1. المقدمة
أ. بعد مرور ما يقارب على ثلاثة عقود من الزمن على نهاية الحرب --- (العراقية – الإيرانية 1980 – 1988 ) لمن الضروري كتابة هذا البحث المقتضب لإلقاء الضوء على الأحداث التي فرضت نفسها على الجيش العراقي الباسل خلال هذه الحرب سواء كانت بالسلب أم بالإيجاب وبحيادية ومهنية من وجهة نظرعسكرية متواضعه ليبقى شاهداً للتأريخ على أداء عمل الجيش العراقي الباسل خلال فترة هذه الحرب ليكون مرجع للأجيال التي ولدت بعد نشوب الحرب للإطلاع عليه ولمعرفة البطولات التي سطرها جيشنا الباسل خلال هذه الحرب.
ب. سأركز في هذا البحث على القاطعين الجنوبي والشمالي لكوني كنت في حينه أقرب إلى مكان الحدث .
ج. سيعتمد البحث على الذاكرة الشخصية وذاكرة الإنترنت و إحتمال حدوث تباين في تأريخ بعض الأحداث لذا أرجو الإعتذار سلفاً.
د. كما أحث القراء الكرام على قراءة كتاب ( أوراق جندي عراقي ) لكونه يحتوي على كنز من المعلومات العسكرية عن الحرب العراقية الإيرانية.
2. الفترة التي سبقت نشوب الحرب :
أ. بعد إنتهاء عمليات الأمن الداخلي في المنطقة الشمالية سنة 1975 سنحت فرصة ثمينة للجيش العراقي الباسل على مدى خمس سنوات حيث مارست وحدات الجيش فيها التدريب التعبوي السنوي بنطاق واسع وأجريت تمارين تعبوية بقطعات بمستوى لواء على كافة صفحات القتال كما أجريت تمارين تعبوية بِنِطاقٍ واسِعٍ بمستوى فرقة مدرعة مثل تمرين (بادية) في المنطقة الشمالية الغربية من العراق .
ب. جرى تشكيل عدد من التشكيلات والفرق المدرعة والآلية وتسليحها بأفضل أنواع الأسلحة وأذكر منها الفرقة المدرعة التاسعة والفرقة المدرعة العاشرة إضافةً إلى قلب قيادة فرقتي المُشاة الأولى والخامسة من فرق مُشاة راجل إلى فرق مُشاة آلي وتشكيل فرقة المُشاة الحادية عشرة والفرقة المدرعة الثانية عشرة.
ج. تشكيل جامعة البكر للدراسات العسكرية العلياً وإشراك عدد كبيرمن الضباط الذين كانوا يشغلون مناصب آمري تشكيلات وضباط ركن في دورات في كلية الحرب وكلية الدفاع الوطني لغرض تأهليهم لإستلام مناصب عسكرية قيادية عُلْيا.
د. إشراك عدد كبيرمن الضباط من مختلف الصنوف ومختلف المستويات في دورات خارج القطر لغرض تطوير مؤهلاتهم علمياً و فنياً لضباط الجيش.
هً. أما على صعيد القوة الجوية والدفاع الجوي وسلاح السمتيات والقوة البحرية فكان إهتمام القيادة العليا للدولة بشكل متميز في التسليح والتجهيز والتدريب.
3. الفترة التي تسارعت فيها الأحداث وأدت إلى نشوب الحرب .
أ. تم إتفاق العراق و إيران على تسوية المشاكل الحدودية بين الطرفين في زمن الشاه كما جاء في إتفاقية الجزائرالتي تم التوقيع عليها بين الطرفين في الجزائر في آذار سنة 1975 والتي أنهت تمرد البيشمركه في شمال العراق.
ب. بعد قيام الثورة الإيرانية في شباط سنة 1979 كانت القيادة العراقية تأمل تحسن العلاقات (العراقية – الإيرانية) عما كانت عليه في زمن الشاه إلا أن العلاقات ساءت أكثر حيث أعلن الجانب الإيراني رسمياً ، وكرَّر مرارا ً، إلغاء اتفاقية الجزائر المبرمة بين العراق وإيران ، التي أبرمها العراق مضطراً في مارس/ آذار عام 1975 و إتخذت القيادة الإيرانية بقيادة الخميني مبدأ تصدير الثورة وأوعزت إلى الأحزاب الدينية العراقية التي ترتبط بها القيام بأعمال عدائية ضد العراق تمثلت بتفجيرات الجامعة المستنصرية التي إستهدفت إغتيال وزير الخارجية الراحل طارق عزيز.
