ادت التوقعات المتفائلة لعمليات الشراء والاستحواذ من قبل الزبائن العسكريين، إلى موجة هائلة من جهود التحديث في مجال الصناعات العسكرية خلال العام 2014.
ففي الولايات المتحدة الأميركية نجد أن شركتي رايثيون Raytheon و بوينغBoeing الدفاعيتين قد قامتا بتعزيز طرق وأساليب التصنيع والإنتاج التي يتبعونها لكي يقوما بتلبية احتياجات زبائنهما العسكريين بشكل أكثر كفاءة وسرعة.
ففي قطاع الصواريخ واصلت شركة رايثيون إدخال المزيد من التكنولوجيات الجديدة في منشآت ريدستون للتكامل والدمج الصاروخي التابعة لها في مدينة هانتسفيل/ ولاية ألاباما إذ يقوم هذا المرفق بعمليات دمج وتجربة كل من فئتي الصاروخ المعياري من الفئة 6 (Standard Missile-6) وكافة إصدارات الصواريخ المعيارية من الفئة الثالثة( Standard Missile-3) .
هذا ويقوم مصنع صواريخ رايثيون هذا، بدمج عمليات الأتمتة لتشمل أكبر قدر ممكن من الأنشطة العملانية. فنجد أن إحدى التقنيات الرئيسية المستحدثة تتمثل بعمليات النقل بواسطة مركبات مؤتمتة وموجهة تستعمل لنقل القطع والمعدات من وإلى كافة أرجاء المنشأة. وفي هذا الصدد يقول دوغ شور، الناطق باسم قسم الاتصالات والشؤون الخارجية في مكتب العلاقات العامة في شركة رايثيون للأنظمة الصاروخية:" لا شك بأن هذه الطريقة تسمح لتقنيينا بأن يستفيدوا من الوقت المتاح لهم من جراء عمليات النقل المؤتمت هذه ليقوموا بمهام وأنشطة أكثر فائدة وأهمية. فهذا النوع من وسائل وطرق النقل يمكن الاعتماد عليه كما يمكن استعماله مراراً وتكراراَ دون كلفة إضافية.
وفي معرض حديثه، أشار " شور" بأن شركة رايثيون قد قامت في وقت سابق من العام 2014 بإنجاز بناء خلية جديدة تم إلحاقها بتلك المنشأة وصرح بالقول :" بأن منطقة التجارب الجديدة هذه سوف تمكن الشركة من دعم وزيادة الإنتاج ومواكبة الطلب المتنامي على منتجاتها."
ومن ناحية أخرى كانت شركة بوينغ من أوائل الشركات حول العالم التي قامت في العام 2014 بإدخال وتوسيع للاستفادة من عملية الطباعة الثلاثية الأبعاد (3-D) على خط الإنتاج وإدخال عمليات "التصنيع الإضافي" أو "الإنتاج المضاف" للحصول على القطع الأساسية العائدة لعمليات التصنيع.
وفي هذا السياق قامت ليزا مولّ، مديرة الاتصالات في برامج طائرات بوينغ التكتيكية الخاصة بطائرات F-15 و F/A-18 و EA-18G، بإعطائنا رؤية توضيحية شاملة تتعلق بعمليات الإنتاج المضاف. فأشارت بأن لدى شركة بوينغ حوالي 300 رقم من الأرقام الخاصة بالقطع المستعملة في العشرات من برامج إنتاج الطائرات العسكرية والتجارية، الأمر الذي يصل بالنتيجة إلى 20 ألف قطعة متواجدة على المركبات الجوية العسكرية التي سبق وأن قمت هذه الشركة بتسليمها إلى زبائنها."
وتعتبر طائرة F/A-18 Super Hornet إحدى منصات الأسلحة التي يتم دعمها بواسطة عمليات التصنيع المضاف. فلهذه الطائرة حوالي 150 قطعة في المنطقة الأمامية من جسمها قد تم إنتاجها بواسطة عمليات القطع الانتقائية بالليزر. وتضيف مولّ :" تعتبر القطع المذكورة هذه والعائدة لطائرة سوبر هورنت هذه من المكونات غير الأساسية بالنسبة للهيكل وهي لا تتعلق بأنظمة الطيران بل هي من مكونات لأنظمة قنوات خاصة بالتحكم بالبيئة ( مثل قنوات تكييف الهواء وغيره).
وتسعى بوينغ إلى مواصلة عمليات "التصنيع المضاف" هذا لأسباب وجيهة جداً.
