مع استمرار العمليات العسكرية في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا وتفاقهم اعمال التمرد لحركة طالبان في افغانستان. يبرز الدور الهام لطائرات النقل العسكري الاستراتيجي اكثر من اي وقت مضى.
وفي حال دفعت الحاجة الملحة الى ايجاد عناصر قتال مع عرباتهم، ذخائرهم والتجهيزات المرافقة الخاصة بالدعم البري، تبقى مسألة نقل كل ذلك الى مناطق آمنة بوقت اقل وبقدرة على توفير الحماية من دون حصول اي ضرر. اذا استخدمت طائرات النقل الاستراتيجي المدرج الاقصر، حينها من المرجح ايصال كل العناصر القتالية وتجهيزاتهم الى المطار الدولي الرئيسي وبالتالي يضيف ذلك مرونة وسرعة اضافيتين في النشر مما يجعل من المجال الجوي المحطة الاكثر امانا من التهديدات المعادية.
تحتاج وسائل النقل العسكري، بصورة متزايدة، الى ان تجهز بمجموعات دفاعية شاملة لتوفير ما يكفي من الحماية الذاتية في حال طيرانها داخل مهابط جوية عالية الخطورة او خارجها، مما يعني ان طائرات النقل العسكري الكبيرة قد تكون اكثر عرضة للخطر من تلك الصغيرة. وفي هذه الحال، قد يقرر المشغلون تأسيس مراكز جوية في اماكن آمنة لانجاز عمليات النقل الاستراتيجية وبالتالي نقل الفرق وتجهيزاتهم الاقرب الى خط المواجهة ضمن طائرات نقل استراتيجية تكتية صغيرة.
حتى اواخر العام الماضي، احتلت طائرة النقل العسكري الاستراتيجي الثقيلة المرتبة الاولى من حيث الانتاج حيث بلغ مجموع انتاجها ٢٧٤ طائرة C-17، ٢٢٢ منها قيد الخدمة لدى القوات الجوية الاميركية حيث تسلمتها عام ٢٠١٣.
ومنذ ذلك الحين، يقوم خط الانتاج بتصنيع الدفعة الاخيرة من الطائرات تلك، بوتيرة اخف تحسبا لطلب جديد خاص باعداد صغيرة من الطائرات من قبل اسلحة جو تحتاج الى تعزيز او استبدال قدرات النقل الجوي الحالية لديها.
انتج مصنع Boeing في Long Beach في ولاية كاليفورنيا، في الولايات المتحدة، وهي المركز السابق لانتاج مجموعة Douglas من الطائرات، الآن طائرة C-17 الاخيرة التي ستسلم الى قطر، وهي تعد الطائرة الثامنة من هذا النوع التي طلبها هذا البلد. تضم لائحة الزبائن دولا جديدة على غرار الامارات العربية المتحدة ٨ طائرات، سلاح الجو الكويتي طائرتان سلاح الجو الكندي ٥ طائرات حلف شمال الاطلسي ٣ طائرات سلاح الجو الهندي ١٠ طائرات، سلاح الجو الاوسترالي ٨ طائرات وسلاح الجو البريطاني ٨ طائرات.
تتمتع طائرة C-17 بحجرة شحن ذات قدرات واسعة جدا بحيث تتيح تحميل آليات هندسة او مدرعة جنبا الى جنب على امتداد طولها، او حمل عدة طوافات دفعة واحدة مع تفكيك الى حده الادنى.
استخدمت ال C-17 في كل انحاء العالم للمساعدة في مهمات الطوارىء بعد الكوارث الطبيعية. يمكن لهذه الطائرة تفريغ اعداد ضخمة من المنصات النقالة من المواد الطبية والغذائية، الطوافات وآليات هندسة، مثل الخزانات والحفارات الاساسية في تنفيذ عمليات الطوارىء.
بالرغم من قدرة ال C-17 على الطيران لمسافات استراتيجية طويلة وتمتعها بقدرة عامة ولدى استعمالها لتقنية التزود بالوقود اثناء الطيران، يمكنها العمل من على مدارج قصيرة. شغلت ال C-17 بشكل واسع في افغانستان وايضا لدعم القوات حول العالم حيث تحتاج الحمولات الثقيلة لان تسلم جوا. تتيح تجهيزات الاجنحة العالية القدرة على الرفع والجنيحات الاضافية المتحركة العريضة عمليات اقتراب شديدة الانحدار، واقلاع عبر استعمال المدارج القصيرة، يخفض هذا الامر من تعرض الطائرة للنيران الارضية المعادية في الجزء الاكثر حساسية من مهمتها.
