أتت الأخبار بعقد وزارة الدفاع العراقية صفقة مع جمهورية “تشيكيا” لتزويد القوة الجوية بـ(15) طائرة من طراز (L-159) المصصمة في الأساس للتدريب المتقدم (ADVANCED TRAINING) لطلاب كليات القوات الجوية قبل تخرّجهم طيارين أحداث، وكذلك لتأهيل الضباط الطيارين برتبة “نقيب ورائد” في دورات معلمي الطيران…
ورغم كون جمهورية تشيكوسلوفاكيا الإتحادية منذ عام 1945 دولة إشتراكية دائرة في فلك الإتحاد السوفييتي، ولكنها إشتهرت بصناعتها عدداً من طائرات التدريب المروحية والنفاثة وكانت في مقدمتها الطائرة (L-29) للتدريب الأساسي BASIC TRAINING وكذلك (L-39) للتدريب المتقدم واللتان إقتنتهما كلية القوة الجوية العراقية منذ أوائل السبعينيات من القرن/20 إلى جانب العديد من كليات الطيران المشابهة لدى 33 دولة ومنها: (مصر، ليبيا، سوريا، اليمن، الجزائر، السودان، الأردن، بنغلاديش، إسبانيا) وكذلك (إسرائيل) المعروفة بتحالفها الوطيد مع “واشنطن” والغرب الأوربي، وكذلك العديد من بلدان أوربا الشرقية والقارة الأفريقية وأمريكا اللاتينية، وحتى أن (الإتحاد السوفييتي) بأوج عظمته وقوته العسكرية العملاقة لم يتأخر في إقتناء هاتين الطائرتين الرصينتين، ما يدل على نجاح مضطرد وسمعة عالمية متعاظمة لهما ولصانعيهما…
وبعد إنهيار الكتلة الإشتراكية مطلع العقد الأخير من القرن العشرين وقرار قادة “تشيكوسلوفاكيا” بكل هدوء وأخلاق سامية وتصرف حضاري بالتجزؤ إلى دولتين متجاورتين من دون معضلات ولا حروب أهلية وطائفية وعرقية، فقد حاولت جمهورية “تشيكيا” الحفاظ على سمعتها العالمية المتعالية في الصناعات الثقيلة فأودت القدح المعلّى لإنتاج الطائرات التي تدرّ عادة موارد ضخمة من مبيعاتها لصالح موازنة الدولة،
ولذلك توجهت براغ”نحو الإفادة من العمالقة في هذا المجال الصعب وفي مقدمتها شركة بوينغ الأمريكية وشركات سويدية حققت لهذه الطائرة أن تكون بمثابة طائرة هجوم أرضي (GROUND ATTACK) بالإرتفاعات المنخفضة للمشاركة في الحروب الداخلية وحركات التمرد وعمليات العصيان المسلّح…
هذه الطائرة ليست جديدة كون باكورة نماذجها قد حلّقت للمرة الأولى عام 1997، ولكن اللاحقات طوروها وحسنوها بخطوات متتالية فجُهِّزوها بمقذوفات أمريكية المنشأ (جو-جو) للقتال الجوي و(جو-أرض) لإسناد القوات البرية عن قرب أو بعد، وقد إقتنت القوة الجوية التشيكية 72 منها بعد التأكد من مطابقها مع مواصفات طائرات التدريب المتقدم للقوات الجوية لحلف شمالي الأطلسي (N.A.T.O)، وربما تكون أهلاً لمقاتلة السمتيات/الهليكوبترات كونها قادرة على التحليق بسرعات متدنية وبإرتفاعات منخفضة للإشتباك القريب مع ذلك الطراز من الطائرات في سماء المعارك، وبالأخص ذلك النموذج المحور كي يقودها طيار واحد لأغراض القتال وليس لمجرد التدريب المتقدم في الطراز الذي يحتوي على مقعدين، وذلك بعد تزويدها بمحرك أمريكي أهّلها لقطع مسافات أبعد وبسرعة أعلى وقدرات أعظم على حمل أنواع متعددة من الصواريخ الحرة والمقذوفات المسيّرة وحاويات القنابل…
أما الإلكترونيات وهي الأهم والأخطر في حروب القرن/21- فقد أهّلتها لتكون متعددة المهام وقريبة -نوعاً ما- من المقاتلات الامريكية (F-16) إلى جانب نظامَي الملاحة والحرب الإلكترونية اللذان يوفران إستشعار الأهداف عن بُعد (REMOTE SENSATION) وإمكانات إستخدام المقذوفات والسلاح الأنسب خلال الاشتباك مع توفير الحماية الذاتية للطيار وتحديد هويات الطائرات المقابلة وكشف 8 أهداف جوية معادية و 8 أخريات أرضيات في وقت واحد…
أن هذه الطائرة التي يبلغ طولها 12.72 متراً ووزنها الفارغ نحو 4.5 اطنان ووزنها الأقصى للإقلاع 8 أطنان وسرعتها القصوى 850 كلم/ساعة والتي أدخلت 72 منها في خدمة القوة الجوية التشيكية خلال الأعوام 2000-2003 تبدو وكأنها من أنسب الطائرات التي تقتنيها القوة الجوية العراقية…
وأملنا كبير أن تخلو صفقتها من أي فساد مالي مُخزٍ ومُخجل والذي خيَّمَ على عموم الصفقات السابقات في الأعوام العشر المنصرمات.
-----------------
الكاتب : العميد المتقاعد صبحي ناظم توفيق