بسم الله الرحمن الرحيم
[rtl]وكالة أوقات الشام الإخبارية[/rtl]
[rtl]شوقي إبراهيم عثمان[/rtl]
[rtl]تاريخ النشر : 2014-08-06 [/rtl]
[rtl]اللعنة السورية ستغير وجه العالم.. هل تسقط الولايات المتحدة ؟[/rtl]
طالما كذب بارك أوباما كثيرا، وكذب معه الإتحاد الأوروبي، والسلطان العثماني الجديد، ونفوا أن تكون لهم يد في تدمير سورية والعراق ولبنان. ولقد أستخدموا رزمانة من الأكاذيب الناعمة بأسلوب المعايير المزدوجة، مثل دعم "المعارضة المعتدلة" والسلاح "غير الفتاك"، و" بشار يذبح شعبه" الخ.
اليوم تتهم بريطانيا، اللاعب الرئيسي في حلف الناتو، روسيا الإتحادية على أنها تشن "حربا غامضة" في أوكرانيا. "حربا غامضة!!".
ويخلص البرلمان البريطاني، المعبر الحقيقي عن الحلف الأطلسي، إلى ننائيج غريبة، بل شاذة – إطلاق الحرب الباردة من عقالها. وكذلك يغسل الحلف يده الملوثة بالدماء الأوكرانية، ويتباكى على أوكرانيا، بينما وهو الذي أشعل الحريق في هذا البلد المجاور لروسيا. ولا تعجب، يعتبر البريطانيون عباقرة في كيفية صياغة التصريحات الدولية، ويحتاج المحلل السياسي أن يمتلك عقلية "ثنك تانج" كي يفهم ماذا يقصد البريطانيون!!
يعترف البريطانيون في لحظة نادرة إنهم –أي الحلف الأطلسي- ليس على قدر روسيا الإتحادية لمواجهتها في حالة هجوم روسي على أحد أعضاء الحلف، وتخلص بريطانيا إلى انّ هناك خطرا حقيقيا محتملا بحصول هجوم روسي على احد أعضاء الناتو، مؤكدة أنه سيكون من الصعب مواجهة هجوم روسي غير تقليدي، يستخدم تكتيكات غير متجانسة واصفة هذا الهجوم المحتمل بـ "الحرب الغامضة"، واوصى التقرير البريطاني الحلف الذي يضمّ 28 بلدا، بنشر قوات وعتاد بشكل دائم في استونيا ولاتفيا وليتوانيا لحماية دول البلطيق.
قبل أن نشرع في فك هذه الظلاسم البريطانية، نؤكد أن روسيا لم تغزو أوكرنيا، رغم الطبل الإعلامي الغربي العنيف أنها غزت. بل حلف الناتو يتمنى أن تغزو روسيا الإتحادية أوكرانيا، ليعلن الحرب الباردة على روسيا بشكل صريح. ولم تنجح كل الإستفزازت لجر بوتين كي يعبر الحدود، من ضمنها قذيفة "كييفية" (من كييف) سقطت في الجانب الروسي وقتلت مدنيا روسيا – هنا حذرت روسيا كييف من "عواقف غير قابلة للإلغاء". "نكران" كييف إطلاقها القذيفة أشعل في روسيا موجة من الغضب اللفظي البلاغي، والتقطت الصحافة الغربية تصريحا ناريا لأحد المستشارين الروس، قوله: (على روسيا أن تقذف جوا أهداف مختارة على غرار ما تفعله إسرائيل في قطاع غزة) لتضع المواطن الغربي تحت البرمجة: (روسيا ستغزو أوكرانيا!!). هل للمرة الثانية؟ إذا علمنا أن نفس الصحافة الغربية أطلقت العويل – منذ ثماني أشهر- أن روسيا قد غزت أوكرانيا.
