دعا قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح قادة الوحدات العسكرية إلى مضاعفة المراقبة الأمنية في البلاد، تحسبا لأي هجوم إرهابي محتمل.
وفي اجتماع عقده مع كبار ضباط الجيش في المنطقة العسكرية الأولى، التي تبعد خمسين كيلومترا عن الجزائر العاصمة؛ حث قايد صالح الضباط والجنود على مضاعفة اليقظة، تحسبا لردود أفعال التنظيمات الإرهابية بعد الخسائر التي تكبدتها على يد الجيش الجزائري.
انتقام المتطرفين
حديث رئيس أركان الجيش الجزائري يعكس قلقا عميقا لدى السلطات من احتمال شن متطرفين هجمات إرهابية، للرد على الهجمات التي شنها الجيش في الآونة الأخيرة، وأدت إلى قتل أكثر من 60 عنصرا خلال الأشهر الماضية؛ معظمهم قضوا في شهر مايو/أيار الماضي، الذي شهد وحده تصفية 35 إرهابيا وتوقيف أربعة آخرين.
وقد تكون تعليمات أحمد قايد صالح نابعة من معلومات مؤكدة لدى السلطات بأن هناك مخططا يستهدف بعض الأهداف الحساسة في الدولة، خاصة أن أخطر التنظيمات التي تخشاها الجزائر، وهما "داعش" وتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، حاولا مرارا إرسال مقاتلين من ليبيا ومالي إلى داخل التراب الجزائري لتنفيذ مهمات لا تُعرف طبيعتها.
لكن قايد صالح حاول الظهور بمظهر القائد المنتصر على الإرهابيين، القلِقِ من طعنة قد يتلقاها رجال الجيش، انتقاما منهم على ما وصفه بالنتائج الكبرى، المحقَّقة في ميدان مكافحة الإرهاب عبر كل النواحي العسكرية في البلاد.
هذا، وكثف الجيش الجزائري خلال الفترة الماضية حملات الدهم الأمني التي أدت إلى اعتقال وتصفية العشرات، وخاصة في الولايات الحدودية مع ليبيا ومالي.
وأقرت السلطات الجزائرية بأنها تواجه تهديدات حقيقية من جراء تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا، والتوتر على الحدود المشتركة مع تونس؛ حيث اتفقت مع الأخيرة على تسيير دوريات مشتركة على الحدود وتعزيز تبادل المعلومات الاستخبارية حول الإرهابيين النشطين في المنطقة.
استراتيجية جديدة
ومع تنامي خطر تسلل إرهابيين لتنفيذ عمليات إرهابية في الجزائر، بدأت السلطات بانتهاج خطة جديدة لمواجهة الإرهاب، ترتكز بالأساس على استباق العدو، وتصفية المشتبه بهم فورا، والإعلان عن جميع العمليات التي ينفذها الجيش على مختلف الجبهات.
وبعدما كانت معظم العمليات الأمنية تتم في صمت رسمي تام. أصبح الجيش الجزائري حريصا على إطلاع الجزائريين على عملياته التي لا يمر يوم من دون تنفيذ إحداها، ونشر معلوماته على مواقعه الإلكترونية؛ في خطوة يرى مراقبون أن هدفها بث الطمأنينة في نفوس الجزائريين القلقين من الخطر، الذي يتربص بالبلاد، والمتمثل في احتمال حدوث هجمات إرهابية كتلك التي شهدتها الجارة تونس.
وتقول وزارة الدفاع الجزائرية إن الدعوات التي يطلقها قادة الجيش بين الفينة والأخرى لدعم المؤسسة العسكرية، والزيارات المتكررة التي يقومون بها إلى الجبهات، بما فيها تلك التي قام بها قايد صالح إلى الناحية العسكرية الأولى، "تدخل في إطار الحرص الذي توليه القيادة العليا للجيش للجانب التحسيسي والتوجيهي، وتهدف إلى الاطلاع على الوضع الأمني العام للناحية. كما تهدف إلى تكريس أسلوب التواصل الدائم والمستمر مع الأفراد والاستماع إلى انشغالاتهم" بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع.
وتنشط عدد من التنظيمات الإرهابية في الجزائر؛ حيث شهدت الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية هجمات إرهابية عديدة، كان أبرزها عملية اختطاف مجموعة من الرهائن في معمل عين أميناس للغاز، والتي تبنتها جماعة "الموقعون بالدماء". كما نفذ تنظيم "جند الخلافة" التابع لـ"داعش" هجمات على التراب الجزائري، كان أبرزها اختطاف وقتل السائح الفرنسي هيرفي غورديل في ولاية البويرة.
وعلى الرغم من المخاطر الأمنية المحدقة بالجزائر، فإن الحكومة ما فتئت توجه أصابع الاتهام إلى جهات خارجية لم تسمِّها، تقول إنها تقف وراء تسلل الإرهابيين وإدخال السلاح إلى داخل البلاد، لتنفيذ مخططات تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد.