بعد أيام من إعلان السعودية عن تدشين تحالف عسكري إسلامي كبير لمحاربة الإرهاب، لا تزال التفاصيل قليلة، منها ما سيقوم بها التحالف، وكيف سيؤثر على سوريا، وحتى من سيشارك فيه.
وفي حين قد يكون التحالف علامة جيدة للبيت الأبيض بقيادة أوباما الذي يسعى سعيًا حثيثًا إلى المزيد من المساعدة من حلفاءه الإقليميين في الخليج في الحرب ضد الدولة الإسلامية (داعش)، فيبدو أن المعلومات التي تم تناقلها مع الولايات المتحدة عن التحالف الجديدة معلومات قليلة، رغم أن الفكرة جاءت بعد زيارة من سيناتور أمريكي بارز.
وفي حديثه في مؤتمر صحفي مفاجئ في الساعات الأولى من يوم 16 ديسمبر في الرياض، السعودية، قال ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان أن قوة مكافحة الإرهاب قد وُلدت من “رحم العالم الإسلامي لمكافحة هذا المرض الذي دمر العالم الإسلامي”.
وقال “حاليًا، كل دولة إسلامية تحارب الإرهاب بمفردها… لذا فإن تنسيق الجهود مهم جدً”، مضيفًا أن التحالف سوف “يستهدف المنظمات الإرهابية في العالم الإسلامي.”
وقال “كل بلد سيشارك وفق قدراته ولن نحارب داعش فقط، بل أي جماعة إرهابية”.
ولكن بعد أيام، نفى المسؤولون في باكستان وماليزيا وأندونسيا موافقتهم على الانضمام إلى التحالف رغم ورود أسمائهم جميعًا ضمن المشاركين.
نقلت جريدة الفجر عن وزير الخارجية الباكستاني عزيز أحمد تشودري قوله أنه فوجئ بالإعلان وطلب من السفير الباكستاني في الرياض التوضيح. وقالت وزارة الخارجية في البلاد في بيان في وقت لاحق في 17 ديسمبر كانون الأول أنها “في انتظار مزيد من التفاصيل لتحديد مدى مشاركتها في الأنشطة المختلفة للتحالف” قبل اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستنضم أم لا.
كما قالت وزارة الخارجية الأندونيسية أنها أيضًا لم تقرر بعد ما إذا كانت ستنضم أم لا، حيث قال المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية أرماناثا ناصر لجريدة جاكرتا بوست “أن الحكومة ما زالت تراقب وتنتظر لترى أساليب قوات التحالف التي شكلتها المملكة العربية السعودية.”
وفي الوقت نفسه، أعرب وزير الدفاع الماليزي هشام الدين حسين عن تأييده للتحالف لكنه استبعد أي تعاون عسكري من كوالا لمبور.
وقال “لا تنطوي المبادرة السعودية على أي التزام عسكري، بل تفاهم بأننا سوف نكافح التشدد”.
من الممكن أن تكون دول أخرى أيضًا غير متأكدة من موقفها.
وقال مسؤول حكومي إماراتي لمجلة “أخبار الدفاع” أن البلدان التي تم إطلاعها ووافقت على الدخول في التحالف هي الدول أعضاء مجلس التعاون الخليجي. وقال المسؤول أن هؤلاء الأعضاء سيبدأون التنسيق على مستوى وزارات الخارجية.
في الواقع، يبدو أن التحالف مدفوع بشكل كبير من قبل المملكة العربية السعودية، التي اتخذت كذلك زمام المبادرة في عمليات دول مجلس التعاون الخليجي في اليمن خلال العام الماضي.
وقال المسؤول الإماراتي الذي اشترط عدم الكشف عن هويته “سوف ننسق مع المسؤولين السعوديين في وزارة الخارجية لتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب”.