عند انتهاء مرحلة انتاج طائرة C-17، يستوجب على الزبائن الساعين الى تحقيق طائرة نقل ثقيل ان يفكروا في طائرة A400M Atlas من Airbus.
ليست هذه الطائرة مشابهة ل C-17 من حيث الوسع وهي عنفية الدفع، لذلك فان سرعتها ابطأ ولا تتميز بمدى واسع جدا، الا انها مجهزة باحدث حجرة طيار من انتاج Airbus مع نظام تحكم بالطيران رقمي متقدم، شاشات عرض زجاجية بالكامل وميزات عديدة اخرى تسمح لها بنقل كل الحمولات الا الاضخم منها.
اما في ما يتعلق باكثرية الادوار، لدى ال A400M اكثر مما يكفي من قدرات النقل، فهي قادرة على العمل انطلاقا من مجموعة مختلفة من المدارج، بما فيها العشب، الرمل، الحصى بالاضافة الى الاسمنت. يقع حجمها بين حجمي ال C-17 وال C-130J Hercules من انتاج Lockheed Martin وهي تنقل ضعفي حمولة ال C-130.
تهدف شركة Airbus الآن، وهي تسيطر على على ٥٠% من سوق الطائرات التجارية الضخمة، الى ان تكون حاضرة ايضا في اكثرية قطاعات السوق العسكرية وان تتربع على المرتبة الاولى او الثانية في كل قطاع، وهي في طريقها الى تحقيق ذلك في مجال تأمين طائرات النقل والصهريج،
تخدم الآن ال A400M في خمسة اسلحة جو فرنسا، بريطانيا، المانيا، تركيا واسبانيا وقدمت عروضا تفسيرية لتسعة زبائن آخرين محتملين وخلال العام الفائت ارتفعت اعداد ساعات الطيران التي نفذتها طائرة A400M الى ٧٩٠٣ ساعة في ٢٩٠١ طلعة جوية، تضمنت الانجازات الخاصة المحققة في العام ٢٠١٥ عدة نقاط ابرزها تجارب استقبال، اعادة التزود بالوقود في الطيران الاول من طائرة A33OMRTT تزويد مقاتلتين نوع F-18 بالوقود، واسقاط حمولة بزنة طنين من خلال استعمال المظلات، اختبارات دفاع ذاتي عبر استعمال نظم DASS وRWR، تجارب نشر مظليين، واختبارات على مسطحات خارج المدارج، تمت عملية نيل الاهلية في ما يتعلق بنظام الرؤية المعززة (Enhanced Vision Systems - EVS) مع مناظير رؤية ليلية (Night Vision Goggles - NVG) وذلك مع عمليات الطيران على مستوى منخفض.
حصلت ال A400M على الاهلية للطيران على مستوى منخفض يقدر ب ١٥٠ قدماً وعند استعمال مناظير الرؤية الليلية يصبح الارتفاع ٥٠٠ قدم. اختبرت المستشعرات العاملة بالأشعة تحت الحمراء ونظم الشهابات في ظروف عديدة مختلفة وتضمنت القاء كاملاً للشهب من الطائرة اثناء طيرانها. تتمتع ال A400M بنظام DASS الواسع جداً، حيث يتضمن اجهزة استقبال الانذارات الرادارية ونظماً اخرى، وبعضها خاص بالزبون، عادت عدة طائرات A400M من سلاح الجو البريطاني الى اسبانيا لتركيب ودمج نظام DASS البريطاني مع التشغيل العملاني لطائرات A400M البريطانية في عمليات دعم مهمات الطيران القتالية في العراق وسوريا، يحتاج الاسطول المؤلف من ٢٢ طائرة لأن يكون قادراً على تنفيذ مهمات جوية تكتية الى جانب الاستراتيجية منها، مثل نقل العناصر، التجهيزات والاسلحة بين بريطانيا والقواعد الاساسية العاملة في الشرق الأوسط وقبرص.
