تمكّن باحثون ومهندسون جزائريون أخيراً من صنع طائرة بدون طيار بمواد ووسائل تقنية جزائرية خالصة، كما أبدوا استعدادهم لصناعة نماذج أخرى من هذه الآلات المتطورة حسب الطلب.
وصار بحوزة الجزائر، حسب ما أعلنته، السبت 23 يناير/كانون الثاني 2016، نموذجان من الطائرة بدون طيار، هما "أمل 1-400" و"أمل 2-700"، إلى جانب نموذج صغير الحجم يُعرف بالطائرة المتعددة المروحيات، شرعت الشرطة الجزائرية في استغلالها لعدة أغراض.
وينتظر مركز البحث في التكنولوجيا الصناعية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الضوء الأخضر من المؤسسات الأمنية والعسكرية، لتزويدها بهذه الآليات الحديثة، بقصد استخدامها في مراقبة الحدود البرية.
مشروع بقرار رئاسي
أول خطوة فعلية نحو إنجاز طائرة بدون طيار محلية الصنع في الجزائر، بدأت في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2010، تحديداً في جامعة قاصدي مرباح، بولاية ورقلة جنوبي البلاد، حينما عُرضت كفكرة في شكل مجسم خشبي على الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي وافق على المشروع لدى افتتاحه الموسم الجامعي لتلك السنة.
غير أن قصتها بدأت قبل هذا التاريخ، حيث يروي مدير مركز البحث في التكنولوجيات الصناعية، الدكتور مصطفى ياحي، أن "المشروع بدأ سنة 2010 عندما تقدمت مجموعة من المهندسين العاطلين عن العمل والمتخرجين في الجامعة الجزائرية إلى المدير العام للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي عبدالحفيظ أوراغ، واستمع إلى حلمهم بإنجاز طائرة جزائرية بدون طيار".
وقال ياحي إن لقاءه مع هؤلاء الشباب "ترك في نفسي انطباعاً إيجابياً نتج عن شغفهم الكبير بالطيران وحب الابتكار، ما استدعى المرافقة والانخراط في مسعاهم والانطلاق في المغامرة".
ميلاد "أمل 1-400" أواخر 2013
وأفاد ياحي بأن فريق المهندسين والباحثين الذين اشتغلوا على المشروع، بعد انتمائهم لمركز البحث في التكنولوجيات الصناعية، استطاعوا بعد 3 سنوات من التصميم والإنجاز إعداد أول طائرة جزائرية بدون طيار، تحمل اسم "أمل1-400".
من جانبه قال مهندس الطيران نبيل عمراوي لـ"هافينغتون بوست عربي" إن "أمل 01"، صنعت أواخر 2013 كمنوذج للسير الأرضي، وأجريت عليها عدة تجارب، وقال: "جربنا عليها النظم الإلكترونية العاملة على متن الطائرة، التحكم عن بُعد وعدة أنظمة إلكترونية وميكانيكية أخرى".
وأجريت مجموعة التجارب الميدانية على هذه الآلة في مطار سيدي بلعباس (غربي البلاد)، غير أن بعض الصعوبات التقنية حالت دون تحقيق تجارب الطيران، كما يؤكد أصحاب المشروع.
أمل 2-700 أو عندما يتحقق الحلم
وواصل فريق الباحثين العمل على المشروع بإنجاز نموذج ثانٍ يحمل اسم "أمل 2-700"، لتقلع نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015، من القاعدة الجوية طفراوي، بولاية وهران غربي البلاد.
واعتبر نجاح "أمل 2" إنجازاً باهراً للباحثين الجزائريين، ومفخرة لمركز البحث في التكنولوجيات الصناعية الحزائري، باعتباره المؤسسة المنتجة.
وتوّج هؤلاء المهندسون سنوات من العمل والبحث والتصميم بالتوصل إلى نموذج نهائي من صنع جزائري 100%.
ومن خصائص ومميزات الطائرة الجزائرية أنها بطول 7 أمتار ووزن 35 كغ، وقادرة على التحليق 6 ساعات كاملة، وهنا يوضح نبيل عمراوي أنه "يمكن تحقيق مدة طيران أطول قد تصل إلى 12 ساعة بطائرة ذات حجم أكبر، لضمان سعة أكبر لخزان الوقود".
وأفاد عمراوي بأن الطائرة المسماة "أمل 02"، تعمل بمحرك ميكانيكي ذي أسطوانتين، يشبه المحركات الميكانيكية العادية.
وأشار إلى أن سرعتها القصوى تتراوح بين 190 و200 كلم في الساعة، أما سرعة تنفيذ المهمة في حيز جغرافي معين فتمتد من 120 إلى 140 كلم في الساعة.
تستخدم في الاستطلاع وتأمين الحدود
من جانبه، أكد نور الدين العسكري، أحد المساهمين الفاعلين في إعداد المشروع، أن الطائرة بدون طيار صممت بآخر ما توصلت إليه التكنولوجيات الحديثة، بحيث "لا يمكن لأجهزة الرادار اكتشافها".
وأفاد في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي" بأن بناءها تم باستخدام المواد المركبة غير المعدنية، "بمعنى أنها لن تنتج أية إشارات تسمح للرادارات بكشفها، وهو ما يسمح باستغلالها في الميدان العسكري، خاصة مراقبة الحدود البرية".
وأشار المهندس عمراوي إلى أن مهام "أمل 2"، تنحصر حالياً في الاستطلاع وجمع المعلومات عبر الصور والفيديوهات، وأوضح أن حجمها الحالي غير قادر على حمل صواريخ.
وبالنسبة للأجهزة الإلكترونية، فقال إنها مزودة بكاميرا أمامية للقيادة، وكاميرا سفلية، مزودة بأجهزة حرارية للرؤية الليلية، وأدوات تقنية أخرى متطورة، تساعد في تحديد الأهداف وتوضيح طبيعتها.
ولم تصرح السلطات الجزائرية بعد بشأن احتمال استخدامها للطائرة بدون طيار لأغراض عسكرية، كتأمين حدودها الجنوبية الشاسعة التي تعتبرها أكبر مصدر للأخطار الأمنية.