على مدار العقد الماضي كان على جيوش العالم أن تصب جل تركيزها على الحروب غير النظامية وحروب مكافحة التمرد، ففي الحروب الحديثة لا تتعدى فرصة رصد ومعرفة وقصف هدف ما في ثوان قليلة، وقد أصبحت وصلات المعلومات والاتصالات المأمونة الخارجة عن مدى الرؤية BLOS أكثر أهمية مع تزايد العمليات القتالية.
وقد اتسمت الحروب الحديثة في العراق وأفغانستان وليبيا باستخدام القاذفات التي اضطلعت بمهام في توقيتات صعبة للغاية، فالقاذفات بحاجة إلى أدوات أكثر تقدماً لتخطيط الرحلة أثناء الطيران وتدمير الأهداف المعادية. ولذلك أصبحت الأسلحة المتقدمة مثل قنبلة الهجوم المباشر المشترك GBU-31 المعروف اختصاراً بـ JDAM سلاحاً مهماً بالنسبة للمهمات، وتعتبر هذه القنبلة، التي تعتبر أكثر القنابل دقة، سلاحاً دقيقاً مزوداً بجهاز تحديد المواقع عالمياً GPS وجرى استخدامه بكثافة من جانب سلاح الجو الأمريكي والبحرية ومشاة البحرية (المارينز) والقوات الحليفة في مهام قتالية عديدة مثل أفغانستان والعراق، وقد أنتجت شركة بوينج أكثر من 215000 قنبلة موجهة من هذه القنابل منذ عام 1998.
مجموعة التوجيه الدقيق بالليزر
تصبح قنبلة الهجوم المباشر المشترك JDAM سلاحاً ليزرياً عند تركيب مجموعة التوجيه الدقيق بالليزر Precision Laser Guidance Set: PLGS وتتكون قنبلة الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر Laser Joint Direct Attack Munition: LJDAM من مجموعة ذيل التوجيه الاعتيادية الخاصة بسلاح الهجوم المباشر المشترك، بالإضافة إلى مجموعة توجيه ليزري قادرة على التقاط وتتبع الإشارات الصادرة عن الأهداف الليزرية، والقنبلة مصممة بحيث تكون قادرة على الاشتباك بفعالية ودقة مع الأهداف الثابتة والمتحركة براً أو بحراً، كما يقوم التوجيه بالليزر أيضاً بالتصويب على الأهداف البديلة بدقة في الحالات التي لا يتوفر فيها جهاز تحديد المواقع عالمياً.
نبذة تاريخية
في أواخر عام 1991 حدد سلاح الجو الأمريكي والبحرية الأمريكية احتياجهما لنوع جديد من القنابل الموجهة القليلة التكلفة لاستخدامها في أغراض عامة، وأُطلق على البرنامج اسم "القنبلة الموجهة الدقيقة للظروف المعاكسة" AWPGM مبدئياً، ثم أعيد تسميته بـ "قنبلة الهجوم المباشر المشترك" JDAM، وبعد أن جرب سلاح الجو الأمريكي بنجاح قنبلة التوجيه الذاتي المزودة بجهاز تحديد المواقع عالمياً عام 1993 أصبح هدف برنامج "قنبلة الهجوم المباشر المشترك" تطوير قنبلة موجهة قليلة التكلفة مزودة بجهاز تحديد المواقع عالمياً لخدمة القنابل "غير الذكية" Dumb التي يتراوح وزنها بين 200 رطل و1000 رطل حالياً. وفي شهر إبريل 1994 تسلمت شركتا ماكدونل دوجلاس ومارتن مارييتا عقود التطوير، وبعد إجراء اختبارات النفق الهوائي على كلا التصميمين وقع الاختيار على شركة ماكدونل دوجلاس في شهر أكتوبر 1995 كمقاول رئيسي من أجل إجراء المزيد من التطوير على قنبلة الهجوم المباشر المشترك، وأسفر اندماج ماكدونل دوجلاس ومارتن مارييتا عام 1995 عن تأسيس شركة لوكهيد مارتن التي قامت شركة بوينج بشرائها ضمن صفقة تاريخية عام 1996.
تم تسليم الدفعة الأولى من قنبلة الهجوم المباشر المشترك عام 1997، وجرت اختباراتها التشغيلية عامي 1998 و 1999، وخلال الاختبارات جرى إسقاط أكثر من 450 قنبلة هجوم مباشر مشترك تجاوزت نسبة الاعتمادية فيها 95 % وبدقة أقل من عشرة أمتار، وبالإضافة إلى عملية الإسقاط التي يتم التحكم فيها شملت عمليتا اختبار وتقييم القنبلة "اختبارات شبه عملياتية" تتكون من الإسقاط عبر السحب والأمطار والثلج حيث لم تقل درجة الدقة عن دقة الاختبارات التي تجري في الطقس الصحو، علاوة على ذلك، كانت هناك اختبارات شملت عمليات إسقاط متعددة تم خلالها استهداف كل قنبلة على حدها.
وقد بدأت الاختبارات الجوية لقنبلة الهجوم المباشر المشترك جواً عام 1996، وتم ترسية أول عقد (للإنتاج المبدئي البسيط) في شهر إبريل عام 1997، وفي ديسمبر 1998 وصلت قنبلة الهجوم المباشر المشترك مرحلة التشغيل المبدئي IOP على متن أول طائرة وهي من طراز B-52H تابعة لسلاح الجو الأمريكي. وسرعان ما تلتها طائرات أخرى إلى أن أصبحت كافة الطائرات القاذفة والهجومية الأمريكية قادرة على حمل قنابل الهجوم المباشر المشترك، كما أصبح للقنبلة 18 عميلاً خارجياً.
