الحسن الثاني يكشف أن بومدين كان أول من هنأه على نجاته من المؤامرة ويسأل صحافيا مصريا عن سبب عدم تسلمه أي رسالة من الرئيس السادات
الجزء الثاني
* صحافة الجزائر لم تشر إلى اتصال بومدين بالحسن الثاني
* العاهل المغربي سأل عن الاشاعات القائلة إن أعضاء في الحكومة الجزائرية أرسلوا برقيات تعاطف لأسرة أوفقير
* منصور الكيخيا سأل السفير البريطاني عما إذا كانت حكومة لندن تلقت ضمانات من المغرب قبل تسليمه الضباط حتى لا يعدموا
* السفير البلجيكي في الرباط خشي من اندلاع حرب أهلية في المغرب
* ليبيا رفضت الاعتذار عن اقتحام متظاهرين للسفارة البريطانية في طرابلس
* تتناول الحلقة الثانية من الوثائق السرية البريطانية محاولة الجنرال أوفقير اسقاط طائرة الملك الحسن الثاني وردود الفعل العربية والاوروبية تجاه المحاولة الانقلابية الفاشلة، فليبيا مثلا بدت حريصة على حياة العقيد محمد امقران، الرجل الثاني في الانقلاب الذي لجأ الى جبل طارق فأمرت السلطات البريطانية بإعادته الى المغرب بعد طلب عاجل من الرباط. بينما كشف الملك الحسن ان (هواري) بومدين، اول رئيس يتصل به، فيما اضطر لاحراج صحافي مصري بسؤاله عن اسباب عدم ارسال (انور) السادات لرسالة له من أي نوع.
اما المجموعة الاوروبية، ولأنها تنظر للمغرب بعيون الجغرافيا، ونظرا لقربه منها، فقد تبارى ممثلوها بالرباط في تقييم الاحداث.
* الجزائر.. موقف غامض
* وثيقة رقم: 107
* التاريخ: 21 اغسطس 1972
* الى: اف. دي. روبنز.. ادارة الشرق الادنى وشمال افريقيا
* من: ام. بي. كولنز.. السفارة البريطانية.. الجزائر
* الموضوع: محاولة اغتيال الملك الحسن 1ـ لم يكن هناك تعليق اساسي حول المحاولة الاخيرة لاغتيال الملك الحسن، وقد اوقفت وسائل الاعلام هنا تناولها للحدث على تلك المقتطفات الضحلة من تقارير الوكالات التي قيمت نجاة الملك وانتحار أوفقير كشيء حسن للمغرب.
2ـ وكذلك، لم يكن هناك تعليق جزائري أساسي حول عودة ضابطي سلاح الجو المغربي من جبل طارق الى المغرب، رغم ان اختيار اجهزة الاعلام هنا لمصادرها جاء من «تقرير لوكالة الانباء الفرنسية حول البيان الذي اصدره مستر ايفور ريتشارد، وكذلك تقرير من وكالة صحافية شرق اوسطية عن المظاهرات حول سفارتنا في طرابلس»، وكلاهما يشير الى فقدان التعاطف مع وجهة النظر التي اتخذتها حكومة جلالة الملكة.
3ـ ورغم ان الصحافة الجزائرية قد نشرت نصوص عدد من رسائل التهنئة للملك الحسن من رؤساء الحكومات الآخرين، فلم تتم الاشارة بعد لرسالة ذهبت من الرئيس بومدين. ولذلك فان في الامر ما يثير القليل من الدهشة تجاه ان يكون الرئيس بومدين لاهثا وراء، او متخلفا مع رؤساء افارقة مثل (أحمد) سيكوتوري في تقديم التهنئة على نجاة الملك، خاصة في ضوء الجهود المقدرة التي بذلت من قبل الجزائريين لتوسيع منظورهم وتحسين نوعية علاقاتهم مع جيرانهم المغاربة، وكذلك، في ضوء رئاسة الملك الحسن الحالية لمنظمة الوحدة الافريقية.
توقيع ـ ام. بي. كولنز ـ الجزائر.
حاشية: على الوثيقة تعليقان لمسؤولين بالخارجية البريطانية بخط اليد. الأول يقرأ: مستر روبنز، هناك محادثة هاتفية. والثاني يقرأ: اعتقد ان هناك رسالة من نوع ما من الجزائريين.
* الملك يحرج صحافيا مصريا..
