قصة الكلاشينكوف: الشاهد المتكرر الوحيد على انتصارات العرب وانكساراتهم
كاتب الموضوع
رسالة
mi-17
مشرف
موضوع: قصة الكلاشينكوف: الشاهد المتكرر الوحيد على انتصارات العرب وانكساراتهم الجمعة نوفمبر 11 2016, 08:32
"هناك، رغم الآلام التي كنت أعانيها بسبب جروحي، كانت هناك فكرة وحيدة تسيطر على ذهني طيلة الوقت... كيف يمكن اختراع سلاح يسمح بقهر الفاشيين”. هكذا تحدث جندي سوفياتي أصيب في معركة بريانسك عام 1941 ضد الألمان، خلال الحرب العالمية الثانية.
واستطاع هذا الجندي أن يصنع سلاحاً هو الأكثر مبيعاً في العالم. هذا النوع من السلاح أصبح يمثل خمس الأسلحة الخفيفة الموجودة على كوكب الأرض الآن. وهو الشاهد الوحيد المتكرر على انتصارات العرب وانكساراتهم العسكرية، خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
"كلاشنيكوف"، اعتاد الكثيرون نطقها كلاشينكوف بتقديم الياء على النون، ليس مجرد اسم للبندقية الروسية الآلية الشهيرة، لكنه أيضاً اسم مخترعها، ميخائيل كلاشنيكوف Mikhail Kalashnikov، المولود في 10 نوفمبر عام 1919، في إقليم ألطاي في الاتحاد السوفياتي. لم يحصل على شهادة تعليمية عليا، وكانت رتبته في الجيش الأحمر السوفياتي عريفاً، أي أقل من ضابط. وقد أتم تجنيده عام 1936، وكان سائقاً لدبابة في فوج الدبابات السوفياتي المرابط في أوكرانيا الغربية. لكنه كان يهتم بابتكار الأسلحة وتطويرها، فقرر وهو مريض، أن يصنع بندقية رشاشة بمواصفات عالية.
وبالفعل أثمرت جهوده عن البندقية الوحيدة التي تعمل تحت أي ظرف، في الرمال، تحت المياه، في درجة حرارة باردة جداً وساخنة جداً. وتستطيع أن تصيب الهدف على بعد كيلومتر، وتطلق 100 رصاصة في الدقيقة الواحدة، إضافة إلى خفة وزنها، الذي يبلغ 4.5 كيلوغرامات، تقريباً. ابتداءً من تلك الفكرة، وتلك الفترة، وبعد جهود استمرت خمس سنوات، توصل كلاشنيكوف إلى اختراع البندقية الرشاشة الهجومية (K-47)، التي حملت اسمه عام 1947 بالمواصفات المذكورة نفسها. وحصل عام 1949، على جائزة "ستالين"، تكريماً له على اختراعها، وكانت الجائزة 150 ألف روبل، قال عنها كلاشنيكوف: "بواسطة هذا المبلغ كان يمكنني شراء دزينة سيارات من أرقى طراز".
لكن هناك من يشكك في الأمر، ويقول إن كلاشنيكوف ليس مخترع البندقية AK-47 الشهيرة. ومنهم الخبير العسكري الروسي، أنطون كالميكوف، الذي يقول إن تلك البندقية مقتبسة من المصمم الألماني هوجو شمايزر، وتحديداً من بندقيته SDA 44 الألمانية، التي صنعها في أواخر الحرب العالمية الثانية. وأضاف أن شمايزر ومصممين ألماناً، ومعهم خبراء روس، هم من ابتكروا البندقية الرشاشة الشهيرة AK-47، بحسب ما ذكرت قناة روسيا اليوم، التي أعدت عن كلاشنيكوف فيلماً وثائقياً.
انضم كلاشنيكوف إلى مجلس السوفيات الأعلى، وكانت المخابرات السوفياتية تجبره على إنكار هويته إذا سافر خارج دولته، خوفاً عليه. وبالتالي لم يظهر في الأوساط الدولية ويفصح عن هويته كمصمم للبندقية الشهيرة، إلا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. توفي كلاشنيكوف في 23 ديسمبر 2013. وحضر جنازته الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورثاه رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف، قائلاً: "رحيله فقدان هائل لا يمكن التعويض عنه بالنسبة لبلادنا كلها".
رحل كلاشنيكوف تاركاً سلاحه في أيدي كل التنظيمات الفدائية العربية، وأقوى جيوشها. فمنذ ستينيات القرن العشرين، وبندقية كلاشنيكوف هي السلاح الرئيسي للعرب، لدرجة أن أغاني كتبت ولُحنت من أجلها. في فلسطين:
وهي بندقية يستخدمها اليوم مقاتلو حركة حماس، ويستطيعون تفكيكها وتركيبها وهم معصوبو الأعين:
وتستخدمها التنظيمات المسلحة في سوريا، ومنها الجيش السوري الحرّ.
وقد أهدى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، نسخة مذهبة منها إلى العاهل السعودي فهد بن عبد العزيز.
وكانت هذه البندقية ملازمة لأسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الراحل.
وبالنظر إلى واقع شيوع استخدام البندقية وارتباطها بالعرب، أنتجت السينما المصرية فيلماً من بطولة محمد رجب وغادة عادل، وقصة وائل عبد الله، وسيناريو وحوار محمود البزاوي، ومن إخراج رامي إمام. يتناول الفيلم قصة قناص محترف، يترك حراسة الحدود ويعمل قاتلاً مأجوراً، واسمه "كلاشنكوف"، وهو الاسم الذي كان عنواناً للفيلم.
3 دول عربية تصنع الكلاشنيكوف
دخلت بندقية كلاشنيكوف موسوعة غينيس كأكثر الأسلحة الرشاشة مبيعاً في العالم. وبيع منها أكثر من 100 مليون بندقية، حتى عام 2012.
كما جاء في كتاب "أسلحة جين: المشاة 2015-2016" Jane's Weapons: Infantry 2015-2016 لريتشارد جونز Richard D. Jones وليلاند نيس Leland S. Ness، أن هناك نحو 95 دولة تستخدم تلك البندقية اليوم، منها نحو 60 دولة تعتمد عليها كقوام رئيسي لجيوشها.
وأشار الكتاب إلى أن الدول العربية التي تستخدمها بشكل رئيسي لقواتها هي: مصر، الجزائر، سوريا، اليمن، العراق، والسودان. كما تستخدم في قطر، السعودية، والإمارات، لكنها ليست قواماً رئيسياً لقوات تلك الدول، لافتاً إلى أن مصر والعراق والسودان، ضمن الدول التي تصنع تلك البندقية أو تنتج إصدارات تحاكيها، في مصانعها الحربية المحلية.
وهناك 27 دولة تنتج كلاشنيكوف حول العالم، مثل فنلندا، ألبانيا، فنزويلا، صربيا، وكذلك الولايات المتحدة، المنافس الرئيسي للاتحاد السوفياتي وروسيا من بعده. تنتج الولايات المتحدة هذه البندقية، لأن بندقية M16 الأمريكية، التي توازي البندقية الروسية وتضاهيها في بعض الأمور، تتعطل في العمل بالمناطق الرملية، على عكس كلاشنيكوف التي تعمل تحت أي ظرف.
بندقية كلاشنيكوف، مرسومة على علم الموزمبيق، تعبيراً عن الوفاء للسلاح السوفياتي الذي ساهم في تحريرها من الاحتلال البرتغالي،
أكثر من نصف قرن في المنطقة العربية
يقول الخبير العسكري، اللواء جمال مظلوم، إن كل حركات التحرر في العالم، تستخدم كلاشنيكوف. والحركات الإرهابية أيضاً، لأنها البندقية الأكثر تحملاً للظروف القاسية، والأرخص ثمناً، بالإضافة إلى أنها بسيطة في فكها وتركيبها وصيانتها. جاء في كتاب Kalashnikov - AK-47 series لمارتن برايلر Martin J. Brayler، أن مصر كانت بوابة دخول تلك البندقية إلى المنطقة العربية عام 1955، ضمن الصفقة الكبرى التي أبرمتها لشراء أسلحة من الاتحاد السوفياتي، مُررت إليها عن طريق تشيكوسلوفاكيا، لحرص مصر حينذاك على عدم إغضاب أمريكا، لأنها كانت تسعى للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لتمويل إنشاء السد العالي.
ومذاك، أصبحت كلاشنيكوف البندقية الرئيسية للجيوش العربية الكبرى. ويلفت برايلر إلى أنها كانت في أيدي الجنود المصريين عند العدوان الثلاثي عام 1956، وفي الحرب اليمنية، ونكسة 1967، كانت في يد الجيوش العربية، التي هُزمت على يد إسرائيل، وفي معركة أكتوبر 1973. ولا تزال أداة رئيسية في أيدي تنظيمات حزب الله وحماس، والجماعات المسلحة في فلسطين والعراق وسوريا واليمن وليبيا.