«لروسيا حليفان فقط تعتمد عليهما، هما: جيشها وبحريّتها».
(القيصر الروسي الكسندر الثالث)
مع نهاية شهر تشرين الأول ومطلع شهر تشرين الثاني 2016، بدأت روسيا حشد قسم من أسطولها البحري في البحر المتوسط كـ«قوة مهمة» (تاسك فورس) بقيادة حاملة الطائرات «الإدميرال كوزنيتسوف» وطراد القتال النووي «بطرس الأكبر» من اسطول بحر الشمال، والفرقاطة الصاروخية الحديثة «غريغوروفيتش» (من اسطول البحر الأسود). كما تحرّكت مجموعة سفن من أسطول الباسفيكي باتجاه خليج عدن، لدعم عمليات قواتها الجوية وتعزيز قواتها البحرية العاملة في شرقي البحر المتوسط لمحاربة الإرهاب في سوريا.
عرض قوّة؟
قُدّر حجم هذه القوة بما بين 12 و15 قطعة حربية من مختلف الأحجام والاختصاصات، تواكبها مجموعة من الغواصات المحملة بصواريخ «كاليبر» المجنحة. وقد باشرت المشاركة في القصف الجوي والصاروخي على أهداف تخص الارهابيين اعتبارًا من النصف الثاني من شهر تشرين الثاني المنصرم. لكن بعض مسؤولي حلف الناتو وبعض المحللين الإستراتيجيين، يرون في ذلك محاولة من قادة روسيا لعرض القوة، وتدريب أساطيلهم البحرية على سرعة التحرك والانتشار العملياتي في البحار «ليظهروا للعالم أن روسيا عادت دولة عظمى».
الأسطول الروسي وقوّته الضاربة
تأسس الأسطول البحري الروسي في تشرين الأول من العام 1696 بمرسوم قيصري صادر عن القيصر بطرس الأول. والبحرية الروسية الحالية هي القوات البحرية لدولة روسيا الاتحادية وقد تأسست في العام 1992، وجاءت خلفًا لبحرية كومنولث الدول المستقلة، وهذه بدورها أعقبت البحرية السوفياتية التي تفككت عقب انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1991. ويقع مقر قيادة الأسطول البحري الحربي الروسي (الأدميرالية) في مدينة سان بيترسبورغ على بحر البلطيق.
تعتبر الغواصات الذريّة المزودة الصواريخ الباليستية النووية العابرة للقارات والصواريخ المجنحة من نوع «كاليبر» القوة الضاربة الرئيسية لسلاح البحرية الروسي. وفي حوزة هذا السلاح حاملة الطائرات «الأميرال كوزنيتسوف»، والطراد الذرّي الصاروخي الثقيل «بطرس الأكبر» الذي يعتبر سفينة رائدة لسلاح البحرية، إلى جانب المدمرات، والفرقاطات، وحاملات المروحيات، وسفن الانزال الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وسفن مكافحة الغواصات، وكاسحات الالغام، وغواصات الديزل الكهربائية، وزوارق الطوربيد، وزوارق الصواريخ، والسفن المساعدة. كذلك تعتبر الفرقاطات من «مشروع 20380» سلاحًا حديثًا وهي لا تقلّ عن مثيلاتها الأجنبية من حيث القدرات، بل إنها قد تتفوق عليها في بعض المواصفات. ويتضمن برنامج التسليح الروسي الجديد بناء 20 فرقاطة من هذا المشروع حتى العام 2020. وهناك أيضًا زوارق الصواريخ وبعض سفن الإنزال التي يمكن وصفها بأنها سفن حديثة تتفق مع شروط أساطيل القرن الحادي والعشرين.
وتخطط روسيا لبناء سفينتين أخريين من هذا النوع. كما من المقرر أن يزوّد كل أسطول روسي حاملة مروحيات واحدة. أما بقية السفن الحربية التابعة للسلاح البحري الروسي فقد زاد متوسط عمرها عن 25 سنة، وفات أوان استخدامها منذ زمن، وبخاصة المدمرات التي لا تعتبر في الوقت الحاضر من الجيل الحديث للسفن، والتي لم يطرأ عليها أي تحديث أو تطوير بين تسعينيات القرن الماضي ومطلع الألفية الثالثة، بسبب قلّة الإمكانات المالية. ويقضي برنامج التسليح الروسي أيضًا ببناء 4 غواصات استراتيجية حديثة من مشروع «بوريه»، تزوّد صواريخ «بولافا» الحديثة العاملة بالوقود الصلب. وقد انتهت في العام 2011 التجربة البحرية لأول غواصة من هذا المشروع، وهي غواصة «يوري دولغوروكي». أما الغواصات الثلاث الباقية فما زالت قيد التجربة والبناء والتصنيع. وقد أطلقت عليها تسميات «فلاديمير مونوماخ» و«الكسندر نيفسكي» و«سفياتيتيل نيقولاي».
مكوّنات سلاح القوات البحرية
يتبع سلاح البحرية الروسية لوزارة الدفاع، وهو يتكوّن من:
• السفن الحربية.
• الغواصات.
• الطيران البحري، بما فيه الطائرات الساحلية، والطائرات البحرية، والطائـرات الاستــراتيجـية، والطائــرات التكتيكية.
• القوات الساحلية التابعة للسلاح البحري، بما فيها مشاة البحرية، وقوات الدفاع الساحلي.
ويتضمن السلاح الروسي البحري أيضًا، السفن والوحدات الخاصة ووحدات الإمداد والتموين. وتتشكل القوة البحرية الروسية من عدة أساطيل استراتيجية - عملياتية أهمها: أسطول بحر الشمال، أسطول المحيط الهادىء، أسطول بحر البلطيق، وأسطول البحر الاسود. كما يوجد أسطول صغير في بحر قزوين.
البحرية الروسية 2016
كانت البحرية الروسية تضم نحو 162.000 فرد منهم 16.000 من حراس الشواطىء، وفق إحصاءات العام 2006، وقد تقلص هذا العدد بنسبة تزيد عن 10% منذ ذلك الوقت.
ويتوافر لدى هذه البحرية اليوم أكثر من 300 قطعة بحرية قديمة وحديثة، منها:
• الغواصات:
- 13 غواصة نووية استراتيجية لاطلاق الصواريخ الباليستية SSBN.
- 7 غواصات نووية مسلحة بالصواريخ الجوالة SSGN.
- 8 غواصات نووية للمهمات الخاصة SSAN، وتاسعة من نوع SSA.
- 18 غواصة نووية هجومية SSN و23 غواصة هجومية SSK.
وبذلك يكون المجموع 70 غواصة.
• السفن العاملة Active:
- حاملة طائرات واحدة «الإدميرال كوزنيتسوف»، وتحمل 28 طائرة مقاتلة + 24 طائرة هليكوبتر+ مجموعات صواريخ مختلفة.
- 1 طراد معركة نووي (بطرس الأكبر).
- 3 بوارج مزودة صواريخ نووية CGN أو تقليدية CG.
- 15 مدمرة DDG.
- 6 فرقاطات للصواريخ الموجهة.
- 51 سفينة إنزال (مشاة ومدرعات).
- 81 سفينة كورفيت للصواريخ الموجهة.
- 45 سفينة لمسح الألغام.
- 24 سفينة استطلاع ودورية (مخصّصة لجمع المعلومات عن الأساطيل الأميركية والأوروبية وتنفرد بها البحرية الروسية).
يضاف إلى ذلك، نحو 14 سفينة أخرى للمهمات المختلفة، ما يشكل مجموعًا قدره نحو 250 سفينة حربية عاملة.
انتشار الأساطيل الروسية
تنتشر الأساطيل الروسية وفق الرؤية الاستراتيجية الجديدة لقادة روسيا وسياساتهم الهادفة إلى استعادة روسيا لدورها ومكانتها كدولة عظمى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، والحفاظ على الحدود الروسية، وضمان أمنها (القريب والبعيد).
وهذه الأساطيل هي:
• أسطول الشمال:
وهو الأسطول الأهم تاريخيًا، كمًا ونوعًا في مواجهة أساطيل حلف شمال الأطلسي. وتقع أهم قواعد تمركزه في: Severomorsk - Polyarny - Severodvinsk – Gremika.
ويضم هذا الأسطول 41 غواصة مختلفة و38 سفينة حربية متنوعة، وحاملة الطائرات الوحيدة لدى روسيا «المارشال كوزنيتسوف».