* وبومدين أول المتصلين
* وثيقة رقم: 77
* التاريخ: 21 اغسطس 1972
* الى: الخارجية، عاجل، مكرر بأسبقية للجزائر، وجبل طارق وطرابلس
* الموضوع: المؤتمر الصحافي للملك الحسن 1ـ حينما قدم ممثل الاذاعة والتلفزيون المصري نفسه ليسأل الملك الحسن، قال الملك ان لديه سؤالا يريد القاءه اولا، فهو يريد ان يعرف لماذا لم يتسلم اي رسالة من اي نوع من الرئيس السادات؟ لم يجب الصحافي، فاحاطه الملك ان يجلس ويبقى هادئا.
2ـ كشف الملك ان اول شخص كان على اتصال به بعد الهجوم على طائرته كان الرئيس الجزائري بومدين، الذي هاتفه حوالي الساعة 30:7 وسأل عن الاشاعات القائلة ان اعضاء الحكومة الجزائرية ارسلوا برقيات تعاطف لأسرة الجنرال اوفقير. قال الملك انه، ومن الطبيعي، يريد ان يتحرى في هذا الامر، وانه لن يؤثر بأية طريقة على سياسة التعاون وحسن الجوار مع الجزائر.
3ـ النص الكامل للمؤتمر الصحافي لاحقا بالحقيبة.
توقيع ـ السفير بيلي الرباط.
* ليبيا.. لا اعتذار عن اقتحام السفارة
* وثيقة رقم: 84
* التاريخ: 22 اغسطس 1972
* الى: الخارجية، عاجل، وسري
* من: السفارة.. طرابلس
* الموضوع: الضباط المغاربة 1ـ وافق وزير الخارجية هنا على مقابلتي بمكتبه هذا الصباح، فذهبت وفي رفقتي ويجان.
2ـ بدأت المقابلة بالتعبير عن الأسف على ملابسات قضية العقيد محمد امقران.
3ـ قلت ان (منصور) الكيخيا كان قد اخبرني يوم 18 اغسطس (آب) انه تلقى التعليمات من مجلس قيادة الثورة ليسأل عما اذا كانت حكومة جلالة الملكة قد تلقت ضمانات من الحكومة المغربية، قبل تسليم الضابطين، لجهة انهما (لن) يعدما، وليطلب من حكومة جلالة الملكة ان تبحث عن ضمانات حول سلامتهما اذا لم تكن قد فعلت ذلك. اصبح بوسعي، ان اخبره الآن، ووفق التعليمات، ان حكومة جلالة الملكة قد طلبت بالفعل ضمانات، وكان عليّ ان انقل تلك الضمانات له قبل هذه اللحظة، ولكن تعذر ذلك بسبب مشاكل في اتصالاتنا مع لندن نتيجة اقتحام سفارتنا يوم السبت.
4ـ واصلت القول اننا قد تلقينا تأكيدات من السلطات المغربية بان الضابطين المعنيين قد اخضعا للكشف وفق الاجراءات القانونية وسيحاكمان قريبا امام محكمة عسكرية وفق القوانين المحددة للعدالة العسكرية والدستور المغربي، وقد اعطيت هذه التأكيدات لنا بناء على طلبنا.
5ـ قال الكيخيا انه سيحرر هذه الاخبار ويرسلها فورا الى مجلس قيادة الثورة، وعبر عن عدم قناعته تجاه ان يحاكم الضابطان بصورة عادلة. قلت ان عيون العالم الآن مسلطة على المغرب، وليس من الموضوعي ان نفترض ان السلطات المغربية ستمشي في اتجاه معاكس للضمانات المحددة.
6ـ استفسر الكيخيا بعد ذلك عن صحة سفير جلالة الملكة، فقلت انه اليوم بلندن لاستشارات طبية ويأمل بعدها ان يحدد موعد مغادرته المرتبكة، واتوقع له ان يعود الى هنا مطلع سبتمبر.
7ـ اقترحت بعدها، انه ومن اجل مصلحة العلاقات البريطانية ـ الليبية، التي اعرف ان كلا من الوزير وسفير جلالة الملكة جادان في تنميتها، فسيكون من المفيد جدا اذا تمكنت من ان انقل لك بعض التعبير عن الاسف تجاه غزو المتظاهرين للمكاتب السرية والمكاتب الاخرى لسفارتنا يوم 19 اغسطس. واذا كان الامر مبكرا لتعليق رسمي، فربما يستطيع الوزير ان يعطيني شيئا انقله للندن على قاعدة شخصية. بعدها وصفت له الاضرار التي حدثت واخبرته عن نقل ثلاثة صناديق من ملفات قنصليتنا.