نفذت العديد من عمليات اختبار الاسقاط من الجو والقفز وستستمر هذه التجارب هذا العام من خلال استعمال دمى كاملة الحجم تمثل الجنود. نجحت عمليات القفز الحر من بوابة الطائرة المنحدرة لانطلاق ٢٩ جندياً في آن. اما الاختبارات التي ستحصل في بداية السنة الجارية، فتشمل انزال صفين من ٥٨ مظلياً للصف الواحد دفعة واحدة، وعمليات اسقاط المظليين من علو مرتفع. الى ذلك حصلت عمليات اسقاط الحمولات الثقيلة زنة ٤ أطنان على الاهلية في ما يتعلق بالنقل وسحب المظلة. تم نزال ١٢ طناً من الحمولات من خلال استعمال ثلاث منصات تحمل كل منها ٤ اطنان، ستوسع هذه القدرة بحيث يمكن انزال ٢٥ طناً بأمان.
ستتضمن المرحلة الثالثة في اختبارات العمليات التكتية هذه عمليات اضافية من مساحات ترابية تتضمن مجموعة الهبوط للطائرة A400M اول اهلية للتكنولوجيا المعتمدة على قياس الانفعال لاعلام الطيار عن صحة عمل المجموعة وان الاطارات على الارض او في الجو. استبدلت المستشعرات التقليدية بتصميم محور معابر قياس الانفعال. وبفضل تصميم مجموعة الهبوط الخاصة بالطائرة، حسن هذا النظام الجديد اداء الهبوط على اسطح منخفضة الاحتكاك.
ستتضمن القدرات في العام الجاري الملاحة في المنطقة القطبية، الانزال الجوي الاوتوماتي للمظليين عبر خط ثابت واعادة تزويد طائرات اخرى بالوقود من خلال وحدات قمع ومسبار مركبة على الجناح، تم صرف النظر حالياً عن القدرة المخطط لها لاعادة تزويد الطوافات بالوقود جواً عبر ال A400M،
تؤمن الطائرة C-130J المنافسة نقلاً جوياً استراتيجياً وتكتياً، لكن بحجم أصغر، تجعل تلك الميزات الطائرة ملائمة جداً لدعم القوات الخاصة، وتخدم عدة نماذج منها في الولايات المتحدة وبريطانيا، وقد جهزت بنظم رؤية معززة، نظم تشفير وبميزات تشويش شاملة ونثر خدائع، ويمكن تسليح هذه الطائرة لكي تقوم بدور طائرة مسلحة. تناسب ال C-130J جداً ادوار الطائرة الصهريج وتنظر كل من فرنسا وبريطانيا الى تعديل بعض الطائرات نوع C-130J لتنفذ هذا الدور وذلك لتوسيع مدى طائرات القوات الخاصة وقدرتها على التحمل، تعتبر طائرة النقل العسكري النفاث ال Il - 76 من ناحيتها أصغر من طائرة C-17 لكنها تؤمن لروسيا ولعدة مشغلين آخرين استخدام طائرة نقل عسكري صلبة تتميز بطول المدى والقدرة على ان تستخدم كصهريج او طائرة شحن ونقل ركاب. يخطط الروس لاعادة ادخال نموذج محدث منها.
تستخدم كثيراً طائرة النقل والصهريج المتعددة الادوار A330 MRTT من Airbus في العمليات العسكرية، نذكر منها Operation Shader نفذها سلاح الجو البريطاني دعماً لعمليات Tornado ضد اهداف للدولة الاسلامية ولإعادة تزويد طائرات التحالف الاخرى بالوقود. تخدم ١٢ طائرة A330 MRTT في بريطانيا وطلبت اثنتان اضافيتان. تعرف تحت اسم Voyager في سلاح الجو البريطاني وتخدم كطائرات نقل ركاب وشحن استراتيجية بالاضافة الى دور طائرات صهريج. تخدم هذه الطائرات ايضا في سلاح الجو الاوسترالي بحيث تتواجد ٥ منها في الخدمة الفعلية وطلب السلاح اثنتين اضافيتين. اما طائرات MRTT التابعة لسلاح الجو السعودي فهي تنفذ عمليات الدعم من حيث التزويد بالوقود في ما يتعلق بالضربات الجوية القتالية الموجهة ضد اهداف في اليمن، ولدى السلاح المذكور ٦ منها. بالنسبة للامارات، فهي تملك ٣ طائرات MRTT وبعضها قد استخدم في العلمليات فوق سوريا، العراق واليمن.
