في موقع عسكري للخردة في الصحراء جنوب العراق تنتظر معدات تركها الجيش سنوات عديدة لصهرها وتحويلها الى قضبان حديدية. والآن بفضل الصراع الجديد وميكانيكي مسن واسع الحيلة أمكن إصلاح بعض جياد الحرب الصدئة.
والهجوم الخاطف في يونيو حزيران الماضي الذي شنه مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية وسيطروا خلاله على معظم شمال وغرب العراق ترك الجيش في حالة من الفوضى واستولى المقاتلون الإسلاميون أثناء تقدمهم على كثير من المعدات التي وردتها الولايات المتحدة.
ووجهت الحكومة العراقيه في بغداد نداء لإرسال تعزيزات من أنحاء العالم لمساعدتها في التصدي للدولة الإسلامية. لكن ماضي السكيني -وهو ميكانيكي عسكري متقاعد- كان لديه الحل بالقرب من منزله.
وقال السكيني وهو يشير إلى مخلفات الحرب العراقية الإيرانية في الفترة بين عامي 1980 و1988 "ساحة الخردة التي ألقيت فيها الآلاف من معدات الجيش قريبة من المكان الذي أعيش فيه وهذا المكان يذكرني دائما بالحرب الطويلة مع ايران."
وتحتوي ساحة الخردة على بنادق ومركبات ودبابات - بعضها لا يعرف إلا من ماسورة المدفع التي تظهر من خلال الرمال - وترجع إلى حرب احتلال العراق في 1990-1991 للكويت وهزيمته وإلى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 للإطاحة بصدام حسين.
وقال وهو يستخدم الاسم المختصر للدولة الإسلامية في العراق والشام
"في أحد المرات مررت بجانب المكان وخطرت في بالي فكرة : لماذا لا أقوم بتصليح بعض المركبات المدرعة المتروكة للمساعدة في الحرب ضد داعش."
لذلك شرع الرجل البالغ من العمر 65 عاما -وهو من قدامي المحاربين في جيش صدام- في العمل مع أبنائه لإصلاح بعض المركبات القديمة وتوريدها لمقاتلي الميليشيات الذين يحاربون الآن لإخراج الدولة الإسلامية من مدينة تكريت مسقط رأس صدام التي تقع إلى الشمال من بغداد.
وقال السكيني وهو يقف أمام ورشته في الحارثة التي تبعد نحو عشرة كيلومترات من البصرة "لقد خطرت لي الفكرة بعدما سمعت من أخبار من جبهة القتال في تكريت وسامراء بأن العديد من مقاتلي الحشد الشعبي قتلوا في المعارك بسبب قلة وجود المركبات المدرعة."
وقادت وحدات من الحشد الشعبي المكونة في معظمها من مقاتلين شيعة الهجوم المضاد على الدولة الإسلامية. ويذهب كثيرون من الذين يقاتلون في صفوف الجيش بأي أسلحة ومعدات يمكنهم الحصول عليها ومعظمها قدمتها ايران.
وخلف السكيني كان يسمع صوت الدق على جنزير الدروع حيث يقوم عمال المعادن بجراحة لناقلة جند صدئة ترجع إلى الحرب الإيرانية العراقية.
وقال ابنه هيثم (31 عاما) رئيس فريق الإصلاح إن سنوات خبرة السكيني تعني أنه بإمكانهم ليس فقط إصلاح معدات الجيش وإنما أيضا إضافة تحسينات من جانبهم.
وقال هيثم قبل أن يقفز إلى مركبة أخرى -وهي ناقلة مدرعة روسية الصنع- "نجحنا في تحويل مركبة مدرعة ناقلة للأفراد إلى مركبة هجومية عن طريق تزويدها بمدفع رشاش عيار 23 ملليمترا مع غرفة محصنة لحماية الرامي."
وبعد قيادتها في عدة دوائر بالساحة المتربة القريبة من الورشة قادها هيثم عبر حاجز رملي شديد الانحدار ليثبت أنه يمكنها العمل في الأراضي الوعرة رافعا يده بعلامة النصر عندما نفذت بنجاح هذه المهمة وإن كان مع قليل من الاهتزاز.
وعلق طاقم الإصلاح لافتة فوقها تحمل اسم الإمام الحسين.
وفي اليوم التالي أرسلت المركبة إلى موقع قريب من مدينة سامراء حيث يوجد لواء علي الأكبر وهو من القوات الشيعية المقاتلة.
وقال علي حمادي من لواء الأكبر الذي يقاتل في سامراء وتكريت إنه فخور أن يرى هذا العمل العظيم وإن مقاتليهم في أمس الحاجة لمثل هذه المركبات المدرعة للمحافظة على سلامتهم من قناصة العدو وهجمات قذائف المورتر في المعركه ضد داعش