اتهم دونالد ترامب منافسته في الانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون بأنها غير مؤهلة، وليس لديها القدرة الصحية ولا النفسية لأن تكون قائداً أعلى لقوات الولايات المتحدة الأمريكية المسلحة، وقد ردت عليه بالمثل، وقالت بأن ترامب ليس الشخص "الذي يمكن أن نأتمنه على الأسلحة النووية". والسؤال هو: من هي السلطة المخولة بتوجيه ضربة نووية؟ لقد طلبت وكالة أنباء بلومبرغ من بروس جي. بلير، ضابط إطلاق الصواريخ السابق، والباحث في برنامج جامعة برينستون للعلوم والأمن العالمي، أن يوضح الإجراءات اللازمة خطوة خطوة.
لم يطور أي بلد عربي قدرات نووية، وربما هذا يبرر عدم الاكتراث لها، ولكن خطر أي استخدامات للنووي تكمن في مجالها، أي أن البلاد التي لا تملكها ولم تطورها، يمكن أن تتأثر باستخداماتها وأن تكون ضحية لها. بمعنى آخر، الخطر النووي هو خطر على كل بلاد العالم، سواء امتلكته أم لا.
بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في العالم اليوم 450 مفاعلاً نووياً، 99 منها في الولايات المتحدة (بالإضافة لـ4 قيد التنفيذ). ومع أن للطاقة النووية استخدامات سلمية، إلا أن أية أعطال أو كوارث طبيعية قد تؤدي إلى انفجار المفاعلات مما يسبب تلويث البيئة وقتل وتشريد الناس، ناهيك بتوريث تشوهات لأجيال قادمة، كما حصل في تشيرنوبل في الاتحاد السوفياتي سابقاً، وفي فوكوشيما في اليابان منذ سنوات قريبة. أما فيما لو استخدمت عسكرياً، فإنها قادرة على تدمير الكرة الأرضية بمن عليها! إن لم تكن هذه الفكرة مرعبة بحد ذاتها، فلنا أن نعرف أن تنفيذ هجوم نووي، مهما كان الهدف، يتطلب وقتاً قصيراً جداً، وهذه هي الخطوات اللازمة في الولايات المتحدة الأميركية.
الرئيس هو من يقرر الهجوم النووي
إن سلطة القائد الأعلى للقوات المسلحة واضحة لا لبس فيها، وهو الوحيد الذي لديه صلاحية اتخاذ القرار باستعمال الأسلحة النووية.
استشارة كبار ضباط القوات المسلحة
قبل الشروع بالقرار، يقوم الرئيس بعقد لقاء مع مستشاريه العسكريين والمدنيين في واشنطن، وحول العالم لمناقشة الخيارات المطروحة. ويتم اللقاء في قاعة الحرب في البيت الأبيض. وإذا كان الرئيس مسافراً خارج واشنطن، يتم التواصل معه على خط سري آمن. يكون نائب مدير غرفة العمليات في وزارة الدفاع، وهو ضابط مسؤول في مركز القيادة العسكرية القومية، المعروفة أيضاً باسم "غرفة العمليات الحربية"، مشاركاً رئيساً في الاجتماع. مركز العمليات هذا، يعمل على مدار 24 ساعة، وهو مسؤول عن الإعدادات، وكذلك عن نقل أمر الرئيس بتنفيذ الضربة النووية. وربما يطلب من قائد جميع القوات الاستراتيجية النووية الأمريكية في أوماها عرض خيارات الضربة.
الوقت اللازم: أقل من دقيقة
تستمر الاستشارات حسبما يرى الرئيس استمرارها ضرورياَ، ولكن إذا كانت صواريخ العدو تستهدف الولايات المتحدة، وكان على الرئيس أن يأمر بضربة مضادة، فإن الاستشارات قد تستغرق ثلاثين ثانية فقط. إن الوقت القصير يزيد من مخاطر تنفيذ ضربة متسرعة على أساس إنذار خاطئ.
قرار التنفيذ
ربما يحاول بعض المستشارين تغيير رأي الرئيس حول قرار التنفيذ، أو أن يستقيلوا احتجاجاً، ولكن في نهاية المطاف، على البنتاغون أن يمتثل لأمر القائد العام للقوات المسلحة.
