يشكل تزايد اعداد الصواريخ البالستية التقليدية تهديداً جدياً ومتنامياً لشعوب دول حلف شمال الاطلسي واراضيها وقواتها المنتشرة .
تملك اكثر من ٣٠ دولة او هي في طور الامتلاك تكنولوجيا الصواريخ البالستية التي لا تحمل رؤوساً حربية تقليدية فحسب، انما ايضاً اسلحة دمار شامل، لا يعني الامر بالضرورة وجود نية لمهاجمة حلف شمال الاطلسي ولكن ذلك يعني ان التحالف يحمل مسؤولية ان يأخذ هذا التهديد بالحسبان، وذلك كجزء من مهمته الاساسية في الدفاع المشترك.
وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كانون الاول ٢٠١٤ على نسخة محدثة من العقيدة العسكرية لبلاده والتي تصنف الدفاع الصاروخي البالستي الاميركي بمثابة الخطر العسكري الخارجي الرابع.
اعترضت روسيا لفترة طويلة على نشر منظومات الدفاع الصاروخي البالستي في اوروبا، معتمدة في مقاربتها للموضوع على ان تلك المنظومات تهديد للردع النووي والأمن الروسيين. اعاد الرئيس بوتين احياء الدفاع الصاروخي البالستي كمخرج لاضفاء الصبغة الشرعية على الحكومة ضد عدو قديم ولتبرير تطوير لاحق للأسلحة النووية، الصواريخ وللتطوير العسكري وذلك كله على وقع ازمة اقتصادية ومالية زادت من حدتها العقوبات جراء ضم روسيا للقرم والتدخل المستمر في اوكرانيا. عمدت روسيا الى نشر صواريخ ISKANDER النووية التكتية في كالينغراد وهي المنطقة في اقصى غرب البلاد والمحاذية لبولونيا.
المقاربة الاوروبية
تعد روسيا الابرز في معارضتها للدفاع الصاروخي البالستي، وفي حزيران الماضي اقترب موقع نظام الدفاع الصاروخي الارضي نوع AEGIS من الوضع العملاني في قاعدة جوية في دفسلو في رومانيا. ادان الرئيس بوتين بشدة هذا الموقع الروماني واصفاً اياه بالضارب للاستقرار، ويشكل هذا الموقع الدرع الصاروخي البالستي الاول من اثنين مخططين لاوروبا الشرقية وجزءاً من الحصن المنيع الاميركي ضد هجوم صاروخي ايراني متوسط المدى. سيفتتح الموقع الاوروبي الشرقي في بولونيا في العام ٢٠١٨.
تقوم القاعدة الجوية على مبدأ المداورة كل ستة أشهر من قبل بحارة ستجهز بنظام SPY-1 وبنظام صاروخي عامودي الاطلاق مسلح بصواريخ SM-3 عملت على تطويرها شركة Raytheon.
يتربع نشر نظام AAMDS في رومانيا في قلب المقاربة الاوروبية التكيفية المعتمدة على المراحل، والتي أقيمت في ايلول ٢٠٠٩، تتضمن المرحلة Phase 2 من مقاربة EPAA
نشر نظام AAMDS متقدم مع صواريخ الاعتراض المبرهنة الاداء نوع Block IB SM-3 في الموقع الروماني لتأمين الدفاع القوي ضد الصواريخ البالستية القصيرة، والمتوسطة المدى.
بدأ تنفيذ مقاربة EPAA مع اربع مدمرات نشرت بعيداً في اوتا في اسبانيا، بحيث وصلت المدمرة الأولى في نيسان والثانية بعد فترة في العام ٢٠١٥، انضمت الى مدمرتين اخريين نشرتا لأغراض الدفاع الصاروخي، حسب ما اعلن في ايلول ٢٠٠٩. لحظت المرحلة الاولى النشر البعيد لأربع مدمرات في روتا لدوريات دفاع صاروخي تجري بالمداورة. صواريخ SM-3 الجيل المقبل من تقنية اضرب لتدمر.
تنوي وكالة الدفاع الصاروخي (Missile Defense Agency - MDA) ان تشتري ٢٠٩ صواريخ اعتراض نوع SM-3 Block IIA من تطوير Raytheon، مع نهاية العام ٢٠١٦.
تعتبر صواريخ SM-3 من الجيل الجديد نماذج أضخم وأكثر فعالية من صاروخ الاعتراض المنتشر حالياً وهي منتشرة على نظم AEGIS.
سيتم نشر صواريخ SM-3 Block IIA على السفن الحاملة لنظام AEGIS ومواقع AEGIS Ashore في البحر وعلى البر في بولونيا في العام ٢٠١٨ كجزء لا يتجزأ من المرحلة الثالثة (Phase 3) من مقاربة EPAA.
