شهدت الأيام القليلة الماضية تحركات واسعة وزيارات مكثفة لوزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، شملت مصر والبحرين والإمارات، كما استقبل خلالها بعض السفراء والمسؤولين الدوليين، في إطار المساعي التي تقودها المملكة، والمتمثلة في "عاصفة الحزم" لإعادة الشرعية لأبناء الشعب اليمني.
عقب عودته من القاهرة بعد مباحثات مع الجانب المصري حول تطورات الوضع في اليمن، واستعراض آخر إنجازات قوات تحالف "عاصفة الحزم"، يكثف وزير الدفاع السعودي تحركاته أيضًا على المستوى الدولي، حيث التقى اليوم سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى المملكة جوزيف ويستفول، والسفير الروسي لدى المملكة أوليج أوزيروف، بعد يوم واحد فقط من امتناع روسيا عن التصويت على قرار مجلس الأمن الخاص باليمن، حيث جرت هذه اللقاءات في إطار بحث علاقات المملكة مع أميركا وروسيا، واستعراض آخر مستجدات الأوضاع في المنطقة.
كما التقى الأمير محمد بن سلمان مع هشام الدين حسين وزير الدفاع الماليزي، الذي يزور المملكة حاليًا، حيث بحثا مجالات التعاون العسكري بين البلدين، كما أَطْلَع وزير الدفاع السعودي نظيره الماليزي على غرفة العمليات الجوية لتحالف "عاصفة الحزم"، وتجهيزاتها التقنية وقدرات التحكم والسيطرة الجوية.
وقبل زيارته لمصر، والتي تعد أول زيارة لوزير الدفاع السعودي للقاهرة منذ توليه منصبه في 23 كانون الثاني/يناير الماضي، قام وزير الدفاع السعودي بثالث زيارة للبحرين، حيث التقي ملك البحرين، وأطلعه على آخر التطورات في عاصفة الحزم.
تأتي هذه التحركات المكثفة عقب صدور قرار مجلس الأمن، الذي أقرّ مشروع القرار الخليجي، والذي يفرض حظرًا على تصدير السلاح إلى جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن، وأيضًا يفرض عقوبات على زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، وأحمد نجل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
وكانت الرئاسة المصرية قد أعلنت في بيان عقب اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ،"الاتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث تنفيذ مناورة استراتيجية كبرى على أراضي المملكة العربية السعودية وبمشاركة قوة عربية مشتركة تضم قوات من مصر والسعودية ودول الخليج".
ويقول المحللون العسكريون إن الهدف من هذه الزيارة الخاطفة والسريعة لوزير الدفاع السعودي زيادة التنسيق بين دول قوات التحالف، فـ"نحن في مواجهة عسكرية عربية ضد "الفرس"، ولا بد من نجاح العرب في كسر "المخطط الفارسي" لاختراق العالم العربي، وهذا لن يتحقق إلا بالتنسيق بين الدول المشاركة في عاصفة الحزم".
ويضيفون إنه ليس غريبًا وجود زيارات متكررة للقيادات بين الدول العربية المشاركة في الحرب على اليمن، وهناك التحام عربي يهدف إلى تحقيق قوة ردع عربية ترهب كل من تسوّل له نفسه أن تكون له أطماع في الأرض العربية.
ويقول اللواء الدكتور زكريا حسين، مدير أكاديمية ناصر العسكرية سابقًا، إن زيارة وزير الدفاع السعودي تتزامن مع بدء إجتماعات أمين عام جامعة الدول العربية مع رؤساء أركان الجيوش، لوضع آليات التنفيذ الفعلي لقرار القمة العربية بتشكيل القوة العربية المشتركة، وإستكمالًا لتفعيل فكرة أن أمن الخليج هو إمتداد للأمن القومي المصري، وتحقيق المزيد من التعاون العسكري بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية.
وأضاف أنه لا بد من زيارات على أعلى مستوى للقاهرة، حيث مقر جامعة الدول، بهدف التنسيق والتدريب والمناورات المشتركة، لأنه سيتم خلال شهر الإتفاق على آليات تشكيل القوة المشتركة وتسليحها وتمويلها ومكان تمركزها، ثم تنفذ خلال 3 أشهر، حسب قرار قمة شرم الشيخ.
واستبعد المحللون أن تكون هذه الزيارات تمهيدًا للتدخل البري في اليمن، وإنما لإيجاد خريطة خليجية لحل الأزمة اليمنية في إطار سياسي ومشروع، خاصة في ظل قرار مجلس الأمن الأخير بشأن الأوضاع في اليمن، واستثمار ما تحقق من نجاحات واسعة سياسيًا وعسكريًا للمضي قدمًا في معالجة مختلف ملفات المنطقة.