الجزء التاسع عشر
كان تنفيذ عملية التقرب غير المباشر من وادي جك ميدان وإحاطة العدو الذي يحتل الراقم 1155 في قاطع الفرقة 12 والراقم 994 في مؤخرة الجانب الغربي من فرقتي، يتطلبان العديد من التحضيرات، منها الهندسية والتعبوية وتهيئة القطعات. فمضيق سرتاتان الذي يفصل عارضة سرتاتان وامتدادها الجنوبي عارضة جك أون عن عارضة كيمكو شمال المضيق يجب أن يُجسّر من دون أن يشعر العدو الذي يمكن أن يكشف العملية التي نتوخى مباغتته بها، إلا أن طرف عارضة سرتاتان المقابل لعملية التجسير غير صالح لمسير الآليات والدبابات، وهناك أسنان لمسافة 500 أو 600م يجب تسويتها، كما ليس هناك طريق تربط العارضة 994 بغربها، وهناك نيسم قديم يمكن أن تسير عليه الحيوانات أو المشاة، ويستغرق الوصول إليها راجلين أكثر من ثماني ساعات.
اتخذنا سلسلة من التحضيرات لمعالجة هذه المعضلات، فقمنا بنصب الجسر الذي يربط طرفي المضيق بالعمل ليلًا وتمويهه نهارًا، وكلفت سريّة هندسة اللواء الخامس بتسوية الأسنان الصخرية على الطرف الذي يربط الجسر بالعارضة. وعندما سألت آمر السريّة كم من الوقت تتطلبه تسوية الأسنان الممتدة إلى أكثر من 500م، قال: «أحتاج إلى أسبوعين».
فقلت: «إن هذه سريّة هندسة اللواء الخامس أليس كذلك؟»،
فقال: «نعم سيدي»،
فقلت: «أريدك أن تنجز العمل بعد 48 ساعة من الآن».
وتم إنجازه في الوقت الذي حددته. في أثناء ذلك أرسلت في طلب فصيل نقلية حيوانات (بغال) من سريّة نقلية حيوانات، الفرقة المتروكة في معسكراتها في السليمانية، لإيصال الإمدادات إلى القوة التي ستتعرض على الراقم 994، وشرعنا بجلب جهد هندسي من الفيلق، إضافة إلى الجهد الهندسي للفرقة لتوسيع النيسم المؤدي إلى الراقم لطريق تصلح لمسير الآليات
كلّفتُ آمر اللواء 19 العقيد الركن قوات خاصّة عصمت صابر ((( العقيد الركن قوات خاصّة عصمت صابر محمد، تركماني من كركوك، يتميز بالشجاعة الفائقة والأخلاق الرفيعة والانضباط الشديد. وكان قبل الحرب معلمًا في مدرسة المظليين، وبعدها آمر جناح التدريب، وهو من أبطال القفز الحر بالمظلات على المستوى الدولي. عمل في الحرب في مناصب آمر اللواء 19، وقائد الفرقه الرابعة، وفي حرب الخليج 1991 كان قائد قوات بمستوى الفيلق، كما شغل منصب مدير الحركات (العمليات) العسكرية. أُعدم بعد نهاية الحرب بتهمة سحب مقرّ القيادة من دون أمر، وذلك ما ثبت عدم صحته بعد ذلك ))) بقيادة اللواء والقطعات التي ستلحق به للقيام بعملية التقرب والإحاطة من وادي جك ميدان.