ج. الإعتداءات القتالية المستمرة التي كان يقوم بها الجيش الإيراني ضد المخافر الحدودية العراقية على طول خط الحدود من أقصى الجنوب في شط العرب إلى أقصى الشمال في أربيل حيث بلغ عدد الإعتداءات العسكرية 420 إعتداءاًً طيلة أكثر من 18 شهراً نفذتها القوات المسلحة الإيرانية براً وجواً وبحراً ، وكانت توجيهات القيادة السياسية العراقية إلى قيادة قوات الحدود بتجنب الإشتباك مع القوات الإيرانية .
د. قصف القصبات الحدودية العراقية بالمدفعية والطائرات الإيرانية المقاتلة مثل مدينة خانقين ومدينة مندلي ومدينة بدرة ومدينة زرباطيه، إختراق الأجواء العراقية من قبل الطائرات الإيرانية المقاتلة فتصدى لها صقور الجو البواسل وتم إسقاط إحدى الطائرات الإيرانية المقاتلة من طراز( أف 4 ) في إشتباك جوي مع إحدى مقاتلات القوة الجوية العراقية بقيادة الطيار الرائد كمال عبد الستار البرزنجي في ضواحي مدينة بعقوبة القريبة من العاصمة بغداد وأُسِرَ الطيار الإيراني المدعو (حسين علي رضا لشكري) بتأريخ 17 أيلول 1980 قبل إسبوع من تأريخ الرد العراقي في 22 أيلول 1980.
هـ. قدمت وزارة الخارجية العراقية 293 مذكرة إحتجاج رسمية وُجِهَتْ إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورؤوساء مجلس الأمن الدولي وإلى الحكومة الإيرانية مباشرة أو عبر هيآتها الدبلوماسية في بغداد إلا أن إيران كانت تقوم بالمقابل بأعمال من شأنها الإخلال بأمن العراق الداخلي منها:
أولاً. التهديدات الإيرانية بإجتياح العراق و( تحريره ) من النظام الوطني فيه ، وتصدير الثورة والزحف نحو كربلاء والنجف .
ثانياً. دعم إيران خميني لفصائل المعارضة العراقية التي تدين بالولاء لها ، ومدِّها بالمال والسِلاح ، وقيام تلك التنظيمات وخاصة حزب الدعوة ، بأعمال التفجيرات والإغتيالات.
4. تَحَشُدْ القطعات
أ. في شهر حزيران 1980 صَعَّد الجيش الإيراني من الإعتداءات العسكرية على المخافر الحدودية في مناطق عديدة من خط الحدود خاصة في القاطعين الأوسط والجنوبي ، في هذا التأريخ كانت معظم وحدات الجيش العراقي منفتحة في مناطق التدريب الإجمالي المثبته من قبل قيادات الفرق لتطبيق (التدريب التعبوي القسم الأول ) حسب نشرة تدريب المقر العام.
ب. صدرت الأوامر من رئاسة أركان الجيش إلى قيادات الفيالق بتحريك القطعات العسكرية من مناطق التدريب التعبوي المنفتحة فيها إلى مناطق تدريب تعبوي خلف خط الحدود بمسافة مناسبة على أن تتخذ تدابيرالحماية ضد الهجمات الجوية المعادية المحتملة من خلال الإنتشار الواسع وحفر مواضع لعجلات القتال المدرعة وكافة الآليات وفتح أسلحة م / ط وإستلام أعتدة الخط الأول والخط الثاني.
ج. كما صدرت الأوامر إلى قيادات الفيالق بإكمال تطبيق التدريب التعبوي القسم الأول كما مقرر في نشرة تدريب المقر العام والإيعاز بتنفيذ تمارين تعبوية بقطعات بمستوى التشكيلات على صفحة التقدم والهجوم والتخلل.
د. كما قامت مديرية التعبية والإحصاء بدعوة مواليد إحتياط لغرض سد النقص في الأشخاص لبلوغ موجود الوحدات المقاتلة نسبة 80 % من الملاك الدائم.
5. المعلومات
أ. أغلب المعلومات العسكرية التي كانت متوفرة لدى وحدات الجيش العراقي عن قطعات الجيش الإيراني تنظيماً وتسليحاً وتجهيزاً مقتبسة من نشرات الصحف والمجلات العسكرية للدول الغربية على إعتبار أن تنظيم وتسليح الجيش الإيراني مشابه لتسليح الجيش الأمريكي وهذا لا يطابق الحقيقة التي على الأرض.
