في كانون الثاني/ يناير من بداية العام الحالي صدر التقرير الاستراتيجى الإسرائيلي لعام 2014 – 2015 عن معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي INSS)) Strategic Survey for Israel وقد حصلت "الأمن والدفاع العربي" على الترجمة العربية التي أنجزها اللواء اركان حرب متقاعد محمود مرسي، وسوف تضعه بتصرف الخبراء والباحثين العرب لما فيه من مقاربة للرؤى السياسية والإستراتيجية لمجموعة باحثين في المعهد المذكور ( من دون ان يعبر عن رؤية المعهد – وفق ما ورد في التقرير).
فى مقارنة مع جولات القتال السابقة ضد إسرائيل، جاءت عملية الجرف الصامد بتمييزها فلم تقتصر حماس فى حربها على اطلاق الصواريخ وقذائف الهاون ضد أهداف إسرائيلية في المجتمعات المدنية بالأساس فقط ؛ بل أنها استخدمت أيضا وسائل أخرى لمهاجمة الأهداف إسرائيلية وأرسلت قوات إلى داخل إسرائيل عبر الحدود ومن خلال الأنفاق الهجومية، فأرسلت قوات الكوماندوز عن طريق البحر، وتم إطلاق الطائرات الموجهة بدون طيار فى مهام انتحارية و قد دلل هذا التنوع من التكتيكات على قدرة حماس بأن لديها إجابات على الحلول التي وضعتها إسرائيل لمجابهة تهديدات الصواريخ.
فعندما بدأت الحملة بواسطة حماس والفصائل الأخرى العاملة في قطاع غزة كان المخزون من الصواريخ (أكثر من 10000) أكبر مما كانت عليه في اى جولات سابقة من القتال، بما في ذلك العدد من الصواريخ بعيدة المدى التى تغطي الأراضي الإسرائيلية مثل القدس وزخرون ياكوف فمنظومة الدفاع الإسرائيلية والتي تتألف من نظام مضاد للصواريخ القبة الحديدية (إعتراض بنسبة نجاح أكثر من 90 %،) كانت في حالة تأهب واسعة النطاق ونظام إنذار عالى الدقة، ومنطقة كبيرة يتم حمايتها، ثبت أن يكون فعال جدا، فى توفير الدفاع القوى للمدنيين بنسبة كبيرة في معظم المساحات المغطاة ضد إطلاق الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة وقد مكن نظام الدفاع الإسرائيلي أيضا معظم السكان من مواصلة الاعمال اليومية الروتينية.
ولكن عند الحديث عن المناطق الاخرى المتاخمة لقطاع غزة فلم يكن هناك حلا مناسبا، لتدبير احتياجات الدفاع عن المجتمعات في المنطقة وكانت هذه المجتمعات عرضة لنيران الهاون، وهو التهديد الذي لم يكن نظام القبة الحديدية مصمما لمجابهته كذلك فان وتيرة القصف لم تسمح باستمرار الحياة الطبيعية، فصغر زمن التحذير والانذار القصير لم يمكن السكان من الوصول الى الخنادق او المناطق الامنة ولهذا السبب، فإن بعض السكان المحليين غادروا مسكانهم طالما استمر اطلاق النار ورغم كل ذلك فان عدد الضحايا من الصواريخ وقذائف الهاون خلال 50 يوما من القتال كان منخفضا للغاية.
الدرس الرئيسي من هذه الحملة هو أنه ينبغي وضع اسلوب لمواجهة قذائف الهاون والصواريخ قصيرة المدى، وبالفعل، لم تكن حماس قادرة على إطلاق وابل من الصواريخ الثقيلة فمن المرجح أنه من أجل التعامل مع سيناريوهات إطلاق أكثر تحديا، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والصواريخ والقذائف التي أطلقها حزب الله من الشمال، على سبيل المثال، سوف تحتاج إسرائيل الى مزيد من بطاريات القبة الحديدية ونظام العصا السحرية.
استطاعت إسرائيل ان تنجح فى أحباط محاولات الاختراقات من البحر وكذلك هجمات الطائرات بدون طيار، ولكن مواجهة عمليات التسلل عبر الأنفاق كانت أكثر صعوبة ففي السنوات الأخيرة، حفرت حماس عشرات الأنفاق لاختراق الأراضي الإسرائيلية، وقد تعرضت للتدمير بواسطة قوات الجيش الإسرائيلي قبل الحرب إلا عدد قليل منها لم يتم اكتشافه، وكان من المعروف أن هناك الكثير من الأنفاق، لكن الجهود المبذولة لتطوير وسائل تكنولوجية للكشف عنها لم يكن على المستوى المطلوب او قد تطور بدرجة كافية، كذلك فإن الأنفاق من شروط تدميرها ان يتم تحديد مسارها بدقة اولا.
