لدافيد اليعيزر قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي في حزيران 1967 ، تاريخ اسود في ذاكرة السورين عامة ، وأبناء الجولان السوري خاصةً. ففي تاريخه الشخصي صفحات طويلة من صور الإجرام، لدوره البارز في عمليات تهجير المدنيين السورين من قراهم وبلداتهم في الجولان أثناء احتلال إسرائيل وسيطرتها على الجولان في حزيران 1967.
أول من تحدث عن تلك العمليات المنظمة هو الجنرال الإسرائيلي اليميني المتطرف "رحبعام زئيفي" في سياق جدل إعلامي صاخب في جريدة يديعوت احرونوت حيث اعترف زئيفي" ان دافيداليعزر الملقب (دودو) أمر بطرد سكان القرى السورية من منازلهم بعد حرب حزيران ونفذ عملية الطرد القسري هذه بموافقة إسحاق رابين رئيس الأركان في حينه، ووزير الدفاع موشيه ديان، ورئيس الوزراء ليفي اشكول وقد قال " زئيفي" نفسه صبيحة التاسع من حزيران أثناء اجتماع في هيئة الاركان لضباط الجيش الإسرائيلي" إننا نريد استلام الجولان خالي من السكان"... كان من نتائج عمليات التهجير تلك ، تهجير70-95 ألف مواطن سوري.( عدد سكان الجولان عام 1966 بلغ حوالي 153 ألف مواطن سوري) وذلك باعتراف عدة مؤرخين إسرائيليين مثل" بني موريس، وميخائيل اورون، والبرفيسور ارنون سوفر" .
في العاشر من حزيران 1967 وخلال عمليات احتلال الجولان ، سجل الصحفي الإسرائيلي"حاييم يافين" مكالمة صوتية بين قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، ورئيس هيئة الأركان" إسحاق رابين" يصف له عمليات الهروب للجيش السوري خلال تغطيته للحرب في الجبهة الشمالية ويقول اليعيزر خلال المحادثة :"
اسمع. هذه المعركة منتهية. إنهم لا يصمدون، أنا سأتوغل للداخل، فورا سنرى النتائج، هناك هروب ، يفجرون ذخائر ومدافع، ويتركون مواقعهم. هذا الجيش منتهي ومنهار. ويصدر اليعيزر تعليمات لضباطه" حاولوا التوغل للإمام . المعركة أمامكم منهارة. افحصوا ذلك. الجيش السوري ينهار ويجب استغلال هذا الأمر بنجاحنا."
للاستماع للتسجيل
http://www.jawlan.org/openions/voice/war1967.mp3
وفي شهادة له أمام طاقم حكومي جمع بين ضباط وقادة هيئة الأركان الاسرائيلية لتقيم أوضاع الحرب في تاريخ 14 شباط1968 عقد في بيت الجندي بتل أبيب بحضور رئيس الحكومة الإسرائيلية ليفي اشكول، ووزير الدفاع موشي ديان، ووزراء آخرون قال اليعزر "
في الجبهة الشمالية شاركت القوات السورية، بقصف بلدات ومستوطنات الشمال ، وغارات متقطعة علي شمال إسرائيل، لم تقم بأي هجوم كما كان متوقع، واحتفظت الجبهة بهدوئها لغاية يوم التاسع من حزيران، بعد ان قام سلاح الجو الاسرائيلي، بضربة ناجحة بتدمير ثلثي سلاح الجو السوري، وباقي القوات الجوية تراجعت نحو الشمال السوري، وحاولت القوات السورية إجراء بعض التعديلات الدفاعية على قواتها وحشد جنود إلى منطقة تل دان، لكنهم لم ينجحوا في ذلك.
كان الهجوم على الهضبة السورية مقررا ليوم الثامن من حزيران، إلا إنني طلبت بتأجيل الهجوم لسببين : الأول هو تشكل غيوم، وعدم وجود قوات كافية للبدء في هجوم سريع على التلال العالية، حيث كان هناك لواءين مقاتلين ولواءين مشاة. وفي صبيحة اليوم التالي التاسع من حزيران صدر أمر باقتحام الهضبة، كان قرار وقف إطلاق النار لم يدخل حيز التنفيذ بعد، وكانت مهمتنا هي الإسراع في فرض أنفسنا على ارض الواقع، رغم إدراكنا من بان التكلفة البشرية والمادية ستكون كبيرة جداً ، في اجتياز مناطق جبلية وتلال إستراتيجية عالية، وتحصينات عسكرية ودفاعية كبيرة جدا
الخطة التي نفذناها كانت على مرحلتين في الأيام من الأولى. أعلنا عن الخطة الدفاعية( إجراءات سدن) وحشدنا جنود وضباط من الاحتياط، لمساعدة سكان المستوطنات، لتنظيم أنفسهم ورعاية أعمالهم، والاستمرار في نط الحياة، رغم ما تتعرض له من قصف سوري، حيث طال القصف بلدات دان- شأر ياشوف- حتسور-روش بينا- كفار سولد- حولاتا- ناطورا-،،ى وبنفس الوقت الاستعداد للبدء في تنفيذ خطة الهجوم على الهضبة ،من خلال تطويقها من شمالها وجنوبها. والتقدم لاحتلال تل الفخار -تل العزيزيات- بانياس-زعورة عين فيت-الدرباشية -الجلبينية- القلع راوية التوافيق، وبسط خط دفاعي جديد يزيل التهديدات السورية، كنا نعلم مسبقا انه بمقدور السورين ان يدافعوا بقوة ويصمدوا، أمام أي هجوم لفترة طويلة بحكم التحصينات العسكرية، التي تعتبر متقدمة ومتينة جداً، والدفاعات التي عملوا سنوات في تعزيزها وتقويتها تحسبا لأي هجوم مباغت، كنا ندرك ذلك جيداً .وان التكلفة ستكون بالغة، لكن حصلت أمور لديهم كانت سببا في ان تكون هذه الحرب سريعة وسهلة، وبأقل الخسائر، كان هناك تخلي عن المواقع، وهروب جماعي كبير من القادة والضباط، واكتشفنا بعد احتلال القنيطرة من خلال الوثائق الكبيرة التي تركوها خلفهم، انهم كانوا مستعدين للمواجهة، وكان هناك استدعاء لقوات النخبة المدربة، الذين يعتبرون أكثر كفاءة وخبرة من الجنود النظاميين ..