ألحقت به كتيبة الدبابات والفوج الآلي التابعين للواء المشاة الآلي 51 الذي كان يُشكّل في قاطع الفرقة وتحت إشرافها، وألحقت به أيضًا ثلاث سرايا مغاوير، وسريّة هندسة فأصبحت قوة الواجب تعادل اللواءين. لم أكن مطمئنًا لجدارة طوائف (طواقم) كتيبة الدبابات التابعة للواء 51، إذ كان جلّهم من المستجدين بدباباتهم الجديدة والحديثة من طراز T55. كان لدينا في مرتفعات كولينا كتيبة دبابات قديمة، طوائفها وضباطها من ذوي الخبرة والتجربة، يسندون اللواءين 38 و19 بدباباتهم القديمة من الطراز T54 التي يصعب إنزالها من جبال كولينا، ويمكن أن تتعطل في أثناء تنفيذها الواجبات المقبلة لقِدَمها. فقررت قيام طوائفها باستلام دبابات الكتيبة الجديدة لتنفيذ الواجب بعد أن يتركوا واحدًا من طائفة الدبابة (هو الرامي ويسمّى بتعبير وحدات الدروع والمدفعية العراقية عدد واحد) في كل دبابة، وضابطًا واحدًا في كل سريّة في مواضعها في كولينا، وتنتقل طوائف وضباط الكتيبة الجديدة إلى كتيبة دبابات كولينا. هكذا أصبح لدينا كتيبة دبابات حديثة بطوائف مجربة لتنفيذ الواجب.
كان طول المحور الذي ستتقدم عليه قوة الواجب بين 23 و25 كلم، وتقع على امتداده عقد عدّة من المرتفعات المنخفضة والنياسم. استصحبت قبل التنفيذ آمري اللواءين الخامس والتاسع عشر، وآمر المدفعية إلى عارضة سرتاتان، وبدأنا استطلاع المناطق المشرفة على الوادي سيرًا باتجاه عارضة جك أون الذي تحتله قطعات من اللواء الخامس. كنت أُركز على انتخاب مواضع إسناد في المرتفعات التي كنا نستطلعها للقوة التي ستتقدم في الوادي، وبعد مسير كل مئاتٍ عدة من الأمتار أشير إلى آمر المدفعية الذي يتابع مسيرنا على الخريطة التي معه، وأطلب منه ومن آمر اللواء الخامس أن يضعا رشاشًا متوسطًا هنا أو دبابة هناك، ومفرزة من المشاة وسلاحًا ساندًا في هذه النقطة أو تلك. هكذا سيضمن إسناد القوة التي ستتقدم في وادي جك أون في حالة تعرّضها لأي عمل معادٍ، إلى أن وصلنا قريبًا من المنطقة التي سينتهي إليها رتل الوادي، وثبّتنا آخر نقطة إسناد. التفتُّ إلى الضباط الذين معي وقلت لهم: «الآن كسبنا المعركة».
أخبر الفريق عبد الجبار قائد الفيلق، وزيرَ الدفاع ورئيس أركان الجيش بالعملية التي نزمع القيام بها فقاموا جميعًا بزيارتنا، وذهبنا إلى مرصد الفرقة في عارضة كيمكو المشرفة على المنطقة، وكلفت آمر المدفعية أن يوجز الخطة لرئيس أركان الجيش، وقمت أنا بالإيجاز للوزير عن واجب القوة والتحضيرات التي قمنا بها لتنفيذه، فأبدى إعجابه بخطة العملية والإجراءات المتخذة، وعلّق بأن العمل بمجمله مبتكر وجريء وتمنى لنا التوفيق.
لم أكن مقتنعًا بدفع القوة التي ستُكلف بواجب الراقم 994 على الطريق النيسمية التي يستغرق قطعها ساعات عدّة للقوة الراجلة للوصول إليه، على الرغم من قيام الجهد الهندسي بتحسين النيسم المؤدي إليه مسافة لا بأس بها لسير العجلات. وفي غرفة الحركات قلت إني سأقوم بإنزال صولة جوية بالسمتيّات على الراقم 994 بمسافة تبعد بين 600 و700م عن مكان وجود العدو كي لا تُصاب السمتيّات بنيران قواته الموجودة في الراقم، فتحمّس المقدّم الركن برهان خليل لهذه الخطوة فكلفته بقيادة أربع سرايا مغاوير معززة بأسلحة ساندة لتنفيذ الصولة الجوية.
وبعد إكمال التحضيرات كافة شرعنا في تنفيذ العملية فقام المقدّم برهان وقوته بالإنزال في منطقة الراقم 994 بإسناد نيران المدفعية والسمتيّات المسلحة فأجبرنا فيها العدو على الالتجاء إلى الكهوف والمغارات في المنطقة، وبعد الإنزال اشتبكت القوة مع العدو، واستطاعت التقدّم مئات عدة من الأمتار، ولما اشتدت المقاومة أوعزنا إليها بالتوقف وتحصين مواضعها، وكلّفنا المدفعية بصب نيرانها عليه.