لقد كان هناك هاجسا كبيرا بأن حماس سوف تستخدم الأنفاق لدخول لمهاجمة الأراضي والبلدات الإسرائيلية وقد كان الرد المناسب عمليا لذلك التهديد هو تطوير انظمة الكشف الفورية القادرة على اكتشاف القوات المهاجمة عند ظهورها فوق سطح الأرض وتحسين القدرات الدفاعية عن المجتمعات المحلية وفى هذا الاطار لم تتمكن عناصر حماس من مهاجمة اى تجمعات مدنية، ولكن استخدام الأنفاق للاختراق مكن عناصر حماس من مهاجمة قوات الجيش الإسرائيلي في ظروف مواتية نسبيا، مما تسبب عن حدوث خسائر في صفوف القوات.
كذلك تم مهاجمة أهداف اكثر لحماس مما كان عليه في الجولات السابقة من القتال، ويرجع ذلك الى نجاح المخابرات الإسرائيلية في كشف مجموعات كبيرة من الأهداف وبسبب الطول النسبي لفترة الحرب وكذلك تميز القدرات الاستخباراتية في تحديد أهداف جديدة من ناحية أخرى، كانت هناك ثلاثة عوامل ساهمت فى محدودية فعالية الهجمات " كان أول تلك العوامل هذا الجهد الهائل من جانب حماس لتوفير حماية أكبر لقدراته النيرانية من خلال دفنها تحت الأرض والثاني الاستخدام المتزايد من السكان المدنيين من أجل جعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي تدمير قدراتها العسكرية وتمركز وسائل الاطلاق ومخازن الذخائر، والعتاصر القيادية ونظم الإنتاج في منتصف مناطق السكان المدنيين، وعلى مقربة أحيانا من المرافق الحساسة مثل المدارس والمستشفيات والعيادات ومراكز الأمم المتحدة والمؤسسات، والمساجد تلك التكتيكات اربكت الجيش الإسرائيلي وجعلت من الصعوبة الى حدا ما تجنب الأضرار الجانبية واسعة النطاق وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 50 % من تلك التى أصيبت في قطاع غزة كانت "غير متورطة،" نتيجة لذلك كان لها انعكاسات خطير على صورة إسرائيل الدولية. وكان العامل الثالث تلك المتاهة من الأنفاق التى بنيت داخل قطاع غزة نفسه، جنبا إلى جنب مع الأنفاق الهجومية على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة وتم حمايتها بواسطة عناصر حماس من الداخل ، والانتقال بحرية وتدوال ونقل الإمدادات الى قواتها المهاجمة، وقد حققت حماس المفاجأة ضد الجيش الإسرائيلي بالقوات الموجودة داخل الأنفاق خلال مراحل القتال للعمليات البرية.
ناقش النظام السياسي الإسرائيلي أهداف الحرب خلال المراحل المبكرة للحملة كما درس العمليات الغير المتكافئة السابقة، ولذا حددت الحكومة أهداف متواضعة جدا، "الهدوء مقابل الهدوء" و "على حماس ان تدفع الثمن وفى المقابل " اعتقدت حماس بأن الحرب سوف تؤدى إلى تآكل قدرات الردع الإسرائيلي وهكذا، كان الهدف الاسرائيلى هو استعادة الردع، على افتراض أن هذا يمكن تحقيقه عن طريق إحباط محاولات حماس لاحداث خسائر فى الجانب الإسرائيلي وتقليل مكاسب حماس الى ادنى حد، مما يدل على أن حماس تدفع ثمنا باهظا لعدد قليل جدا من الإنجازات، إن وجدت، هذه الأهداف ترجمت إلى مزيج من نظام دفاعى فعال مع هجمات المضادة، بالأساس من الجو، وأيضا من البحر والأرض.
في المقام الأول تعالت أصوات من اليمين السياسي الإسرائيلي المتطرف، داعية إلى أهداف أكثر طموحا، مثل إسقاط حكم حماس في غزة وهزيمة المنظمة وكان هناك أيضا خلاف حول الحاجة إلى عمليات أرضية مع ضربات جوية، ولا سيما عندما قيل إن حماس لا يمكن هزيمتها أو القضاء على حكمها دون العمليات البرية ويعتقد البعض أيضا أن استعادة الردع يتطلب القيام بعمليات برية، لأنه إذا كان يعتقد لدى حماس ان اسرائيل غير مستعدة لدفع ثمن العمليات البرية، وقدرتها سوف تتأثر بالردع حتى ما يقرب من نهاية العملية، والقيادة السياسية الإسرائيلية، وعلى ما يبدو أيضا القيادة العسكرية، واصلت التمسك بمفهوم تجنب العمليات البرية، وأنه كان كافيا الحاق الضرر بالبنية التحتية لحماس، جنبا إلى جنب مع فعالية نظام الدفاع الإسرائيلي، ومن أجل تحقيق ردع ذات مصداقية ففي نفس الوقت، ظهور التهديد الذي تشكله الأنفاق الهجومية أدى لإدراك أن العمليات البرية كانت ضرورية من أجل تدمير الأنفاق فتم دخول القوات البرية في غزة على طول الحدود وعلى عمق حوالي ثلاثة كيلومترات لهذا الغرض، ووجدت الأنفاق، ودمرتها وغادرت هذه القوات غزة عندما اكتملت مهمتها القالية.