وقال شهاب المقاهله، مدير المركز الإعلامي الجيوستراتيجي بالأردن: “التحالف الأخير يثير تساؤلات كثيرة بين الدول ويثير الشكوك بين بعضها الذي سُمي ضمن التحالف”.
وهو يشير إلى نفي باكستان بأنها جزء من التحالف كإشارة تحذير هامة حول مدى هشاشة هذه الخطة.
وقال “باكستان، وهي ثاني أكبر بلد إسلامي، رفض آخر مرة طُلب منها فيها الانضمام إلى تحالف للقتال في اليمن، واليوم، تجد الحكومة الباكستانية أن هذا غريب، حيث إن أكثر من 30 بالمائة من سكانها هم من غير السنة، وأنهم فوجئوا بهذا الإعلان السريع جدًا من ائتلاف يضم 34 دولة، وتم إنشاؤه بعد يوم واحد من الحادث الذي وقع في باب المندب ضد قوات التحالف العربي الذي يقال أن 152 جنديًا قد قُتلوا فيه.”
وشدد المقاهله على أن إعلان مكافحة الإرهاب يبدو أنه سيسمح للأعضاء بتبادل المعلومات وتدريب وتجهيز وتوفير القوات، إذا لزم الأمر، لمكافحة الجماعات المتطرفة.
وقالت بيكا واسر من مؤسسة راند أن أسئلة كثيرة لا تزال دون إجابة بعد الإعلان الغامض من وزير الدفاع السعودي الشاب.
وقالت واسر “لا يزال من المبكر أن نتحدث عن شيء غير الأسئلة، أولاً، ما هي أهدافه؟ محاربة الإرهاب في العام كله؟ رائع. هل هذا يعني أن داعش هي الأولوية؟
“أي الجماعات؟ ما الذي قرر أي الجماعات؟ وقالت “لدينا لبنان كجزء من التحالف، هل هذا يعني أن حزب الله خارج الطاولة؟ هناك عدد كبير جدًأ من البلدان المعنية التي لديها تعريفات مختلفة جدًا للجماعات الإرهابية “.
وقالت واسر “قراءتي هي أن هناك أسئلة كثيرة جدًا تبدو رمزية إلى حد كبير في هذا الوقت، ولكن قد تكون هناك خطط محكمة وإجابات لم يتم الإعلان عنها بعد.”
ما أصل الفكرة؟
بدا أن الإعلان عن التحالف قد فاجأ المسوؤلين الأمريكيين – لكنه قد لا يكون الأمر كذلك – حيث إن الفكرة ربما جاءت من زيارة أخيرة إلى المنطقة قام بها السيناتور الجمهوري جون ماكين.
يقول المقاهله أن زيارة ماكين الشهر الماضي وزميله السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إلى بغداد كانت هي انطلاقة هذا التحالف.
وقال المقاهله أن “ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، اقترح في بغداد التدخل في سوريا من قبل قوات برية أوروبية وعربية يدعمها 10 آلاف من المستشارين والمدربين العسكريين الأمريكيين،
ماكين سيناتور قوي لكنه ليست لديه القدرة على اتخاذ السياسات من جانب واحد. ومع ذلك، يبدو أن توصياته كان لها صدى عند الحلفاء الإقليميين.
خلال زيارة ماكين في نوفمبر إلى الشرق الأوسط، قال إنه ناقش استراتيجيته المفضلة في القتال ضد جماعة الدولة الإسلامية مع قادة كثيرين. وقال أن الولايات المتحدة يجب أن تقود جهدًا لتجميع قوة متعددة الجنسيات تتألف أساسًا من العرب السنة وبما يصل إلى 10000 جندي أمريكي لتدمير جماعة الدولة الاسلامية في سوريا.
ستقوم الولايات المتحدة بمهام منفصلة. وستقوم بتحسين وتسريع تدريب القوات العراقية (وخصوصا مقاتلي العشائر السنية)، والتشارك والمشورة مع الوحدات العراقية الأقرب إلى القتال، والقيام بالغارات الجوية من المواقع الأمامية وإجراء عمليات مكافحة الإرهاب.