في اليوم التالي ليلًا شرعت القوة الرئيسة بعبور جسر سرتاتان إلى وادي جك أون تتقدمها سرايا المغاوير. قامت مدفعيتنا بقصف العدو كي لا يكشف القوة أو يسمع حركة الدبابات في أثناء تقدمها، وقبل الفجر استقرت القوة في عقدة تقاطع الطرق التي أطلقنا عليها اسم W بعد أن اتخذت القوة إجراءات الغش لضمان أن لا يكشفها العدو. وفي ظهر اليوم بدء رذاذ المطر بالتساقط، وفي المساء كان المطر ينهمر بكثافة، وفي الساعات الأولى من الليل بدأ رذاذ من الثلوج بالسقوط. لم يقلقني رتل القوة الرئيسة الذي كانت طريق مواصلاته مفتوحة وفي الوادي يكون الجو أدفأ من الجبال، بل أقلقتني قوة المقدّم برهان التي كانت معلقة في الراقم 994 والمطر ينهمر عليها ثم الثلوج
.في عام 1979 كانت فرقتي تشنّ عملية لمطاردة المسلحين الأكراد في جبل قره داغ في محافظة السليمانية، وكان الفيلق الأول قد أرسل سريّتي مغاوير من الفرقة الثامنة في أربيل لمشاركة مغاويرنا في هذه العملية، وكان المغاوير يتحركون ليلًا لمباغتة المسلحين الأكراد، وفي تلك الليلة انهمرت أمطار كثيفة مع هبوب رياح قوية على جنودنا في العراء، ومع الصباح كان ثمانية من مغاوير الفرقة الثامنة قد لقوا حتفهم نتيجة الأمطار والرياح، وكان هذا درسًا استوعبناه. فاتصلت بالمقدّم برهان وسألته عن وضعية القوة.
فأجابني: «إن البرودة شديدة، وإن الجنود مبللون»،
فقلت له: «برهان هل تستطيع أن تسحب جنودك للعودة عن طريق النيسم من دون أن يشعر بك العدو»،
فأجابني: «نعم أستطيع ذلك».
قلت: «برهان أترك الأسلحة الساندة في أماكنها، وهيّئ جنودك واسحبهم حالما أخبرك بذلك».
أمرت العجلات بأدلائها أن تتحرك إلى الطريق النيسمية لملاقاة القوة ونقلها إلى المنطقة الإدارية للفرقة، على أن ترفع مصابيح العجلات الأمامية والخلفية كي لا يكشفها العدو، وأمرت مدير إدارة الفرقة بأن يحضر على الفور إلى المنطقة الإدارية، وأن تهيّئ مطابخنا وجبات طعام حارة للقوة، وأن تهيّئ حمامات السريّة الكيمياوية المياه الحارة لاستحمام الجنود، وأن تكون طبابة الفرقة موجودة لفحصهم، وأن تُهَيَّأ ملابس داخلية وجوارب جديدة وأحذية وبدلات ومعاطف جافة.
في تلك الليلة أرسلت أحد الضباط الإداريين إلى المستودعات المركزية في بغداد لجلب العباءات الخاصّة بالصنف الكيماوي التي تحميهم من التبلل بالمطر والثلوج. استدعيت آمر المدفعية وأخبرته بأني سأسحب القوة وأعيدها غدًا ليلًا، «وطوال هذه المدة أريد أن تكلف المقدّم علي عبد غزال مقدّم لوائك، ومعه ضابط جيد آخر، بأن يكون واجبهما رمي العدو في الراقم بنيران مدفع مصوبة في اتجاه أي حركة من أيٍّ من أفراده حتى لا يرفع أحد رأسه نهار الغد حتى عودة القوة، ولا مجال لأي خطأ أو تهاون في ذلك».