ب. قبل تأريخ نشوب الحرب لم يكن لدى الجانب العراقي معلومات تفصيلية عن طوبغرافية الأرض لمحاور الحركات المحتمل أن تتقدم عليها القطعات العراقية ، والأكثر من ذلك لم يكن لدى الجهة العسكرية المسؤولة عن تأمين الخرائط التربيعية ( العسكرية ) وهي مديرية الإستخبارات العسكرية العامة أية خرائط بمقياس الرسم الذي تحتاجه القطعات العسكرية خلال العمليات العسكرية مما سبب للقطعات صعوبات جمة خلال بدأ العمليات العسكرية.
ج. إشارة للفقرة ( ب ) أعلاه كانت الخرائط العسكرية المزودة بها قيادة القوة الجوية قديمة جداً ولم يجري تحديثها بالمعلومات المستجدة مما سبب معاضل جمة للتشكيلات للضربة الجوية الأولى وأذكر على سبيل الحصر التشكيلات التي إنطلقت من قاعدة علي الجوية بإتجاه قاعدة ديزفول الجوية كان مدرج القاعدة على الأرض لايتطابق مع الخرائط التي تم تزويد الطيارين بها مما تَطَلّب البحث عنه وهذا أدى إلى حرق وقود إضافي ولأن وقود الطائرات محسوب بالثواني وبعد عودة الطائرات نَفَذَ وقودها قبل الوصول إلى القاعدة مما أدى إلى سقوط قسم من الطائرات وإصابة الطيارين نتيجة القفز بالمظلات ومنهم قائد السرب 49 ميك 23 هجوم أرضي.
6. العقيدة العسكرية
أ. كانت القيادة السياسية العليا للدولة والقيادة العسكرية العليا المتمثلة برئاسة أركان الجيش تخشى قيام إيران بالتعرض على الأراضي العراقية لأسباب كثيرة منها :
أولاً. طول خط الحدود المشترك مع إيران والبالغ التعقيد وذو طبوغرافية متنوعة ولكون طبيعة الجغرافيا العسكرية في أراضي الجانب الإيراني تساعد على المناورة أكثر من أراضي الجانب العراقي
ثانياً. حجم الجيش الإيراني يفوق حجم الجيش العراقي عدداً وعُدَة ًوتسليحه بِأسْلِحَةٍ أمريكية تتفوق على الأسلحة الشرقية المسلح بها الجيش العراقي.
ثالثاً. حجم القوة الجوية الإيرانية يفوق حجم القوة الجوية العراقية عدداً وعدة حيث كانت مجهزة بطائرات مقاتلة أمريكية الصنع من طراز (أف 4 وأف 5 وأف 14 ) التي كفائتها تتفوق على الطائرات المقاتلة الروسية الصنع التي تمتلكها القوة الجوية العراقية.
رابعاً. حجم القوة البحرية الإيرانية يفوق حجم القوة البحرية العراقية عدداً وعدة وبنسبة 1 / 10 حيث كانت مجهزة بالعديد من القطع البحرية الغربية الصنع ولها العديد من الموانئ البحرية على طول الخليج العربي إضافة إلى سيطرتها على مضيق هرمز و سيطرتها على الملاحة في الخليج العربي وخاصة ناقلات النفط العراقية .
ب. إتخذت القيادة العسكرية العراقية العُلْيا قراراً عسكريا ًخطيراً يَنِمُ عن شجاعة متخذ القرار وهو( تطبيق مبدأ الهجوم أحسن وسيلة للدفاع ) والقيام بالتعرض الواسع يوم 22 أيلول 1980 جواً وبراً لغرض تفادي قيام القوة الجوية الإيرانية بهجوم واسع على القواعد الجوية العراقية وتكبيدها خسائر جسيمة كما حصل للقوة الجوية المصرية في حرب حزيران سنة 1967 كذلك تفادي قيام الجيش الإيراني بالتعرض على الأراضي العراقية وتجنيب المدن العراقية القريبة من خط الحدود ويلات الحرب.
ج. ينبغي الإشارة إلى العقيدة العسكرية التي طُبِقَتْ من قبل الجيش العراقي بعد نشوب الحرب إن صح التعبير:
أولاً. كان الجيش العراقي منذ تأسيسه سنة 1921 يطبق المفاهيم الغربية من حيث التنظيم والتسليح والتجهيز والتعبئة وتدريب وحدات الجيش وفق المصطلحات والمفاهيم الآنفة الذكر والتي تشكل بمجموعها مصطلح العقيدة العسكرية.