لقد بلغت جملة القتلى العظمى في الحملة حوالى 74 إسرائيليا وجاء عدد الضحايا مرتفعا نسبيا خلال هذه العمليات نظرا لاضطرار مشاركة القوات الإسرائيلية في القتال في مناطق مأهولة بالسكان من أجل تحديد وتدمير الأنفاق وفي العديد من مناطق قطاع غزة، وفي المناطق المبنية بالقرب من الحدود مع إسرائيل ولنفس السبب، كان هناك العديد من القتلى الابرياء "غير المشاركين فى القتال "، وذلك عندما كانت القوات البرية الإسرائيلية مضطرة لاستخدام قوة هائلة من النيران لمجابهة المواقف الصعبة.
وفى ذلك الاطار، نشأ نزاع في النظام السياسي والرأي العام الاسرائيلي حول ما اذا كانت العمليات البرية ضرورية وقيل إنه من الأفضل استخدام المناورة للتوغل بعمق في قطاع غزة بموازاة الساحل مع الاستفادة من المساحات المفتوحة واستندت هذه الحجة على الاعتقاد بأن القتال في المناطق الأقل ازدحاما كانت ستتسبب فى خسائر أكبر من ذلك بكثير لحماس، وقد تسبب ضغطا اكبر في الواقع لوقف القتال. ومع ذلك، فان اعتماد هذا المفهوم القتالى، لم يمكن معه تجنب ضرورة تحديد موقع وتدمير الأنفاق وليس من الواضح إلى أي مدى كان من الممكن تحقيق الأهداف القتالية التي يتوقعها أنصار هذا النهج البديل في عمليات قتالية غير متماثلة فيها قوة معارضة تستخدم تكتيكات حرب العصابات مع الحرب التقليدية في بيئة مدنية.
لقد كان من نتائج عملية الجرف الصامد توضيح مفهوم الردع وتأكيد مكوناته فالردع عبارة عن معادلة تحتوى على اثنين من المتغيرات: من جهة، القدرة على إحباط تخطيط الجانب الآخر مع وجود تهديد حقيقي قادرا على هزيمته اذا حاول تنفيذ مخطاطاته؛ ومن ناحية أخرى، ما هى قدرات وداوفع الجانب الآخر للشروع للدخول فى عمليات عسكرية فعندما يكون هذا الجانب هو البادئ لتغيير ما يعتبره وضعا راهنا غير مقبول هنا تفشل جهود الردع وفي كثير النواحي، كان هذا وضع حماس قبل بدء الحرب وبفترض حتى إذا كانت إسرائيل وحماس لم يتوصلا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لفترة طويلة فان حماس قد تجد صعوبة في تبرير تجديد الصراع، نظرا للعدد الكبير من الضحايا نحو 2300 قتيل ونطاق هائل من الدمار فى قطاع غزة أثناء القتال وعلاوة على ذلك، فإن فعالية الإجراءات المصرية لوقف التهريب الأسلحة إلى قطاع غزة اعاقة جهود حماس لإعادة بناء قدراتها العسكرية على أي حال، فإن درجة نجاح الجهود الرامية إلى استعادة الردع الاسرائيلي ضد حماس لا يمكن تقييمها الان وتحتاج الى اعادة التقييم على المدى الطويل.
الخصائص الغير متماثلة للعمليات العسكرية بين إسرائيل وحماس و الإحباط الناجم بين الكثير من افراد الشعب الإسرائيلي والنظام السياسي فقد كان من الصعب بالنسبة للكثيرين أن يتقبل فكرة أن جيشا بقدرات هائلة مثل الجيش الإسرائيلي كان غير قادرا على هزيمة "عصابة" مثل حماس هذا وكان أيضا من الصعب إقناع الناس أنه من أجل هزيمة ونزع سلاح قوة مثل حماس، كان من الضروري احتلال قطاع غزة والبقاء هناك لفترات طويلة ممتدة لتحديد مجموعات صغيرة والقضاء على قدراتها القالية، فى حين ان هناك عمليات إرهابية تشن ضد الجيش الإسرائيلي.