وبعد إكمال هذه التوجيهات اتصلت بالمقدّم برهان وقلت: «اشرعْ الآن». بعد مسير ثلاث ساعات التقت القوة بالعجلات وانتقلت إلى منطقة الفرقة الإدارية بسلام. وفي اليوم التالي قام ضباط الركن وضباط التوجيه السياسي بزيارة قوة الراقم وتأمين حاجاتها، والتقيت جنودها وألقيت فيهم كلمة قصيرة، وفي المساء تحركوا للعودة إلى منطقة الراقم 994، وهم جاهزون لتنفيذ واجبهم بأفضل وجه.
تحركت قوة العقيد عصمت بقفزة أخرى في الليلة الماطرة بعد أن تركت كتيبة الدبابات وفوج المشاة الآلي ليكونا قاعدة أمينة في منطقة W، وقامت بقفزة أخرى في الليلة التي تلتها بعد أن تركت أحد أفواج اللواء ليشكل قاعدة أمينة فيها، وأصبحت في الليلة الثالثة خلف خطوط إدامة العدو. وفي منتصف الليل جاءت سيارتان للعدو من اتجاه كيلان غرب فاستوقفها اللواء وألقي القبض على من فيها ومنهم ضابطان.
وفي فجر اليوم التالي بدأ اللواء ينادي جنود العدو الموجودين في منطقة الراقم 1155 بمكبرات الصوت داعيًا إياهم للاستسلام، لأن قواتنا أصبحت خلفهم وخطوط إدامتهم قد قطعت. كنت وآمر المدفعية وعدد من ضباط الركن نتابع ذلك، وفجأة هبطت غيوم واطئة، وبعد دقائق كان الوادي بأجمعه مغطى بالغيوم، ولم نعد نرى شيئًا فيه. كدت لا أُصدّق ما يجري فكل ما قمنا به مهدّد بالفشل، إذ قد ينجح العدو بالتسرب ويفلت من قبضتنا، أو تأتي قوات من احتياطاته لضرب قوة الإحاطة، وأزعجني ذلك كثيرًا فقلت لآمر المدفعية: «سأذهب إلى مرصد الضابط المدفعي المجاور لأحاول أن أرتاح فأنا لم أنم في الليلة الماضية».
كنت أتقلب على منام الضابط الراصد، وأنا أستعيد ما حدث، وكيف سنتعامل مع الموقف الذي طرأ خارج حساباتنا. لم تمرّ أكثر من 15 دقيقة حتى رنّ جرس الهاتف، وكان آمر المدفعية على الجانب الآخر، واعتذر عن إيقاظي إن كنت نائمًا،
فقلت له: «أنا لم أنم بعد، ما الذي حدث؟»،
فقال: «ممكن سيدي أن تخرج من المرصد رجاءً»،
فقلت له: «لماذا؟».
قال: «أرجوك يا سيدي اخرج، وانظر ما حولك».
فخرجت ونظرت إلى الوادي، وكان أصفى من عين الغزال حيث اختفت كل الغيوم فجأة كما بدأت فأسرعت إلى المرصد، وكنا نرى جنود العدو بالمئات يتركون مواضعهم، ويهيمون في أرجائه، ومعظمهم من دون أسلحتهم. فأمرت آمر المدفعية بمشاغلتهم بالرمي السريع، وكانت مجموعات منهم تهرب بهذا الاتجاه أو ذاك، وعندما تصلهم رشقة قنابل يتراكضون إلى الاتجاه الآخر كأنهم قطعان خراف، فطلبت من الفيلق أن يرسل إليّ سريّة أو سريّتين لجمع هؤلاء الهائمين قبل أن يختفوا في أرجاء الوادي الشاسعة، لكن الفيلق اعتذر عن عدم تيسرها. وفي اتجاه الراقم 994 كنا نشاهد جنودنا من المغاوير يندفعون إلى الكهوف، وبعد قليل يخرج جنود العدو بالعشرات من كهوفهم رافعي الأيدي مستسلمين، فاستعادت قطعات الفرقة 12 الراقم 1155 من دون مقاومة
.عدنا إلى مقرّ الفرقة، وكان قائد الفيلق الفريق عبد الجبار الأسدي في مقري يتابع الموقف، وكان تاريخ ذلك اليوم 5/1/1982، أي كنا سنتحفل في غده بذكرى تأسيس الجيش، فأرسلنا برقية أهدينا بها هذا النصر الكبير إلى جيشنا العتيد بهذه المناسبة.