اصبح الصاروخ SM-3 Block IB عملانيا على السفن الاميركية حول العالم في العام ٢٠١٤. يتمتع بباحث عامل بالأشعة تحت الحمراء ثنائي اللون وبقدرة توجيه ودفع محدثة، مع رشقات قصيرة من الدفاع الدقيق لتوجيه الصاروخ باتجاه الاهداف المقتربة. قامت البحرية الاميركية ووكالة الدفاع الصاروخي باجراء اول اختبار طيران للنموذج Block IIA مع اطلاقه من قاذف Mk41 في حقل Point Mugu في كاليفورنيا.
يتميز النموذج Block IIA المطور بالاشتراك مع اليابان بمحركات صاروخية اكبر ومركبة تدمير محدثة. والمراد من النموذج ذي القطر البالغ ٢١ إنش الطيران بسرعات اكبر، وبلوغ مديات اطول ويتميز بباحث اكثر حساسية وقدرة تحويل محسنة في الرأس الحربية الحركية، للإشتباك باهداف بشكل اسرع وحماية مناطق اوسع من الصواريخ البالستية القصيرة والمتوسطة المدى. أمنت شركة Mitsubishi Heavy Industries اليابانية المحركات الصاروخية للطبقتين الثانية والثالثة، وسلم ٢٠٠ صاروخ اعتراض الى البحريتين الاميركية واليابانية.
الدفاع الارضي ضد الصواريخ في منتصف مسارها
تؤمن قدرات الدفاع الصاروخي من Boeing نظما دفاعية واستراتيجية تحمي الوطن والقوى المنتشرة تتضمن البرامج التي تقدمها Boeing الدفاع الارضي ضد الصواريخ في منتصف مسراها (Ground - Based Midcourse Defense - GBMD) للدفاع عن الوطن ومجموعة من النظم الليزرية والكهربصرية.
اما في ما يتعلق بالنظم التي طورتها Boeing في اطار محفظة الدفاع الجوي والصاروخي المدمج هناك نظام ARROW 3 المقدم لقدرات دفاع صاروخي اقليمي يؤمن الردّ الفعّال ضد الصواريخ البالستية القصيرة والمتوسطة المدى
ونظام AVENGER وهو نظام الدفاع الجوي القصير المدى ذات قدرة الرماية اثناء الحركة، النقال والعامل على خط البصر، والخاص بالجيش الاميركي.
تنتج Boeing ايضا الباحث للصاروخ PAC-3، والمستخدم تكنولوجيا الصدم لتدمير المجموعة الكاملة من الصواريخ البالستية التكتية والصواريخ الجوالة والطائرات المعادية.
اما نظام GBMD، فقد صمم من جهة لكشف الصواريخ البالستية البعيدة المدى، اعتراضها وتدميرها في المرحلة المتوسطة من طيرانها. يؤمن GBMD كشفاً مبكراً وتعقباً خلال مرحلة الدفع، وتمييزاً للهدف في منتصف مسرى طيرانه، اعتراضه الدقيق وتدميره عبر قوة الصدم. يستخدم GBMD نظام اعتراض بري ثلاثي الطبقات مجهزاً بمركبة تدمير في الفضاء الخارجي، مستشعرات متعددة، نظم اتصالات وقدرات تحكم بالنار.
AEGIS للولايات المتحدة الاميركية، اليابان وكوريا الجنوبية
يعد نظام القتال AEGIS الذي تبنيه Lockheed Martin المكوّن الاول للدفاع الصاروخي البالستي البحري. ويعمل على الاعتراض التدميري للصواريخ المعادية خلال صعودها، في منتصف مسراها وفي هبوطها. يدمج النظام رادار SPY-1 البحري الاوسع نشرا مع النظام القاذف العامودي نوع Mk 41 وصاروخ الاعتراض نوع SM-3 عبر نظام قيادة وسيطرة متقدم.
ستتسلم اليابان اربع سفن اضافية مجهزة بنظام AEGIS لتعزيز قدراتها ضد اي اعتداء كوري شمالي ولحماية خطوط الاتصالات البحرية.
اما بالنسبة لكوريا الجنوبية، فقد اعلنت وكالة التعاون الأمني والدفاعي الاميركي ان الحكومة الكورية الجنوبية قد تدفع 1.91 مليار دولار لعدة نظم AEGIS على السفن الحربية الكورية الجنوبية. تتضمن تلك النظم ثلاثة نظم قتال AEGIS للسفن، متضمنة الرادار SPY-1، ونظام اجراءات مضادة تحمائي ونظام عرض، ثلاثة نظم اطلاق عامودي نوع Mk41، وثلاثة نظم ادارة وصلات بيانات مشتركة، وثلاثة نظم مساءلة للتمييز بين العدو والصديق نوع AN/UPX-29(V)، قطع غيار واصلاح والدعم التقني واللوجستي المرافق.
