الجذور
يرى بعض المؤرخين أن جذور البيشمركة تمتد إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حين كان هناك حراس حدود قبليون أصبحوا أكثر تنظيما بعد سقوط الدولة العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى.
عام 1919، تشكّلت قوّات البيشمركة (أي الفدائيون في اللغة العربية) من مجموعةَ قبائل يتزعمها الشيخ محمود باذنجي، تهدف لتحقيق حلم الأكراد في قيام دولة كردية مستقلة. فشلت في تحقيق ذلك بعدما أسقطت مطلبه قوى الانتداب البريطانية في العراق. تنامى التنظيم لاحقاً وأصبح جزءاً مهماً من الهوية الكردية العامة وعنصراً أساسياً داعماً للدفاع عن الحقوق القومية للأكراد،
وتنامت قوات البيشمركة مع اتساع الحركة القومية الكردية وإعلان الثورة في بداية الستينيات، وأصبحت جزءا من الهوية الكردية العامة، للدفاع عن الحقوق القومية والمطالبة بتوسيعها.
ودخلت في البيشمركة في حروب مع القوات الحكومية العراقية في مراحل متعددة، كما انخرطت فصائلها في اقتتال داخلي بين الفصائل الكردية في مراحل أخرى.
وبعد تشكيل حكومة إقليم كردستان في شمال العراق في بداية التسعينيات، بعد الانتفاضة الواسعة التي شهدها العراق في الجنوب والشمال إثر حرب الكويت، أصبحت قوات البيشمركة جزءا من مؤسسات حكومة الإقليم متحولة إلى قوة نظامية
الحرب الإيرانية العراقية وهجوم حلبجة 1988
أصبحت قوات البيشمركة في سبعينيات القرن الماضي وخلال الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات منه قوة مؤثرة تقاتل قوات الحكومة العراقية منتهجة أسلوب حرب العصابات.
كما انشق الكثير من المقاتلين الأكراد عن الجيش العراقي إبان حكم صدام حسين وانضموا إليها.
حارب بعض المقاتلين الأكراد سابقا إلى جانب قوات صدام حسين في الحرب ضد إيران، غير أن جزءا من البيشمركة تحالف مع القوات الإيرانية بغية الظفر بمناطق في كردستان العراقية.
وبدأ صدام حسين حينئذ حملة من العقاب الجماعي عرفت باسم حملة "الأنفال" ضد سكان بلدات وقرى كردية كثيرة تضمنت تهجيرا واعتقالات وتصفيات.
كما قصفت قوات صدام بلدة حلبجة عام 1988 مستخدمة السلاح الكيمياوي، وراح ضحية الهجوم نحو 5000 شخص، معظمهم نساء وأطفال بفعل قنابل غاز الخردل وغاز الأعصاب.
خلال تسعينيات القرن الماضي وفي أعقاب حملة الأنفال والهجوم الكيمياوي، وعلى الرغم من الخسائر الفادحة، واصلت قوات البيشمركة معركتها مع القوات العراقية بعد حرب الخليج الأولى وعمليات عاصفة الصحراء.
وبعد الانتفاضة في أعقاب حرب الكويت وفرض منطقة الحظر الجوي تمتعت المنطقة باستقلالية اكثر من نظام الحكم في بغداد.
لكن التوترات الداخلية استمرت وتحولت إلى حرب بين اثنين من الفصائل الكردية المتناحرة، الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني.
وبعد إبرام مصالحة بين الفصيلين الكرديين المتعارضين بموجب اتفاقية واشنطن عام 1998، وبدأت القوات الخاصة الأمريكية نشاطا استخباراتيا في المنطقة.
وكانت تلك بداية علاقة تعاون مع الولايات المتحدة، فكلا الطرفين يعارض الحكومة العراقية بقيادة صدام حسين، وجرى التنسيق أيضا مع أطراف المعارضة العراقية الأخرى.
وواصلت القوات الأمريكية، بعد دخولها العراق واسقاط نظام صدام، تعاونها مع البيشمركة في مجالات تدريب المقاتلين وإجراء عمليات مشتركة في مختلف أرجاء المنطقة.
وعندما انتخب جلال طالباني رئيسا للعراق، وانتخب مسعود برزاني رئيسا لإقليم كردستان العراق، تنامى الأمل الكردي من أجل تقرير المصير.