قام وزير الدفاع الفريق عدنان خير الله بزيارتنا في مقرّ الفرقة، وأبدى رغبته في زيارة قوة المقدّم برهان في الراقم 994، وكان الجوّ غير مستقر والأمطار تهطل بين وقت وآخر، ومع ذلك أصر الوزير على الزيارة وكانت السمتيّة التي أقلتنا تهتز بشدّة وتتأرجح يمينًا وشمالًا، ونجحنا أخيرًا في الهبوط على الراقم وكان المقدّم الركن برهان ومقاتلوه من المغاوير في استقبالنا، وكُرّم المقدّم برهان بأمر القائد العام برتبتين، وقام الوزير بوضع رتبة عميد ركن على كتفيه، وألقى الوزير كلمة في مراتب القوة وضباطها امتدح فيها أداءهم المتميِّز في المعركة.
قام القائد العام وبصحبته قائد الفيلق العميد الركن ميسر الجبوري مدير الحركات العسكرية بزيارتنا في مقرّ الفرقة في كوهينة، وفي عريشة الاستراحة على ضفاف النهير إلى جانب جسر القعقاع. جلسنا مع الرئيس ومرافقيه من ضباط الأركان العامة، وضباط ركن الفرقة وآمر المدفعية، والرفيق فرحان حمادي أمين سرّ التنظيم الحزبي في الفرقة. وقمت بإيجاز المعركة والتحضيرات التي قمنا بها للقائد العام، وكان واضحًا أنه يسمع تفاصيل لم يكن قد اطلع عليها. وكذلك قام الرفيق فرحان، وآمر المدفعية بالتطرق إلى بعض المفارقات التي حدثت في أثناء المعركة. وكان الرئيس يستمع بتمتع وإعجاب، ويعلّق بما يدل على إعجابه وفخره بما تحقق على أيدي رجال فرقتنا في المعركة. أخيرًا قال: «عميد نزار لقد قضيتَ في هذه الفرقة ما يقارب الثلاث سنوات، وقد آن الوقت لأن ترتاح قليلًا، وتُنقل إلى إحدى المديريات».
فقلت: «سيدي الرئيس لم أشعر بأي تعب وإرهاق في قيادتي هذه الفرقة، ومتعتي في أن أكون فيها وبين رجالها».
فرد الرئيس: «عميد نزار أترك للآخرين فرصة الحصول على تجربة كالتي حصلت عليها، وسيكون بديلك العميد الركن ميسر الجبوري».
تعشى الرئيس وضيوفه معنا وقبل أن يتركنا سألت العميد ميسر: «أي مديرية نُقلت إليها؟»،
فأجابني: «ستعرف ذلك في ما بعد».
بعد أقل من أسبوع، وصل أمر نقلي إلى منصب مدير مديرية التطوير القتالي فودعت الفرقة وتشكيلاتها. وفي طريقي إلى بغداد صحبني الرفيق فرحان حمادي الذي بكى بحرقة، ولم أفهم سبب ذلك إلا بعد وقت طويل، وسأسرد الآن تفاصيل ذلك
بعد طردي العقيد ثابت أمين سرّ تنظيم الحزب للفرقة السادسة من قاعة الاجتماع، بعد أن قاطعني في المؤتمر الذي عقده قائد الفيلق قبل المعركة الأخيرة في عارضة كولينا، بحضور عضو المكتب العسكري أمين سرّ التنظيم للحزب في الفيلق الرفيق كاظم نعمة، رفع الرفيق ثابت تقريرًا إلى المكتب العسكري، واعتمده بحماسة الرفيق كاظم نعمة الذي طلب اتخاذ أشد الإجراءات للحفاظ على هيبة الحزب، وخوفًا من تكرارها من قادة آخرين، فرفع المكتب العسكري توصية إلى القائد العام بمحاسبتي وإحالتي على التقاعد، إلا أن القائد العام رفض توصية الحزب، واكتفى بنقلي من قيادة الفرقة إلى إحدى دوائر وزارة الدفاع
يتبع .....