لاقت روسيا الإنفتاح المصري نحوها بمزيد من الخطوات، ومنها ما أعلن عنه الأسبوع الماضي في المناورات البحرية المشتركة بين سلاح بحرية البلدين، ومنها كذلك الدعوة التي وجهتها وزارة الدفاع الروسية إلى مصر للمشاركة فى المنتدى العسكري الذي تقيمه الوزراة الروسية من 16 إلى 19 يونيو/حزيران المقبل.
وتأتي المشاركة المصرية بعدما وجه وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، الدعوة لنظيره المصري صدقي صبحي خلال زيارته التي قام بها قبل أيام إلى روسيا، ومشاركته في الاجتماع الأول للجنة التعاون العسكري التقني المشترك، حيث دعا شويجو صبحي للمشاركة في المنتدى "جيش- 2015"، ومشاركة الجيش المصري في الفعاليات والتدريبات العسكرية الأخرى التي تنظمها روسيا.
ووفقا لما ذكره موقع وزارة الدفاع الروسية سيشارك في هذا الحدث الشركات الروسية المتخصصة في صناعة العتاد المتطور فضلا عن مراكز الأبحاث العسكرية والجامعات فضلا عن الشركاء الأجانب. وهذه هي المرة الأولى التي تنظم فيها وزارة الدفاع الروسية معرضا بهذا الحجم، والذى سيستعرض الأفكار والإنجازات المبتكرة فى مجال تصنيع التكنولوجيا الفائقة التطور، ومن المتوقع أن تعرض روسيا 120 منتجا عسكريا جديدا.
الى ذلك، فقد أعلنت وكالة انترافكس الروسية للأنباء نقلا عن تصريح مسؤول رفيع المستوى بوزارة الدفاع الروسية عن بدء تسليم الجيش المصري منظومة S-300VM Antey-2500. وأكّد المسؤول أن عملية تسليم المكوّنات والمعدات التكنولوجية الثانوية قد بدأت بالفعل وفي خلال عام ستكون مصر قد تسلّمت القواذف وباقي المعدات الأخرى رافضا التصريح بعدد المنظومات التي تعاقدت عليها مصر .
المنظومة «أنتي 2500» تعتبر أحدى أحدث إصدارات منظومات الدفاع الجوي الروسية لطراز «أس ـ 300»، وهي تسمى «أس ـ 300 في أم»، وحضرت في معرض أيدكس 2015 للصناعات العسكرية الذي أقيم الشهر الماضي في ابو ظبي، إلى جانب منظومة «بوك أم 2 ـ أي».
وتعد «أنتي 2500» من فئة المنظومات الصاروخية الفضائية بعيدة المدى، التي تنتجها شركة «ألماز» للصناعات العلمية الروسية، ويطلق عليها «حلف شمال الأطلسي» تسمية «أس إيه 23»، وتم تصميمها للتصدي للصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى.
الصاروخ العامل في المنظومة من طراز «9 أم ـ 82 أم» قادر على إصابة أهدافه حتى مدى يصل إلى 200 كيلومتر من ضمنها الصواريخ الباليستية، والطائرات الحربية، وصواريخ «كروز»، ويبلغ مدى رادارها 250 كلم، ولديها القدرة على تخطي أجهزة التشويش الإلكترونية، والصواريخ الذكية الموجهة بالليزر. ويصل سعر الواحدة منها إلى ما يقارب 120 مليون دولار أميركي.
وذكرت تقارير اخبارية أن سلاح الجو الإسرائيلي سيواجه تحدياً جديداً هو الأول من نوعه في دولة محاذية، بعد ان بدأت المنظومة الصاروخية الروسية بالإنتشار على الأراضي المصرية وهو أول نشر لها في الشرق الأوسط. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني الخميس الفائت أن من المرجح ان يكون الجيش المصري قد بدأ بالفعل في نشر البطاريات المضادة للطائرات بعيدة المدى في جميع أرجاء البلاد.
وقالت الصحيفة إن المنظومة اس 300 هي النسخة الروسية لمنظومة باتريوت الأميركية، القادرة على اعتراض الطائرات على بعد 200 كلم وعلى ارتفاعات عديدة في ذات الوقت، وأضافت أن الشحنة التي ترددت تقارير بشأنها تعد أول دخول لهذه المنظومة الى بلد يشارك اسرائيل حدودها.
وذكرت أن نشر منظومة أس – 300 المتقدمة في الشرق الأوسط يخلق مشكلة صعبة لسلاح الجو الإسرائيلي الذي سوف يواجه الآن منظومة صاروخية مضادة للطائرات تغطي مساحة أكبر من المنطقة من ذي قبل.
واشارت الصحيفة الى أن اسرائيل والولايات المتحدة قد مارستا ضغوطاً على روسيا لحملها على الغاء شحنة من منظومة أس – 300 الى ايران وسوريا حتى بعدما وقعت موسكو على عقود بيعها مع طهران ودمشق لأن نشر المنظومة كان سيلحق ضرراً بالتفوق الجوي الإسرائيلي والردع من جانب سلاحها الجوي.
وربطت إقدام مصر على شراء 24 مقاتلة رافال فرنسية بعد قيام الولايات المتحدة بتأجيل تسليم القاهرة طائرات إف 16 ومروحيات الأباتشي.
ومن جهة أخرى، وعلى طريق مواز للتعاون العسكري المستجد مع روسيا ظهر اهتمام مصري بالإستفادة من التكنولوجيا الروسية الحديثة في مجالات المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية. وفي هذا الصدد، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن " روسيا تملك خبرة كبيرة يمكن أن تنقلها إلى مصر، ما يسمح بتلبية احتياجات مصر من الطاقة الكهربائية". ويعتزم الشركاء الروس والمصريون إعداد العقود والاتفاقيات المطلوبة في أواخر العام الحالي، وفق الإعلام الروسي.
ويستبعد خبراء أن تؤثر الصادرات الروسية المحتملة من التكنولوجيات النووية إلى مصر على توازن المصالح الجيوسياسية، فالقاهرة التي ترتبط بتسليح جيشها بشكل جذري مع المصدر الأميركي لن تتخلى عن علاقات التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية بسبب التكنولوجيات النووية الروسية. ويبدو أن الخط المصري الجديد لن يتجاوز مبدأ تنويع مصادر التسلح، في محاولة لإثبات تنوع علاقاتها وأصدقائها ضمن خطة تثبيت إستقلالية القرار المصري المدعوم من محور الإعتدال العربي، لا سيما في الدور الإقليمي المنتظر من جمهورية مصر العربية.