عندما اقتحم فريق من غطاسي البحرية الايطالية على متون غواصات سميت بالعربة Chariot الاسطول البريطاني الموجود بالقرب من الاسكندرية ونجحوا في زرع الالغام اللاصقة على متن سفينتين حربيتين تابعتين للبحرية الملكية، حينها تغير مجرى التاريخ البحري. لقد برهن هذا الهجوم قيمة الغواصات الصغيرة في العمليات البحرية الخاصة لجهة تنفيذ المهام السرية على غرار جمع المعلومات والاستطلاع والتخريب اضافة الى ادخال واخراج العملاء.
يعمد العديد من البحريات حول العالم حاليا الى استخدام مفهوم يعادل الغواصات الصغيرة "Chariot" على الرغم من انها باتت تسمى اليوم بناقلة غطاسي قتال (SDV) وهي مركبة تحمائية موجهة صممت لنقل القوات الخاصة /غطاسي قتال وتجهيزاتهم لتأدية مهام قتالية تحت الماء ضمن مسافات طويلة. في الواقع، توفر هذه المركبة خدمات نقل من المنصة المضيفة البعيدة عن الشاطىء كالغواصة المغمورة بالمياه او سفينة القتال لموقع قريب من الساحل حيث يخرج الغطاسون من المركبة ويسبحون ليصلوا الى الارض. ان القضايا الهندسية التي تواجه مصممي SDV ليست سهلة على الاطلاق لان مثل هذه المركبات تتطلب الهدوء في العمل والفعالية التامة للحفاظ على الاجتهادات العملانية، على غرار توفير الطاقة اللازمة للوصول الى المدى المحدد، القدرة على التحمل والحمولة، توفير الميزات الهيدروديناميكية وخصائص المعالجة اللازمة لاجراء مناورات دقيقة، تحديد العمق والارساء، دمج المستشعرات، تأمين نظم الملاحة والاتصالات اللازمة لتطبيق المهام اضافة الى تحديد الحجم والوزن للسماح في التنقل بسهولة.
يجب ان توفر مركبة SDV الدعم الحياتي للغطاسين المقاتلين: تنقل اغلبية ناقلات غطاسي القتال في حجرة رطبة بحيث يتصل كل غطاس بمصدر هواء على متنها او يدعم بجهاز تنفس اصطناعي.
تشوب المقصورة الرطبة الكثير من العيوب، فهي تحتاج للكثير من النفقات المشتركة المتعلقة بتدريب الاشخاص على استخدام مركبات SDV الرطبة. علاوة على ذلك، قد يترك العبور الموسع في الظروف الرطبة الغطاسين في حالة من التعب والبرد على حد سواء في الوقت الذي يتم نقلهم من نقاط عملهم الى نقطة الوصول ثم الى المكان المخصص للسباحة نحو الساحل، لذا فانه من المتوقع ان لا يستطيع هؤلاء الغطاسين الوصول بسلامة الى بر الآمان.
قد يكون الحل البديل في المقصورة الجافة او ذات المياه الضيقة الا ان ذلك يزيد من تعقيد عمل هذه المركبات حيث ان حجمها يكبر وبالتالي ترتفع التكلفة.
تستخدم البحرية الاميركية وقيادة العمليات الخاصة الاميركية المركبات التحمائية المصممة والمطورة لصالحهما والتي تعرف ب SEAL Delivery Vehicle (SDV) لنقل جنود قوات العمليات الخاصة البحرية، الامر الذي زاد وحسَّن من فعالية معيار Mk 8 Mod 1 قادر على نقل الجنود الى مناطق المهام ذلك داخل مأوى جاف موجود على سطح الغواصة المضيفة المتكيفة مع المهمة. يمكن لهذه المركبة التنقل بواسطة سفن السطح او نقلها جوا الى اي مسرح عمليات في جميع انحاء العالم.
دخلت مركبة Mk8 Mod 1 SDV الخدمة خلال حرب القوات البحرية عام ١٩٩٦ وتناول برنامج التحسينات حوالي ٤٠% من نظم المركبة حيث غطى مجالات الدعم العملاني والقيادة والسيطرة ونظم الاتصالات والملاحة. تضم التحديثات المحددة: زيادة قدرات التنفس للغطاس، تثبيت جهاز كمبيوتر مستند على برمجية Windows على متن المركبة، تحسين نظم الاتصالات للغطاس، اضافة قدرات اتصالات عبر الاقمار الاصطناعية، تقليص وقت اكتساب اشارة GPS واخيرا تحسين فعالية آداء الالكترونيات تجدر الاشارة الى ان ثلاث مركبات فئة Mk 8 Mod1 SDV هي في الخدمة ضمن البحرية الملكية البريطانية.