تضمنت غالبية هذه العمليات مهمات اعادة تزويد بالوقود جواً، لكل الطائرة استعملت ايضا في عمليات الانتشار لما وراء البحار حاملة ٢٠٠ جندي، ولدعم انتشار الطائرات المقاتلة حاملة العتاد والعناصر البرية. وخلال السنة الماضية اطلقت وظيفة اعادة التزويد بالوقود جواً على الطائرة MRTT، مما يسمح بالاستخدام الكامل للذراع التي يتم التحكم بها بواسطة السلك والتي طورتها Airbus، وذلك لإعادة تزويد طائرات اميركية مثل ال F-15 وال F-16 كما والانواع الاضخم مثل ال MRTT وBoeing Wedgetail لاعادة تزويدها بالوقود. سمح للطائرة MRTT ان تعيد تزويد المقاتلات مثل Typhoon، Tornado، Mirage، Rafale، Super Hornet و F-18 Hornet بالاضافة الى AV-8B Harrier بالوقود.
يمكن تنفيذ عمليات اعادة التزويد بالوقود الليلية على كل هذه الانواع من الطائرات ونفذت التجارب لنيل الموافقة بنجاح في قاعدة Edwards الجوية وقاعدة Patuxant River في الولايات المتحدة لاعادة تزويد انواع اضافية من الطائرات الاميركية تضم ال EA-6B، A-10 وB-1B.
تضمنت التجارب اول عملية إعادة التزوّد بالوقود بواسطة ذراع رطبة للطائرة F-35A قامت بها طائرة MRTT الاوسترالية.
وفي بريطانيا، تضمن توسيع وظيفة اعادة التزويد بالوقود الموافقة على تجارب إعادة التزويد بالوقود مع نوعين مختلفين من C-130J، E-3D Sentry، وA-400M.
سُيّرت رحلات الإخلاء الطبي وقد نقل سلاح الجو البريطاني اكثر من ٥٠٠٠٠٠ راكب حتى الآن على متن طائرات MRTT Voyager.
سجل النموذج في الخدمة حوالي ٥٦٤٠٠ ساعة طيران. تخضع طائرات MRTT التي يجري تسليمها الى سلسلة من التعزيزات.
ستكون سنغافورة، فرنسا وكوريا الجنوبية الزبائن الاوليين وستبدأ عمليات التسليم بدءا من العام ٢٠١٨. دفعت رزمة تحسين الاداء هذه لإيجاد قدرة وزن مضاعفة جديدة ناتجة عن التحديث النموذجي لطائرة A330 الاساسية المتمتعة بتحسينات في الهيكل واخرى دينامية جوية. اما داخل الطائرة، فستركب شاشات عرض للكمبيوتر مرفقة بتحديث في الكترونيات الطيران. هذا، ومن الواضح ان ال MRTT، قد أمنت فرصها لتكون الرائدة في مجالها، مقدمة حيزا اكثر استعمالاً. وقدرة على التحمّل وهيكلاً جوياً اكثر حداثة مقارنة مع منافستها الاقرب ال KC-46A المعتمدة على ال Boeing 767 والتي بدأت للتو ببرنامج اختبارات الطيران وقد اعدت لدخول الخدمة الاولية في العام ٢٠١٧.
ظهرت الKC-46A جراء منافستين لاختيار بديل عن KC-135 التابعة لسلاح الجو الاميركي، وهي تستخدم هيكل الطائرة Boeing 767 المجهز باحدث شاشات العرض لحجرة الطيار ونظم الكترونيات طيران ونظم إعادة تزويد بالوقود جديدة.
تجدر الاشارة ان الطلب المحتمل الاميركي هو ل ١٧٥ طائرة صهريج وقد اختارتها ايضا اليابان. تتضمن الطلبات الاخيرة Airbus MRTT طائرتين لقطر، وثلاث اخرى لمجموعة MRTT في حلف شمال الاطلسي بما في ذلك هولندا، النروج، بولونيا واللوكسمبورغ. ستشتري فرنسا ١٢ طائرة فيما طلبت كوريا الجنوبية اربعاً. اما الهند فقد صرّحت من جهتها عن اختيارها لهذا النوع تخدم حتى الآن ٢٦ طائرة A330 MRTT.