كذلك فضلت الحكومة الإسرائيلية عدم دفع ثمنا باهظا من الدم عند احتلال قطاع غزة والبقاء هناك لفترة طويلة، لأنه ليس من الواضح كيف ومتى سيكون من الممكن الانسحاب من غزة، ولأنه كان واضحا أن احتلال القطاع من جديد لن يؤدى الى هزيمة حماس، تلك الحركة ذات السياسية الاجتماعية العميقة الجذور في المجتمع الفلسطيني.
مستقبل ملئ بالغموض والتعقيدات
لقد أثبتت أحداث العام الماضي على الساحة الفلسطينية الاسرائيلية أن الوضع الراهن غير مستقر وتتزايد كلفة الخسائر يوما بعد يوم والأطراف المعنية مباشرة بالصراع هى إسرائيل والقيادة الفلسطينية في رام الله، وحماس فى قطاع غزة سوف يكون عليها جميعا التعامل مع هذه التداعيات.
فالسلطة الفلسطينية في أزمة عميقة والنموذج الذي اعتمدته، استند أساسا على تحقيق التطلعات الوطنية الفلسطينية من خلال سياسية عملية التفاوض، قد فشل حتى الآن، ووصل حاليا الى طريق مسدود وبالإضافة إلى ذلك، فإن قيادة السلطة الفلسطينية تعاني من نقص شديد في الشرعية ليس فقط لأنها تفتقر إلى الشرعية الناتجة عن انتخابات ديمقراطية، فمنذ انتهاء ولاية الرئيس عباس منذ عدة سنوات وليس هناك فيما يبدو انتخابات رئاسية وتشريعية في الأفق، كما الشرعية المستمدة من برنامج سياسي يتمتع بالتأييد الشعبي قد فقدت أيضا.
فالغالبية العظمى من الجمهور الفلسطيني لم يعد يعتقد أن هناك أي جدوى في التفاوض مع إسرائيل، وسياسة عباس، التي تتمسك بمبدأ العملية السياسية، فشلت فشلا ذريعا علاوة على ذلك، ينظر للسلطة الفلسطينية انها تتعاون مع إسرائيل من خلال تسهيل الفرص للاحتلال الإسرائيلي وهذا التصور للوضع، جنبا إلى جنب مع الانطباعات الناتجة عن عملية الجرف الصامد، تسببت في انخفاض كبير في الدعم المقدم لحركة فتح وعباس وفي الوقت نفسه، كان هناك ارتفاع واضح،و لفترة محدودة، في نسبة التأييد لحماس، الذي كان ينظر اليها كنموذج للمقاومة الفعلية ودليل على أن إسرائيل لم تتمكن من فرض حل على الفلسطينيين على أساس قوتها العسكرية كما أن حماس أثبت مرونتها و قدرتها على الصمود ضد إسرائيل، وعباس وقيادته يائس فهو يبحث عن مسار يمكنه من الخروج من المستنقع السياسي ونتيجة لذلك، فقد تحول مرة أخرى إلى المجتمع الدولي، وبقوة أكبر لمرحلة أخرى للعمل فى محاولة لاستعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة.
تسعى مصر نفسها لاستغلال المؤسسة الفلسطينية فى إعادة إعمار قطاع غزة كأداة لإضعاف حماس و ضرورة إعادة مشروع الإعمار وخاصة مع الدمار الذي سببته عملية الجرف الصامد، والتي جاءت في أعقاب الأضرار واسعة النطاق التى لحقت بالاقتصاد غزة بعد سنوات عديدة من تقييد الحركة من وإلى المنطقة ومن المشكوك فيه، ومع ذلك، ما إذا كان مشروع إعادة الإعمار ينبغي القيام به اليوم، خاصة في قطاع غزة على وجه الخصوص، والساحة الفلسطينية بشكل عام، والتغيير السياسي الاستراتيجي التي سوف يترجم في تجدد حكم السلطة الفلسطينية، والتي تخشى من العودة إلى قطاع غزة ومن تعزيز برنامج عملى قابل للحياة في هذا الصدد، لأن هناك إطار واضح فقط للمرحلة الأولى من الخطة التي وضعتها القاهرة لغزة.
استطاعت مصر فتح معبر رفح الحدودي وتمركزت عناصر السلطة الفلسطينية من قوات الحرس الرئاسي على الجانب الفلسطيني من المعبر وعلى طول الحدود مع مصر، وتم نقل السيطرة عليه من الشرطة المدنية في قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية وأيضا اقترحت مصر أن تقدم إسرائيل نفس الطلب على المعابر الحدودية من إسرائيل إلى غزة وثمة شرط آخر منصوص عليه في المرحلة الأولى من الخطة المصرية هي أن إدارة برنامج إعادة الإعمار يكون حصريا في يد السلطة الفلسطينية، وبما في ذلك نقل الأموال، من خلال حكومة وحدة وطنية، بناء على اتفاق المصالحة بين حركتي فتح و حركة حماس ظاهريا، تشكل حكومة وحدة وقبلت حماس الموافقة على نقل السلطة المدنية في قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية.
