن استعداده للتصدي له، إذ أن فترة أسبوعين ـ كما ذكر للمجتمعين ـ ستكون كافية بالنسبة له للشروع بحملة الهدف منها ضرب رومل وجيشه في أفريقيا.
وثالثاً دعا «مونتي» الى تأكيد الحاجة لإيجاد فيالق احتياطية متحركة وقوية والشروع بتدريبها لتصبح الفيالق المدرعة البريطانية وتضم فرقتين مدرعتين وفرقة متحركة. وستماثل هذه الفيالق ما لدى رومل من قوة احتياطية في أفريقيا، والتي كانت على الدوام متأهبة لتوجيه ضربات موجعة، مع أنها لا تتمتع بموقع معين.
وبالإضافة لذلك حث جميع من كان حاضراً على مواصلة الاستعدادات لأن الهجوم الذي وعدهم به «مونتي» سيشنه حالما تنتهي الاستعدادات، وليس قبل ذلك. أما القرارات العملية التي اتخذها «مونتي» في ذلك الاجتماع والتي أحدثت تغيراً بالغاً في حرب الصحراء في العالمية الثانية ـ كما يؤكد المؤلف ويشير «مونتي» في مذكراته ـ فقد تجسدت في نقل مقر القيادة الى موقع نظيف للتمتع براحة مقبولة ولكي تكون هيئة أركان الجيش الى جانب مقر القيادة. واختار «مونتي» الموقع بجانب البحر حيث النقاء والصحة، وحيث سينعم القادة بمكان لطيف ومريح، بعد أن كانوا يعيشون في مواقع غير صحية وقذرة.
وكذلك بدأت عمليات تعزيز الموقع النيوزلندي من خلال زرع حقول ألغام شاملة وإضافة كتيبة للفرقة 44، بينما ستحفر الكتيبتان الأخريتان التابعتان للفرقة 44 مواقعهما عند علم حلفا وهضبة خديم اللذين شخّصهما «مونتي» كموقعين ذوي طبيعة حاسمة في وقف هجوم رومل المتوقع، واللذين كانت تحرسهما قبل ذلك الحين كتبية هزيلة من المشاة لا تتعدى 900 رجل من دون وجود مدفعية.
وكان للوقوف على الواقع الصريح وشرح الواقع الميداني دوران مهمان، خاصة في المناطق التي أدرك «مونتي» وفقاً لخبرته العسكرية أن رومل سينطلق منها، أو يحاول إحداث ثغرة ما للتغلغل بين صفوف الجيش الثامن. فالفرقة التي يذكرها المؤلف هي النيوزلندية التي عبر قائدها فريبيرج عن مخاوفه لمونتي بسبب غموض الخطط المتعلقة بالمعركة المقبلة، خاصة عملية الانسحاب نحو المواقع الخلفية. وطمأنه «مونتي» بأن لا وجود لعملية إخلاء نحو المواقع الخلفية، في حين سيشترك الجميع في القتال. وسيكون خط القتال ـ كما يذكر الكاتب ـ خط الجبهة الممتد من ساحل البحر المتوسط مروراً بالرويسات وصولاً إلى علم نيل، وليس خط الدفاع المتقدم الذي نصت عليه الخطط السابقة. وأكد له «مونتي» أيضاً استحالة الانسحاب أو التراجع من جانب الجيش الثامن الذي سيكون عليه الصمود والقتال حتى النهاية. وأوضح له أن رومل ربما يقدم على الإلتفاف بثقل قوته المدرعة من خلال المرور بجنوبي المواقع النيوزلندية عند علم نيل. وفي مثل هذه، وكما شرح «مونتي»، سيعجز رومل عن التقدم صوب القاهرة والإسكندرية خشية أن ينقطع عليه الطريق كلية في حال صمود الجبهة البريطانية بما فيها النيوزلندية بقوة في وجهه، فسيضطر حينئذ للدوران من الخلف كما فعل في غزالة، ولكن هذه المرة لن يكون بمقدوره أن يفعل شيئاً عندما تكون المواقع المهمة في علم حلفا محصنة وجيدة الحراسة بفعل الانتشار الصحيح للمدفعية والمدافع المضادة للدبابات.
