توجد عدة تعريفات إصطلاحية لمفهوم التدريب لعل من أوضحها أن التدريب يعرف بأنه "هو الجهود المنظمة والمخططة لتطوير معارف وخبرات واتجاهات المتدربين، وذلك يجعلهم أكثر فاعلية في أداء مهامهم، وهنا يجب التفريق بين مصطلح التدريب و بين مصطلح التعليم،
فالتعليم هو (إكتساب المعلومات والمعارف) بينما التدريب هو (إكتساب القدرات على تطبيق المعلومات والمعارف)، و في الطيران العسكري و خاصة في التدريب على المقاتلات يمكن أن نحدد بداية التدريب بالدورات التخصصية التي يتلقاها الطيار على نوع محدد من الطائرات والتدرب على الاستخدام العملياتي لها بكامل امكانياتها و تسليحها بعد أن كان الطيار المتدرب قد انهى مرحلة تعليم الطيران الأساسي في كلية الطيران، ويختلف مفهوم التسميات و مراحل التعليم و التدريب و الإعداد حسب المدارس التي تتّبعها كل دولةاليوم أخذت المقاتلات الحديثة من الجيل 4.5 والجيل الخامس مكانها كلاعب أساسي في القوات الجوية للدول المواكبة للتطورات الجديدة التي فرضها التقدم التقني المهم والسريع، خاصة في العقد الحالي و فرض معها تغيير الرؤى و الإستراتيجيات و أصبح العبء الأكبر هو في عملية الدمج والإحلال للتقنيات القديمة الموجودة في المقاتلات القديمة بالتقنيات الحديثة وما سيصحبه من إحالة أعداد كبيرة جدا من المقاتلات للتقاعد، و ما سيسببه ذلك من فراغ أثناء عملية التحول بين الأجيال القديمة والحديثة، وليس الفراغ المتوقع هنا تقني مادي يتعلق بالطائرات و والمعدات المساعدة فقط، بل أن التحدي الأساسي هو في تطوير و ترقية الكوادر البشرية بين تلك الاجيال، حيث أخذ ذلك حيزا كبيرا من اهتمام صانعي القرار و أصبح الوضع ملائما أكثر من أي وقت مضى لإعادة النظر في طرق و أساليب تدريب طياري المقاتلات الحديثة. فالمناهج النظرية المعتمدة في معظم دول العالم لم يطلها أي تغيير يذكر منذ حوالي 50 سنة، إلا ببعض الإضافات التي فرضها التقدم التقني أو التشريعي، و كذلك هو الحال بالنسبة للتدريب العملي على الطيران الذي يستغرق التدريب الأساسي فيه حوالي 150-200 ساعة في المتوسط بحسب منهج التدريب المعتمد في كل دولة.
ولكن هل تتمشى طرق التدريب التي مرت عليها عقود من الزمن مع متطلبات التدريب الحالية؟ وهل يجب فعلا تغيير المناهج النظرية القديمة للإيفاء بمتطلبات العصر؟ وهل تطبيق تمارين الطيران العملي على طائرات قديمة سيكون قادرا على تمكين الطيار المتدرب من استيعاب و فهم مقاتلات الجيل الخامس؟
بدون شك قالت التقنية كلمتها و لم تترك الكثير من الخيارات، فإما أن ننتقل إلى تقنية المستقبل أو أن نبقى حيث نحن لنغرد خارج السرب، لذلك يجب علينا تكسير القالب الفولاذي الرتيب لفكر ومنهج التدريب بما يتمشى مع الواقع، وبوصف آخر أن يكون التدريب واقعيا يبني للمستقبل وليس مبنيا على الماضي. فما الفائدة من قضاء 200 ساعة تدريب على طائرة ذات تقنية قديمة، تكلف مئات الآلاف من الدولارات؟ و قد تستغرق سنوات، إذ من المفترض من ذلك التدريب أن يؤهل الطيار ليصبح جاهزا للطيران على طائرة من الجيل الخامس، فقد تكون الفجوة بين الطائرتين ثلاثة أجيال كاملة!