ثانياً. لطول خط الحدود بين العراق وإيران وعدم وجود عمق مناسب بين خط الحدود والمدن العراقية والتي تشكل هدفاً للقوات الإيرانية في حالة نشوب حرب بين البلدين كان الجيش العراقي وضمن مصطلح العقيدة العسكرية التي يعتمدها لا يستطيع التخلي عن شبر واحد من الأراضي العراقية وهذا يعني وجوب تواجد قطعاته على طول خط الحدود.
د. يجب الإشارة إلى العقيدة العسكرية التي طبقت من قبل الجيش الإيراني بعد نشوب الحرب إن صح التعبير:
أولاً. لعمق إيران الجغرافي وبُعدْ مدنه عن خط الحدود وكثافة السكان العالية كان الجيش الإيراني يطبق المفاهيم الشرقية خلال القتال حيث يقوم بوضع نقاط مراقبة في مواضعه الدفاعية ويستخدم باقي القوة في شن هجوم على مواضع دفاعية تقع على محورآخر، لِعِلْمِهِ المسبق بعدم إمكانية القطعات العراقية من شن هجوم على تلك الدفاعات التي لايتواجد فيها غير نقاط المراقبة.
ثانياً. كان الجيش الإيراني في معظم الهجمات التي شنها على الحدود العراقية يعتمد هجوم الكتل البشرية لكي يحقق التفوق البشري على عدد الأفواه النارية المتواجدة في الدفاعات العراقية التي غالباً ما يكون أعداد الجنود فيها لا يتناسب مع سعة جبهة المواضع الدفاعية.
7. أهم أحداث الحرب سنة 1980
أ. لا أعرف أسماء الضباط أو رتبهم العسكرية أو المناصب العسكرية التي كانوا يتبؤونها أو الدوائر العسكرية التي كانوا مسؤولين عن إدارتها ، أقصد الضباط الذين وضعوا الخُطَطِ العسكرية وتخصيص حجم القطعات المناسب لكل محور من المحاور الذي تقدمت عليه القطعات العسكرية عند حلول ساعة الصفر ، لكن أعلم بما لايقبل الشك إن هؤلاء الكوكبة هم نخبة ضباط الجيش العراقي الباسل كفاءةً ومهنيةً ونهلوا العلم العسكري من أرقى المؤسسات العسكرية في العالم .
ب. إنطلقت تشكيلات القوة الجوية المقاتلة نحو الإهداف المقررة لكل تشكيل وتقدمت القطعات البرية على المحاور نحو أهدافها المحددة في ساعة الصفر يوم 22 أيلول 1980 وحققت تشكيلات القوة الجوية ومعظم القطعات البرية أهدافها حسب الخطط الموضوعة إلا أن قسم من القطعات البرية تأخر لبعض الوقت نسبياً وهذا شئٌ طبيعي بسبب مقاومة الجيش الإيراني ، وصعقت القيادتين السياسية والعسكرية الإيرانية لوقت وحجم المباغته الجوية والبرية التي حققها الجيش العراقي الباسل .
ج. قسم من الأهداف العسكرية كان إختيار واضعي الخطط لها غير صائب أحدها في القاطع الشمالي و الآخر في القاطع الجنوبي :
أولاً. الهدف الأول منطقة نوسود شرق حلبجة ، طبوغرافية هذه المنطقة جبلية ومعقدة وخط الإدامة طويل جداً ، القطعات العسكرية من فرقة المُشاة الرابعة التي تقدمت على هذا المحور وإتخذت موضع دفاعي لاحقاً تكبدت خسائر بشرية كبيرة نتيجة لطبوغرافية الأرض الجبلية المعقدة ولمعرفة الإيرانيين بطبيعة المنطقة بشكل جيد جداً.
ثانياً. الهدف الثاني قاطع عبادان شرق نهر الكارون آمر اللواء المدرع السادس الشهيد العقيد الركن عبد العزيز الحديثي رفض تنفيذ عملية عبور نهر الكارون ( كانت وجهة نظره الشخصية إن إحتلال شرق الكارون عملية غير صائبة ) ، لأن طبوغرافية هذه المنطقة معقدة جداً لا تصلح لعمل القطعات المدرعة والآلية لأن المياه الجوفية عالية جداً ، إستبدل بآمر لواء بديل أعتقد هو العقيد الركن صبيح عمران الطرفه ونفذ عملية العبور، لكن المساحة التي إنتشرت فيها القوة بعد عملية العبور قليلة لا تسمح بالإنفتاح الواسع ومُحاطة بالمياه من جميع الإتجاهات من إتجاه الشرق وإتجاه الجنوب منطقة (هورالشدكان ) المغمور بالمياه ومن إتجاه الغرب ترعة بهمشير ومن إتجاه الشمال نهر الكارون وأصبحت القطعات العراقية في منطقة قتل هدفاً دسماً للمدفعية الإيرانية.