ولكن ليس من المتوقع من حماس أن تجلس متفرجه بينما هناك خطة لإضعافها وتعزيز جوانب المنافسة السياسية وطالما تمتلك حماس السلطة العسكرية الأمنية في غزة، فان قواتها سوف تكون قادرة على إحباط اى خطط لحرمانها من دورها الريادي هناك كما ان حماس ليست مستعدة لتحقيق اى درجات ولو محدودة من التعاون مع السلطة الفلسطينية، وإنما هو من المتوقع أنها قبلت هذا التنسيق لدفع رواتب عناصرها، الذي تعتبرهم موظفي القطاع العام في قطاع غزة بجانب الموظفين في مختلف الوزارات الحكومية، والذين كانوا معينون من قبل حماس، وهذا في رأي حماس يضم أعضاء من كتائب عز الدين القسام ولا توجد ادنى فرصة فى أن السلطة الفلسطينية والدول المانحة سوف تساعد فى إعادة الإعمار.
ومن ناحية أخرى، من المتوقع من حماس العمل، كما في سياقات أخرى، وفقا لمصالحها التنظيمية حتى على حساب تعطيل خطط لإعادة إعمار غزة وعلاوة على ذلك، فالرئيس عباس، الذي يعتقد أنه قد عانى الكثير في الماضي عندما لم تحافظ إسرائيل والولايات المتحدة، ومصر على وعودها له، فإنه لن يكون على استعداد لتحمل اعباء ترتيبات جديدة في قطاع غزة بدون تهيئة الظروف المواتية فى الضفة الغربية اولا يجب على السلطة الفلسطينية أن تأخذ في الاعتبار المخاطر التي سوف تلاقيها من منع حماس من ممارسة السلطة المدنية في قطاع غزة، وبالتالي تحييد سيطرتها على إعادة الإعمار ومن المتوقع أيضا أن يرفض عباس قوات محدودة للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، والذي من شأنه أن يضعهم تحت رحمة قوات حماس المتفوقة، ما لم تتعهد اسرائيل ومصر بالتدخل في أي صراع مستقبلى قد ينشأ بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس وفي الوقت نفسه، فإن مثل هذا الالتزام سوف يكون له ثمن: فهو عرضة ليظهر للشعب الفلسطيني أن عباس يتلقى العطاءات من إسرائيل ومصر والولايات المتحدة (وله شركاء في المنطقة)، في حين أن حماس، باعتبارها حركة مقاومة أصيلة، تحافظ على استقلالها في اتخاذ القرارات ضد أقوى هذه العناصر وبالنسبة لعباس، ان هذا الخطر مقبول إذا كان مشروع إعادة الإعمار في غزة، بقيادة السلطة الفلسطينية، وجنبا إلى جنب مع خطة سياسية شاملة ومع ذلك، تبقى المشكلة الرئيسية، فلقد أظهرت اسرائيل والولايات المتحدة عدم استعدادهم لبدء أي تحركات سياسية من شأنها تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية.
وقد اشترط الرئيس عباس ان يكون تعاون السلطة الفلسطينية فى مقابل خطة شاملة تجمع بين العودة إلى قطاع غزة تحت رعاية أمريكية والالتماس الفلسطيني المقدم إلى مجلس الأمن وللأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية طبقا لحدود 1967 ومطالبة اسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة في غضون ثلاث سنوات. وفي المقابل لهذا الشرط على الأمم المتحدة اعتراف الجمعية العامة بفلسطين كدولة مراقب في نوفمبر عام 2012.
فشل المحادثات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية والتى كانت بوصاية الوزير كيري وكذلك الإحباط الذى لحق بالرئيس أوباما من سياسات حكومة نتنياهو المتعلقة بالصراع والعملية السياسية والانتقادات الواسعة النطاق من استمرار بناء الحكومة الإسرائيلية والتوسعات في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وغيرها من الأنشطة التي تجعل حل الدولتين من الآمال بعيدة المنال اضافة الى ذلك الصورة المؤلمة التى رسمتها عملية الجرف الصامد فاذا ما تم تطبيق المقترحات الخاصة بخطة عباس، فإن الفلسطينيين سوف ينضمون سريعا للمنظمات والاتفاقيات الدولية، ويقومون بتحويل المحافل الدولية إلى منصة للهجوم السياسي والقانوني على سياسات إسرائيل الخاصة بالقضية الفلسطينية.
