عُرفت اسرائيل بقدرتها الهائلة على جمع المعلومات والمعطيات الاستخباراتية، وقد ساهمت طائرات الاستطلاع المتطورة بشكل كبير في تعزيز هذه القدرات وتفعليها على المستويات كافة.
صباح كل يوم، يصدر الناطق العسكري الاسرائيلي بيانا يتحدث فيه عن اعتقالات داخل الاراضي الفلسطينية لمن يقومون بعمليات ضد اهداف اسرائيلية، عبر رشق الحجارة او الاشتراك بمواجهات مع الجيش، وقد اصبحت هذه البيانات شبه روتينية، ولكن يحضر سؤالٌ أساسي: كيف يتم اختيار المعتقلين؟ هل يتم ذلك صدفة؟ ام هناك معلومات استخبارية عن هؤلاء؟
وفي هذا الإطار، تكشف "إيلاف" عن كيفية وطرق الجيش الاسرائيلي في الاعتقال، فهي تتم في ساعات الليل المتأخرة، حيث تقوم قوات خاصة ومدربة لهذا الغرض بالعمليات المتعلقة بذلك، مع قوات داعمة واقامة حواجز ونشر قناصة وتعاون مع جهاز الامن العام الشاباك الذي يجمع المعلومات عن المشتبه بهم ويحدد مواقعهم واماكن تواجدهم في تلك الاوقات والساعات، ولكن اللافت هو اشتراك طائرة استطلاع من نوع B200 وبها طاقم مكون من خمسة الى ستة ضباط مخابرات مهمتهم تصوير منطقة الاعتقالات عن علو نحو 20 الف قدم وتقديم تلك الصور والمعلومات للقوات على الارض للقيام بعمليات الاعتقال،
حيث يقول الضابط "ح" ان التصوير هو بدقة متناهية وجودة عالية ويمكن خلال العملية تحديد المسالك والمسارب للمنطقة ومتابعة المشتبه به في حال هربه او محاولته الانتقال لمكان اخر والقبض عليه. ويضيف الضابط: "مهمتنا اعطاء الجنود على الارض كل المعلومات كي يتم العمل بدون مواجهات وبدون ضجة وبصورة سريعة وناجعة".
والضابط "ح" هو قائد "السرب الاول" في سلاح الجو الاسرائيلي، والذي يعمل على تصوير الاماكن والحدود وكل ما يراه الجيش مفيدا لعمله، فالسرب لديه عدة طائرات من طراز بي 200 خاصة للتصوير وجمع المعلومات، والحديث بهذا السرب انه يضم طيارين وضباط مخابرات عسكرية، وهذا يؤمن للقيادة وللضباط وللقوة العاملة في الميدان اكبر قدر من المعلومات حول الاهداف، بالاضافة الى صور في وقت العمل "اونلاين"، وذلك بهدف اتمام المهمات بسرعة .
السرب الاول يزود الجيش الاسرائيلي بصور مختلفة وفورية من كل مكان في الضفة الغربية او غزة او الحدود اللبنانية الاسرائلية وخط وقف اطلاق النار مع سوريا ويشير الضابط ان السرب الاول رصد مؤخرا بناء مكثف لابراج مراقبة ومواقع لحزب الله على الحدود اللبنانية، كما يعمل السرب على رصد التحركات على طول خط وقف النار مع سوريا، وتحديدا في القنيطرة والمناطق المحاذية، ويرصد السرب الاول كل ما يجري هناك.
سألنا: هل تقومون بذلك بطريق الروتين ام ماذا؟
اجاب ان كل طلعة لها هدف وهناك طلبات من الاستخبارات العسكرية لرصد امور معينة وهكذا يتم جمع المعلومات بشكل دائم وعند الكشف عن اشياء جديدة يتم العمل على رصدها وتحليلها مجددا واعادتها كمواد جاهزة للاستخبارات لتقديمها للقيادة، وهكذا يتم بناء بنك المعلومات والاهداف للجيش الاسرائيلي في المناطق المختلفة، فكل منطقة يتم رصدها وتحليل كل ما فيها بدقة متناهية، بحسب الضابط "ح"، والكاميرات المركبة على طائرات السرب الاول باستطاعتها التصوير الدقيق عن بعد مئات الكيلومترات، وبجودة تسمح، بحسب قوله، تحديد معالم الوجوه والتعرف على الشخص بدقة وتصوير الموقع من كل الجهات لاخذ ادق صورة وتحليلها بحسب المعلومات المتوفره من المصادر الاخرى.
في الاونة الاخيرة يعمل السرب الاول بشكل مكثف في الضفة الغربية بسبب الهبة الاخيرة، وايضا يعمل على ملاحقة اشخاص معينين ومتابعة تحركاتهم وتصرفاتهم بحسب طلبات من الاستخبارات العسكرية، وكذلك يتم تعقب او محاولة تعقب من يقوم بعمليات ضد اهداف اسرائيلية ومحاولة رصد تحركاتهم، فعند حدوث اي عملية تنطلق الطائرة من السرب الاول لمتابعة ما يحدث من الجو، بالاضافة لعمل الطائرات دون طيار، ولكن طائرات السرب الاول لا تظهر ولا تصدر صوتا لانها تحلق على ارتفاع 20 الف قدم وتقوم بمهاماتها بهدوء، بحسب الضابط.
اضافة الى السرب الاول، هناك طائرة اخرى اكبر منها تابعة لكتيبة "تسميرت"، اي القمة، وهي طائرة تضم ضباط استخبارات وقادة ميدانيين تحلق دائما فوق مسرح العمليات لتعطي صورة استخباراتية واضحة في زمن الحدث للقيادة في تل ابيب وللجندي على الارض، وهذه الطائرة كبيرة وتحلق على علو اكثر من 30 الف قدم وبها اجهزة متطورة للرصد ونقل المعلومات لمن يدير العملية، وقال المسؤول عن هذه الكتيبة ان هذه الطائرة تشارك في قيادة العمليات في كل مكان داخل وخارج اسرائيل، وقد تكون شاركت في تحديد اهداف ضربتها اسرائيل في سوريا خلال السنوات الاخيرة، واعطى الضابط مثلا ان طائرة كتيبة تسميرت كانت مركز المعلومات لنائب رئيس الاركان في عملية انقاذ الرهائن في انتيبة قبل اربعين عاما في اوغدنا، كما وشاركت في حروب اسرائيل كلها وعمليات الجيش العسكرية بشكل دائم.
مهمة كتيبة تسميرت هي ايصال الصورة الواضحة وكل المعلومات حولها في وقت الحدث للقيادة في تل ابيب وللضباط في الميدان وحتى لرئيس الوزراء ووزير الدفاع لتمكينهم من اتخاذ القرار الملائم حول كل عملية او هدف يتم تحديده، والصورة تصل كل الاذرع المشاركة في العمل العسكري من سلاح الجو الى البحرية وحتى المدفعية والجنود اللذين يرابطون قرب مسرح العملية، وكل هذه الصور والمعلومات تكون امام قيادة الاركان في ذات الوقت لاتخاذ القرار واصدار الاوامر بعد تلقي الامر من رئيس الحكومة او زير الدفاع عندما يتعلق الامر باغتيال مسؤول او ضرب هدف في سوريا او السودان او اي مكان اخر في العالم، او السيطرة على سفينة تنقل اسلحة في عرض البحر.