د. طبق الجيش الإيراني في الأشهر الأولى من الحرب سنة 1980 العقيدة العسكرية التي تُعْرَفْ بحرب الإستنزاف إقتباساً من الإسلوب الذي طبقه الجيش العربي المصري بعد حرب حزيران 1967 ضد الجيش الإسرائيلي في خط بارليف الذي بناه الجيش الإسرائيلي شرق قناة السويس ، حيث تحولت القطعات العراقية من حالة الهجوم إلى حالة الدفاع المستكن وأصبحت هدفاً دسماً لنيران المدفعية الإيرانية ، قدمت القوات العراقية تضحيات بشرية كبيرة نتيجة القصف المدفعي الشديد والمتواصل كذلك تكبدت خسائر كبيرة بالمعدات المدرعة والآلية وكانت خسائرالجيش الإيراني أضعاف خسائر الجيش العراقي.
8. القيادة والسيطرة
أ. كانت فترة تبوأ الفريق الأول الركن عدنان خيرالله منصب وزير الدفاع تُعْتَبَرُ فَتْرَةً ذَهَبِيَةً عاصرتها وزارة الدفاع من خلال حرصه على تنظيم دوائر وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش و تعيين أكفأ الضباط مهنية وخبرة عسكرية علمية وعملية لإشغال مناصب دوائر وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش والمؤسسات العلمية ( كلية الأركان – جامعة البكر للدراسات العسكرية العُليا) وهذا ساعد كثيراً على إعداد ضباط ركن كفوئين قادرين على إدارة القيادات العسكرية العُليا وقيادة القطعات في ظروف الحرب .
ب. لقد تبوأ قيادة الفيالق خلال سنوات الحرب ضباط ركن كفوئين يشهد لهم القاصي والداني وسبق لهم قيادة القطعات العراقية في الجبهة الشرقية خلال حرب تشرين سنة 1973 مع العدو الإسرائيلي وحركات الشمال سنة( 1974 – 1975 ) وأخص بالذكرمنهم :
الجيل الأول
أولاً. الفريق الركن عبد الجبارشنشل
ثانياً. الفريق الركن إسماعيل تايه النعيمي.
ثالثاً. الفريق الركن محمد فتحي أمين.
رابعاً. الفريق الركن سالم حسين العلي.
خامساً. الفريق الركن ضياء توفيق.
سادساً. الفريق الركن ضياء الدين جمال.
سابعاً. الفريق الركن عبد الستار المعيني.
ثامناً. الفريق الركن طه نوري الشكرجي.
تاسعاً. الفريق الركن عبد الجبار الأسدي.
عاشراً. الفريق الركن عبد الله عبد اللطيف الحديثي.
أحد عشر. الفريق الطيار حميد شعبان .
الجيل الثاني
أولاً. الفريق الركن عبد الجواد ذنون .
ثانياً. الفريق الركن نزار عبد الكريم الخزرجي .
ثالثاً. الفريق الركن سعدي طعمة الجبوري.
رابعاً. الفريق الركن هشام صباح الفخري.
خامساً. الفريق الركن ماهر عبد الرشيد .
ساًدساً. الفريق الركن محمد عبد القادر الداغستاني .
سابعاً. الفريق الركن سلطان هاشم أحمد .
ثامناً. الفريق الركن صلاح عبود .
تاسعاً. الفريق الركن أياد خليل زكي .
عاشراً. الفريق الركن شوكت أحمد عطا.
أحد عشر. الفريق الطيار الركن محمد جسام.
ج. فاق الجيش الإيراني من تأثيرالضربة العسكرية العراقية التي وجهت له يوم 22 أيلول 1980 بعد وقت قصير نسبياً وبدأ يقاتل بشراسة ، أدركت القيادة العسكرية العراقية العُلْيا خطورة الموقف الآنف الذكر بسرعة عالية ولسعة ساحات العمليات وخطورتها في القاطع الجنوبي قامت ( ق ع ق م ) بتشكيل قيادة الفيلق الرابع في سنة 1981 وحددت مدينة العمارة مقراً له ليتسنى له قيادة القطعات التي كانت تقاتل في قواطع (الشيب - الشوش - ديزفول – الطيب) وحتى منطقة جلات الحدودية مقابل مدينة علي الغربي.