القرار المقترح المقدم من الأردن إلى مجلس الأمن في ديسمبر 2014 ينص على أن يسعى الفلسطينيون "سلام عادل ودائم و حل سلمي شامل يضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 ويحقق رؤية دولتين مستقلتين ويتمتعوا بالديمقراطية والازدهار دولة لإسرائيل ودولة فلسطينية ذات سيادة متواصلة جغرافيا وقابلة للحياة ".
وينص على أن يسعى الفلسطينيون للتوصل إلى تسوية داخلية بعد مرور عام من اصدر القرار، وتنسحب إسرائيل أن تدريجيا من الأراضي بحلول نهاية عام 2017 و القرار لم يحصل على الدعم المطلوب، ولكن حتى لو كان تم الحصول على هذا الدعم، فمن المشكوك أن يكون له أي أثر ملموس على الصراع الدائر، بسبب ان اسرائيل لن توافق على التفاوض لان الفلسطينيين قاموا باتخاذ خطوات من جانب واحد وبعد رفض القرار الفلسطيني في مجلس الأمن، قدم الفلسطينيون طلبا للانضمام إلى نظام روما الأساسي والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، والتهديد برفع دعاوى ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
الإدارة الأمريكية من جانبها انتقدت هذا الطلب، على الرغم من أنها لم تهدد بوقف مساعداتها للسلطة الفلسطينية اما إسرائيل، من جهة أخرى، لجأت إلى نفس الإجراءات التى تتخذها فى مثل تلك الموقف كما فى الماضي لمعاقبة السلطة الفلسطينية للتحركات التى ينظر إليها على ضد مبادئ المفاوضات الساعية نحو تسوية تفاوضية شاملة من هذه الاجراءات: العقوبات الاقتصادية، وخاصة وقف تحويل عائدات الضرائب التى تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية.
ان انضمام الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية قد يكون قانونيا ومصدر ازعاجا دبلوماسيا لإسرائيل، ولكن من المشكوك فيه ما إذا كان سيتم احداث تغيير ملموس فى سياسة الحكومة الاسرائيلية بشأن شروط التفاوض هذا هو السبب فى جمود العملية السياسية.
تذرع الرئيس عباس وهيئة قيادته فيما يعرف ب "سلاح يوم الساعة" وهو ما يعنى حل السلطة الفلسطينية ونقل المسئولية بوجه عام عن الضفة الغربية إلى إسرائيل ومصداقية ذلك التهديد مشكوك فيها بدرجة كبيرة فالرئيس عباس قام بالتهديد بالاستقاله مرات عديدة وخلو مقعده او بقاء المقعد الرئاسي خاليا يمكن أن يؤدي لمزيد من الفوضى بصورة كبيرة كما أنه ليس من المرجح أن تقوم السلطة الفلسطينية بتصفية نفسها طوعا، فوجود المنظمة فى حد ذاته يحقق من المصالح العظيمة على الساحة الفلسطينية وسوف تبقى المنظمة قائمة طالما أنها تستفيد من المساعدات المالية الخارجية، على الرغم من أنها ستستمر فى الضعف وفقد شرعية.
ولهذا السيناريو انعكاسات على الجانب الاسرائيلي و تتحمل أيضا إسرائيل بعض التكاليف وذلك لأن قوات أمن السلطة الفلسطينية، التي تفتقد للشرعية، وسوف تجد صعوبة في اى تنفيذ مهام أمنية بالتعاون مع إسرائيل وقد لا تقتصر حالة عدم اليقين على مستقبل السلطة الفلسطينية بل ينطبق الشيء نفسه على اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس فى حكومة وحدة وطنية فلسطينية ففي أعقاب الحرب في غزة تعرضت حماس لمؤامرة في الضفة الغربية، بناء على اتهامات نشرتها إسرائيل وتصاعد العداء بين عباس / فتح وحماس وادعى عباس أن حماس لم تنفذ اتفاق المصالحة في قطاع غزة، لتدعيم سلطتها فى القطاع، في حين اتهمت حماس الرئيس عباس بالتعاون مع إسرائيل ومصر، واستمر اضطهاد نشطاء حماس في الضفة الغربية بالتعاون مع قوات الأمن الإسرائيلية، وفشل تنفيذ اتفاق المصالحة كما هو مكتوب ومع ذلك، امتنع الجانبين من إلغاءه علنا، وبالتالي بقيت لديه فرصة للبقاء على قيد الحياة.
ان حالة توازن الضعف المتبادل بين فتح وحماس مهدت لبقاء اتفاق المصالحة بينهم وكل طرف يأمل في استخدامه كوسيلة للهروب من الأزمات التي يعانى منها، ولا يرغب في أن ينظر إليه من قبل الشعب الفلسطيني كأنه المسئول عن تدمير "الوحدة الوطنية".