تنتج كوريا محليا نظام الضرب الاستباقي Kill Chain، المصمم لاطلاق الضربات فوراً بعد كشف استفزازات نووية او صاروخية وشبكة مصدرها كوريا الشمالية، كما وتنتج محليا نظام الدفاع الجوي الصاروخي والجوي
(Korean Air and Missile Defence- KAMD).
تم ابتكار نظام KAMD في العام ٢٠٠٦ كنظام صاروخي طبقي منخفض، وهو مصمم لحماية الاراضي الكورية الجنوبية ضد الصواريخ والطائرات الكورية الشمالية يعتمد النظام على خلية الدفاع الجوي والصاروخي Air and Missile Defense Cell (AMD - Cell) الذي يدخل بيانات من الاقمار الاصطناعية الاميركية للانذار المبكر ورادارات كورية لكشف اطلاق الصواريخ لتوجيه صواريخ الاعتراض.
يعتمد درع الدفاع الصاروخي البالستي الاقليمي المدعوم اميركيا، قد يعتمد اساسا على ثلاث نظم سلاح رئىسية وهي نظام القتال AEGIS المجهز بصواريخ اعتراض SM-3، نظام Patriot، واخيرا نظام THAAD، التي ستنشر وتشغل بالكامل من قبل كوريا الجنوبية واليابان. صمم THAAD لاعتراض الصواريخ البالستية ذات المستوى القصير والمتوسط المدى وبعض المسارات الاخرى المتوسطة على الارتفاعات داخل الغلاف الجوي وخارجه في مرحلة طيرانها النهائي.
يشدد الاميركيون ان كوريا الجنوبية يحتاج لعدة مستويات من ٩ صواريخ الاعتراض الفعالة من عدة نظم بالاضافة الى نظامي KAMD وKill Chain بحيث ان الضعف في نظام ما تغطيه قوة النظام الآخر.
يهدف التحالف القائم بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية الى توجيه رسالة قوية الى الصين التي تطور قدراتها النووية والعسكرية، بالاضافة الى الدفاع عن الحلفاء في الشرق الاقصى ضد كوريا الشمالية.
تؤمن صواريخ PAC-2 وPAC-3 التغطية الصاروخية المحلية، وهذه الصواريخ تشكل نظاما بريا صارويخا ارض - جو قادرا على الاشتباك بالطائرات والصواريخ على حد سواء. تشغل كوريا الجنوبية حاليا النموذج PAC-2 لكنها حدثت قاذفات PAC-2 التي اشترتها من المانيا عام ٢٠٠٧ الى مستوى PAC-3 المحسن القادر على اصابة الصواريخ على ارتفاع حوالي ٣٥ كلم.
يؤمن PATRIOT الدفاع على ارتفاع ضيق وقصير لذا يوصى بنظام THAAD لانه يؤمن درعا دفاعية متعددة الطبقات لكوريا الجنوبية مع ٧٢ صاروخ اعتراض للبطارية الواحدة مما يولد قدرة دفاع لمنطقة واسعة لاعمال الدفاع الضيق جدا الذي يقوم به Patriot، للقوى العسكرية، الاهداف الحساسة والسكان المدنيين.
تواجه كوريا كلا من الصين وكوريا الشمالية وتواصل مقاومتها لنشر هاتين الدولتين لصوارريخ اعتراض اكثر فعالية وهي تدمج نظامها المستقل في شبكة حليفة شاملة. يقول المعارضون ان نشر نظام THAAD من شأنه ان يعزز التوترات مع روسيا التي قد ترى في ذلك تهديدا لمصالحها الأمنية. على كل، ورغم ذلك كله ومع الاخذ بالمدة التي سيستغرقها الكوريون الجنوبيون لبناء نظام المستوى الاعلى الدفاعي الخاص بهم يبقى THAAD خيارهم.
يصيب القلق المسؤولون الدفاعيون الاميركيون اذ ان التقدم الحاصل في ميدان الدفاع الصاروخي البالستي يحيط به خطر سياسات وقف التمويل. اعلن قائد الجيش والبحرية الاميركيين في آذار الماضي انهما يسعيا لاعادة النظر باستراتيجية الدفاع الصاروخي البالستي بسبب كثرة الطلب والتمويل القليل.
وفي العام ٢٠١٤ سأل قائد العمليات البحرية Jonathan Greenert وقائد الجيش الجنرال Raymond Odierno، وزير الدفاع Chuck Hagel بخصوص استراتيجية معاد النظر فيها، بحيث ان المراسلة التي ارسلاها تتضمن ان التهديدات الصاروخية البالستية تتخطى نظمنا الدفاعية العاملة وتتخطى قدرة اسلحتنا للرد على المتطلبات. كما برزت ايضا انتقادات تقول ان الاستراتيجية المتبعة في وزارة الدفاع الاميركية تعتمد على الامتلاك وهي غير قابلة على البقاء والثبات وتفضل النشر البعيد للاعتدة عوضا عن اعتماد الخيارات الرادعة للرد على المتطلبات الطارئة.