منظمة «كسر الصمت» تنشر اليوم تقريرا وفيه شهادات أكثر من 60 جندي وضابط شاركوا في الحرب في قطاع غزة بالصيف، وترسم هذه الشهادات حسب المنظمة، مبدأ اساسي واكب العمل العسكري في «الجرف الصامد»: اقل قدر ممكن من المخاطرة لقوات الجيش الاسرائيلي، حتى وان كان الثمن اصابة مدنيين أبرياء. هذه السياسة حسب معدي التقرير ادت إلى «اصابة بالغة وغير مسبوقة بالسكان والبنى التحتية المدنية في قطاع غزة».
حسب الجندي الذي وردت شهادته بالوثيقة ان اوامر فتح النار نقلت رسالة وهي: «كل من هو موجود بمنطقة الجيش ـ التي احتلها الجيش ـ هو غير مواطن، هذه نقطة الانطلاق»,
جندي من سلاح المشاة والذي عمل وحده شمال القطاع، تحدث عن حادثة حيث اطلقوا النار على مسن اقترب من القوات وقت الظهيرة. «الشاب في موقع الاستحكام ـ لا اعرف ما مر عليه ـ شاهد مواطن، اطلق عليه النار، لم يصبه بشكل جيد، تمدد المواطن هناك يتلوى من الالم»، هذا ما جاء بشهادته.
قبل ذلك، قال الجندي ذاته انه تم تحذير الجنود من مسن يحمل القنابل، وقال جندي آخر انه تم التأكد من القتل من قبل احد الجنود، بعد ذلك وصلت حفارة إلى المكان من نوع دي 9 وغطت الجثة بالتراب.
حادثة اخرى، شهد احد الجنود من وحدة المشاة التي عملت في جنوب القطاع قائلا قتلتا امرأتان حملتا الهواتف، وفي حديث لـ «هآرتس» قال الجندي ان القوة شاهدت شخصيتين تسيران في الحقل الزراعي واعتبرهن الجنود مشبوهتين، ولم تستطع قوة المراقبة معرفة ما يفعلن في الحقل. على بعد عدة مئات من الامتار من الجنود، فقرر الجنود اطلاق طائرة بدون طيار للجو من أجل معرفة ما يحصل، «وقد كشفت الطائرة انهن يحملن هواتف، وتتحدثن وتم قتلهن، قالوا في الجيش انهم على صلة بالقتال، وانا رأيت ان هذه كذبة»، قال في شهادته.
وحسب قوله، وصل قائد وحدة الدبابات فيما بعد لتفقد الموقع وشاهد جثث النساء، اعمارهن فوق الثلاثين، بدون سلاح، وتم ابلاغ قائد الكتيبة، ورغم ذلك فقد سجل في هذه الحادثة انهن «مخربات» ـ مجندات المراقبة قالوا: «لقد قتلن وبالتالي فهن مخربات»، كما اضاف.
حادثة اخرى وقعت في اليوم الاول للحرب، قتلت نفس القوة فلسطينية غير مسلحة ودون أن تعرض القوة للخطر، حسب شهادة أحد الجنود فقد رأوا امرأة غريبة الاطوار، وقرروا في النهاية انها غير مشبوهة ولا علاقة لها بالحرب، رغم طلب محقق الاسرى المفقودين الذي انضم للقوة، فان قائد الكتيبة طلب من المرأة ان تقترب إلى المنطقة التي كانت فيها الدبابات، وعندما رأوها تقترب باتجههم اطلقوا عليها النار وقتلوها. حسب هذه الشهادة فان الحادثة هي واحدة من ضمن 19 حادثة تم التحقيق بشأنها.
تصف الشهادات الواردة في التقرير طرق مختلفة كانت تنتهجها الوحدات التي عملت في قطاع غزة خلال الحرب، في احدى الشهادات، يقول جندي من وحدة المدرعات أن قائد الوحدة أمر باطلاق قذائف باتجاه بيوت فلسطينية لذكرى جندي قد قتل من الوحدة. «انا شعرت أن هذا أمر غير صحيح، اطلقوا كما يفعلون في الجنازات، فقط قذائف وباتجاه البيوت، لم يكن هذا باتجاه الجو، قال قائد الدبابة، «اختر البيت الابعد، لتكن الاصابة كبيرة قدر الامكان»، كنوع من الانتقام».