وبالنسبة لإسرائيل، كان شاغلها الرئيسى هو كيفية منع حماس من اعادة التسلح، كما أن إستعادة قدرات الردع الذي تهاوى في عملية الجرف الصامد وكسب الوقت من الهدوء ولو نسبيا قبل اندلاع العنف من جديد فعند مناقشة وقف إطلاق النار، طالبت إسرائيل حماس بأن يتم نزع سلاح الجماعات المسلحة الأخرى في قطاع غزة في مقابل فتح المعابر الحدودية، وبناء ميناء بحري ومطار، واستعادة برنامج إعادة الإعمار على نطاق واسع فى قطاع غزة.
ان احتمالات أن توافق حماس على هذه الشروط والاتفاقيات تكاد تكون منعدمة، وأنه لا يمكن اجبارها على قبول ذلك ويتمثل التحدي في صياغة خطة من شأنها أن تضعف حماس تدريجيا وإبطاء عملية إعادة تسليح قدر الإمكان فالعلاقة المتدهورة بين نظام السيسي في مصر وحماس ادت إلى إمكانية تطبيق مثل تلك الخطط فقد تم استنزاف مستودعات حماس من الذخائر إلى حد كبير خلال عملية الجرف الصامد كذلك الصعوبات التى تواجها حماس فى محاولتها لاستعادة تلك المخزونات ، فمع عملية غلق الأنفاق التى اتبعتها مصر انحسرت قدرة حماس على تهريب الأسلحة عن طريق سيناء وفي الوقت نفسه، فان اعادة افتتاح غزة وتشغيل المعابر الحدودية وتطبيق برنامج إعادة الإعمار الشامل في المنطقة سوف يجعل من الصعب تنفيذ تلك الخطة: وعلى حماس الاتجاه نحو الداخل لإعادة بناء صناعة الأسلحة المحلية ولذلك سيكون من الضروري إنشاء نظام تفتيش مشدد بالتعاون مع الفلسطينية بما في ذلك مصر، والمجتمع الدولي لمراقبة السلع التي تدخل قطاع غزة في الوقت نفسه، يجب على إسرائيل أن تنظر أيضا في اعتماد سياسة استباقية ضد تصنيع الأسلحة، وحتى لو كان ذلك على حساب تقويض الاستقرار في علاقاتها مع قطاع غزة.
وبالنظر الى سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي ترى أن المفاوضات للتوصل إلى تسوية مع السلطة الفلسطينية التي تقودها حماس بلا طائل، كذلك نظرا للتجهيز للانتخابات التى تجرى فى مارس عام 2015، تتحمل إسرائيل مسئولية استقرار الوضع في قطاع غزة من أجل منع التصعيد في صراع عسكري آخر، فإن إسرائيل سوف تضطر إلى منح مساعدات كبيرة إلى قطاع غزة، التي تشتمل على السلع الخاصة بمواد البناء، وإمدادات الكهرباء والمياه، والمساعدة في إعادة بناء البنية التحتية كذلك فإن عملية الموائمة بين تقديم المساعدات الى القطاع وكبح جماح حماس والتي سوف يعزز حماس وشرعية المنظمة في الواقع العملي، ومع ذلك، فإن إسرائيل وحماس لديهما مصالح مشتركة: المحافظة على استقرار الاوضاع فى قطاع غزة قبل الغوص في جولة أخرى من تجدد العنف وهذا يتناقض مع الهدف المصري لإسقاط حكم حماس واستعادة سيطرة السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، أو على الأقل زيادة تأثير حركة فتح في المنطقة، بقيادة محمد دحلان.
وهنا يطرح سؤالا واقعيا ففى ظل الفترات طويلة من الجمود السياسي وعدم تحسن في الوضع الاقتصادي في قطاع غزة بعد عملية الجرف الصامد فهل من المتوقع اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية،فمع ظهور اشارات واضحة تنم عن توقعات باعمال عنف منفردة وربما تنتشر على نطاق واسع من قبل الأفراد الذين لا ينتمون لأي تنظيم ("الذئاب المنفردة ") مثل تلك العملية التي حدثت في أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015 ومن الممكن أيضا أن قتل المراهقين الإسرائيليين الثلاثة في منطقة غوش عتصيون فقط قبل عملية الجرف الصامد والذى ارتكب ارتكب بواسطة حماس،ربما لم يكن فى حقيقة الامر معلوما للقيادات العليا او الأعلى سلطة في المنظمة وفي الواقع، يبدو حاليا أن الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني ليست حريصة على المشاركة في انتفاضة واسعة النطاق، خوفا من العودة إلى الأيام الصعبة من الدم والدمار كما كان في الانتفاضة الثانية ويكمن الدليل على ذلك في محدودية المشاركة الفلسطينية في مظاهرات الضفة الغربية خلال عملية الجرف الصامد فغالبا ما تنعكس ردود العنف مباشرة على الافراد الفلسطينيين وتصل الى داخل الأسرة ومحيطها المباشر.
