مقدمه
معركه الفاو الاولى وتسمى ايرانيا بعمليات " فجر 8 " هو عمليه هجوميه ايرانيه ضد الجيش العراقي
تعتبر هذه المعركه واحده من المعارك المهمه في الحرب العراقيه-الايرانيه " حرب الخليج الاولى "
بدأت المعركه يوم 9 فبراير 1986 الى 20 مارس 1986 وانتهت باستيلاء الجيش الايراني على شبة جزيرة الفاو ذات الموقع الاستراتيجي
المقدمات :
في العام 1986 كانت الحرب العراقيه-الايرانيه قد دخلت عامها السادس , فمن جهة استطاعت ايران منذ العام 1982 من اخراج القوات العراقيه من اراضيها , لكنها استمرت بمهاجمه العراق سعيا الى غزوه واسقاط نظام صدام حسين في بغداد , وعلى الرغم من قيام ايران بهجمات عديده على العراق في الفتره من 1982-1986 فأن معظم هذه الهجمات لم تثمر عن نصر هام بل عانت ايران من خسائر فادحه بالارواح نتيجه لاستخدام مبدا الموجات البشريه في الهجوم على المواقع العراقيه المحصنه كما عانت ايران من نقص في قطع الغيار وتداعت قدره ايران في تعويض خسائر الاسلحه بسبب الحظر الدولي عليها
من جانب العراق وابتداءا منذ العام 1982 فقد استلم دعما من دول اجنبيه واقليميه ساعدته على الصمود تجاه الهجمات الايرانيه
في العام 1986 دخلت الحرب مرحله الجمود
ونتيجه لتصاعد قوه الجيش العراقي من الناحيه البشريه والتسليحيه ادركت ايران انه ليس في مقدورها تماما الاعتماد على الهجمات البشريه والتفوق العددي بسبب الخسائر التي منيت بها في السنوات الماضيه
لذلك انتهجت ايران سياسه جديده في الهجمات تتمثل بالاعتماد على الهجمات المباغته والتغلغل بالعمق بالاعتماد على سلاح المشاة الخفيف ضد المواقع العراقيه الحصينه والمزوده بالاسلحه الثقيله
بدات ايران بتدريب الالاف من جنودها على اعمال التغلغل والقتال الليلي واعمال الدوريات والقتال في الاهوار " وهي مستنقعات مائيه موجوده في جنوب العراق وفي المناطق الحدوديه بين العراق وايران " وحتى حروب الجبال
كما قامت بتدريب الالاف من الحرس الثوري على القتال البرمائي باعتبار ان جنوب العراق ملئ بالمستنقعات
حيث اعتمدت ايران على القوارب الخفيفه السريعه من اجل انزال قواتها على ضفاف الانهر والمستنقعات في جنوب العراق من اجل انشاء رأس جسر للسماح لاحقا بالقوات الثقيله والامدادات بالمرور
كما اعتمد الايرانيون على مروحيات النقل من اجل نقل قطعاتهم الى ساحات المعركه
وركزت ايران على عمليات التغلغل العميق في النقاط التي يصعب على المدرعات والمدفعيه العراقيه العمل فيها او صعوبه استهداف هذه النقاط من قبل سلاح الجو العراقي مثل الاهوار في جنوب العراق والوديان والجبال في شمال العراق
وفي العام 1986 بدات ايران بالتخطيط لهجوم كبير على جنوب العراق ولكن هذه المره ليس على قاطع مدينة البصره " حيث فشلت كل الهجمات الايرانيه عليها " بل الى اقصى الجنوب حيث قاطع شبه جزيره الفاو الملاصق للخليج العربي
كان قاطع الفاو بحمايه قوات عراقيه مستجده وضعيفة التدريب وسيئه التجهيز وتتكون اغلبيتها من افراد " الجيش الشعبي " غير المدرب باحتراف
