شكلت القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت في مقاطعة "كامب ديفيد" الأمريكية عام 2015، اختباراً حقيقياً لمدى رغبة واشنطن في الحفاظ على التوازنات القائمة في الخليج العربي، والاستمرار في دعم دول مجلس التعاون أمنياً وعسكرياً في مواجهة التغول الإيراني، وكذلك رغبتها في مشاركة الدول الخليجية في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.
القمة التي جمعت الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بأمراء وملوك دول مجلس التعاون الخليجي في مايو/أيار 2015، أي عقب الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، اتخذت طابعاً ًعسكرياً أكثر منه سياسياً؛ بفضل التفاهمات والاتفاقيات العسكرية الموقعة بين الجانبين لتزويد دول المجلس بالأنظمة القتالية التي تضمن لها ردع إيران، التي باتت تشكل تهديداً مباشراً على أمن واستقرار المنطقة برمتها.
هذا بالإضافة إلى تعهدات الإدارة الأمريكية بمواصلة مهمتها في حفظ أمن واستقرار حلفائها الخليجيين من أي تهديدات إيرانية، بالإضافة إلى سبل مكافحة الإرهاب، ومناقشة الصراعات الدائرة في كل من سوريا والعراق واليمن.
إسرائيل والصفقات الخليجية
أبدت دولة قطر رغبتها في تعزيز أسطولها من الطائرات المقاتلة بأسراب من المقاتلات الأمريكية من طراز "إف 15 إي سترايك إيجل"، ووقعت عقداً مع شركة "بويينغ" الأمريكية المصنعة للطائرات لشراء 36 إلى 72 طائرة مقاتلة من هذا الطراز، بقيمة إجمالية بلغت حتى الآن نحو 4 مليارات دولار أمريكي.
فيما وقعت دولة الكويت مع الشركة نفسها عقداً لشراء 28 طائرة مقاتلة من طراز "إف 18 أي/إف سوبر هورنيتس"، بلغت قيمته نحو 3 مليارات دولار أمريكي.
وبدورها راقبت إسرائيل الصفقات الموقعة عن كثب، وتحركت على الفور لدى واشنطن لمنع تسليم الطائرات إلى كل من قطر والكويت، حيث شرح مسؤول سابق في الحكومة الإسرائيلية لوسائل إعلام أمريكية، في وقت سابق من هذا العام، الموقف الإسرائيلي من الصفقات، معتبراً أن هناك "قلقاً" إسرائيلياً من الصفقة الكويتية.
فيما أكد المسؤول السابق أن هناك "معارضة تامة" لتسليم قطر مثل تلك الطائرات؛ بسبب ما أسماه "دعم الدوحة لحركة حماس، ولجماعة الإخوان المسلمين في مصر، متهماً الأخيرة بدعم "الإرهاب"، وفق قوله.
وتمخضت الضغوط الإسرائيلية عن تأجيل تسليم الطائرات إلى قطر والكويت نحو عامين، وربطت موقفها من إتمام الصفقة بشكل غير مباشر بحجم المساعدات العسكرية الأمريكية التي ستحصل عليها للسنوات العشر المقبلة، بموجب برنامج المساعدات العسكرية الذي أقرته إدارة أوباما.
وتسعى إسرائيل -بحسب تقرير سابق نشرته مجلة "ديفنس نيوز" الأمريكية- إلى ضم سربين من طائرات "إف 15 أي" الأمريكية، المجهزة بنظام الرادار المتقدم "ميسا"، وذلك ضمن صفقة متوقعة تبلغ قيمتها نحو 10 مليارات دولار أمريكي.
ونقلت المجلة عن مسؤول إسرائيلي أن توقيع الاتفاق مع شركة "بويينغ" لشراء طائرات "إف 15 أي" يتوقف على حجم المساعدات العسكرية الأمريكية، فإذا ما بلغت المساعدات نحو 50 مليار دولار للسنوات العشر القادمة، فإن ذلك سيمكنهم من إتمام صفقة الشراء، أما إذا بلغت تلك المساعدات نحو 40 مليار دولار، فسوف تقتصر المشتريات الإسرائيلية على ضم طائرات مقاتلة من نوع "إف ـ 35" المتطورة من شركة "بويينغ".
الخيارات الخليجية
ودفعت المماطلات الأمريكية في بدء تسليم الطائرات إلى الكويت وقطر؛ دول الخليج العربي -وفي مقدمتها الدولتان المتضررتان من التأجيل- إلى البحث عن بدائل للحصول على طائرات مقاتلة بذات الكفاءة والقدرات من الأسواق الأوروبية.
وتصدرت دولة قطر قائمة المبيعات الفرنسية هذا العام، بعدما وقعت عقداً لشراء 24 طائرة فرنسية مقاتلة من طراز "رافال" مزودة بصواريخ متطورة، وبلغت قيمة الصفقة نحو 6 مليارات يورو، فيما يتوقع أن يتم توقيع عقد لشراء 22 طائرة مروحية فرنسية من نوع "NH90".
كما تجري دولة الكويت مباحثات مع فرنسا لشراء 24 طائرة مروحية من طراز "كراكال" الفرنسية الصنع، بعد أن أبرمت مع إيطاليا صفقة لشراء نحو 28 طائرة من نوع "يورو فايتر"، وتدريب طياريها على هذا النوع من الطائرات، وتقديم الدعم الفني واللوجستي بنحو 9 مليارات دولار أمريكي.
غير أن مصادر صحفية ذكرت في وقت سابق من هذا العام أن مكتب التدقيق في العقود الموقعة من الحكومة الكويتية أوقف الصفقة؛ بسبب وجود تناقضات في بنود الاتفاق.