تؤكد كل المؤشرات ان ليبيا مقبلة على تدخل عسكري جديد خلال الأيام القادمة، ما بعد تدخل الحلف الأطلسي عام 2011، الغاية منه الحد من توسّع الجماعات «الجهاديّة» المسلحة المثيرة للقلق إقليميا ودوليا.
ولعلّ أبرز هذه المؤشرات تسرّب معلومات عبر الصحافة الجزائرية تشير إلى سيناريوهين إثنين لتدخل عسكري جزائري في الجارة ليبيا؛ إذ جاء في صحيفة «الخبر» الجزائرية في عددها الصادر الخميس 14 اوت الجاري ان هيئة اركان الجيش وضعت مخططين لاحتمال شن ضربات استباقيّة ضد الجماعات «الجهادية» المسلحة في ليبيا أولا لحماية الامن الجزائري من خلال ضرب منابع الارهاب وثانيا لتقديم المساعدة للجارين إقليميا (تونس وليبيا) لمعاضدة جهودهما في التصدّي للإرهاب.
وكانت الجزائر قد أخذت على عاتقها في إجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا الذي انعقد في مدينة الحمامات منتصف شهر جويلية الماضي مسؤولية رئاسة خليّة متابعة الشأن الامني والاستخباراتي في ليبيا من خلال تأمين الحدود والبحث عن خطة لتجميع الأسلحة الثقيلة.
وقد ذكرت مصادر من داخل الاجتماع آنذاك لـ«الشروق» ان الجزائر رشّحت نفسها لتولّي هذا الدور فيما اختارت مصر ترؤس اللجنة السياسية بهدف لعب دور سياسي في ليبيا عبر الاتصال المباشر بالطبقة السياسية ومكونات المجتمع المدني الليبي بحثا عن حل سياسي ينهي أزمة دولة الجوار.
ويشير متابعون للشأن الإقليمي إلى ان مصر والجزائر استراتيجيا تتمتعان بالقدرة العسكرية والسياسية للتدخل والمساعدة على ضبط الوضع الامني المنفلت في ليبيا والذي يتجاوز الحدود الليبية ليصبح مصدر قلق إقليمي علما ان الجزائر بصدد لعب دور في مالي وتعتبر إقليميا ذات خبرة في التعاطي عسكريا مع ملف الإرهاب.
ويبدو ان الجزائر التي صمدت امام رياح الربيع العربي الذي هز عروش أغلب الأنظمة العربية تحتاج بدورها إلى أنفاس أكبر للتصدّي للخريف العربي الذي بات يُمْطِرُ إرهابا شرقا وغربا فالتهديدات ضدها تبدو جدّية وهو الامر الذي دفع بالخارجيّة الامريكية إلى تحذير رعاياها الاربعاء الماضي «من مخاطر السفر إلى الجزائر» وذلك بسبب «التهديدات الإرهابية المستمرة» ومخاطر التعرض للاختطاف مما يعني ان الجزائر مستهدفة بهذا الخريف الدموي.
بالعودة الى الوضع في ليبيا ذكر مصدر مطلع لـ«الشروق» ان ساعة الحسم اقتربت مع تنامي الغضب الشعبي ضد الجماعات المسلحة وضدّ تنظيم الإخوان المسلمين نفسه واتهامه بالتورط مع الجماعات المسلحة وسعيه إلى السيطرة على الدولة الليبية أيّا كانت الكلفة ودليل ذلك تورط ميليشيا درع الوسطى (تتبع مدينة مصراتة) في اعمال العنف التي جدّت في مطار طرابلس الدولي وتحدث اليوم في العاصمة طرابلس.
وأكّد مصدرنا أن الجيش الليبي الذي أخذ على عاتقه مهمة محاربة هذه الجماعات يحتاج إلى غطاء جوّي اي إلى ضربات جراحيّة تستهدف مناطق تمركز الجماعات المسلحة للمساعدة على مواجهتها. وقال مصدرنا، وهو آمر كتيبة ثوّار سابقا، إنّ ساعة الحسم اقتربت في ليبيا ولن تتجاوز حدود موعد عيد الإضحى.
وأدت تطورات الاوضاع في ليبيا الى عمليات اجلاء واسعة للرعايا الأجانب وإغلاق عدد من السفارات وإجلاء البعثات الديبلوماسية وهو مناخ يوحي باقتراب عملية عسكرية مباشرة في دولة الجوار.
السؤال الذي يطرح هنا هو: كيف ستكون هذه العملية؟ وهل ستشارك مصر في اي تدخل عسكري مباشر وفقا لمخطط ما يُعْرَفُ عسكريّا بـ«الكمّاشة» اي تدخل مصر شرقا والجزائر غربا لمحاصرة الجماعات الإرهابيّة المسلحة المنتشرة في مناطق مختلفة في ليبيا؟ وأي دور سيلعبه الجيش الوطني التونسي في هذه العملية علما ان الولايات المتحدة الامريكية تستعد لتسليم تونس 12 مروحية مقاتلة من نوع «بلاك هاوك». فهل سيكتفي الجيش الوطني بتأمين الحدود الجنوبيّة أم أنه قد يضطر إلى اقتحام هذه الحرب الإقليمية حماية للأمن القومي التونسي من التهديدات الإرهابيّة القادمة من العمق الليبي؟.