• أسطول المحيط الهادىء:
ينتشر في مواجهة الأساطيل الأمريكية واليابانية والصينية، ويضم 50 سفينة متعددة المهمات و23 غواصة مختلفة ويقع مقر قيادته في فلاديفستوك في أقصى الشرق الروسي.
أهم قواعده: Magadan - Petropavlovsk - Racovaya – Vladivostok. ويضم: فرقة مشاة بحرية مكونة من 2500 فرد، و5 كتائب (3 هجوم، 1 دبابات، 1 مدفعية).
• أسطول بحر البلطيق:
مركز قيادته في كالينينغراد، ويضم 55 سفينة حربية وغواصتين.
تتميز هذه المنطقة بكثافة خطوط الملاحة الأوروبية عبرها، وكانت تشكل محور اهتمام روسيا خلال فترة الحرب الباردة، وحتى اليوم.
أهم قواعد هذا الأسطول: Baltiys - Kronstadt - Saint Petersbur وهو يضم عددًا مهمًا من طائرات Su-27 AV-MF Su-24M Su-24MR، وقوات برية في إقليم كاليننغراد.
• أسطول البحر الأسود:
يضم 47 سفينة حربية مختلفة و6 غواصات هجومية، ومركز قيادته في شبه جزير القرم.
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي قسّم هذا الأسطول بين روسيا وأوكرانيا. وفي العام 1997 توصل الطرفان إلى اتفاق تستغل بموجبه روسيا القاعدة البحرية في Sebastopol الأوكرانية لمدة 25 سنة، ولكنها (روسيا) استعادت شبه جزيرة القرم والقاعدة البحرية فيها بعد أحداث أوكرانيا الأخيرة (العام 2014). أهم قواعد هذا الأسطول Tuapse - Novorossiisk – Sebastopol.
• أسطول بحر قزوين:
يضم 15 سفينة سطح مقاتلة منها، فرقاطتان للصواريخ الموجهة، و6 سفن إنزال، و5 كاسحات ألغام، ومركز قيادته في استراخان.
تحديث الأسطول البحري الروسي :
باشرت روسيا حملة واسعة لتحديث اسطولها البحري بعد نحو عشرين سنة من الاهمال والكساد. وتمّ إنفاق مليارات الدولارات لاستبدال السفن القديمة، وصناعة طائرات وأسلحة حديثة.
وهي تقول إنّ الأمر لا يتعلق فقط بالأزمة السورية وانخراط البحرية الروسية في الحرب ضد داعش والإرهاب هناك منذ تشرين الأول 2015، وإن كان ذلك قد دفعها إلى تكثيف جهودها في تعزيز بحريتها وأسلحتها وجيشها لتلبي الحاجات الملحة في ساحات القتال. فرغبة موسكو في تحديث أسطولها البحري المتهالك منذ عهد الاتحاد السوفياتي السابق موجودة قبل ذلك بفترة، وهي أعلنت منذ العام 2005 عن نيتها إعادة تحديث بحريتها لتصبح ثاني أكبر قوة بحرية بعد الولايات المتحدة الأميركية، وبناء عدد من حاملات الطائرات (من 4 إلى 6) والطرادات والفرقاطات والمدمرات. وقد أنفقت في العامين 2011 – 2012 نحو 78 مليار دولار في بناء سفن وغواصات جديدة وحديثة لمصلحة القوات البحرية. والعمل يجري اليوم على بناء 6 فرقاطات من فئة «أدميرال غريغوروفيتش» حاملة الصواريخ المجنحة (كاليبر) والتي تسلّمت البحرية في العام 2016 ثلاث قطع منها.
كذلك أنجزت الصناعة البحرية بناء 6 غواصات من فئة «فرشافيانكا» ذات محركات «الديزل – الكهربائية» لمصلحة أسطول البحر الأسود. وهذه الغواصات مزوّدة صواريخ «كاليبر بي- إل» المجنحة والتي يصل مداها إلى نحو 1500 ميل، وقد اختبرت هذه الغواصات عندما أطلقت إحداها صواريخها من البحر المتوسط لتصيب أهدافًا لداعش في سوريا وذلك في نهاية العام 2015.