8ـ قال الكيخيا ان التعامل مع الامر قد تم من قبل (عبد الفتاح) النعاس وكيل الوزارة، وانه لم ير الملف بعد، ولكنه سيطلع عليه في وقت ما بعد برنامج اليوم المزدحم بوقائع رسمية. (اوضح ان عليه ان يذهب الآن الى مجلس قيادة الثورة، وبعدها الى المطار لتحية الرئيس السادات). في المقابل، بدا عابسا تجاه ان يقدم اي كلمة اسف. فقلت له ان الضمانات التي حصلت عليها تجاه معاملة الضابطين المغربيين ايجابية، على الاقل، ويجب لها ان تكون ذات فائدة.
9ـ ارجو احاطة سفير جلالة الملكة بهذه المحادثة في ضوء ما ورد بالفقرة 6 اعلاه.
توقيع ـ اجرتون.
* اوروبا ترشح المغرب لحرب اهلية
* وتتوقع محاولة اخرى
* وثيقة رقم: 30
* التاريخ: 31 اغسطس 1972
* الى: دي. جي. هول. ادارة التكامل الاوروبي. الخارجية
* من: السفير. الرباط
* الموضوع: التقييم السياسي للمجموعة الاوروبية 1ـ حضرت اليوم، واشارة لخطاب سوندر 13/6 بتاريخ 16 مارس (آذار) الى هاريسون، (ليس للجميع) آخر اجتماع لرؤساء بعثات دول المجموعة الاوروبية نصف السنوي بالرباط، الذي ضم لأول مرة ممثلين لبلجيكا والنرويج، اذ ليس للكسمبورغ وجمهورية ايرلندا سفارات هنا. ومرة اخرى، كانت الاجراءات مبالغة في عدم الرسمية، تلاها غداء أقامه القائم بالأعمال الهولندي.
2ـ ولان الاجتماع جاء قريبا من محاولة انقلاب 16 اغسطس، فقد كان من الطبيعي ان يكون موضوع الحديث الوضع الداخلي في المغرب، كان زميلاي الالماني والفرنسي في غاية التشاؤم، أبديا الملاحظة، ان السلطة الحاكمة وفي كل الدول النامية في افريقيا تعتمد على القوات المسلحة. والقوات المسلحة المغربية الآن في حالة فوضى كاملة، فالجنرال اوفقير، الذي كان مسؤولا عن اصلاح الجيش بعد محاولة انقلاب الصخيرات مات، فيما ازيح نائبه وقادة سلاح الجو والبحرية. اتفقا معي انه من المستحيل ميكانيكيا للملك ـ بالاضافة الى مسؤولياته الاخرى كلها ـ ان يتولى ادارة الخدمات بصورة يومية. خشي زميلي البلجيكي من ان هناك بعض الخطر لجهة اندلاع حرب داخلية بين القوات، يحارب فيها قطاع قطاعا آخر، سواء مع او ضد الملك، فيقود ذلك الى حرب اهلية.
3ـ اتفقنا جميعنا انه بوسع الملك تقوية وضعه الداخلي بصورة جلية من خلال تشكيل حكومة عريضة الشعبية، علما بان عملية التسجيل للانتخابات ستكتمل هذا الاسبوع وقد وعد بانتخابات، ولكن ليس في مدى بضعة شهور. في هذه الاثناء، وكما اشار السفير الايطالي، من الممكن لضابط ساخط ان يتقدم للاطاحة بالنظام. اما المشكلة الاساسية، فتكمن في ان الملك، ومنذ الانقلاب، انفق وقته في المؤتمرات الصحافية وليس في اتخاذ الخطوات الضرورية تجاه الاصلاح، وستعود الجامعات والمدارس للدراسة خلال شهر وكانت قد قضت معظم العام الماضي في الاضرابات. من الممكن ان تكون اوضاعها اكثر سوءا هذا العام.
4ـ يمكن وصف الاجتماع بانه اجماع على الظلامية، مع حالة السفير الفرنسي الأقل نوعا في تشاؤمها عن الالماني، وقد توقعنا محاولة اخرى للاطاحة بالملك خلال الشهور الثلاثة المقبلة.
5ـ ولكن الحقيقة هي اننا نملك دليلا صغيرا لنمضي في التأويل فيما يقف الملك في الوقت الحالي، وبالتأكيد، على ارضية من السيطرة الحازمة والكافية. ولكن الامر سيأخذ فترة طويلة ليتحقق السلام الداخلي والتقدم في المغرب، قبل ان نكون على يقين بان الملك آمن في الحقيقة على عرشه.
توقيع ـ آر. دبليو. بيلي ـ السفير. الرباط.