لعل شركات ومدارس الطيران المدني تتدارك الأمر مبكرا بعض الشئ، فطائرات التدريب التقليدية الصغيرة ليست طائرات النقل الحديثة، ذات حجرة القيادة الزجاجية، فكان الحل بتحويل طائرات التدريب الى طائرات ذات حجرة قيادة زجاجية، تقرب فهم فلسفة ومفهوم تلك التقنية لطياري المستقبل وكذلك بعمل قفزة نوعية و ثورية في التدريب من خلال رخصة (MPL) Multi-crew Pilot License التي تتطلب حوالي 70 ساعة فقط من الطيران الفعلي، وباقي التدريب يتم من خلال المقلد الآلي التي تم اعتماده في عدد من الدول الأوربية نظرا لما يوفره من وقت وتكاليف وجودة في التدريب.
وبالعودة الى التدريب على الطيران المقاتل و خاصة مع ازدياد تكلفة الطائرات، سواء المقاتلة أو التدريبية، أصبح من اللازم إيجاد حلول ناجعة للتدريب، إذ أصبحت الأسلحة الجوية في العالم تبحث عن حلول فعّالة ولكنها في نفس الوقت يجب ألا تتوقع الكثير من القليل. وخلال السنوات الطويلة في مجال تدريب الطيارين والخبرة المتراكمة منذ حقبة الحرب العالمية الثانية، والتي بدأت تتبلور معها متطلبات و طرق تدريب الطيارين، تغيرت الدروس والنظريات مع تغير وتطور التقنية، و لكن الشكل العام لها ظل ثابتاً وخاصة في دول العالم الثالث التي تملك أسلحتها الجوية طائرات مقاتلة، حيث تطول فيها فترة عمر الطائرة إلى عقود حيث أن تلك الدول لا تملك الإمكانيات المادية و البشرية لإدامة و صيانة و تطوير طائراتها، فتقضي معظم سنوات عمرها على الأرض و تستمر القيادات في النظر إليها على أنها مازالت طائرت جديدة! وليس هناك من داعي لاقتناء طائرات جديدة ذات تقنية جديدة، ولهذا السبب ليس هناك داعي لتطوير طرق وأساليب ونوعية التدريب بما يتمشى مع التقدم التقني لأن المناهج القديمة تتمشى مع التقنية القديمة وتفي بمتطلباتها !
و لكن في الجانب الآخر استفادت الدول المتقدمة من تجاربها وخبراتها، حيث أن الغرض من تدريب طيارين مقاتلين هو خوض عمليات قتالية، والتي بدورها طالتها تغيرات كثيرة فرضها التطور التقني على نحو أصبحت معه المقاتلات أكثر اعتمادية على النفس. وقدمت أتمتة منظومات الطائرة مساعدة كبيرة جدا للطيار، سواء في قيادة الطائرة أو في اتخاذ القرارات المناسبة في العمليات. ولأن التقنية الحديثة مرتفعة الثمن أصبح ثمن الطائرة المقاتلة اليوم حوالي 10 أضعاف ثمنها قبل أربعة عقود، وهذا بدون شك يجعل استخدامها أكثر تكلفة و كذلك هو الحال بالنسبة التدريب عليها. ولكن التقنية دائما عندها الحلول المناسبة فقد طرأ تطور كبير جدا على منظومات التدريب، وخاصة على المقلدات الآلية التي أصبحت تتسم بالواقعية وتقترب منها بدرجة كبيرة مع كل جيل جديد، وخاصة إذا ما علمنا أن تكاليف تشغيلها هي صفر إذا ما قورنت بالتدريب على مقاتلة حقيقة، ولكن يبقى المطلوب هو تحقيق التوازن بين الواقع والتشبيه والتكلفة والمكاسب. لحسن الحظ أن الطيارين الشباب اليوم ينتمون إلى ما يسمى "العصر الرقمي" والذي دخلت فيه التقنية الحديثة إلى كل تفاصيل الحياة اليومية، وهو ما يجعلهم أقرب إلى استيعاب تلك التقنيات، بل وسيكونون مساهمين بشكل فعال في تطويرها من خلال طلب المزيد من التعديلات و تطبيق المزيد من الأفكار الثورية، مما يجعل الطيار هو الحلقة الأقوى اليوم في سلسلة التطور فلا غنى عن العنصر البشري في الطائرات المقاتلة ربما لعدة عقود قادمة.