تحدث جندي من سلاح المشاة كيف أنه بعد ثلاثة اسابيع تحول الامر إلى منافسة بين اعضاء الوحدة: من يستطيع اصابة سيارة وهي تسير ـ على الشارع الذي سارت عليه سيارات وشاحنات واحيانا سيارات اسعاف ـ «وجدت سيارة، تكسي، حاولت اطلاق قذيفة ولم اصبها، جاءت سيارتين، اطلقت قذيفة اخرى ولم انجح، فقال لي القائد: كفى، انت تبدد القذائف، كفى عندها انتقلت إلى الرشاس الثقيل». حسب قوله، لقد فهم انه يطلق النار على مواطن، وحين سئل عن ذلك قال: «شعرت في داخلي ان الامر يؤرقني، لكن بعد ثلاثة اسابيع من الحرب في غزة، حيث أنك تطلق النار على كل شيء يتحرك او لا يتحرك، بكمية كبيرة، فانك لست بالحقيقة… الجيد والسيء يختلطان عليك، وتفقد البوصلة قليلا ويصبح الامر مثل لعبة حاسوب، حقيقي ومشوق».
سلوك آخر تحول حسب قول الجندي إلى أمر عادي وهو دهس الحافلات والصعود عليها بالدبابة اثناء الحرب، باحدى الحالات قالوا ان الجندي نزل من الدبابة لاخذ جزء من احدى السيارات التي دهست كتذكار، وحسب الشهادات لم يعاقب ذلك الجندي.
جندي آخر من طاقم المدرعات في سلاح المشاة قال في شهادته انه فهم خلال الحرب ان كل بيت تواجدت فيه القوات يتم هدمه وتدميره بعد ذلك بواسطة دي 9. «لم يقولوا لنا باية مرحلة خلال العملية وبعدها ما هي الفائدة من هدم البيوت» وحسب شهادته قال لهم قائد الوحدة انها ليست عملية انتقام. ولكن في مرحلة معينة فهمنا أن هذا تحول إلى نزعة عامة، انت تخرج من البيت ولا يوجد بيت، بعد بيتين او ثلاثة تفهم أن هذا هو التوجه، الـ دي 9 تصل وتدمر».
هكذا وصف جندي آخر عمل الحفارات في القطاع اثناء الحرب: «احد القادة الكبار يحب الـ دي 9 كثيرا، ويحب مسح البيوت وعمل مع هذه الالات كثيرا، وفي كل مرة كان موجودا كانت البنى التحتية في محيط البيت تدمر كليا. كان يحب هذا كثيرا».
قال المتحدث باسم الجيش ردا على ذلك: «طلب الجيش من منظمة «كسر الصمت»، الحصول على الشهادات والادعاءات التي جمعتها المنظمة حول عمل الجيش، قبل نشرها من اجل فحصها ومعالجتها. عمليا، اختارت المنظمة مرة اخرى عدم ايصال اية مواد قامت بجمعها، وهذا الامر لا يمكن الجيش من فحص الاحداث الواردة في التقارير والشهادات بشكل فوري وشامل».
قيل ايضا ان تجميع الشهادات خلال فترة طويلة وعدم وضع الجيش بصورتها، تشير انه لا توجد لدى المنظمة نية للعمل من اجل مصلحة تصحيح الاخطاء التي تكشف عنها، وعليه فلم يبق امامنا سوى عدم التطرق وبكل اسف لهذه المنظمة السياسية».
قال الجيش ايضا انه قام بعمل تحقيقات معمقة بعد الحرب وكانت شاملة وغير مواربة، اعطي فيها كل جندي وضابط المجال والفرصة لتقديم ادعائه واستخلاصاته. ونقلت الاحداث الاستثنائية لمعالجة النيابة العسكرية.