د. كما تم تشكيل قيادة الفيلق الخامس بنفس الفترة الزمنية أعلاه لغرض قيادة القطعات المتواجدة على محور( أربيل - راوندوز - حاج عمران ) والقطعات المتواجدة على محور( كويسنجق – رانية – قلعة دزه ).
هـ. كما تم تشكيل قيادة الفيلق السادس بعد معركة شرق دجلة في آذار سنة 1985 لغرض قيادة القطعات المنفتحة في منطقة الأهواروالممتدة من مدينة قلعة صالح شمالاً حتى مدينة القرنة جنوباً.
و. كما تم تشكيل قيادة الفيلق السابع سنة 1985 لقيادة القطعات المنفتحة في قاطع الفاو الممتدة من مدينة أبو الخصيب شمالاً حتى رأس البيشة جنوباً قبل معركة الفاو سنة 1986 بفترة زمنية قصيرة.
ز. كما تم تشكيل قيادة الفيلق الأول الخاص سنة 1986 وأنيطت به مهمة قيادة القطعات المنفتحة على المرتفعات الحدودية من منطقة جلات جنوباً مقابل مدينة علي الغربي حتى مدينة زرباطية شمالاً مقابل حوض مهران .
9. أهم أحداث الحرب سنة 1981
أ. في بداية سنة 1981 تحول الجيش الإيراني من العقيدة العسكرية التي تُعْرَفْ بحرب الإستنزاف إلى العقيدة العسكرية التي تُعْرَفْ بهجوم الكتل البشرية إقتباساً من الإسلوب الذي طبقه الجيش الروسي ضد الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية أوالإسلوب الذي طبقه الجيش الكوري الشمالي ضد الجيش الأمريكي خلال الحرب الكورية في خمسينيات القرن العشرين وبإشراف خبراء كوريين تم التعاقد معهم وإستهدف القطعات المنفتحة في القاطع الجنوبي في قاطع الشوش وقاطع الخفاجية وقاطع الأهواز وقاطع عبادان لأن الدفاعات العراقية فيها كانت هشة بسبب طبوغرافية الأرض المستوية والتي تكون فيها المياه الجوفية مرتفعة خاصة في فصل الشتاء ولاتسمح بحفر المنظومة الدفاعية بالعمق المناسب وفق كراسة دفاعات الميدان وكما مبين في المعارك التالية.
ب. ليلة 4 / 5 كانون الثاني 1981 شن الجيش الإيراني أول هجوم له على دفاعات الفرقة المدرعة التاسعة والقطعات المتجحفلة معها شرق الخفاجية بإسلوب الكتل البشرية تعقبها دروع الفرقة المدرعة 16 الإيرانية وتركز الهجوم على الموضع الدفاعي للواء المدرع 43 ، أخلت معظم قطعات الفرقة المدرعة التاسعة مواضعها الدفاعية نتيجة إستخدام قذائف ال (أر بي جي ) المضادة للدروع بكثافة من قبل حرس خميني وإنسحبت إلى الخلف بإسلوب غيرمُنَظَمْ وغير مُسَيْطَرٌ عليه وتكبدت خسائر جسيمة بالأشخاص والمعدات.
ج. طلب رئيس أركان الفيلق الثالث صباح 5 كانون الثاني 1981 إسناد جوي قريب ومستعجل من قاعدة علي الجوية مباشرة ، لبى آمر القاعدة الجوية الطلب فوراً حيث قامت طائرات الهجوم الأرضي من السرب 49 نوع ميك 23 والسرب 14 نوع ميك 21 من قاعدة علي الجوية تحديداً بعملية الإسناد الجوي القريب لأول مرة منذ بداية الحرب وإنْقَضّ صقور الجو البواسل من أبطال السربين المذكورة آنفاً على أهدافهم بشجاعة منقطعة النظير حيث كانوا يتسابقون لتنفيذ الضربات الجوية على مدى ثلاثة أيام متواصلة وكبدوا قطعات الجيش الإيراني خسائر بشرية جسيمة كذلك دكوا مواضع إنفتاح المدفعية الإيرانية بوابل من النيران وتدمير أعداد كبيرة من القطعات المدرعة المعادية المهاجمة .