ويضيف اليعازر " قصفنا حوالي 30.661 قذيفة على السورين، وأصبنا حوالي26 موقع عسكري سوري مضاد للطيران، ومئات الطلعات الجوية التي قدمها سلاح الجو، كنا نخشى ان يصدر قرار وقف الحرب، دون استكمال خطتنا في إبعاد خطر السورين وطردهم من الدفاعات الأولى والثانية والثالثة، وقد جرت اشد واكبر المعارك بيننا وبينهم في تل الفخار وتل العزيزات، قبل احتلال تل الحمرا وبانياس وفي الوسط والجنوب تل هلال والدردارة والدرباشية، والقلع .خلال الاقتحام حصلت بعض الأخطاء في احتلال البحريات، لكننا تجاوزناها فورا ،واستكملنا بالصعود نحو زعورة وعين فيت ومسعدة. لحتى هذه اللحظة كانت خسائرنا ثلاثة دبابات و25 قتيل - و-65 جريح، وخسائر العدو، إبادة كتيبة كاملة و-20 أسير في معركة تل الفخار والعزيزات .حيث اعتبرها معركة شرسة وشديدة جدا.
أنا ملزم بالقول إن "لواء غولاني "خاض معركة شرسة جدا في السيطرة على تل الفخار وتل العزيزيات، وكتيبة الدبابات وسلاح الهندسة، وكتيبة المظليين، اثبتوا أنفسهم، وكفاءاتهم القتالية .تم قتل 100 سوري أثناء انسحابهم في إحدى المحاور، لكن رغم ذلك هناك بعض الأخطاء الغير متوقعة حصلت، وبعض الثغرات التي يجب معالجتها.
لكنني أسجل هنا ان القدرات القتالية كانت عالية جدا بفضل جنودنا وضباطنا وقادة الألوية الذين خسرنا منهم الكثير، تتميز قواتنا بثقافة وبإرادة القتال، هناك هدف سامي يجمعنا، وقضية ندافع عنها، بخلاف ما رأيناها عند قوات العدو، رغم ان جنوده حاربوا بشراسة في بعض المواقع، ودفعوا أثمان قاسية، الا ان ضباطهم تركوا المعركة وهربوا، تتميز ثقافتهم بالهزيمة والاستسلام. وهذا ما حصل تركوا كل شئ وراءهم، وهربوا، وانتصارنا الكبير في هذه الحرب كان بفضل إرادة وقوة جنودنا وقواتنا، وبشكل اقل،بفضل هروب قوات العدو قبل اي مواجهة معنا، ولا أنسى فضل سلاح الجو في تسديد ضربات دقيقة على قوات العدو أثناء انسحابها، وهذه الأسباب كلها جعلتنا نحكم السيطرة على الهضبة السورية، وإبعاد الخطر عن مواطنينا. وجعل خسائرنا اقل بخلاف التوقعات المسبقة من هذه الحرب.
بالنهاية أريد ان أوجز خطابي بتسجيل هذه المعطيات " الجيش السوري لم يُدمر في هذه الحرب، ولم يباد، لأنه انسحب سريعاً تاركا وراءه خسائر بشرية ومادية هائلة جدا حيث وجدنا حوالي600 جثة و-150 أسير بينهم 16 ضابط. و-2000 جريح. وحصلنا على 800 دبابة صالحة للاستخدام.و180 مدفع. 200 مضاد للطيران .50 ناقلة جند. وتبين لنا ان عمليات الهروب العشوائي التي حصلت بين صفوف العدو ساهمت في تقليل خسائرهم البشرية والمادية، وخسائرنا نحن ايضاً.
في المقابل فقدنا حوالي152 قتيل. بينهم عدد كبير من الضباط. و-500 جريح، كتيبة غولاني وحدها فقدت 52 جندي. بينهم 32 ضابط، وهذا يدلل على الروح القتالية بين قواتنا، القائد في المقدمة قبل جنوده، وتعرض 349 منزل و-262 مبنى زراعي وتجاري، إلى إصابات مباشرة من القصف السوري، ودُمر 30 تراكتور زراعي.و- 15 الة زراعية، وحرق 350 دونم من الاراضي الزراعية، وقتل خمسة بقرات، وتُقدر الخسائر المادية بحوالي 1.1 مليون ليرة إسرائيلية، وخسائر المستوطنات وحدها تُقدر بحوالي2.5 مليون ليرة إسرائيلية.
وتوصياتي أمامكم كقائد المنطقة الشمالية إن التدريبات التي أجريناها طيلة سنوات، كانت محاكاة لحرب تخلو من احتلال مناطق جبلية ومناطق وعرة، فهنا انني اقترح بجعل التدريبات تحاكي حروبا حقيقية، ولدينا المواقع الإستراتيجية لإجراء مثل هذه التدريبات، وبالنسبة للجبهة الداخلية فقد أثبتت صمودا وقوة كبيرة، وتبين ان تجهيزات الملاجئ كانت جيدة جدا، وهذا يدلل عن عدم إصابة أي مدني في هذه الحرب في صفوفنا.