التحضيرات والاستعدادات :
تم التخطيط للهجوم الايراني من قبل رئاسه اركان الجيش الايراني ووزير الدفاع الايراني
وتم رسم الخطه بواسطه الضباط الايرانيين المحترفين فقط , بينما الضباط الايرانيين في ساحه المعركه كانوا مزيجا بين ضباط جيش وضباط حرس ثوري
الغايه من الخطه هي مفاجأه العراقيين في محور الهجوم و طريقه الهجوم البرمائي عبر شط العرب
وكان هدف الهجوم هو احتلال الفاو وقطع العراق عن سواحل الخليج العربي وتهديد مدينة البصره العراقيه من الجنوب
كما تسعى العمليه لاستنزاف القوات العراقيه سعيا لاسقاط نظام الحكم في بغداد
الهجوم الايراني :
بدأ الهجوم الايراني " عمليه فجر 8 " في 9 فبراير 1986 , وشارك في الهجوم 100 الف عسكري من الجيش الايراني وهم يمثلون 5 فرق عسكريه بالاضافه الى 50 الف من عناصر الحرس الثوري والبسيج
كان الهجوم الايراني على جنوب العراق على محورين
المحور الاول للهجوم الايراني كان محورا مخادعا , وكان الهجوم على قاطع القرنه شمال البصره
النيه من الهجوم على هذا القاطع هو شطر القوات العراقيه في القاطع
وجرى الهجوم على هذا القاطع بقوه شماليه هجمت باسلوب الموجات البشريه " على قاطع الفيلق السادس العراقي " وقوه جنوبيه هجمت بقوه مدرعه " على قاطع الفيلق الثالث العراقي "
وقد استمر الهجوم من الفتره من 9-14 فبراير 1986 وانتهى الهجوم الى الفشل وصمدت القوات العراقيه في مواقعها
تكبدت ايران في هذا الهجوم قرابه 4 الف ضحيه لكن العراق اعتقد ان هذا القاطع هو المحور الاساسي للهجوم فقام بنقل التعزيزات العسكريه الى هذا القاطع " قاطع البصره-القرنه "
المحور الثاني للهجوم الايراني كان قاطع شبه جزيره الفاو " جنوب البصره "
حيث قام الايرانيون بهجوم برمائي عبر شط العرب وعلى محورين ليله 10-11 فبراير 1986
وقد توخى الايرانيون ان يهاجموا ليلا وفي طقس سئ من اجل التقليل من فعاليه سلاح المدرعات وسلاح الجو العراقي
في الموجه الاولى للهجوم الايراني تم استخدام الضفادع البشريه والتي استولت على جزيره ام الرصاص في شط العرب والمقابله لمدينه المحمره " استعادت القوات العراقيه السيطره على هذه الجزيره بهجوم معاكس بعد 3 ايام "
الهجوم الاخر المتزامن كان هجوما برمائيا لمسك رأس جسر على شبه جزيره الفاو
وقد شارك في الهجوم مايعادل حجم فرقه كامله من الحرس الثوري الايراني تم تحميلها على قوارب كبيره وصغيره
وقد انزلت هذه القوه على 6 نقاط في شبه جزيره الفاو تحت غطاء قصف مدفعي وجوي ايراني كثيف على المواقع العراقيه
وبعد ان انزلت الموجه الاولى القوات الايرانيه على سواحل الفاو من جهة شط العرب وتأسيس رؤوس الجسور تم دفع 20 الف عنصر من البسيج والباسدران والجيش النظامي عبر شط العرب يوم 12 فبراير ثم سارعت القوات الايرانيه بالهجوم شمالا داخل شبه جزيرة الفاو واستولت على شبه جزيره الفاو بعد 24 ساعه من المقاومه من القوات العراقيه والتي كانت سئيه التدريب والتجهيز
