ما الدور الذي لعبته حكومة ترودو في صفقة السلاح الكندي للسعودية؟
ما كشفه الموقع يتناقض تمامًا مع تصريحات الحكومة الكندية التي اعتبرت نفسها مجرد مشارك سلبي في صفقة بيع المركبات التي يشار إليها باسم "لاف 3" إلى المملكة في الشرق الأوسط.
كشف موقع قناة “فايس” الإخبارية، استنادًا لوثائق جديدة حصل عليها، أن الحكومة الكندية تقدم قواعد عسكرية، وطاقما عسكريا، وترصد الموارد اللازمة لإجراء اختبارات قيادة للمركبات العسكرية المدرعة، والمدرعات الثقيلة التي اشترتها الحكومة السعودية وأثارت جدلا كبيرا.
وتثبت الوثائق، أنه على الرغم مما قالته الحكومة الكندية، فإن هذه ليست مجرد صفقة بين شركة خاصة ودولة أجنبية، لكنها بمثابة اتفاق حكومي بين المملكة العربية السعودية وكندا نفسها.
ويناقض ما كشفه الموقع تماماً تصريحات الحكومة الكندية التي اعتبرت نفسها مجرد مشارك سلبي في صفقة بيع المركبات، والتي يشار إليها باسم “لاف 3″، إلى المملكة في الشرق الأوسط.
وتوضح الوثائق التي حصلت عليها فايس من خلال طلب للكشف عن المعلومات بالتفصيل كيف أن شركة، جنرال دايناميكس لاند سيستمز كندا، طلبت وحصلت على مساعدة من شركة أوتاوا للسماح للسعوديين باختبار الآلات المدججة بالسلاح.
“جنرال دايناميكس لاند سيستمز كندا تحتاج لاستخدام قاعدة مناسبة تابعة للقوات الكندية”، هكذا جاء في إحدى المذكرات التي أعدتها وزير التجارة الدولية كرستيا فريلاند. “وسيقترن ذلك أيضا بتقديم دعم وتنسيق من قبل الموظفين ومساعدات إدارية ولوجستية”.
وتستمر الوثائق في كشف أن الحكومة عقدت اجتماعات مع جنرال دايناميكس من أجل ابرام “اتفاق إمداد بالخدمات”.
وأثناء تقديم الوثائق، أكد المتحدث باسم فريلاند، أنه تم التوقيع على الاتفاق، لكنه رفض تقديم تفاصيل بالضبط حول ما هي المزايا التي كانت، أو سيتم، تقديمها.
وقال المتحدث: “لقد أتمت القوات الكندية اتفاقا رسميا مع جنرال دايناميكس لاند سيستمز كندا، لتوفير اختبار المركبات. علما بأن اختبار المركبات العسكرية على القواعد هو تقليد شائع، وهو شرط تعاقدي طبيعي للمنتجات من هذا النوع، ويحدث في كندا”.
وتابعت الوثائق: “هذا يتم عادة باستخدام مرافق ومنشآت القوات الكندية. وتسمح وزارة الدفاع فقط باستخدام قواعدها لأنشطة غير تابعة للوزراة عندما يكون الاستخدام لدعم وزارة أخرى بالحكومة الكندية “.
وقد تحدد أن وزارة الدفاع ستختار المرافق والموارد التي سيتم استخدامها، وأن جنرال دايناميكس لاند سيستمز كندا، ستسدد للحكومة الكندية جميع النفقات التي تكبدتها.
وعندما سئل مباشرة، أكد رئيس الوزراء جاستن ترودو أن الصفقة قد تمت، مقللاً من دور حكومته فيها.
وأضاف ترودو أمام مجلس العموم في أبريل: “سنواصل احترام العقود الموقعة، لأن الناس في جميع أنحاء العالم في حاجة إلى معرفة ذلك، عندما توقع كندا اتفاقا، يجب احترامه”.
ووفقا للوثائق، فإن الصفقة تمثل حافزا اقتصاديا كبيرا لرئيس الوزراء. إذ إن قيمتها الإجمالية تقدر بـ 15 مليار دولار “تمثل أكبر عقد تصدير صناعي في التاريخ الكندي”.
وتأتي السجلات من الشركة التجارية الكندية، وهي هيئة شبه مستقلة تابعة للحكومة لعقد صفقات بين الصناعة الكندية والدول الأجنبية. وتحجب الشركة المئات من الصفحات الإضافية المتعلقة بصفقة لاف.