ومع ذلك، فقد قال ماكين للصحفيين يوم 17 ديسمبر بأنه لم يكن يحشد الدعم لتشكيل ائتلاف للعرب السنة خلال زيارة نوفمبر.
وقال ماكين أن العائق أمام مزيد من المشاركة في الحرب من قِبل العراقيين السنة هو أنهم لا يثقون في حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، نظرا للنفوذ الإيراني “الواضح” على قيادة البلاد.
وقال ماكين أن دول الخليج “قررت أن تخرج من تلقاء نفسها”، كما يتضح من إعلانهم الأخير – ما وصفه بأ “خروج دراماتيكي على كل أوضاع الماضي لأنه تم استبعاد الولايات المتحدة تمامًا.”
وقال “لم يتم حتى إخطارها”.
سوف تتكون القوات البرية متعددة الجنسيات المقترحة من ماكين في المقام الأول من قوات قوات عربية سنية وأوروبية، مع مشاركة قوية من الولايات المتحدة، “لتقوم بما لا تستطيع قوة محلية القيام به ولن تقوم”، وهي استرداد الرقة من أيدي الدولة الإسلامية و”تدمير خلافة داعش في سوريا والتحضير لجهود استقرار طويل الأمد”.
بقدر ما قد يصطدم ماكين مع إدارة أوباما حول الاستراتيجية ضد جماعة الدولة الإسلامية، فإن فكرة ضم المقاتلين السنة أو دول شريكة في المعركة هي فكرة تلقى شعبية لدى الساسة الأمريكيين على الجانبين، وهي عقيدة استراتيجية غير محققة عند وزارة الدفاع الأمريكية في الحرب ضد جماعة الدولة الإسلامية – خصوصًا أن إدارة أوباما تسعى لتجنب أي مشاركة قوية من القوات البرية الأمريكية وتكرار حملة مكافحة التمرد التي طال أمدها.
بغض النظر عن أصل الفكرة، فقد بدا أن وزارة الدفاع الأمريكية قد فوجئت بالإعلان، ولم تكن لديها تفاصيل كثيرة لتخبر بها المراسلين هذا الأسبوع.
حيث أعلن وزير الدفاع الأمريكي آش كارتر دهشته من الأنباء وقال إنهم يتطلعون لمعرفة المزيد عن هذا التحالف.
وقال للصحفيين خلال رحلة في منطقة الخليج “حسنا، نحن نتطلع إلى معرفة المزيد عن ما لدى المملكة العربية السعودية بخصوص هذا التحالف،
يبدو على الأقل أنها تتماشى كثيرًا مع ما كنا ندعو إليه لوقت طويل، وهو مشاركة أكبر في حملة لمكافحة داعش من الدول العربية السنية”.
وبالفعل، قد تكون هذه بداية لزيادة مشاركة الشركاء الخليجيين في المنطقة.
بعد يوم واحد من الإعلان، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في سويسرا أن المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى مستعدة لإرسال قوات العمليات الخاصة إلى سوريا. ومع ذلك، فإنه لم يوضح ما إذل كان هذا جزءًا من التحالف الإسلامي.
تقول واسر، وعلى غرار البنتاجون، قد تكون هناك فرص إيجابية من مثل هذا التحالف في سوريا – إذا كان يمكن معرفة التفاصيل.
تقول واسر: “هل التحالف الجديد بقيادة السعودية يعمل مع التحالف الذي قبله لمكافحة داعش بقيادة الولايات المتحدة؟ هل سيتصرف على نحو منفصل؟ ما الذي سيقوم به تحديدًا؟ هل هناك ضربات جوية؟ هل يركز على إرسال رسائل كما تفعل الإمارات؟ وبالنسبة للدول التي اشتركت أيضًا في تحالف الحرب ضد داعش، ما الذي سيشكل أولوية لها؟”