روسيا الإتحادية لا تحتاج إلى عزو أوكرانيا، فسكان الإقليم الشرقي الذي ينطق الروسية، يعتبرون أنفسهم مواطنين روس يقومون بمهمة كسر طابور حلف الأطلسي الخامس في كيف. ورغم شدة قرع طبل الإعلام الغربي ضد بوتين، دعمت روسيا أو لم تدعم الإقليم الشرقي بالسلاح، فالسكان (المتمردون كما تصصفهم البي.بي سي.) بالقوة والكفاءة الكافية لدحر جيش "كييف" المهلهل، الذي صور حلف الناتو أنسحابه المهين من مدينة "دونيتسك" على أنه إنسحاب تكتيكي، و"نقطة مفصلية" لصالح المنهزم. بل غطى الإعلام الغربي على هزيمة الجيش الأوكراني بسحق كتيبتين للدبابات يتراوح عددها ما بين أربعين إلى سبعين دبابة، لذا تستخدم "كيف" القذف الجوي على سكان الإقليم الشرقي. روسيا الإتحادية تعول على حركة عقارب الزمن البطيئة، وعلى نقطتين، لهزيمة الحلف الأطلسي في أوكرانيا، فهي أولا لا تحتاج إلى إنتصار حاسم، فيكفي تقوية ميليشيات الإقليم الشرقي التي تؤدي إلى إحدى النتائج، إما ثورة شعبية، وإما عامل الضغط الإقتصادي الذي قد يفترس حكومة كييف كي تنهار. لذا يعمد الروس بخفية على إستحالة تمدد كييف نحو الإقليم الشرقي لنزع سلاحه.
الأزمة الأوكرانية صنعها الحلف الأطلسي بقيادة باراك أوباما كي يقرص بوتين من خصره، عقابا له لوقوفه مع سوريا وتفشيله مخطط الشرق الأوسط الكبير، وربما تخيل بارك أوباما في لحظة ما كأن يلعب لعبة مقايضة "كش ملك" مع فلادمير بوتين. لكن الأخير أبتلع أوباما نفسه وليس فقط "الملك"، وأبتلع معه جزيرة القرم.
ومع هزيمة عصابات الناتو في سورية، أضطر باراك أوباما أن يخرج كرت "داعش" من قبعته، والصراع مستمر.
كل ما ذكرناه قد يعرفه المحلل السياسي الحاذق المتابع، ولكن!!
ولكن تبقى هنالك قضية غائبة عن نظر الكثير من المحللين السياسيين. وهي قضية العملات الدولية.
دعونا نقول أولا (أنظر الخريطة) أن الموقع الجيوسياسي السوري العراقي فريد،
كيف يمر إذن أنبوب الغاز القطري نحو تركيا ثم أوروبا دون تفكيك العراق وسورية؟
لسوء حظ الإتحاد الأوروبي أن أنبوب الغاز الروسي يمر أولا بأوكرانيا. وحين تلعب واشنطن بأوكرانيا لإبتزاز روسيا فهي حقا تبتز الدول الأوروبية، لذا شاركت بعض العواصم الأوروبية في جريمة تفكيك سورية والعراق طمعا في الغاز القطري كبديل للروسي. وحقا المهمة القذرة لتفكيك العراق وسورية (المشرق العربي) أوكلت لكل من تركيا و(دويلة عربية صغيرة حذفت اسمها احتراما لقانون المنتدى ولكن الجميع يعلمها بالطبع) اللذان يعتبران رأس الرمح.
ودعك من القول، أن أوروبا أيضا وضعت عينها على الغاز الليبي، فأزاحوا العقيد القذافي ولعبت (الدولة المذكورة) دورا محوريا في ذلك.
الأزمة الأوكرانية مركبة، ليست بسب مرور أنبوب الغاز الروسي منها فحسب، رغم إرتباط هذه الأزمة عضويا بالأزمة السورية العراقية، بل ايضا لأن واشنطن أختارت "الساحة الأوكرانية" كي تنطلق منها شرارة الحرب الباردة القادمة. لقد أثبتت الأحداث السابقة لا التشيك ولا بولندة منسابتان لإطلاق الشرارة.
أهمية البترول والغاز كموردين للطاقة معروفة بديهيا، لكن أهم من ذلك، وغير معروف عادة، علاقتهما وإرتباطهما بالعملة الدولية. في كثير من مقالاتي فسرت ماذا تعني الحرب الباردة، وكذلك في مقالة كاملة مستقلة بعنوان: "ماذا تعني الحرب الدولية الباردة في الأعراب الأمريكي"، بتاريخ 2008.07.31 تجدها هنا:
http://www.alnilin.com/news-action-show-id-2558.htm.