وفي العام 2015، نشرت فايس تفاصيل صفقة مماثلة لتسويق لاف 3 أيضاً، لكنها كانت مع الكويت.
وفي حينه، أكد المتحدث أن الجيش الكندي “قدم المساعدة لتسهيل شرح تطوير مركبة لاف 3 إلى وزارة الدفاع الكويتية في الفترة من أواخر أغسطس حتى منتصف سبتمبر 2012.”
وقال المتحدث إن هذا الدعم يتم تقديمه وفق كل حالة على حدة بشكل محدود، عندما تكون هناك قدرات أو خدمات فريدة من نوعها، والتي لا يمكن لأحد سوى وزارة الدفاع الوطني أو القوات المسلحة الكندية أن توفرها”.
وتكشف الوثائق أن الصفقة نفسها، التي يعتقد أن تكون بين جنرال ديناميكس لاند سيستمز كندا والحكومة السعودية، كانت في الواقع بين كندا والمملكة العربية السعودية نفسها.
وتشمل هذه الوثائق العرض الذي قدمه مارتن زابلوكي، الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة التجارة الكندية، في مقر الشؤون العالمية الكندية، والذي يضم وزارات الشؤون الخارجية للبلاد ووزارات التجارة الدولية.
وقد وقعت الشركة التجارية الكندية عقدا مع المملكة العربية السعودية بشرط توفير المركبات المصفحة التابعة لجنرال دايناميكس لاند سيستمز كندا. وتعد الشركة التجارية الكندية هي المقاول الرئيس، وجنرال دايناميكس لاند سيستمز كندا هي المقاول من الباطن”.
وتتناقض معلومات الوثيقة مع تصريحات وزير الشؤون الخارجية الكندي، ستيفان ديون.
وقال ديون أمام مجلس الشيوخ في فبراير: “أولا وقبل كل شيء، لم توافق الحكومة الحالية على هذا العقد، وإنما رفضت فسخ عقد صدقت عليه الحكومة السابقة بين شركة خاصة والمملكة العربية السعودية”.
فيما صرح سيزار خاراميو، المدير التنفيذي لمشروع بلوفشيرز، الذي يراقب صناعة الأسلحة الكندية، لفايس، بأن توفير الأصول العسكرية الكندية من أجل تنفيذ هذا العقد، سيضرب قلب الحكومة بشأن هذه المسألة.
وأضاف خاراميو: “هذا يطرح السؤال حول ما إذا كان ذلك هو الاستخدام الأمثل لموارد وزارة الدفاع الوطني والموظفين، كما أنه يتناقض أيضا مع الفكرة الخاطئة بأنه مجرد اتفاق بين المملكة العربية السعودية وشركة خاصة”.
وقال ستيفن ستابلز، وهو محلل سياسي يتابع الصفقة عن كثب، إن الوثائق تعد مجرد وسيلة أخرى تعزز من خلالها شركة أوتاوا تجارة السلاح المزدهرة، إذ تعد كندا الآن ثاني أكبر مورد للسلاح في منطقة الشرق الأوسط بملبغ نحو 2.7 مليار دولار سنويا.
في حين أن البعض، بما فيهم الشركة ذاتها، يحاول التقليل من دور المركبات، التي أشار إليها ترودو باسم “جيب”، والتي يمكنها توجيه ضربات خطيرة. يذكر أن التسليح القياسي من لاف 3 هو بندقية 105 مم، وبندقية مضادة للدبابات خارقة للدروع. ويمكن أيضا أن تدعم اثنين من الرشاشات واثنتين من قاذفات قنابل الدخان.
وقد ذكرت تلك القدرات بشكل غير منتظم من قبل الشركة نفسها. ففي معرض الدفاع الأخير في أوتاوا، عرضت جنرال دايناميكس لاند سيستمز كندا، نصف المركبات بألوان الأمم المتحدة ووصفتها بأنها سيارة إسعاف ميدانية. وقد تم تقديم مواد إعلامية للصحفية تشمل اثنتين من مواصفات المركبة، أولاهما تتعلق بتركيبها الهندسي، إذ تحتوي على محراث أمامي، أما الميزة الثانية فهي “الدعم القتالي”، التي يمكن توزيعها باعتبارها “سيارة إسعاف أو ناقلة جند.”