يقدر قسم الهندسة البحرية في Columbia Group في الولايات المتحدة الاميركية خدمات الدعم لمركبات Mk 8 Mod1 SDV المستخدمة في البحرية الاميركية، كما يقدم نموذج Dolphin SDV-X الخاص بالتصدير والذي يتسع لثمانية اشخاص للعملاء الدوليين. يكمن الفرق الرئيسي بين Mk 8 Mod1 وDolphin في الحجم، فهذه الاخيرة اي Dolphin لا تخضع لقيود الحجم والتي تفرضها الحاجة لتتلاءم مع سطح الغواصة على شكل (Y) والتابعة للبحرية الاميركية. يبلغ المدى العملاني لمركبة SDV-X ٥٠ ميلاً بحريا اما سرعتها الجوالة فهي ٥ عقد مع احتمال وصولها الى ٩ عقد. تؤكد مجموعة Columbia Group ان Dolphin تخدم حاليا ضمن وحدات حرب القوات الخاصة البحرية الاجنبية الصديقة.
في ايلول ٢٠٠١، حصلت شركة نظم الغواصات الخاصة الاميركية STIDD على عقد بقيمة 21.3 مليون دولار من قيادة العمليات الخاصة الاميركية لتصميم وصناعة غواصة Surface Planing Wet Submersible (SPWS) وصفت بمركبة الحرب الساحلية السادسة Littoral Warfare Craft 6، كما اعتبرت القارب الغواصة او مركبة SDV الهجينة. باستطاعة SPWS الذهاب الى منطقة عملياتها بسرعة قصوى والانتقال الى وضعية غواصة مغمورة بالمياه قادرة على القيام بمهام الغواصات ومن ثم العودة الى عمليات السطح بهدف مغادرة المنطقة.
روجت شركة STIDD في وقت لاحق للتصميم الهجين وسوقت له على انه مركبة قتال متعددة الادوار (MRCC).
يبلغ طول هذه الاخيرة، المدعومة على السطح ولدى تزويدها بحزمة لدفع الماء من خلال محرك توربيني يعمل بالديزل وبقوة ٤٣٥ حصاناً ٣٢٠ كيلوواط، يبلغ طولها 32.5 قدم قادرة على حمل طاقمين واكثر من ٦ مسافرين او اكثر من ١٧٦٥ رطلاً من الحمولة بسرعة تفوق ٣٢ عقدة فوق ٢٠٠ ميل بحري ٣٠٠ ميل بحري عند وجود وقود اضافي.
في النموذج شبه المغمور بالمياه، باستطاعة MRCC الوصول الى سرعة ٨ عقد ضمن مدى عملاني اقصى يصل الى ١٢ ميلاً بحرياً.
وعند غمرها بشكل كلي بالمياه ودعمها ببطاريات معيارية وبدفاعات كهربائية عالية الكفاءة، تستطيع مركبة MRCC نقل المقاتلين تحت الماء وبسرعة تتخطى ال ٥ عقد في ساعتين ونصف كما يمكن ان تعمل في مدى عملاني يتراوح بين ١٤ الى ٢٠ ميلاً بحرياً تحت الماء. تجدر الاشارة الى ان هذه المركبة قادرة على العمل بعمق اقصى يصل الى ٢٠ متراً.
الى ذلك، تعمل MRCC كمخبأ مغمور بالمياه لدعم العمليات الموسعة الممتدة على طول الشاطىء، وفي هذه الحال، يمكنها البقاء في قاع البحر مدة ثلاثة ايام.
في العام ٢٠١٤، ابرمت قيادة العمليات الخاصة الاميركية والشركة المصنعة للغواصات General Dynamics Electric Boat اتفاقاً لتطوير الغواصة الصغيرة المغمورة بالمياه وغير الرطبة والمصممة لتوفير فقمات بحرية Navy SEALs لمواجهة الاعداء او المناطق عالية الخطورة تحت السطح في المحيط مما يقلل الاخطار والتعب عن قوات العمليات الخاصة على غرار الفقمات SEALs.
تسطيع المركبة التحمائية والتي يبلغ طولها ٣١ قدما والمسماة User Operational Evaluation System 3 نقل ما يصل الى ستة اشخاص. تخضع حاليا لاختبارات وتطويرات عدة تستمر لمدة ثلاث سنوات كما ان العقد الموقع مع شركة General Dynamics Electric Boat بلغت قيمته ٤٤ مليون دولار.
تملك الشركة البريطانية James Fisher Defence مركبات تحمائية خاصة بها تعمل ضمن امدية مختلفة لدى القوات الخاصة، فمركبة Torpedo SEAL مثلا تسير ضمن معيار ناتو المتعلق بالانبوب الطوربيدي ٥٣٣ ملم. عند اطلاقها من الانبوب، تمتد Torpedo SEAL وتصبح جاهزة للاستخدام. فضلا عن ذلك، بامكان هذه المركبة نقل غطاسَين مع تجهيزاتهما في حال الغمر الكلي بالمياه وضمن مدى يتخطى ال ١٠ اميال بحرية.
