تسمى العبوة الناسفة البدائية (Improvised Explosive Device) أيضاً عبوة محلية الصنع، وتعدّ من الوسائل غير التقليدية في العمل العسكري، كما يتم تصنيعها من المتفجرات العسكرية التقليدية، أو من مختلف القذائف والمواد المتوافرة في الأسواق كالأسمدة. تعتبر العبوات الناسفة (IED) السلاح الأفضل للإرهابيين، فهي منخفضة السعر وسهلة التصنيع، ويمكن إخفاؤها في أكثر الأماكن ضعةً وبعيدة عن الانتباه، كبين أكوام القمامة وعلى جانب الطرقات، كما يمكن تفجيرها من مسافة آمنة إذا تم توضيبها مع جهاز تحكم عن بعد.
تعود بداية استخدام الإرهابيين للعبوات البدائية إلى فترة الجهاد الأفغاني حيث قام تنظيم القاعدة بإنشاء معسكرات لتعليم كيفية تصنيع المتفجرات من مواد متوافرة في الأسواق المحلية، وذلك لتذليل عقبة لوجستية رئيسة تتعلق بصعوبة نقل المتفجرات بالطرق التقليدية، عبر المطارات أو المرافئ لاستهداف المصالح الغربية. وكانت هذه المعسكرات تحت إشراف مدحت مرسي السيد عمر، مصري الجنسية معروف بـ"أبو خباب" مهندس وخبير في صناعة المتفجرات (قتل في غارة أميركية على المناطق القبلية على الحدود الأفغانية).
كان للجيل الأول من خبراء العبوات الناسفة الخبرة الكافية لصناعة عشرات أنواع المتفجرات في أي مكان من العالم وبمواد متوافرة في الأسواق. أما الجيل الثاني فهم من الهواة الذين طوّروا خبراتهم من منشورات ودراسات الجيل السابق على صفحات الانترنت، ولكن لم يتعلموا أصول التصنيع المخبري في معسكرات القاعدة والتعامل مع حساسية المتفجرات، الأمر الذي تسبب بمقتل العديد منهم.
تجدر الإشارة إلى أن تصنيع العبوات من قبل الهواة ينتج مواد متفجرة غير مستقرة، وهي عرضة للانفجار مع مرور الزمن بسبب صعوبة تنظيفها من الأحماض المستعملة خلال التصنيع، ما دفع بالإرهابيين إلى عدم تخزين المواد المتفجرة، واستعمالها مباشرة بعد التصنيع وهو عيب رئيس يحد من قدرات الإرهابيين.
وظهر الجيل الثالث من الخبراء خلال حرب العراق الثانية (2003-2011)، فقد استخدمت العبوات الناسفة على نطاق واسع ضد قوات التحالف، الأمر الذي أدى بحلول نهاية عام 2007 إلى نسبة وفيات في صفوف قوات التحالف في العراق تصل إلى 64% على الأقل. واكتسب هذا الجيل خبرة واسعة في تصميم عبوات موجهة خارقة للدروع ، وخبرة في إخفاء وتمويه العبوات وعمدوا إلى ابتكار العديد من أجهزة التحكم عن بعد بهدف تفجير العبوات من مسافة آمنة.
استخدم تنظيم "داعش" (وارثاً شيئاً عن أسلافه في تنظيم "القاعدة في العراق") العبوات الناسفة ضد القوات العراقية ووحدات الميليشيات الشيعية التي تقاتل إلى جانبها. وفي تغيير طفيف، مال تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى استخدام هذه العبوات الناسفة كسلاح دفاعي وهجومي.
استخدم تنظيم داعش العبوات الناسفة كسلاح دفاعي، عن طريق زرع المتفجرات في بيوت وأحياء لجعل تطهير المنطقة أكثر استهلاكاً للوقت وأكثر صعوبة على قوات الأمن العراقية (كما حدث في تكريت)، كما اعتمد التنظيم زرع تلك العبوات على الطرق الرئيسة من أجل إبطاء قدوم التعزيزات الحكومية والإمدادات. لقد منح هذا التكتيك وحدات تنظيم "داعش" وقتاً أطول خلال الانسحاب من المدن، كما كبدت العبوات المتفجرة العديد من الخسائر في أرواح الجنود العراقيين، الذين فشلوا في مسح الطرق والمنازل بشكل دقيق. ابتكر "داعش" أساليب هجومية جديدة ، بهدف تدمير التحصينات وإثارة الرعب في قلوب أعدائه، تقوم على تجهيز شحنة كبيرة من المتفجرات داخل عربة مدرعة، مزودة بدروع خارجية قفصية ((Cage armor. فقد نشرت مواقع مرتبطة بـ"داعش" صور لمصفحة MT-LB مجهزة بدروع قفصية ملحومة على الأجزاء الأكثر استهدافاً من هيكلها. وقد وجهت هذه العربة بعد تجهيزها وتفخيخها نحو موقع يسيطر عليه مقاتلو البشمركة الكردية، حيث تصدى المدافعون عن الموقع للعربة بمجرد إقترابها، وأخذوا في إطلاق رشقات من نيران مدافعهم الرشاشة الثقيلة وقذائف مضادة للدروع من نوع (RPG-7) على أمل إيقاف العربة أو تدميرها قبل بلوغها الهدف، لكنهم أخفقوا في تدميرها (بسبب الدروع القفصية)، حيث إستمرت هذه الأخيرة في تقدمها وإندفاعها قبل أن يتولى قائدها تفجيرها في النقطة المحددة له.