تساعد النزاعات السياسية والمواجهات الحربية الدائرة في الشرق الأوسط فرنسا على الرفع من صادراتها من السلاح إلى أرقام قياسية سنة 2015، حيث برزت منطقة الشرق الأوسط كأول زبون وتليها منطقة آسيا بينما تراجعت إفريقيا ومنها المغرب العربي .
وكانت فرنسا وقبل 2015، تشكل 5٪ من صادرات الأسلحة في العالم، لكن سنة 2015، رفعت هذه النسبة إلى أكثر من 7٪% بفضل مضاعفة الصادرات الحربية. وجاء في تقرير وزارة الدفاع الفرنسية الخاص بصادرات صناعتها الحربية لسنة 2015 وجرى تقديمه منذ أيام، أن هذه الصادرات انتقلت من ثمانية مليارات و200 مليون يورو سنة 2014 إلى 16 ملياراً و900 مليون يورو سنة 2015. وهذا يعني أكثر من 110٪ عن 2014 و350٪عن سنة 2012.
وتوفر الصناعة الحربية، وفق التقرير الرسمي، 4٪ من مناصب الشغل في قطاع الصناعة الفرنسي.
ولا تعتبر فرنسا الدولة الوحيدة التي رفعت من صادراتها الحربية بل معظم الدول المصنعة، ودولة متوسطة الحجم مثل اسبانيا رفعت من صادراتها الحربية، بينما تخطت الصين كلاً من فرنسا وألمانيا مؤخراً. وحققت روسيا مبيعات مرتفعة للغاية وتستمر الولايات المتحدة في الريادة.
وهذا الارتفاع يعود إلى التوتر الجاري في العالم وخاصة في مناطق معينة وسعي الدول إلى تطوير جيوشها وتمكينها من أسلحة متطورة.ومن هذه المناطق توجد منطقة الشرق الأوسط التي تشهد تطورات جيوسياسية كبيرة لما يجري في اليمن وسوريا والعراق وبدء تخلي الولايات المتحدة عن دول الخليج علاوة على قرار فرنسا بيع نسخ متقدمة من عتادها الحربي وخاصة طائرات رافال.
وعكس الولايات المتحدة التي تبيع نسخ ثانية أقل تطوراً من النسخ الأولى لطائرتها المقاتلة، حيث أن مقاتلة إف 16 التي يستعملها الجيش الأمريكي أكثر تقدماً من إف 16 التي تباع لدول ثالثة، فإن فرنسا تبيع النسخة نفسها من طائرة رافال للدول التي تقتنيها بل وتفوت تكنولوجيا التصنيع كما تريد أن تفعل مع الهند. وكانت طائرة رافال هي سبب ارتفاع مبيعات فرنسا الحربية خلال سنة 2015.وفي هذا الصدد، احتلت قطر المركز الأول بصفقات قدرها ستة مليارات و800 مليون يورو بفضل اقتناء 24 من طائرات الرافال المقاتلة. كما اقتنت قطر معدات أخرى وخاصة تلك المتعلقة بالاتصالات. وبدورها اقتنت مصر سربين من رافال 24، وبلغت الصفقات خمسة مليارات و350 مليون يورو.
واحتلت مصر المركز الثاني في لائحة الزبائن في التقرير المقدم إلى البرلمان الفرنسي.
وتعتبر آسيا المنطقة الثانية التي تمتص أكبر نسبة من الصادرات الحربية للصناعة الفرنسية ولكن تبقى بعيدة عن الشرق الأوسط. ورغم اقتناء ما يقارب من 900 مليون يورو من الأسلحة وأساساً الطائرات المروحية، تبقى كوريا الجنوبية وهي الزبون الثالث دون صفقات مصر وقطر.
وإضافة إلى الدول الثلاث، هناك حسب الترتيب سنة 2015 الهند (412 مليون يورو) وتعتبر الهند أكبر مستورد من السلاح في العالم ثم تليها ألمانيا (320 مليون يورو) وبريطانيا (298 مليون يورو) والصين (239 مليون يورو) وماليزيا (209 مليون يورو) واليابان (206 مليون يورو) والكويت (196 مليون يورو). أما باقي الدول في صفقات محدودة وهي العربية السعودية والإمارات وأذربيجان والولايات المتحدة وسنغافورة ويذكر أن الرياض تؤدي جزءًا هامًا من فاتورة مصر الحربية، كما أدت فاتورة لبنان من السلاح الفرنسي سنة 2014 قبل اندلاع الجدل حولها خلال السنة الجارية.
ويبقى الفرق بين مبيعات الأسلحة إلى العالم العربي ودول أخرى هو أن الدول العربية لا تقتني تكنولوجيا تصنيع هذا العتاد لتخلفها الصناعي، بينما دول أخرى مثل الهند وكوريا الجنوبية تحتم على فرنسا تفويت جزء من تكنولوجيا العتاد المقتنى.
ولم تنجح فرنسا في عقد صفقات كبيرة مع منطقة نفوذ رئيسية لها وهي المغرب العربي والقارة الإفريقية عموماً.
ولم تقتن تونس أسلحة فرنسية تذكر، كما أن الجزائر ليست زبوناً للسلاح الفرنسي بل الروسي، في حين أن مشتريات المغرب تراجعت من فرنسا. ويرغب المغرب في اقتناء دبابات وغواصة ولكنه يبحث في أسواق مختلفة، وعلى رأسها السوق الأمريكية التي تعتبر المزود الأول له، ثم أسواق مثل روسيا ومؤخراً الصين.
ويحدث الأمر نفسه مع التخطيط لشراء غواصة، حيث ينظر المغرب إلى روسيا وألمانيا. وإذا كان المغرب قد غاب عن لائحة 2015، فهو يعتبر من الزبائن الرئيسيين خلال السنوات العشر الأخيرة بفضل صفقات خلال السنوات الماضية وهي شراء فرقاطات واقتناء قمرين فضائيين لأغراض عسكرية.
ومن المنتظر تراجع وزن المغرب في استهلاك الصناعة الحربية الفرنسية إلى مركز ثانوي جداً أمام الصفقات الكبرى التي تعتزم فرنسا التوقيع عليها ومنها مع استراليا بقيمة 34 مليار يورو خاصة بالغواصات، وهي من أكبر الصفقات في التاريخ، ثم احتمال توقيع اتفاقية ضخمة مع الهند لبيعها طائرات رافال بقيمة 11 مليار يورو.