(7)
السادات لديان: استخدمت التهامى لهدف مختلف!
ظل السؤال الذى يحاول موشى ديان، وزير الخارجية، فى ذلك الوقت معرفة إجابته هو: «الدافع الذى دفع الرئيس أنور السادات إلى الإقدام على هذه الخطوة الجريئة بالذهاب إلى القدس». وهو سؤال يقول ديان إنه لم يكف عن التفكير فيه خلال المناسبات التى التقى فيها السادات فى إسرائيل وكامب ديفيد وفى مصر، وكان يود فى كل مرة أن يسأله مباشرة إلا أنه لم يتحقق له ذلك إلا بعد عام ونصف العام فى الإسماعيلية فى الرابع من يونيو ١٩٧٩ بعد توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل.
وحسب رواية ديان، فإن لقاءه بالسادات لم يكن محدداً، فقد ذهب إلى القاهرة ليبحث مع مصطفى خليل وبطرس غالى بعض المسائل المتعلقة بالمعاهدة بين بلديهما، وفوجئ بطائرة هليكوبتر تنتظره لتقله إلى الإسماعيلية حيث السادات الذى أراد لقاءه.
فى هذا اللقاء وفى الشرفة الواسعة التى تطل على القناة، وفى حضور مبارك وبطرس غالى وبعد حديث للسادات، وجه ديان سؤاله الذى كان يكتمه طوال أكثر من ١٨ شهرا قائلاً للسادات إن زيارته للقدس تنطوى على أهمية بالغة، ولولاها لما تسنى إبرام معاهدة سلام، فما الذى دفع السادات إلى الذهاب إلى القدس؟
يجاوب السادات- يقول ديان- تعرف يا موشى، عندما اجتمعت بشاوشيسكو (رئيس رومانيا فى ذلك الوقت وكانت تربطه علاقة قوية مع إسرائيل) طرحت عليه سؤالين: هل بيجين من القوة بحيث يتخذ قرارات جريئة؟ وهل هو جاد فى ذلك؟ وكان رد الرئيس الرومانى أنه تحدث مع بيجين ست ساعات خلص بعدها إلى أنه رجل قوى وجاد أيضا.
قال ديان للسادات: ولكن متى طرأت لكم فكرة زيارة القدس؟ أجابه السادات أن الفكرة بدأت عند تحليقه بالطائرة فوق تركيا قادما من زيارة رومانيا متجها إلى طهران. لكن تفكيره الأول كان دعوة الدول الأعضاء الدائمين فى الأمم المتحدة للاجتماع فى القدس على أساس أنهم عندما يجلسون هناك ويتشاورون سيتوصلون إلى إيجاد حل يمكن مصر وإسرائيل من مواصلة الطريق.
وقال السادات لديان إنه سافر من إيران إلى السعودية وهذه الفكرة تسيطر عليه، وبالتالى حكاها للسعوديين وغادر السعودية وكل المطروح هو هذه الفكرة، إلا أنه بعد أن غادر السعودية تغير تفكيره وقرر الذهاب بنفسه، ولهذا غضب السعوديون- قال السادات لديان- لأنهم تصوروا أن السادات خدعهم وكذب عليهم، بينما أكد السادات وهو يحكى أن الفكرة لم تكن موجودة خلال زيارته السعودية. (ما لم يقله السادات لديان أن السادات بعث إلى الرئيس الأمريكى كارتر باقتراح اجتماع الدول الخمس فى القدس، فرد عليه كارتر بسرعة راجياً استبعاد هذه الفكرة لاستحالتها، فكان أن غير السادات فكرته إلى زيارته القدس).
قال السادات لديان: لقد قلت لنفسى إن إسرائيل لديها مشكلات أمنية تحتمى خلفها وتطالب بإجراء مفاوضات وجهاً لوجه. حسناً سأذهب بنفسى، أجتمع بهم مباشرة وعلى انفراد أنا وإسرائيل!
أحس ديان بفرصته مع السادات فسأله: وماذا عن مباحثاتى مع حسن التهامى، ألم تكن ذات جدوى؟ أجاب السادات: المباحثات كانت مفيدة، والتقرير الذى قدمه التهامى كان إيجابيا، لكننى- أضاف السادات- أرسلت التهامى للالتقاء بك لسبب آخر تماما، فكما تعلم كان يتم الإعداد فى ذلك الوقت لمؤتمر جنيف (الذى تحضره مصر وسوريا والأردن ولبنان وممثلو الفلسطينيين وأمريكا والاتحاد السوفيتى والأمم المتحدة)، وكانت مهمة التهامى- يقول السادات لديان- التأكيد على أن هناك اتفاقا من نوع ما بين مصر وإسرائيل قبل انعقاد المؤتمر حتى لا ينتهى الحال به إلى الفشل. ولهذا- أضاف السادات- لم يكن الهدف من لقاء التهامى بك فى المغرب الترتيب للقاء بينى وبين بيجين. وإنما- وهو ما لم يقله السادات لديان- استخدام اللقاء لتقوية موقف مصر فى مؤتمر جنيف الذى حالت المشاكل دون انعقاده!
عندما نهضنا فى نهاية الحديث الذى استغرق ساعة- يحكى ديان- تصافحنا مثلما كانت البداية. وقد كان السادات يعتز بعزرا وايزمان وغالبا ما يعانقه ويقبله من وجنتيه، كما جرت العادة فى الشرق الأوسط، كما أوجد السادات علاقة ود أيضا مع بيجين حيث كانا يتعانقان متى تقابلا، أما بالنسبة لى فقد كانت العلاقة محايدة لا تزيد على مصافحة الأيدى!