قراءة هذه المقالة القديمة مهمة الآن لفهم ماذا يدور في الساحة الدولية. بإختصار. الحرب الباردة تعني، عادة تطلقها واشنطون، وحاليا بشراكة مع الإتحاد الأوروبي، محاصرة إحتمال نشوء عملة دولية جديدة.
ما زال العالم يعيش في حالة غباء حين يربط مصير موارده بعملة الدولار. الدولار تم فرضه عملة دولية بخدعة وإبتزاز في يوليو من عام 1944م في مؤتمر بريتون وودز، بشرط أن تدفع الولايات المتحدة الأمريكية أونصة ذهب مقابل 35 دولارا لمن يحملها. فاجأ ريتشارد نيكسون العالم في 15 من أغسطس من عام 1972م بأن واشنطون لن تدفع ذهبا مقابل الدولارات لمن يمتلكها. ماذا كان من المفترض أن تفعل البنونك المركزية العالمية مقابل هذه الصدمة؟ أن تلفظ الدولار وتستعين بأسلوب سلة العملات. ولكن هنري كيسينجر ووليام إدوارد روجرز أقنعا الملك فيصل 1972-1973م لمشاغبة دول الأوبيك بحيث لا تبيع زيتها إلا بالدولار،
ونجح ملك مملكة الصحراء في ذلك. ماذا كانت النتيجة؟
حوالي 160 دولة لا تنتج الزيت منذ 1973م أضطرت لبيع صادراتها بالدولار، كي تدفع فاتورة الزيت بالدولار، وهذا ما صنع الطلب على الدولار وصنع الأمبراطورية الأمريكية. تعتبر فاتورة الزيت أكبر فاتورة لأي دولة ثالثة، أو دولة ثانية، تعادل ربما 70% من قيمة صادراتها في العام.
بظهور اليورو، كعملة أو كلاعب دولي جديد 2002م، ماذا يمكن أن يحدث لو قررت دول الأوبيك، أو الدول المنتجة للزيت أنها لن تبيع زيتها إلا باليورو؟ ستتحول ال 160 دولة غير المنتجة للزيت لعملة اليورو في التجارة البينية والإحتياط النقدي. وتنهار أمريكا في دقائق!!
لذا واشنطن تعمد إلى إشعال الحرائق في العالم، مثاله دحرجة صدام حسين في الكويت عام 1990م،
وإحتلال دول الخليج، ليس لإنقاذ دولارها فحسب، بل ايضا كي لا تتحرر دول الإتحاد الأوروبي من قبضتها، وبشكل خاص كي لا ينفرط عقد الحلف الأطلسي. الحلف الأطلسي عمليا آلية لحراسة عملة الدولار، ومنذ 2002م لحراسة اليورو، والعمل معا على ألا تقوم عملة دولية جديدة.
يجب أن يفهم القارئ الكريم أن العملة الدولية الحقيقية هي العملة التي تكون مستقلة عن أي عملة وطنية لبلد ما، وهنا نعني الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي.
فكر قليلا، كيف تنجح الولايات المتحدة في الصرف على مهامها الأمبريالية الضخمة والسيطرة على موارد العالم؟
لأنها تطبع من عملة الدولار ما تشاء وتقذف به خارج حدودها. أن تصبح عملتك الوطنية عملة دولية، ميزة تفاضلية،
وآلية ماكرة لجذب موارد العالم نحوك بلا مقابل سوى قيمة الأحبار والورق. نقول، لا تغتر بالرطانة الاقتصادية مثل العجز الأمريكي، والمديونية الأمريكية الخ.
الجديد الخطر، القادم، والذي يجب أن يكون العنوان الأبرز في الصحف السورية،
هو أن دول البريكس قررت عمل إتحاد مصرفي دولي، بعملة دولية مستقلة عن أي دولة. وإذا خرجت هذا العملة للوجود، يمكن التنبؤء ليس بإنهيار أمريكا ودول الإتحاد الأوروبي فقط، بل أيضا ببداية نهاية إسرائيل والصهيونية الدولية. فالدولار حقا يمتلكه يهود أمريكا بالمعني الحقيقي وليس المجازي
، لأن جهاز الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لا تملك اصوله الحكومة الأمريكية أو الشعب الأمريكي، بل تملك اصوله البنوك التجارية وبشكل قطعي البنوك اليهودية في نيويورك. وهؤلاء بدورهم واجهة مالية لبريطانيا ويهودها، ويعني ذلك عمليا أن عملة الدولار عملة بريطانية – لذا رفضت بريطانيا دخول الوحدة النقدية الأوروبية.
(بنك إنجلترا، البنك المركزي البريطاني، بدوره قطاع خاص، تملكه العائلة المالكة وسبعة عشرة أسرة مالية مثل شرودر فاينانس هاوس، وروتشيلد الخ).
وبالرجوع لبريطانيا، وقد لاحظنا كيف ضخم الأمريكيون والأوروبيون من الحدث الأوكراني، وإنها لن تستطيع مواجهة عسكرية ضد روسيا لو هاجمت هذه الأخيرة دولة عضوة للحلف، أو شبه عضوة مثل أوكرانيا، وهذا عين ما سيفعله الحلف الأطلسي، لأن المعركة ليست عسكرية أصلا!!
فمثلا أوباما حين أعلن عقوباته ضد روسيا، بدأ حديثه بكذبة بلقاء "إنها ليست حربا بارده".
كذلك نلاحظ أن حلف الأطلسي رمى بثقله على أستونيا ولاتفيا وليتوانيا. سيضع قواعد صواريخه بحركة مسرحية في هذه البلدان الصغيرة الثلاثة باسم الخطر البري "المحتمل" من روسيا الإتحادية، إذانا بتدشين الحرب الباردة. ولا تعني هذه الحرب الباردة سوى محاصرة العملة الجديدة للبريكس، أو حتى عملة الروبل كيفما سيتضح لاحقا. ومن تبعات الحرب الباردة أيضا محاصرة ومقاطعة أي دولة تتعامل بالعملة الجديدة، ايا كانت، فهل تستطيع أمريكا ودول الإتحاد الأوروبي أن يرجعوا بالبشرية لعام 1947م؟
بالمقابل.. لم يندفع بوتين نحو غزو أوكرانيا حتى لا يعطي ذريعة للحلف الأطلسي لتدشين الحرب الباردة "رسميا" إعتمادا على هذا الغزوة
، بل اذاقهم من نفس الكأس التي أذاقوها لسورية والعراق، حين دعم المعارضة الأوكرانية في الإقليم الشرقي بالمال والسلاح. إنها اللعنة السورية تصيبهم!! تأمل قولهم:
"سيكون من الصعب مواجهة هجوم روسي غير تقليدي، يستخدم تكتيكات غير متجانسة -والصيغة الأحدث لوصف ذلك هي "الحرب الغامضة".
ودعت اللجنة البريطانية الحلف الأطلسي الى ادراج تكتيكات مثل اللجوء الى الهجمات المعلوماتية والمليشيات غير النظامية في البند الخامس للحلف الاطلسي الذي ينص على ضرورة ان يقدم كل اعضاء الحلف المساعدة لاي دولة عضو تتعرض لهجوم".
ولعلك تتبسم وتسأل وهل كانت القاعدة وداعش ومشتقاتها فوات نظامية؟
في الختام نقول، أن الصراع حول "العملات الدولية" يدور عادة في صمت تام، ويعطون هذا الصراع الدولي لباسا سياسيا وعسكريا بمسميات أخرى لتضليل الخراف النائمة من شعوب العالم، لذا فهم طبيعة النظام النقدي الدولي الماكرة ودعم روسيا ودول البريكس والتمحور حول العملة الدولية الجديدة مستقبلا هو أمض سلاح فتاك بالأمبريالية الأمريكية لا يعادله أي سلاح مادي، حتى ولو كانت صواريخ نووية باليستية!!