فنجد أن هذا النوع من الصناعات المضافة يوفر في المقام الأول عائدات على الاستثمار بالمقارنة مع الطريقة التقليدية للتصنيع وذلك عبر التخلص من الكلفة ومن الأوقات المهدورة في عملية التصنيع الخارجي لهذه المكونات. وأضافت مولّ بالقول:" بالإضافة إلى ذلك، فإن تكنولوجيات الصناعات المضافة تسمح لمصممي الطائرات بأن يقوموا بتصنيع مكونات تتميز بفعالية وظيفية أفضل. أي على سبيل المثال انسيابية أفضل للهواء وتدعيم صلابة القطع التي لم يكن من الممكن بناؤها بالطرق التقليدية من قبل.
ونتيجة لذلك، نجد أن عمليات التصنيع المضافة، سوف تلعب دوراً هاماً عند إجراء أية تعديلات أساسية على منصة طائرة F/A-18 ، وبالتالي سوف تخفض كلفة التصنيع لهذه الطائرة بالنسبة لزبائن بوينغ.
واختتمت مولّ تصريحها بالقول:" بالإضافة إلى ذلك، نحن نقوم باعتماد هذا النوع من عمليات التصنيع المضاف بشكل كبير وموسع للإنتاج السريع للنماذج الأولية ولتطبيقات التزود بالأدوات بالنسبة لكافة مصانع الشركة بما في ذلك خط إنتاج طائرات F/A Super Hornet."
أما طائرة Boeing من طراز P-8 المشتقة من الجيل التالي لطائرة 737-800 التي تنتجها هذه الشركة، فنجد أن بوينغ تقوم بطريقة غير مسبوقة من قبل باعتماد نظام للتصنيع بموجب خط للإنتاج يستفيد بشكل كلّي من أفضل ما لدى شركة بوينغ من خبرات في مجال التصنيع التجاري والدفاعي.
وقد أشارت إيلين برابانت، الناطقة باسم اتصالات شركة بوينغ لشؤون طائرات P-8 إلى عدة من عمليات التحسين والتطوير التي أحدثت خلال العام 2014، والتي تبرهن عن كيفية قيام هذه الشركة العملاقة بتكرار اعتماد أفضل الممارسات التي تم تطويرها لإنتاج أنظمة طائرات 737 التجارية وتطبيقها في عملية إنتاج طائرة P-8.
وأعطت مثالاً واحداً عن كيفية قيام بوينغ بعملية ترقية وتطوير لعملية وطرق تجميع وضم الجناح إلى هيكل الطائرة وقيامها بتطوير البرمجيات التي أدت إلى المزيد من الدقة والفعالية في تركيب الجناح.
بالإضافة إلى ذلك فقد قامت الشركة أيضاً بجعل مجموعة الأسلاك التي تركب ضمن الطائرات أكثر انسيابية.
وأضافت برابانت أيضاً بأن الشركة قد سهلت طريقة التصنيع بمضاعفة الاعتماد على خطوط التغذية الجانبية لدعم عملية التجميع النهائي للطائرة. وتقول:" لقد قمنا بتخفيف أعباء العمل التي يقوم بها خط التجميع الرئيسي وقمنا بعمليات تجميع مسبقة للمكونات خارج خط التصنيع لتركيبها في وقت لاحق على شكل وحدات متكاملة.
ويتم اعتماد كافة هذه التحسينات الثلاث انطلاقاً من عمليات التطوير الموروثة من عمليات بناء طائرات 737 التجارية المستعملة لنقل الركاب من قبل شركات الطيران التجارية. وتساعد هذه التحسينات على تخفيف وطأة العمل وتجعله أكثر انسيابية كما تزيد من جودة نوعية الإنتاج.
وفي الوقت عينه، تقوم بوينغ بتطبيق المزيد من التحسينات بالاعتماد على خبراتها الدفاعية. فتقول برابانت:" لقد قمنا في العام 2014 بتطوير وتنفيذ أكثر من 50 مشروعاً للحد من الدورة الزمنية اللازمة لعمليات التركيب وعمليات تجربة الأنظمة العسكرية لطائرات P-8. ويعتبر قيامنا بإعادة جدولة تسلسل سياق العمل والتوفيق بين الإعمال المتشابهة وقيامنا بإدخال التكنولوجيات المتقدمة والمزيد من الأدوات والمعدات، من ضمن بعض الأمثلة التي سوف تسمح لنا بمضاعفة إنتاجنا وإنجاز الأعمال في أقل وقت ممكن .
هذا وتواصل بوينغ تحقيق كافة مراحل برنامج تصنيع طائرات P-8 - ضمن الوقت والكلفة المحددين- بالنسبة لزبائنها في سلاح البحرية الأميركية والقوات البحرية الهندية.