08.07.2014 17:15:07

تدل مشكلة الإرهاب على منابعها، من خلال الخارطة الجغرافية للمناطق التي تنبثق منها، وهي البلاد الأكثر فقرا، والأقل تعليما والمحكومة من نظم ديكتاتورية عنيفة. هي مشكلة اجتماعية ناجمة عن الفشل التنموي، وعبثاً تعالج خارج هذا السياق.

التغاضي عن منابع الظاهرة الحقيقية، يفتح السبيل أمام المروجين لها ومنتجيها باتجاه استثمار حال المحرومين بدفعهم الى التشدد كمنهج، والإرهاب كأسلوب وحيد لنيل حقوقهم، والدفاع عن بقائهم، في عالم يصبح يوما بعد آخر، جنة النخبة الأكثر تفوقا وثراء، وجحيم الفقراء والمهمشين.

والملاحظ أن نزوع العولمة، بما تمثل من تطور عالمي في الإتصالات والإعلام، الى تعميم وفرض أنماط اجتماعية وثقافية وسياسية وسلوكية تتعارض مع هوية وخصوصية المجتمعات البشرية الكبرى، حفّز التطرف ووفّر لقادة المتشددين ومنظّريهم قاعدة واسعة لنشر دعاويهم والتألب حولها. فالجماعات المتشددة اليوم تركز في شعاراتها على رفض النمط السياسي الديمقراطي. فهي لم تعترف بالحداثة كثقافة، وبالعلمانية كفكر، والليبرالية كاقتصاد، وتحاول وضع الدين الإسلامي، باعتباره الهوية الأصل، في مواجهتها جميعا، وتجهد لتعبّئة المسلمين في خضم المواجهة مع هذه القيم بعبارات بسيطة ومعروفة ومكرورة، غير خاضعة للنقاش وشديدة الفعالية في المجتمعات الإسلامية التقليدية.

وفي الوقت نفسه منحتها الإنجازات التقنية الهائلة للعولمة، الأدوات والوسائل لنشر دعاواها والدفاع عنها، كما منحتها أسلحة صراع حديثة أيضا. فقد استخدم تنظيم القاعدة الطائرات والإنترنت، في هجمات 11 أيلول، وتعتمد اليوم كافة التنظيمات الجهادية على الإنترنت للحصول على قاعدة البيانات، وفي التجنيد والتخطيط وإدارة عملياتها السرية، وبث الشعائر والتعليمات عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

تقنيات العولمة سلاح ضد الإرهاب وفي الوقت نفسه سبيل متقدم للمتشددين، والحل الأمثل يبدأ بمعالجة الفشل التنموي المتجذر في معظم دول المنطقة.