إلى ذلك، صرّح الأدميرال إيغور كازاتونوف نائب قائد البحرية الروسية السابق والقائد السابق لأسطول البحر الأسود أن المصانع الروسية بصدد بناء 6 غواصات جديدة لاسطول المحيط الباسفيكي. كما ذكر أن روسيا تصنع مجموعة من الغواصات تحمل الصواريخ الجوالة الاستراتيجية من فئة «955 بوريه». وقد تسلمت البحرية 3 منها حتى الآن، وستتسلم 5 إضافية مع حلول العام 2020.
تحديث القواعد البحرية :
عمدت البحرية الروسية إلى تجهيز بنية تحتية مناسبة من القواعد والأرصفة الساحلية لسفن الأسطول وغواصاته في جميع المراكز المخصصة له، وجهزتها بالعتاد المناسب وطواقم العمل المتخصصة. ويشمل ذلك جميع مراكب الأسطول وسفنه من شواطىء روسيا الشرقية على المحيط الهادىء إلى شواطئها الشمالية والبلطيق، وكذلك على البحر الأسود وبحر قزوين، وحتى قاعدة طرطوس في سوريا وهي القاعدة الوحيدة لروسيا خارج حدودها.
طموحات وتحديات :
يرى الكاتب العسكري الروسي ديمتري سافونوف في صحيفة «إزفستيا» (تشرين الأول 2014) أن ما تحتاجه روسيا اليوم هو عدد من حاملات الطائرات المروحية والنفاثة، مما يغنيها عن إقامة قواعد لها على البرّ كقاعدة «حميميم» الجوية في سوريا، ويسهّل انتشار هذه القوة في عدد من البحار.
ويضيف سافونوف، أن روسيا لا تتنافس في ذلك مع الولايات المتحدة الأميركية من حيث الكمّ في عدد السفن الحربية، والقواعد البحرية أو الحضور في بحار العالم، ولكنه يعتقد أيضًا أن حاملات الطائرات الحربية وحاملات الحوامات، ستساعد روسيا في نشر قوتها كالولايات المتحدة في أي مكان من العالم. وبالفعل فإن روسيا باشرت بناء حاملات لطائرات الهليكوبتر الكبيرة من فئة «بريوبي» التي ستكون جاهزة في العام 2025، وذلك بالتوازي مع بناء 12 مدمرة نوويه ضد الجويات من فئة «ليدر» تحمل صواريخ «كاليبر» و«سام 500 S-». كما أعلن في العام 2011 عن المباشرة ببناء 4 من الحاملات النووية للطائرات. وفي شباط 2015 ذكرت بعض وسائل الإعلام الروسية أن روسيا بصدد بناء حاملة طائرات نووية عملاقة تحت اسم مشروع E 23000 أو « شتورم»، وينتهي العمل فيها خلال العام 2023.
الاستراتيجية البحرية الروسية :
حدد الكرملين (بين منتصف العام 2015 ومطلع العام 2016) الاستراتيجية الجديدة التي سيعتمدها الأسطول الحربي الروسي خلال السنوات المقبلة، في مواجهة النفوذ المتزايد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في المناطق المحيطة بروسيا. وترتكز هذه الاستراتيجية على نقطتين:
الأولى: زيادة عدد القطع البحرية في المحيط المتجمد الشمالي الذي يعتبر بوابة للأسطول الروسي على المحيط الأطلسي غربًا والهادىء شرقًا.
الثانية: تعزيز التعاون الاستراتيجي مع كل من الصين في مياه المحيط الهادىء، والهند في مياه المحيط الهندي.
فروسيا تطلّ مباشرة على ثلاثة محيطات وثلاث قارات وثلاثة بحار. كما تطلّ على المحيط الهندي عبر الاتفاق مع الهند، وعلى البحر المتوسط عبر قاعدتها البحرية في سوريا. وهي تعمل على تطوير أساطيلها البحرية وتزويدها السفن والأسلحة المناسبة والحديثة، ونشرها في هذه البحار والقواعد، لأنها تدرك أنها لن تستعيد دور الاتحاد السوفياتي السابق أو تصبح «روسيا العظمى»، ما لم تصبح قوة بحرية عظمى، يحسب لأساطيلها وقواعدها ألف حساب، وبخاصة في هذا الوقت.