هناك شيء اسمه المعنويات
يظهر المؤلف بعض الصعوبات التي واجهت «مونتي» وأدركها منذ الساعات الأولى لوصوله الى مسرح العمليات. ويذكر أن من أهم تلك الصعوبات التي وقفت بوجهه ما يتعلق بالمعنويات، فالجيش الثامن الذي يضم مجموعة متعددة المشارب من الإمبراطورية البريطانية ـ النيوزلنديين والأستراليين والهنود والجنوب أفريقيين والأسيويين الحمر الجنوبيين والاسكتلنديين والويلزيين والإنجليز ـ كانوا في حالة معنوية يرثى لها كثيراً بعد أن أعيتهم الحرب وأرهبهم اسم قائد العدو الذي يحاربهم من دون أن يعرفوا اسم قائدهم، بينما أرعبتهم القوة الضاربة المخيفة للدبابات الألمانية والمدفعية والراجمات، فرغب الكثيرون بترك ساحة المعركة والعودة الى بلادهم. زد على ذلك انه تعقدت مهمة «مونتي» كثيراً في ضوء أن هذا الجيش فقد الثقة في جنرالاته في ظل هزائمه المتكررة في الحرب وتقهقره 800 ميل، فكان عليه أن يعيد لهذا الجيش المكون من 100 ألف رجل الثقة في نفسه وقدرته على النصر.
ووجد «مونتي» أن الزيارات المتعددة لمواقع الجيش والحديث لقادتها وجنودها له أكبر الأثر في تحقيق ما كان ينشده، على الرغم مما لمسه من خشية جيشه وتخوفه من الهجوم الألماني الوشيك. ويشير المؤلف إلى أن إعادة تشكيل الجيش الثامن المتعدد المشارب من قوات الإمبراطورية والكومنولث ليكون جيشاً حديثاً محترفاً هجومياً بين عشية وضحاها يعد احدى القصص غير المروية عن الحرب العالمية الثانية. وفي الوقت ذاته مثّل تصدي الجيش الثامن لهجوم رومل التحدي الفوري والمباشر لـ «مونتي» إذ ليس عليه طرح سياسات ومبادئ الحرب العصرية وجعل الجيش الثامن يلتزم بها فحسب، بل كانت المهمة الأصعب لمونتي في إقناع رجاله بالتصديق به والإيمان بنجاحه.
ويقارن المؤلف بين ما فعله «مونتي» بعد ساعات وأيام من توليه القيادة وإنجاز تشرشل في عام 1940 في أعقاب هزيمة القوات البريطانية في دنكرك والتهديد الألماني بغزو بريطانيا في صيف عام 1940. فقرار هتلر بتأجيل عملية «أسد البحر» لغزو بريطانيا وإلغائها نهائياً استندا على أساس خطاب تشرشل البلاغي بالإضافة الى مقاومة سلاح الجو الملكي الشرسة في «معركة بريطانيا». وأيقن هتلر أكثر من غيره في ألمانيا النازية بمدى عمق تأثير قوة البلاغة والمعنويات ولكنه خسر أمام تشرشل في ذلك المضمار لأن الأخير ضمن إن معنويات البريطانيين وقواتهم المدافعة لن تتحطم بفعل مساهمته البارزة من خلال خطاباته المهمة في البرلمان وعبر الأثير ومن خلال زياراته الشخصية المتكررة الى المطارات والمواقع التي دمرها القصف والتشكيلات المتهيئة للغزو.
ولا تفوت المؤلف هنا الإشارة الى رومل الذي أدرك الأهمية القصوى للمعنويات. فهذا القائد الذي كان في أمس الحاجة للراحة في أغسطس عام 1942 لما يعانيه من ضغط الدم قد تحسنت صحته بشكل عجيب عندما علم بموافقة القائد الأعلى على استبداله بأحد مساعديه، بعد أن أخذ بالاعتبار سهولة وصول جيش المدرعات الألماني الى القاهرة. لذلك جعل رومل شخصياً، وبعد معاركه الكبيرة في غزالة وطبرق، من سقوط القاهرة أمراً وشيكاً ولم يشأ من خلال إعداد الرجال والمدرعات والمؤن للتضحية بتلك الجوهرة لصالح قائد خصم أو المخاطرة بها على يد قائد ميداني غير مقتدر تماماً.
لذلك يخلص الكاتب الى أن التنافس بين الفيلق المدرع الألماني في أفريقيا والجيش الثامن قد مثل معركة رغبات القادة وأساليبهم، تماماً كما حصل بين تشرشل وهتلر في عام 1940. وكان لرومل جيش عالي التدريب ومجهز بكل الأسلحة ومحترف للقتال ومتعاون بشكل متبادل ومصمم على اختراق الدفاعات البريطانية عند العلمين ومن ثم الاندفاع صوب النيل، مثلما فعل في غزالة وطبرق، بينما ورث «مونتي»، على عكس رومل، جيش إمبراطورية مهزوماً منهاراً فاقد المعنويات، سيئ التجهيز وضعيف التنسيق والتعاون، ناهيك عن عدم ثقته بقيادته العليا. لذلك مثّلت عملية تحويل هذا الجيش على وجه غاية في السرعة الى قوة جديدة ترغب بالاستجابة لإرادته معجزة حقيقية في نظر محاربي الجيش الثامن والمؤرخين الذين تجاهل معظمهم أو غض النظر عن التطرق إلى مثل هذا الإنجاز.
يتبع .....