د. فجر يوم 6 كانون الثاني 1981 شن إحتياط الفيلق الثالث اللواء المدرع العاشر الذي كان تسليحه دبابات (تي 72)هجوم مقابل صاعق على قطعات الفرقة المدرعة 16 الإيرانية التي وصلت طلائعها إلى الحويزة وقدمة الصولة الأولى إجتازت نهر الكرخة العمية ومن أثر المباغته وقوة الصدمة التي حققها اللواء المدرع العاشر فرّ طواقم الدبابات الإيرانية تاركين دباباتهم ومحركاتها تشتغل فكانت بحق معركة الدروع الأولى بين الجيش العراقي والجيش الإيراني حقق فيها اللواء المدرع العاشر نصراً ساحقاً وكبدها خسائر جسيمة بالدبابات وناقلات الأشخاص المدرعة والأشخاص وأُطْلِقَتْ على هذه المعركة تسمية معركة الخفاجية الأولى.
ه. توالت هجمات الجيش الإيراني على القطعات العراقية في قا طع الفيلقين الثالث والرابع أكثر من بقية قواطع العمليات لأسباب عديدة منها :
أولاً. سعة الجبهات للمواضع الدفاعية للقطعات المدافعة خلافاً للسياقات التعبوية بسبب عدم إعادة تنسيق المواضع الدفاعية بعد عملية التقدم رغبة بعدم التخلي عن الأراضي التي تم السيطرة عليها.
ثانياً. عدم حاكمية الأرض والتي لا تساعد على الدفاع لكونها مستوية والمياه الجوفية فيها مرتفعة جداً خاصة في فصل الشتاء.
ثالثاً. عدم إحكام السيطرة على خطوط الإدامة الطويلة نسبياً بين مواضع إنفتاح القطعات الأمامية داخل الأراضي الإيرانية وبين مناطق الإدامة الرئيسية داخل الحدود العراقية والتي كانت تسمح بتسلل مجموعات من حرس خميني خلف القطعات العراقية بالتزامن مع ساعة شروع قطعات الهجوم الرئيسي الإيراني وتضربها من الخلف وتسبب إرباك بين صفوف جنود الوحدات العراقية يصعب السيطرة عليه من قبل الآمرين.
رابعاً. المعلومات العسكرية المجانية عن أماكن إنفتاح القطعات العراقية وحالتها المعنوية التي كانت تقدمها العناصر الموالية للنظام الإيراني المتواجدين في القرى المنتشرة على جهتي خط الحدود العراقية الإيرانية خاصة في مناطق الأهوار والمناطق الجبلية.
و. في 27 أيلول سنة 1981 شن الجيش الإيراني عملية عسكرية واسعة النطاق على المواضع الدفاعية لقطعات الفرقة المدرعة الثالثة والقطعات المتجحفلة معها شرق نهر الكارون على أثرها إنسحبت القطعات العراقية عبر الجسور العسكرية المنصوبة على نهر الكارون إلى جهة غرب الكارون وأسفرت العملية عن فك الحصار عن مدينة عبادان ودفع القوات العراقية إلى ما وراء نهر الكارون وتكبدت القطعات خسائر كبيرة بالأشخاص والمعدات ، مما أكد صحة وجهة نظر آمر اللواء المدرع السادس الذي رفض تنفيذ عملية عبور نهر الكارون في بداية الحرب.
ز. المنطقة الرخوة بين محور( الفكة – جنانة – الشوش ) الذي تقدمت عليه قطعات فرقة المُشاة الآلية الأولى ومحور (الشيب – البسيتين – الخفاجية ) الذي تقدمت عليه قطعات الفرقة المدرعة التاسعة ، منطقة شاسعة تبلغ أبعادها ( 60 × 60 ) كيلومتراً طبوغرافية هذه المنطقة عبارة عن كثبان رملية زائداً طبقات صخرية يحدها من الشرق نهر الكرخة ومن الجنوب تلول تعرف بإسم تلول ( ألله أكبر) ومن الشمال الغربي مرتفعات تعرف بإسم جبل (مشداخ ) هذه المنطقة الشاسعة تقدم تسهيلات الإختفاء للقطعات الإيرانية الراجلة وللطائرات السمتية المقاتلة وتسمح بالتسلل خلف القطعات العراقية المدافعة على شكل نقاط مراقبة في تلول ( الله أكبر ) و جبل (مشداخ ) لم تحكم القطعات العراقية السيطرة عليها بصورة جيده
ح. بعد معركة الخفاجية الثانية جرى سحب الفرقة المدرعة التاسعة من قاطع (الخفاجية - الحويزة ) لضعف إدائها ولغرض إعادة التنظيم لتشكيلاتها وتبديلها بالفرقة المدرعة السادسة التي كانت في قاطع الفيلق الثاني في قاطع (خانقين – قصر شيرين).