من جهة اخرى، تعتبر Sub SEAL من انتاج الشركة نفسها مركبة اساسية اطلقت من حظيرة مرتبطة بغطاء غواصة وكانت مغمورة بالكامل عن عمق تخطى ال ٣٠ مترا. يمكن لهذه المركبة نقل فريق مؤلف من ٦ غطاسين. يعمل اسطول منتجات SEAL في ثلاثة انساق: السطح، شبه - مغمورة ومغمورة بالكامل. اطلقت المركبة من على متن سفينة سطح وانتقلت بسرعة فاقت ال ٣٠ عقدة على السطح قبل ان تغمرها المياه ليصبح بعد ذلك عملها سرياً.
بدورها، طورت الشركة الجنوب كورية Vogo مجموعة من منتجاتها الخاصة بمواجهة توغل القوات الخاصة في المياه الاقليمية للبلاد ذلك عبر غواصات صغيرة مرسلة من كوريا الشمالية. تعتبر SDV 340 التي تنتجها Vogo مركبة مغمورة بالمياه مأهولة بنيت للقيام بالمهام السرية والعمليات النوعية، يمكن اطلاقها واستعادتها من عدة منصات كما انها صممت لتتحمل عمق ١٥٠ متراً بهدف العمل من على متن غواصة
تعد SDV 1000 W مركبة سطح/غواصة في آن واحد صممت لنقل الغطاسين وتجهيزاتهم عن طريق الدفع الديزلي الكهربائي. تهتم هذه المركبة بنقل الغطاسين ضمن مسافة ١٥٠ ميلاً بحرياً على السطح بسرعة فائقة، بعدها تنقل بسرعة لتصبح مغمورة بالمياه بغية العمل بشكل خفي.
تقدم Vogo ايضاً الغواصة الكهربائية العاملة بالديزل الصغيرة عالية التطور MIDGET 200. تقوم هذه الغواصة بعدة مهام بما في ذلك الهجوم، العمليات المضادة للغواصات، ربط الالغام الهجومية، نقل الغطاسين، جمع المعلومات، المراقبة، الاستعلام، والتعقب بسرية مطلقة.
تصمم شركة بناء السفن الروسية United Shipbuilding Corporation وشركة صناعة المعدات البحرية Malakhit مقرها St. Petersburg وتبنيان الغواصة الصغيرة Project 865 Piranha لمهام القوات الخاصة.
ذكرت التقارير ان غواصتين فقط من نوع Prianha بنيتا في روسيا عام ١٩٩٠ كما اشارت الى أن اسطول Piranha القديم خضع لبعض التحديثات ليكون بمثابة منصة مبيعات لعرض نظم السلاح المحتمل بيعها امام الشارين.
تلعب ايطاليا، والتي تعد الدولة الاسلامية المنتجة لمركبتي Chariot في الحرب العالمية، دوراً بارزاً في السوق العالمية فشركة Cosmos مركزها Livorno تقدم مجموعة واسعة من المنتجات المتطورة في هذا المجال تشمل مركبات SDV او Chariot القادرة على نقل غطاسين قتاليين مع حمولاتهما من السفينة الام الى الهدف وبالتالي اعادتهما الى مكانهما بعد انتهاء المهمة. فضلاً عن ذلك، تقدم الشركة الايطالية مركبات تحمائية غير مأهولة تشغل من بعد (UUV) صممت للقيام بمهام تخريب سرية بالاضافة الى غواصات صغيرة وغواصات هجوم تعمل في المياه الضحلة SWATS تقوم بمهام تصوير العمليات السرية.
تعتبر غواصة MG 120 SWATS من Cosmos النموذج المطور من غواصة MG 110 المستخدمة في باكستان. تبلغ قدرة الازاحة في غواصة MG 120 ١٣٠ طناً في حال كانت مغمورة بالمياه ويصل مداها الى ١٦٠٠ ميل بحري ضمن ٧ عقد على السطح او ٦٠ ميلاً بحرياً ضمن ٥.٤ عقدة في حال غمرها المياه، وهي قادرة على نقل ١٥ غطاساً،
بالمقابل تعتبر غواصة MG 130 من انتاج Cosmos النموذج المطور من MG 120 مع وحدة دفع هوائي مستقلة تسمى UAPE (Underwater Auxiliary Propulsion Engine)، ترتكز هذه الوحدة على دائرة ديزلية مغلقة تتغذى من سائل الاوكسيجين الامر الذي يقوي مداها العملاني تحت الماء ليصل الى ٤٠٠ ميل بحري.
تتنوع المنتجات في الاسواق العالمية وتعكس ابتكارات متطورة وحديثة تقدمها الشركات لتلبية المتطلبات العملانية المتنامية للزبائن حول العالم. لذا فان المشغلين العاملين ضمن القوات الخاصة البحرية باتوا قادرين على الاستعانة بوسائل فعالة من شأنها ان تساعدهم في اتمام عملياتهم ومهامهم بنجاح وبالتالي التعامل مع الهدف بسرية مطلقة.