مذكرات الكولونيل الامريكي ايفان بروكس
الفصل 1
تسلمت كتاب إحالتي على التقاعد في مطلع ديسمبر 1990، بعد بلوغي سن الستين. وفي اليوم ذاته تسلمت أيضا كتابا بالتحاقي كضابط احتياط بقوات «عملية درع الصحراء. في يوليو 1990 شاركت في مناورة مشتركة وهي «إنتيرنال لوك لمدة أسبوعين، إذ حدث غزو عراقي لدولة الكويت والسعودية. وقد بلغت هذه العملية ذروتها مع التدمير على الورق «لقوات التدخل السريع، ومنها تدمير لواءين مجوقلين، والاضطرار لمواصلة لواء ميكانيكي الحرب عن طريق البحر الى الظهران (السعودية).
تطوعت للخدمة العسكرية في 20 أغسطس. وأرسلوني الى «فورت براغ «بشمال كاليفورنيا للتدرب على الأجواء المتوسطية. كنت ضابطا في وحدة الشؤون المدنية بالجيش، وهي وحدات لم تعد تحظى بثقة كبيرة من القوات المسلحة بعد الحرب العالمية الثانية. وهذه الوحدة كانت مطلوبة لمرافقة الوحدات الخاصة SOF (في حرب فيتنام كانت وراء الخطوط). وبعد تسريحي مؤقتا بسبب كبر السن، أعادوني للخدمة في 11 ديسمبر 1990، على أن يرسلوني الى السعودية فورا، وهذا ما كان فعلا.
الأربعاء 12 ديسمبر 1990
أوصلتني زوجتي الى فيينا (فرجينيا)، ومنها ذهبنا بالحافلات الى فورت براغ، حيث أمضينا يومنا الأول هناك. وكان أول شيء قمت به بعد التحاقنا بوحدتي الأفراد واللوجستيات هو أخذ أوزاننا وأطوالنا واعطونا أحذية.
الخميس 13 ديسمبر 1990
بعد تناول الفطور حضرنا درسا حول الحرب النووية والبيولوجية والكيميائية، وحقن الأتروبين، من كابتن لا يفقه شيئا في هذه المسائل. ثم انتشرنا في أرض المعسكر. حتى حان وقت الغداء، وأعقبه توزيع ألبسة عسكرية لدى الآمر شبيغلميير، قائد العمليات الخاصة. وقد ألحقوني بفصيلة عسكرية، حيث قدم لنا ضابط أمن العمليات بعض المعلومات الأمنية عن يوم الانتشار للقوات، وهو 7 أغسطس.
استجوبوني حول موقفي وخبراتي بلا تحديد. ولكن المحقق سألني عن مشاكل الفرد اليهودي في العالم العربي. وأعقب ذلك استماع الى معلومات حقوقية، شملت قانون إغاثة المدنيين الخاص بالجنود والبحارة SSCRA. وأبلغونا بعدم السماح لنا بأي مقابلة أو قبول كتب أو مجلات ومعلومات، وضرورة تحويلها الى مكتب الشؤون العامة.
الجمعة 14 ديسمبر 1990
هذا يوم خصص للفحص الطبي للتأكد من صلاحيتنا للخدمة في الخارج. ولم يفتني إبلاغهم بأنني لا أهتم بالأمور الدينية، لمعرفتي ان هذا لا يناسب الخدمة في المنطقة العربية. ثم حضرنا اجتماعا، لكن تبين أن لا أحد يعرف الى أين سنمضي أو ما الذي سيحدث.
السبت 15 ديسمبر 1990
استكملنا الفحوص الطبية، واختبارات اللياقة العامة بعد الظهر. ثم كان إرسال أول دفعة من المتطوعين الى دوفر. وقد عينت ضابط ارتباط للشؤون المدنية في قيادة البحرية برفقة «فرانكي راي. وأبلغوني أنني سأرسل الى الرياض، على ان ألتحق بقائد البارجة «لاسال.
الأحد 16 ديسمبر 1990
واصلنا التدريب العام لكنه كان سطحيا. وبدا لي ان التحضيرات للحرب مسؤولية فردية. وقد طلبت (مع بعض الشروط) زيارة أصدقاء لي. وفي المساء صرفوا لنا أدوية عصبية، بعضها لم يكن يتم ذكره خلال التدريبات كلها، وهي ساعدت على تحسين معنوياتنا، على أن تسافر طلائع وحدتنا الى دوفر خلال 24 ساعة.
الاثنين 17 ديسمبر 1990
كان مقررا أن نغادر في الساعة الثانية.، مع تسلمنا معدات التمويه والثياب الحربية. ولكن كان هناك أمور اخرى لم نحصل عليها فتأخرنا بعض الوقت.
الثلاثاء 18 ديسمبر 1990
وصلنا الى دوفر عند الخامسة فجرا، والى المطار في الحادية عشرة. وبقينا ننتظر. وهناك التقيت صديقا قديما من العام 1953.