توثيق الأمر
يجب على الضابط الأعلى رتبة في غرفة العمليات الحربية في البنتاغون أن يتأكد أن من أعطى الأمر لتنفيذ الضربة هو الرئيس نفسه. يقرأ الضابط الشيفرة السرية المعتمدة، التي هي في أغلب الأحيان حرفان من الألفبائية اللفظية العسكرية، مثلاً "دلتا ـ إيكو". يستخدم الرئيس بطاقة خاصة بالشيفرة يتقلدها هو أو مساعده العسكري طوال الوقت، ويقرأ منها الحرفين المقابلين للشيفرة: "شارلي ـ زولو" على سبيل المثال.
صدور الأمر
تعد غرفة العمليات الحربية أمر الإطلاق، وهو عبارة عن خطة الحرب، ووقت الإطلاق، وشيفرات المطابقة، والشيفرات اللازمة لتحرير الصواريخ قبل إطلاقها. وتكون الرسالة المشفرة مؤلفة فقط من 150 حرفاً، بطول تغريدة تقريباً. وتبث إلى القادة العسكريين الأمريكيين في جميع أنحاء العالم، وبصورة مباشرة لطاقم الإطلاق.
الوقت اللازم: دقيقتان أو ثلاث
تتلقى الغواصات، وأطقم الصواريخ البالستية العابرة للقارات الأمر في غضون ثوان من بثه، بعد دقائق قليلة من بداية اللقاء الاستشاري.
تتولى أطقم الإطلاق الأمر
بعد تلقي أمر الإطلاق، يفتح أفراد الأطقم الخزنات المقفلة لأخذ شيفرات نظام المطابقة (SAS) التي تم إعدادها من قبل مجلس الأمن القومي، وتوزيعها على كل الضباط المشرفين على الأسلحة النووية في القوات المسلحة. ثم يقارنون شيفرة SAS في أمر الإطلاق مع الشيفرة المحفوظة في الخزنات الموجودة لديهم.
في حال إطلاق الصواريخ من الغواصات
قائد الغواصة والمدير التنفيذي وضابطان آخران يصادقون على الأمر. ينص أمر الإطلاق على الرقم السري لخزنة على متن الغواصة، يحفظ فيها مفتاح لما يسمى بـ"التحكم بإطلاق النار" اللازم لإعداد الصواريخ للإطلاق. وتصبح الصواريخ جاهزة للإطلاق بعد ما يقارب 15 دقيقة من تلقي الأمر.
في حال إطلاق الصواريخ من اليابسة
هناك خمسة أطقم إطلاق في مراكز مختلفة تحت الأرض تتحكم بأسراب من الصواريخ يبلغ عددها 50 صاروخاً. يتألف كل طاقم من ضابطين اثنين. وينتشر كل طاقم على مسافة أميال متباعدة. يتلقى كل واحد منها الأوامر، ويفتحون الخزائن الآمنة، ويقارنون شيفرات الصواريخ SAS، بتلك التي أرسلت من غرفة العمليات الحربية. وإذا تطابقت، يدخل الطاقم رقم خطة الحرب من الأمر إلى كمبيوتراتهم لإعادة توجيه الصواريخ من أهدافها في وقت السلم الموجهة إلى المحيط إلى أهدافها الجديدة. بإستعمال شيفرات إضافية، يدخل أفراد الأطقم بضعة أوامر لتحرير الصواريخ قبل استخدام مفاتيح إطلاقها المحفوظة في خزناتهم. وفي وقت الإطلاق المحدد، تفتل الأطقم الخمسة مفاتيح الصواريخ في وقت واحد، مرسلين خمسة "أصوات" لهذه الصواريخ، "صوت" من كل طاقم.
احتمال التمرد مستبعد
يلزم صوتان فقط لإطلاق الصواريخ، وهكذا حتى لو رفض ثلاثة ضباط من أطقم الصواريخ البالستية تنفيذ الأمر، فإن ذلك لن يوقف عملية الإطلاق.
إطلاق الصواريخ
يستغرق الأمر نحو 5 دقائق من لحظة اتخاذ الرئيس للقرار؛ وحتى إطلاق الصواريخ العابرة للقارات من صوامعها، ونحو 15 دقيقة حتى إطلاق صواريخ من صمامات الغواصة. ولا يمكن استرداد الصواريخ بعد إطلاقها، ولا استرداد رؤوسها الحربية.