ومن اجل ان لايستطيع سلاح الجو العراقي استهداف الجسور الايرانيه التي مدت عبر شط العرب من اجل نقل القوات الايرانيه الى شبه جزيره الفاو من البر الايراني فقد عمد الايرانيون الى لحيم قطع الجسور بعضها ببعض ليلا تحت الماء ثم ربطها بتانكرات مملوء بالاوكسجين لكي تعوم
لقد خسرت القوات العراقيه في هذا القاطع قرابه 4000 ضحيه و 1500 اسير
اما مدينه الفاو فقد صمدت فيها القوات العراقيه حتى يوم 14 فبراير 1986
كان الهجوم الايراني على قاطع الفاو هجوما مفاجئا للقوات العراقيه والتي لم تتوقع ان يكون للايرانيين القدره على شن هجوم برمائي كبير في هذا القاطع
وبعد ان استولت القوات الايرانيه على شبه جزيره الفاو فقد عمدت فورا الى حفر الخنادق وبناء التحصينات بانتظار الهجوم المعاكس العراقي
الهجوم المعاكس العراقي :
بدا الهجوم المعاكس العراقي على شبه جزيره الفاو اعتبارا من يوم 12 فبراير 1986 , لكن القياده العسكريه العراقيه كانت مقتنعه في ذلك التاريخ بان الهجوم الايراني على قاطع البصره-القرنه هو الهجوم الرئيسي بينما الهجوم الايراني على قاطع الفاو كان هجوما تمويهيا خادعا
وكانت اولى الهجمات العراقيه المعاكسه قد تمت بواسطه فرقتين ميكانيكيتين في تلك المرحله
في 13-14 فبراير ادركت القياده العسكريه العراقيه بان هجوم الايرانيين على الفاو كان هو المحور الرئيسي , لذلك سارعت القوات العراقيه بشن سلسله من الهجمات القويه على القوات الايرانيه في شبه جزيره الفاو
وقد تكونت القوات العراقيه المهاجمه بشكل اساس من قوات ميكانيكيه ومدرعه مع قله من وحدات المشاة
وقد اعاقت جغرافيه القاطع الضيقه والتربه الرخوه من حركه المدرعات العراقيه وقللت من تاثير القصف المدفعي والجوي العراقي على القوات الايرانيه في شبه جزيره الفاو
كا لم يكن في القاطع سوى طريقين صالحين لمرور المدرعات وقد التزمت القوات العراقيه المدرعه بالقتال عليهما مما عرضها لخسائر كبيره خاصه من قبل الصواريخ المضاده للدروع والمدفعيه الايرانيه
كما حاول سلاح الجو العراقي التدخل بكثافه في المعركه وقام ب 300 طلعه جويه في سماء الفاو الا ان تأثير الضربات الجويه على القوات الايرانيه هناك كان ضئلا بسبب امتصاص التربه الرخوه للصواريخ العراقيه بالاضافه الى ان معظم القوات الايرانيه كانت من المشاة والذي كان يختبئ صباحا ويتحرك ليلا لتجنب القصف الجوي العراقي
كما خسر سلاح الجو العراقي من 15-30 طائره بسبب نيران الدفاع الجوي الايراني والمكون بشكل اساسي من بطاريات صواريخ هوك الامريكيه الصنع
بعد اسبوع من القتال العنيف فشل الهجوم العراقي في طرد الايرانيين من الفاو
في 24 فبراير ارسلت القياده العراقيه واحدا من افضل قادتها لاداره المعركه وهو الجنرال ماهر عبد الرشيد كما كان القرار بارسال وحدات النخبه " الحرس الجمهوري العراقي " الى القاطع من اجل البدء بهجوم معاكس جديد
شارك في الهجوم قوات الفيلق السابع العراقي والحرس الجمهوري
كانت القوات العراقيه تطلق يوميا على المواقع الايرانيه 600 قذيفه مدفع من النوع عالي التفجير " وقيل انه تم استعمال القذائف الكيميائيه مما ادى الى مقتل 700-1800 عسكري ايراني مباشره واصابه 8 الف "