وهنا لا يمكن انكار التأثير الفعلى الاسرائيلى المباشر على احتمالات ظهور جولة جديدة من الصراع فالأحداث في الأشهر التي تلت عملية الجرف الصامد في القدس، ولا سيما التوتر الناشئة بين اليهود والمسلمين على معبد الجبل، كانت سببا فى الزيادة الحادة في الاحتجاجات الفلسطينية العنيفة في المدينة وهناك أسباب معينة للتوتر في القدس، منها التمييز المستمر ضد السكان الفلسطينيين في المدينة ولغة العداوة السائدة بين قطاعات واسعة من السكان اليهود في القدس ضد الفلسطنين، ومع ظهور حالات من العنف والعنف المضاد والتصعيد في العداء والعنف بشكل طبيعي والتى بدات تحمل طابع الدوري فاحتمالات ان العنف الناشئ في القدس نتيجة للصراع بين المسلمين واليهود / الإسرائيلين والفلسطينين سوف يمتد خارج القدس ليصل إلى الضفة الغربية هو موضوع مقلق وباعث للقلق بصورة طبيعية وغير مبالغ فيها.
الموقف الإقليمي
لقد خلق الاضطراب السياسي والاجتماعي الناشئ في العديد من دول الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة توازنا جديدا للقوى ومجموعة من التحالفات واحد السمات الرئيسية من سمات هذا النظام الناشئ هي الفائدة العائدة على الدول العربية القائدة في المعسكر السني من التنسيق والتعاون مع إسرائيل ضد المعسكر الراديكالي بقيادة ايران، وضد اثنين من الفروع الرئيسية من مخيم التطرفي السني: فرع الجهادي السلفي والإخوان المسلمين ومن أجل تحقيق الإمكانات الاستراتيجية في هذا التعاون، ان الدول العربية البراجماتية ترغب في إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من جدول الأعمال الإقليمي ولهذا السبب، يبدون استعدادهم للاستفادة من التخلص من المفسدين الإقليمية (حزب الله، إيران، وحماس) وعرقلتهم للمبادرات السياسية، الناجمة عن هذه الجهات " المشاركة المباشرة في صراعات خاصة بهم، ونحن مستعدون للاستفادة من الدبلوماسية والموارد الاقتصادية في تنظيم العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين في إطار تسوية عامة.
بالإضافة إلى ذلك، الأزمة الحادة التي تمر بها حماس ونتائج عملية الجرف الصامد خلقت فرصة لمعالجة إشكالية الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية، والتي كانت حجر عثرة على طريق أي محاولة لتسوية أو تخفيف الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين فعملية المصالحة بين فتح وحماس وبين الضفة الغربية وقطاع غزة تنطوي على مخاطر جمة، لأنه من المرجح أن تعزيز مكانة حماس على الساحة الفلسطينية ومع ذلك، فلديها القدرة على إعادة توحيد الأراضي الفلسطينية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وبالنسبة لإسرائيل، مثل هذه الحكومة سوف تشكل شريكا مسئولا من شأنه أن يكون أكثر وضوحا ويكون له تمثيل كامل لسكان الأراضي من السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر، وبالتالي يمكن احياء العملية السياسية لأي نوع من التفاهمات والترتيبات بين اسرائيل والفلسطينيين.
كذلك لا توجد وسيلة فعالة لذلك فمن المؤكد صعوبة جني ثمار معظم هذه الفرص في ظل الظروف الراهنة، فطريق المفاوضات حول التسوية الدائمة بين إسرائيل والفلسطينيين تتناثر فيه العقبات، إن لم يمكن سد الفجوات تماما فى المواقف الأساسية للجانبين فالقيود السياسية لكل منهما يمكن أن تمنعهم من إجراء التغييرات اللازمة في السياسات المطلوبة للتقدم نحو حل شامل للصراع ومع ذلك، فانه هناك تدابير أحادية الجانب يمكن ان يتخذها الجانبان، ويصاحب ذلك حوار للتعاون والائتلاف مع "استعداد" اللاعبين الإقليميين لتطبيق مبادرة السلام العربية، فمن المرجح أن وقف الزخم الدبلوماسي للسلطة الفلسطينية، والمساهمة في حل الصراع على أساس ترتيبات متفق عليها، يعيد الاستقرار للبيئة الاستراتيجية لإسرائيل، ويمثل خطوة على طريق تحسين وضعها الإقليمي والدولي.
----------------