منذ أن نفضت واشنطن يديها من الشرق الأوسط سعت الرياض إلى شراء أسلحة متطورة جعلت منها قوة إقليمية متميزة وإن نقصها قدرات المراقبة والاستخبارات.
ودون صخب دعائى تدخلت السعودية فى البحرين (عام 2011) كما أنها أغارت على مواقع الحوثيين فى اليمن جويا وبريا (عام 2009).
وتمنح الاحتياطيات المالية الوفيرة السعوديين نفسا طويلا فى الحرب التى يشنونها على اليمن.. بجانب شراء نفوذ القبائل المؤثرة هناك.. أسلوب مجرب.. سبق استخدامه بنجاح فيما قبل.
وتحرص المقاتلات السعودية على تجنب إصابة المدنيين فى ضرباتها الجوية خشية حشد الرأى العام ضد بلادها.. كما تخشى أن يستخدم الحوثيون الصواريخ بعيدة المدى عبر الحدود من طراز سكود التى استولوا عليها من القوات المسلحة اليمنية.
وتدعم الحرب الجوية قوة بحرية (متعددة الجنسيات) تحمى الملاحة فى باب المندب.. بما يحرم الحوثيين من الدعم الخارجى.. لكن.. لو أرادت السعودية نصرا حاسما فإنها يجب أن تتدخل بقوات برية.
ولاشك أن الذهاب بقوة برية كبيرة يساعد قوات التحالف على السيطرة العريضة على الأرض قبل تسليمها للفصائل الموالية لها.. لكن.. ذلك لا ينفى ارتفاع عدد الضحايا.. خاصة أن كتائب المشاه ستجبر على القتال فى ظروف جغرافية قاسية.. وضد عدو ايديولوجى يعرف تضاريس البلاد.. مما يصب فى مصلحته.. خاصة إذا ما انتقل من حرب الجيوش إلى حرب العصابات.. وسوف تزداد المتاعب كلما طالت مدة الحرب.
بجانب أن القوات البرية للتحالف لو انتشرت فى اليمن فإنها قد تكون عرضة لهجمات الميليشيات القبلية التى تستاء من وجود قوات أجنبية على أرضها.. فضلا عن الهجمات التى يشنها تنظيم القاعدة فى الجزيرة العربية.
يجب دراسة كل هذه الاحتمالات ووضعها على ميزان الذهب.. خاصة أن خرائط الجغرافيا الوعرة فى اليمن ليست متوفرة بالكامل عند القادة العسكريين المصريين الذين قاتلوا هناك من قبل أو الذين تولوا تدريس مناهج كلية الأركان للضباط اليمنيين.
كما أن التدخل البرى يحتاج إلى تجهيزات متنوعة تفرض وجود خمسة أفراد وراء كل مقاتل يقومون بتحضير الذخيرة وصيانة السلاح وأعمال المخابرات والاستطلاع والإشارة والاتصالات.. يضاف إلى ذلك نقل القوات والمعدات من مسافات بعيدة.. مثل مصر أو السودان أو باكستان.
لكن.. ذلك كله يمكن توفيره بإمكانيات السعودية.. فنقل الأفراد يمكن أن يكون على متن الطائرات المدنية إلى الحدود السعودية.. وهناك يسهل الحصول على الأسلحة والذخيرة والتموين والخدمات الطبية، مما يوفر كثيرا من تلك التجهيزات.
وحسب معلومات مركز ستراتفورد (مركز البحث وثيق الصلة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية) فإن السعودية ومصر والسودان تفكر فى نشر قوات برية فى عدن.. المدينة التى تتمتع بقيمة استراتيجية بسبب مينائها الحيوى.. والأهم.. أنها عاصمة مؤقتة لحكومة الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى.. ولا تزال أحد أهم مواقع القوات الموالية.
إن تأمين المدينة لا يعنى كسب الحرب ضد الحوثيين وحلفائهم لكنه يعد الخطوة الأولى لعمل أكبر.
وتتطلب السيطرة على عدن قوة قتالية أقل بكثير من القوة اللازمة للتوغل البرى الكامل عبر الحدود والاتجاه جنوبا ناحية صنعاء.. لا تحتاج السيطرة على عدن إلا لعدة كتائب أو لواء (من ألف إلى ثلاثة آلاف جندى) بدعم جوى من الطيران والسفن الحربية.
ستكون عدن الهدف البرى الأول لقوات التحالف.. وستنزل قوات المشاه على الأرض بطائرات هيلكوبتر.. الأسرع من الوصول بالبحر.. والأقل خطورة من استخدام السفن التى تحتاج أن ترسو فى ميناء فترة طويلة.
واتفق مبدئيا على أن يبدأ هذه المهمة لواء مشاه سودانى يوفر الجزء الأكبر من القوات البرية اللازمة على أن يدعم بمجموعات من أفراد العمليات الخاصة ستوفرهم مصر.
وتتفاوض الرياض مع واشنطن حول استخدام القواعد الأمريكية القريبة.. مثل معسكر ليمونر فى جيبوتى.. القاعدة الجوية فى بريرة على شاطئ الصومال.. لتحلق طائرات التحالف بعيدا عن المناطق الجبلية التى يسيطر عليها الحوثيون.
لكن.. يصعب تحديد ساعة صفر الحملة البرية.. إن إشارة البدء يجب أن تكون مطمئنة.. وليس هناك ما يمنع من مواصلة الغارات الجوية التى تستنزف القوات المعادية بمعدلات ثابتة.. خاصة أن الضربات الجوية فى حرب تحرير الكويت التى شاركت فيها مصر بفرقتين استمرت 37 يوما.
كما أن الضربات الجوية بجانب التهديد بحملة برية قد يقنع الحوثيين بالتفاوض خاصة أن إيران لن تتدخل بما يكفى لدعمهم.. ليقينها بأن منطقة العمليات منطقة استراتيجية للغرب.. لن يسمح لها بالسيطرة عليها.
ملحوظة:
المادة مأخوذة من تقارير مركز ستراتفورد للدراسات الاستراتيجية وهو المركز الذى تدعمه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وتسرب من خلاله مالديها من معلومات سرية!