قنبلة الهجوم الموجهة بالليزر
تعمل قنبلة الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر Laser JDAM على زيادة قدرات قنبلة الهجوم المباشر المشترك JDAM، وتشمل هذه الأخيرة مجموعة الذيل التي تحتوي على نظام تحديد المواقع عالمياً GPS أو نظام الملاحة الذاتية INS ومجموعة المكابح لتحقيق اتزان وانطلاق إضافيين، كما أن نظام الاستشعار الليزري عبارة عن مجموعة من السهل تركيبها ميدانياً على مقدمة قنبلة الهجوم المباشر المشترك في دقائق معدودة، ويمكن استخدام قنبلة الهجوم المباشر المشترك إذا لم تكن هناك حاجة لاستخدام الليزر في مهمة معينة، فقنبلة الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر هي ببساطة عبارة عن قدرة إضافية لنظام تحديد المواقع عالمياً أو نظام الملاحة الذاتية اللذين توفرهما قنبلة الهجوم المباشر المشترك الحالية، ما يعني تحويل القنبلة إلى واحدة من أقوى الأسلحة المتاحة حالياً، وتضيف قنبلة الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر مرونة أكبر من حيث تدمير الأهداف مثل الأهداف المتحركة وحتى الأهداف البحرية.
وقد تم الانتهاء من دورة تطوير واختبار قنبلة الهجوم المباشر المشترك في أقل من 17 شهراً بعد أن تم اعتبارها متطلباً تشغيلياً ملحاً في مطلع عام 2007، وقد قامت شركة بوينج بتسليم أول إنتاج من قنبلة الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر لسلاح الجو الأمريكي في شهر مايو 2008، وقد استخدم سلاح الجو هذه القنبلة بنجاح في العمليات القتالية في العراق في شهر أعسطس 2008.
الخصائص
تم دمج مجموعة الذيل مع الرؤوس الحربية GBU-31: MK-84 زنة 2000 رطل وBLU-109 زنة 200 رطل (900 كيلوجرام). أما بالنسبة للرؤوس الحربية GBU-38: MK-83 زنة 1000 رطلاً GBU-32 و MK-82 زنة 500 رطلاً (225 كيلوجراماً)، وGBU-38 هي قيد الإنتاج حالياً من أجل إنتاج قنابل قليلة التكلفة، وأثبتت التجربة دقة هذه القنابل العالية وإمكانية تسليمها في ظروف الطيران الاعتيادية، ويمكن إطلاق قنبلة الهجوم المباشر المشترك من على بُعد يتجاوز 15 ميلاً من الهدف مع الحصول على التحديثات اللازمة من الأقمار الصناعية لتحديد المواقع عالمياً للمساعدة في توجيه القنبلة نحو هدفها. وقد تمكن دمج قنبلة الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر مع GBU-38، ومن المقرر دمجها أيضاً مع GBU-31 & GBU-32.
وقد طلبت وزارة الدفاع الأمريكية شراء قنبلة الهجوم المباشر المشترك لتسليح أسلحة الجو والبحرية ومشاة البحرية (المارينز). وتشمل خطط التطبيق والتطوير المتوقعة دمج هذه القنابل بما يسمح باستخدامها مع طائرات أخرى وإطالة مداها وتقليل حجمها وزيادة دقتها وتقليل تكلفة عملية التوجيه وإضافة نظام للاستشعار.
الوضع الحالي
وقد انتهت شركة بوينج من دورة تطوير واختبار قنبلة الهجوم المباشر المشترك في أقل من 17 شهراً بعد أن تم اعتبارها متطلباً تشغيلياً ملحاً في مطلع عام 2007، وقد قامت شركة بوينج بتسليم أول إنتاج من قنبلة الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر لسلاح الجو الأمريكي في شهر مايو 2008، وقد استخدم سلاح الجو هذه القنبلة بنجاح في العمليات القتالية في العراق في شهر أغسطس 2008.
وجاء التسليم المبدئي لسلاح البحرية عقب الانتهاء من تنفيذ برنامج مكثف لتجربة قنبلة الهجوم المباشر المشترك أثناء الطيران، وهو البرنامج الذي تضمن اختبارات على الطائرات F/A-18C/D وAV-8B وHarrier وخلال تلك الاختبارات نجحت قنبلة الهجوم المباشر المشترك في الاشتباك مع الأهداف الثابتة والمتحركة على حد سواء، منها أهداف تسير بسرعة 85 ميلاً في الساعة. وجرى في مرحلة لاحقة إجراء اختبارات جوية إضافية على متن الطائرة F/A-18E/F Super Hornet.
وفي شهر فبراير 2010 وقع اختيار سلاح البحرية على قنبلة الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر لتلبية احتياجاته من الأسلحة الهجومية المباشرة لإصابة الأهداف المتحركة DAMTC. وأرست القيادة البحرية للأنظمة الجوية عقداً بقيمة 8 ملايين دولار على شركة بوينج في شهر مارس 2011 لتمويل الإنتاج المبدئي القليل التكلفة لـ 700 نظام استشعار ليزري لبرنامج DAMTC ومن المتوقع توقيع عقد الإنتاج الشامل لأنظمة استشعار قنابل الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر في عام 2012.
وقد استخدمت البحرية الأمريكية وسلاح الجو الأمريكي قنابل الهجوم المباشر المشترك الموجهة بالليزر في العمليات القتالية على نطاق واسع، وأثبتت كفاءتها الفائقة في الهجوم على أهداف متحركة مهمة بدقة وبأقل الأضرار الثانوية، ويعتبر إضافة نظام الاستشعار الليزري إلى قنابل الهجوم المباشر المشترك التقليدية خياراً ممكناً بالنسبة لأطقم التشغيل وخياراً سهلاً للغاية بالنسبة للطيارين الذين على دراية بهذا النوع من القنابل.