ويرى بعض المحلّلـين الاستراتيجيـين أن روسيا اليوم قد عـززت وجودها البحري بقواعدها البحــرية في نقـاط استراتيجية مهمة على زوايا روسيا الأربع: من قواعدها في القطب الشمالي بطرفه الشرقي المطل على الولايات المتحدة، إلى الطرف الجنوبي الشرقي على حدود اليابان والمحيط الهادىء، ومن الطرف الشمالي الغربي عبر بحري الشمال والبلطيق في كاليننغراد، إلى البحر الأبيض المتوسط مرورًا بالبحر الأسود والقرم. وهي تطمــح إلى العـودة إلى الطرف الجنوبي الغربي المتمثل في البحــر الأحمر ومصر واليمن ومضـيق باب المندب. وإن وجــودها العسكري المباشر في سوريا اليــوم، وتعـزيز قاعــدتيها البحـرية والجويــة، بالطائرات والصواريخ المضادة (إس 300 وإس 400)، وحضور أسطولها في البحر المتوسط، (وإن كان بداعي أو بهــدف محاربــة الإرهاب في سوريا)، يحمل دلالات كثـيرة، ليس أقلــها تعزيز وجودها الدائم في هذا البحر وتثبيته.
وهــذا ما بدأت دول حلف الناتو تـحسب حسابه وتتدارس الخطط وتحشد القوى، وتجري المنـاورات في البحــر المتوســط وغيره، لمواجهته أو الحدّ من اندفاعته.
البحرية الروسية في البحر المتوسط (قاعدة طرطوس) :
في العام 1971 وخلال مرحلة ما عرف بالحرب الباردة وقَّعت سوريا اتفاقية مع الاتحاد السوفياتي لبناء قاعدة عسكرية بحرية سوفياتية في مدينة طرطوس الساحلية شمال سوريا، وذلك لدعم الأسطول السوفياتي في البحر الأبيض المتوسط، وتوفير مرتكز لوجستي له. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1991 هُجِرت القاعدة وتركتها قوات الأسطول الروسي،ولكنها بقيت مركز دعم لوجستي وتموين للسفن التابعة للبحرية الروسية، كما بقي في هذا المركز نحو 50 عسكريًا روسيًا تحت حماية الجيش السوري.
وتعتبر القاعدة اليوم موطىء قدم روسيا العسكري البحري الوحيد في البحر المتوسط، وكان جنرالات الأسطولين السوري والروسي قد ناقشوا في أواسط العام 2011 سُبل التعاون بين بحريَّتي البلدين، وبخاصة ما يَتعلق بتطوير البنى التحتية لميناء طرطوس (ما زال يُطلَق على هذا المركز أحيانًا اسم «القاعدة العسكرية البحرية الروسية في طرطوس»)، غير أن المسؤولين الروس يَنفون مثل هذا الأمر، ويَقولون إن المركز ليس سوى للصيانة وتزويد الأسطول الروسي المؤن، ولا توجد فيه سوى باخرة واحدة تتبع أسطول البحر الأسود (باخرة إيمان)، وطاقم بحارتها يَتألف من المدنيين.
لكن على الرُّغم من ذلك، فمن المعلوم أن العلاقات السورية - الروسية أخذت بالتطور منذ العام 2006، وبعد أن أصبحت روسيا المورِّدَ الأساسي للسلاح إلى سوريا. وفي العام 2008 وافقت سوريا على اتفاقية لبناء قاعدة عسكرية بحرية روسية دائمة في طرطوس، لتكون مركزًا جديدًا لروسيا في البحر المتوسط. وقد كشفَ مسؤولون في البحرية الروسية في شهر شباط من العام 2012 عن وجود نوايا روسية بإعادة بناء ميناء طرطوس وتطويره، ليَتمكن من إيواء سفن حربية ضخمة، لما لهذه القاعدة البحرية من أهمية على صعيد تعزيز وجود روسيا في شرقي البحر الأبيض المتوسط.
كذلك كشف بعض المسؤولين العسكريين الروس أن القاعدة قد تكون مركزًا للطرّادات ذات الصواريخ الموجّهة مستقبلًا، أو حتى لحاملات الطائرات. ويبدو من خلال مجرى الأحداث اليوم في سوريا والمنطقة أن قاعدة طرطوس ستكون مرتكزًا رئيسًا للبحرية الروسية وأساطيلها في البحر المتوسط ولفترة طويلة قادمة.