كما قام سلاح الجو العراقي ب 200 طلعه جويه يوميا على القاطع
كما اعتمد العراقيون ايضا على سلاح المروحيات وبدأ القتال الشديد
ولكن يبدو ان الهجوم المدرع العراقي واجه مقاومه شرسه من الايرانيين والذين كانوا مزودين وبكثافه بالاسلحه المقاومه للدروع
ونتيجه لجغرافيه القاطع فقد التزم العراقيون بالهجوم على الطريقين الوحيدين في القاطع كما سجلت نقطه سلبيه في الهجوم العراقي تمثلت في نقص التعاون بين سلاحي المشاة والدروع العراقيين وضعف عمل القوات العراقيه ليلا
كما امتصت التربه الرخوه في القاطع القذائف والصواريخ العراقيه التي اطلقت من المدفعيه وسلاح الجو العراقيين
وتعرض سلاح الجو العراقي الى خسائر اضافيه بفعل منظومات الدفاع الجوي الايرانيه المتطوره والتي جلبها الايرانيون سريعا الى القاطع
كما شارك سلاح الجو الايراني ايضا في احباط الهجمات الجويه العراقيه
وحسب المصادر فقد خسر العراق في هذا الهجوم 25 طائره
في 4 مارس 1986 قامت مقاتلتين ايرانيتين نوع F-5 Tiger II بقصف مقر الفرقه الخامسه الميكانيكيه العراقيه مما ادى الى مقتل قائد الفرقه وهيئه اركان الفرقه وكان هذا فألا سيئا
استمرت المعركه على اشدها واستمر القصف العراقي على الايرانيين في الفاو لكن بلا نتيجه حاسمه
في 10 مارس 1986 قامت القوات العراقيه بمحاوله القيام بهجوم برمائي على مؤخره القوات الايرانيه لكن الهجوم فشل ايضا
في المقابل هاجمت القوات الايرانيه على ميناء ام قصر العراقي الا ان القوات العراقيه المرابطه هناك افشلت الهجوم
وانتهى الوضع العسكري في القاطع الى مرحله الجمود
وانتهت المعركه رسميا في 20 مارس 1986 بعد ان بلغ التعب والاستنزاف مبلغا عظيما لدى الطرفين
مابعد المعركه :
على الرغم من ان المعركه انتهت رسميا اواخر مارس 1986 الا ان المعارك استمرت في هذا القاطع حتى العام 1988 بدون ان يستطيع اي طرف ان يغير الوضع على الارض حتى ابريل 1988 عندما شنت القوات العراقيه هجوما خاطفا " معركه الفاو الثانيه او عمليه رمضان مبارك كما سميت عراقيا "
خسرت ايران في معركه الفاو الاولى قرابه 30 الف ضحيه وخسر العراق 10 الف ضحيه
في 3 سبتمبر 1986 شن الايرانيون هجوما سمي ب " كربلاء 3 " على منصتين نفطيتين " العميه " قرب ام قصر و " البكر " قرب جزيرة بوبيان الكويتيه
لكن الهجوم الايراني فشل ايضا
كان احتلال ايران لشبه جزيره الفاو يشكل وضعا خطيرا بسبب قرب الفاو من مدينه الصره العراقيه
فسارعت القوات العراقيه الى بناء خط تحسينات محكم مكون من مواضع ومخابئ محصنه ومواقع مدفعيه ودبابات وحقول الغام واسلاك شائكه
كما تم تشكيل بحيره اصطناعيه بطول 30 كم وعرض 1800 متر
الرئيس العراقي صدام حسين توعد باتحرير الفاو من الايرانيين مهما تكلف الامر , وقد اعاد العراقيون الفاو في ابريل 1988
انتهت ........
ملاحظه : الموضوع معتمد على مصادر دوليه وسنذكر لاحقا نقاط عن المعركه وفقا للقاده العسكريين من الطرفين
تحياتي