الحرب مع داعش
استولى تنظيم الدوله الاسلاميه " داعش " على مدينه الموصل في يونيو 2014 وتبعها استيلاؤه على مناطق كبيره في وسط العراق ,و في بداية شهر أغسطس آب 2014 قامت قوات داعش بالهجوم الكبير والمفاج على قوات البيشمركه الكرديه في اقليم كردستان العراق وتمكن التنظيم خلال أيام قليلة من السيطرة على عدة مناطق في شمال وشرق مدينة الموصل من سنجار و زمار و تلكيف و بغديدا و برطلة ومناطق سهل نينوى بالإضافة إلى مدينة مخمور في محافظة أربيل و سد الموصل بعد إنسحاب قوات البيشمركة المفاجئ من تلك المناطق، حدث من جرائها هجرة العديد من أهالي تلك المناطق من المسيحيين والإيزيديين و الشبك وتسببت بمذبحة كبيرة للإيزيديين في سنجار راح ضحيتها حوالي 5000 شخص منهم،
بعد هذه المعارك تغيرت مجريات الحرب ضد داعش حيث قرر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بدأ العمليات العسكرية ضد التنظيم بالإضافة إلى دخول عدة ميليشايت قومية كردية من حزب العمال الكردستاني و وحدات حماية الشعب في الدخول للحرب ضد داعش في العراق، بعد أن شكل التنظيم خطر على مدن الإقليم الكبيرة حيث كانت على مسافة 20 كلم من أربيل وحوالي 40 كلم من دهوك، إلا أن قوات البيشمركة إستطاعت بعدها بفترة وباسناد جوي وعسكري من قوات التحالف الدولي من إستعادة تلك المناطق مثل مخمور وسد الموصل
التسليح
في نهايه حرب عام 2003 استطاعت قوات البيشمركه الاستيلاء على عدد من اسلحه الجيش العراقي السابق التي كانت مرابطه في محافظتي نينوى وكركوك
في بداية المواجهات بين عناصر تنظيم الدولة الإسلامية من جهة والبيشمركة من جهة ثانية في العام 2014 ، حسم التنظيم الإسلامي المتطرف المعارك بعد أن سطا على أسلحة كانت بحوزة الجيش العراقي، تفوق أسلحة البيشمركة القديمة والتي يعود جزء منها لعهد الإتحاد السوفياتي السابق، قوّة. بعد خسارة البيشمركة وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على سدّ الموصل، تدخل سلاح الجوّ الأمريكي وسارعت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى مدّ البيشمركة بأسلحة تساعد مقاتليه على تَغيير الواقع الميداني.
لهذا الهدف، تسلّمت وزارة البيشمركة في إقليم كردستان حتى الآن عدداً من شحنات الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمساعدات العسكرية الأخرى من بضع دول على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا .
علاقة البيشمركة بالحكومة العراقية
دخلت البيشمركة في حروب مع القوّات الحكومية العراقية في مراحل متعددة. ومن جملة العقوبات التي تلقاها صدام حسين في محاكمته، كانت تلك المتعلقة بارتكابه مجازر بحق أكراد العراق عام 1988 عقب انتهاء حربه على إيران، انتقاماً من بعض الأكراد الذين ساندوا إيران وذلك بعد فشل محاولتهم لانتزاع استقلال دولتهم عام 1975. بدأ صدام حسين حينئذ حملة من العقاب الجماعي عرفت باسم حملة "الأنفال" ضد الأكراد تضمنت حملات تهجير واعتقالات وتصفيات راح ضحيتها ما يقارب 50 ألف شخص، لا سيّما مع استخدام قوّات صدام حسين الأسلحة الكيماوية في القصف على بلدة حلبجة عام 1988.
اليوم، وبعد 13 عاماً على دخول الولايات المتحدة إلى العراق، تغير الحال وتغيرت علاقة إقليم كردستان بالحكومة العراقية. قوّات البيشمركة اليوم هي قوّات نظامية رسمية خاصة بإقليم كردستان العراق تعمل تحت أمرة رئيس الإقليم، غير أن التنظيم لا يستطيع أن يأخذ قرارات أساسية كتلك المتعلقة بتسليح عناصره قبل الحصول على موافقة الحكومة العراقية المركزية في بغداد. ورغم أن الحكومة العراقية التي كان يترأسها نوري المالكي كانت حليفة للأكراد، فقد كان المالكي يرفض دفع الرواتب الخاصة بالبيشمركة وتسليحهم رغبةً في التقليل من عديد هذه القوّات وإبقاء قوتها تحت سيطرته، فيما تتخوف تركيا من أن دعم البيشمركة عسكرياً قد يدفع الأكراد إلى المطالبة بالاستقلال، وهذا ما قد يخل بالاستقرار في البلدان التي يقيمون فيها، وأوّلها تركيا.
عدد المسلحين والكتيبة النسائية
يبقى عدد المسلحين لدى تنظيم البيشمركة غير مؤكد من مصادر رسمية، غير أن الأرقام المعلنة تقدر عدد القوّات الإجمالي بما بين 100 و150 ألف مقاتل ينقسمون قوتين: الأولى تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني والثانية تابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة رئيس العراق جلال طلباني.
يذكر أن في قوّات البيشمركة كتيبة من النساء المقاتلات، وأن الجندي يتقاضى أقل من 600$ ويعمل في وظيفة أخرى لكون الراتب لا يكفيه.
علاقة البيشمركة بالولايات المتحدة
يعتبر رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني القائد الرسمي لقوّات البيشمركة التابعة لوزارة الدفاع في العاصمة إربيل وقد وحّد كتائب قوّات البيشمركة (تلك التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني وتلك التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني) من أجل الدفاع عن المناطق الكردية في مواجهة خطر تنظيم الدولة الإسلامية. وكان الفصيلان قد انخرطا في اقتتال في الداخل الكردي قبل إبرام مصالحة بينهما بموجباتفاقية واشنطن عام1998، وهو ما شكل بداية لعلاقة تعاون بين أكراد العراق والحكومة الأمريكية، في وقت كان كلا الطرفين يعادي الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين. بعد اجتياح الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وإسقاط نظام صدام حسين، درّبت الولايات المتحدة مقاتلي البيشمركة في المنطقة لحماية المصالح الأمريكية، وفي مقدمتها النفط، في شمال العراق.