الأربعاء 19 ديسمبر 1990
انطلقنا بالطائرة في الواحدة ليلا، الى جزر اللازورد البرتغالية. ولم نكن نعرف أين وجهتنا لقلة النوافذ بالطائرة.
الخميس 20 ديسمبر 1990
وصلنا «راين مين، ونقلونا بالحافلات الى مقر منظمة الخدمات المتحدة. وهناك أخذنا استراحة طويلة. وبعد الظهر صعدنا الى الطائرة واتجهنا الى المملكة العربية السعودية.
الفصل الثاني
الالتحاق بالبحرية
يبدو انني وضعت في المكان الخطأ تماما، حيث لا حاجة للقوات البحرية بالخدمات المدنية، كما سيتضح لي.
الجمعة 21 ديسمبر 1990
وصلنا الى الظهران خلال سبع ساعات، مع حلول الظلام، ونمنا في خيام عسكرية. حاولنا مرارا الاتصال بقيادة الجيش الوسطى لكن بلا جدوى بسبب صعوبة الاتصالات، فضلا عن تشابك وانشغال الخطوط المكثف. ومرة فقط كدت أنجح في الاتصال لكن صفارة إنذار محذرة من صواريخ سكود دوت، فهرعنا الى ارتداء ثيابنا الواقية. وتبين انه إنذار كاذب، وان صاروخا إسرائيليا من نوع «جيريكو كان قيد الاختبار، لا أكثر.
اتصلت بالميجور ستيف غريكو في البحرين فخف لمساعدتنا بسيارته. ورأيت ان البحرين «لؤلؤة وسط بحر من الأصولية، وان فيها أسماء إنجليزية أكثر من أرلنجتون بفرجينيا. واستمتعنا بوقت جيد هناك، لاسيما في مقر وحدة الدعم الإداري قرب الشاطئ في المنامة. وتقرر ألا تلبس قوات الشؤون المدنية «البيريه العسكرية الخمرية اللون، باعتبارها قوات غير مجوقلة، كما منعنا من ارتداء اللباس العسكري داخل المدينة.
السبت 22 ديسمبر 1990
كان هناك أربعة أماكن للجيش: الإدارة، الاستخبارات، التدريب والعمليات، اللوجستيات، ويمكن إلحاق قوات الخدمات المدنية بها. وقد التقيت بالعديد من الأفراد من هذه الأسلحة، مثل جون شيروين، غلين فلتشر، بيتر هوستا، بريان المتخصص في العمليات وآخرين.
كان أول عقبة اصطدمت بها هناك هي عدم قبول القيادة البحرية بوثيقتي الأمنية، والتي لم أتمكن من تصديقها في الرياض، واضطررت لمخاطبتهم في مريلاند لتزويدي بنسخة مصدقة منها. بعد ذلك راجعت السفارة الأميركية لإبلاغهم عن التحاقي. وفي وقت لاحق قابلت أنا ورفيقي الرقيب «رايت «الأدميرال روبرت سوتون، الذي أعجب بخبرتي كضابط كيميائي، دون ان يدري انها مجرد حبر على ورق كما قرأها في سيرتي الذاتية.
الأحد 23 ديسمبر 1990
لدى التحاقي بالقيادة البحرية تلقيت أول تعنيف من الكابتن «كاس البحري بسبب فلة الانضباط. وكان كاس ضابط احتياط قديماً، وفي الخمسينيات من عمره ومهتما بالسياسة.
ولكن المشكلة التي واجهناها كانت تعييننا لدى القوات الدعم البحري NAVLOG أو في القيادة البحرية المركزية NAVCENT بشكل فعلي، واستقر بي المطاف رسميا كضابط في عمليات التسجيل البحري.
الأثنين 24 ديسمبر 1990
قضيت وقتا في مراجعة ملفات الخطط القتالية، واستنتجت ان القيادة الوسطى قد حولت كل مسؤولية الشؤون المدنية الى قيادة قوات الشرق الأوسط CMEF. وفهمت ان مخطط العمليات يوضح أن من المفترض ان يتولى كبير الضباط داخل كل بلد قيادة العمليات المدنية. كما انها تطلب تقديم تقرير يومي للقيادة المركزية عن طريق قيادة الجيش الوسطى يتضمن نشاطات الخدمات المدنية.
الثلاثاء 25 ديسمبر 1990
إنه يوم عيد الميلاد، ولكنهم أجلوا العطلة ليوم غد بسبب حالة الاستنفار. وقد مر بطيئا علي، بين البحث عن الرسائل والأعمال العادية. ثم نظمت قيادة العمليات حفلا ترفيهيا لموسيقى البوب للشقيقتين آن جوليان وماري أوزموند، بعد أن منعتا من الدخول الى السعودية.
وفي هذه المناسبة تحدثت مع الكابتن كاس بشأن تعييني. قلت له ان البحرية بحاجة الى ضابط ارتباط عسكري، ولا حاجة بهم الى خدماتي في الشؤون المدنية. ولأن البحرية متواجدة في البحرين منذ 1947 بأعداد قليلة، فلا مشكلة في تعيين ضابط ارتباط لهذا العدد الكبير من القوات الآن. لذلك اتصلت بالقيادة الوسطى لكنه كان يوم عطلة في الرياض. وفيما بعد أبلغتهم بأن الكابتن كاس ليس بحاجة الى ممثل للشؤون المدنية في البحرين.
الأربعاء 26 ديسمبر 1990
استيقظت في التاسعة، وتوجهت الى وحدة الدعم الإداري، حيث اتصلت بالقيادة الوسطى للجيش CENTCOM، وقيادة المركزية للجيش ARCENT، لكن بلا طائل. وكان هناك رجل إيراني يدعى «حمزة، قالوا لي انه يستطيع ان يعمل كل شيء هناك حتى داخل القيادة.
ذات مرة رن الهاتف، فأجبت. كان المتكلم من البنتاغون، بشأن تحديد طلب الأدميرال سوتون لحوامة لنقله في زيارته المقبلة الى واشنطن العاصمة. وقلت لهم انني لا أدري، لأكتشف بعد إقفال الخط انني ارتكبت حماقة تتعلق بالسرية. وقد خشيت من العواقب، ولم أتخلص من الخوف إلا بعد أن التقيت مدرسا مصريا للغة الإنجليزية، فحدثني عن عدم ارتياحه في البحرين، ولكن همه هو كسب المال.
الخميس 27 ديسمبر 1990
في الاجتماع الصباحي سجلت ملاحظات للاجتماع المقبل، ثم قمت بزيارة للمستشفى الميداني. وناقشنا موضوع اللباس والأعتدة المضادة للأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية.
بعد العاشرة قمت بزيارة الى السفارة الأميركية. وكانت هناك مشكلة المؤن لدى البحارة. ولم يوافق الضابط المسؤول في قوات على تنظيم المواد الطبية المشتركة وفتح المخزن لهذا الغرض، داخل القاعدة البحرية. واتصلت بالآمر جون جاسكيت بشأن وضعي، باعتباره محامي دفاع على متن السفينة الحربية «لاسال.
ثم حضرت اجتماعا أمنيا حول الفنادق والعبور برئاسة الآمر «هوسر، وفهمت أنه لا توجد أي خطط بهذا الشأن. وحضر الاجتماع بريطانيون وكنديون، وضابط الأمن سكوت كارسون، فأصبح صديقا لتشوك ترومبيتا من يومها. وكانت لي عدة اتصالات حول تلك الأمور كلها مع آخرين.
الجمعة 28 ديسمبر 1990
قمت مع الرقيب رايت بزيارة البارجة «بلو ريدج، حيث قدمت نسخة من سيرتي الذاتية والعسكرية للقومندان سانتوس. ولكني ارتكبت هفوة حين أخبرتهم بأن علي السفر الى أميركا في أبريل. ولما سألوني عن السبب، قلت لهم انه من أجل حضور مناسبة ابني الذي سيبلغ سن الثالثة عشرة (وهي مناسبة تسمى Bar Mitztah عند اليهود). وفيما بعد أخبرني صديق بأن سلاح البحرية لا يثقون باليهود. وبالفعل، عندما سألت عن العطل الدينية قال لي أحدهم: ولماذا تسأل؟ أنت اليهودي الوحيد هنا، ولا عطلات لك.
السبت 29 ديسمبر 1990
رتبت لقاء مع الكولونيل الجوي «كرومراين في السفارة الأميركية. ولدى عودتي علمت ان التدريب على الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية قد ألغي. كذلك تلقيت اتصالا في تلك الليلة من ستيف غريكو العائد من هاواي. فقد ناقش وضعي مع الكولونيل جيم غوليك، ورأى ضرورة مساعدتي.
الأحد 30 ديسمبر 1990
ذهبت لحضور اجتماع السفارة. وهناك طرحت أسئلة تتعلق بإخلاء المدنيين الأميركيين، وأكثريتهم يعملون في المدرسة الخاصة بوزارة الدفاع. لكن القنصل تنصل من المسؤولية عن المدرسة. وأبديت فيما بعد ملاحظات قاسية بهذا الصدد.
الاثنين 31 ديسمبر 1990
أبلغوني ان العمل يبدأ في الوحدة منذ السابعة صباحا. والجيش يفضل رؤية الأفراد وكأنهم مشغولون، بغض النظر عن حقيقة انشغالهم. ومن ثم اجتمعت مع الكابتن كاس فأخبرني بأن البحرية بحاجة الى ضابط ارتباط.
وعقد اجتماع لضباط الشؤون المدنية في الظهران لكنهم لم يسمحوا لي بحضوره. فاعترضت، وقبل الظهر أبلغني الكابتن كاس انهم قبلوا بحضوري.
يتبع .......