ط. في 28 تشرين الثاني سنة 1981 شن الجيش الإيراني هجوماً واسع النطاق بقطعات تتألف من الدروع والمُشاة وحرس خميني من عدة محاور على قطعات الجيش العراقي التي تدافع في منطقة الحويزة قيادة الفرقة المدرعة السادسة والقطعات المتجحفلة معها ومدينة البسيتين قيادة قوات الشيب التي ترتبط بقيادة الفيلق الرابع .
أولاً. المحورالأول بإتجاه الجناح الأيمن لقطعات الفرقة المدرعة السادسة والقطعات المتجحفلة معها في قاطع الحويزة على الموضع الدفاعي للواء المُشاة 49 الذي يتخذ موضع دفاعي غرب نهر الكرخة العمية الكائن في الجناح الأيمن لقاطع الفرقة والذي يوجد في قاطعه الدفاعي خمسة جسور على نهر الكرخة العمية ويشكل الحدود الفاصلة مع قطعات فرقة المُشاة الآلية الخامسة وبعد وقت قصيرإتضح إن هذا الهجوم ثانوي لغرض صرف إنتباه الفرقة عن محور إتجاه الهجوم الرئيسي.
ثانياً. المحور الثاني بإتجاه الجناح الأيسر لقطعات الفرقة المدرعة السادسة والقطعات المتجحفلة معها على قاطع اللوائين 25 مُشاة آلي و96 مُشاة التي تكون مواضعها الدفاعية بين نهر السابلة ونهر نيسان وحقق العدو موطئ قدم في مواضع السرايا الأمامية لأفواج اللوائين المذكورة آنفاً ، وبعد إنجلاء الموقف تأكد للفرقة إن هذا المحور هو محورهجوم العدو الرئيسي وجرى تثبيته من قبل قطعات العمق .
ثالثاً. بعد ذلك شنت قطعات الهجوم المقابل المؤلفة من اللواء المدرع 16 واللواء المدرع 30 هجوماً ساحقاً مُسْندْ بثقل ناري كبيرعلى قطعات العدو في موطئ القدم الذي إحتله وكبدها خسائر جسيمة بعجلات القتال المدرعة وبالإشخاص مما إضطر العدو على سحب أشلاء قطعاته المنهارة والتراجع إلى الخلف.
رابعاً. المحور الثالث على قطعات قيادة قوات الشيب المنفتحة في منطقة مدينة البسيتين من إتجاهين الأول من إتجاه مدينة الخفاجية بقطعات مدرعة
، على قاطع لواء المُشاة 48 الذي يشكل الحدود الفاصلة مع قطعات الفرقة المدرعة السادسة والإتجاه الثاني من إتجاه المنطقة الرخوة المشار إليها في الفقرة (ز) أعلاه حيث قام بعملية تسلل بكتل بشرية كبيرة من حرس خميني خلف القطعات العراقية المنفتحة حول منطقة مدينة البسيتين وتمكن من تكبيد القطعات العراقية خسائر بشرية كبيرة.
ي. شنت (قوة عبد الله ) قوة مرتبة من قطعات الفيلق الثالث بقيادة قائد فرقة المُشاة الآلية الخامسة هجوم مقابل على قطعات الجيش الإيراني التي إحتلت مواضع لواء المُشاة 48 في منطقة البسيتين وكبدتها خسائر جسيمة بالأشخاص والمعدات إلا أنها لم تستطع إعادة إحتلال المواضع الدفاعية التي إحتلها الجيش الإيراني .
إطلق على هذه المعركة إسم معركة الخفاجية الثالثة.
ك. إرتكب الجيش الإيراني جريمة بشعة بحق الأسرى من الجنود العراقيين العُزّلْ الذين تم أسرهم في مدينة البسيتين في هذه المعركة حيث قام بإعدام أعداد كبيرة منهم وهم مقيدي الأيدي ضارباً عرض الحائط بنود إتفاقية جنيف التي تنص على معاملة الأسرى معاملة حسنة.
ل. تخليداً لذكرى شهداء الجيش العراقي الذين أعدمهم الجيش الإيراني في معركة البسيتين إتخذت القيادة العراقية العُليا للدولة قراراً ، تثبيت يوم 1 كانون الأول من كل عام يوم للشهيد ، وشيدت صرحاً عظيماً في جانب الرصافة بين طريق شارع فلسطين وطريق قناة الجيش مقابل مبنى اللجنة الأولمبية العراقية نُقِشَتْ فيه أسماء شهداء الجيش العراقي الذين ضحوا بحياتهم من أجل الدفاع عن أرض العراق في الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988).
يتبع .......