إنه من المهم جدا اليوم الأخذ بعين الإعتبار أن يكون التدريب للمستقبل مرتبطا بشكل ديناميكي و سهل مع متطلبات الإستخدام العملياتي لطياري المستقبل و لهذا يجب أن تتسم برامج التدريب بالاتي:
إنتظام واستمرار التدريب:
لعل من أهم شروط خطط التدريب أن توفر أقصى درجة ممكنة من الإستمرارية والاستقرار لأي برنامج تدريبي، وألا تتغير بتغير القيادات أو التغيرات السياسية أو نحوها، ولكنه بدون شك يجب أن يتغير مع تغير التقنيات و أن يكون مواكبا لها بشكل كامل.
في النموذج الليبي بدأ تدريب الطيارين العسكريين منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي، حتى قبل تأسيس سلاح الجو الليبي واستمر خلال الستينيات إيفاد الطلاب، للتدرّب على الطيران، إلى دول عدة منها اليونان وتركيا و أمريكا وغيرها. وفي فترة حكم القذافي تم إنشاء كلية جوية خلال منتصف السبعينيات، بالإضافة إلى عدة ثانويات جوية. وتنوعت المدارس وتداخلت بين الشرقية والغربية، وانضم للسلاح الجوي طيارون تخرجوا من كليات ومدارس محلية وآخرون من مدارس أجنبية منها روسيا و بولندا وتشيكيا والباكستان وفرنسا ويوغسلافيا وغيرها. كما تنوعت طائرات التدريب ولم تتسم تلك الحقبة بأي استراتيجية تذكر، إلا بتدريب أكبر عدد ممكن من الطيارين ليستوعبهم عدد الطائرات المقاتلة الكبير الذي تجاوز 500 طائرة في ذلك الوقت. ولكن خلال العقديين الماضيين إنحدر مستوى التدريب، بل إنه توقف في مدد متفاوتة، وغاب التخطيط نهائيا إلى جانب التوقف عن اقنتاء كل ما هو جديد، وهو ما تسبب في فوضى وفي انعدام أي طموح مستقبلي، هذا فضلا عن تقادم في الافراد و في المعدات، و كل ذلك أدى إلى توقف التاريخ عند الجيل الثالث من المقاتلات، بينما تتدرب الأسلحة الجوية في العالم على مقاتلات الجيل الخامس.
لذلك فإنه لابد من الإستجابة لنداء الواقعية كونها المتغيرات التي لا تنتظر أحدا ولا تقف عند قدرات أحد، فالقاطرة تسير بسرعة فإما أن نلحق بها أو أن نبقى في مكاننا ربما لعقود أخرى.
ولهذا أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية برنامج لاقتناء طائرات تدريب حديثة، وسمي المشروع T-X أي Trainer - X أي الطائرة التدريبية X أو المجهولة، لأنه لم يتم حتى الآن الإنتهاء من اختيار الطائرة المناسبة، مع العلم أن ذلك المشروع سيكلف سلاح الجو الأمريكي حوالي 10 مليار دولار، والمشروع حسب ما أعلن عنه في مؤتمر تدريب الطيران المقاتل في لندن سنة 2013، هو ليس عبارة عن استبدال طائرات قديمة بأخرى جديدة، وإنما هو تغيير جذري و شامل في مفهوم و نوعية التدريب، وبالإضافة إلى ذلك اقتناء مقلدات الطيران الخاصة بتلك الطائرات وهو ما سيستمر على مدى العقود القادمة على الاقل وذلك لضمان مبدأ الإستمرارية والإنتظام في التدريب.
إختيار ومواصفات الطيارين:
إن اختيار الطيار المتدرب من البداية له الأثر الكبير والمهم على نوعية التدريب وتجنب الإخفاقات التي تصحب تدريب طلاب لا يحملون مواصفات الطيار من البداية مما سيترتب عليه إضاعة للوقت والجهد والمال، فبعد سنوات طويلة من تدريب الطيارين تبين أن هناك حدا أدنى من الصفات و المهارات التي يجب أن تتوفر في طيار المستقبل وهي: (المهارات الحركية، لمهارات المعرفية، القدرات الفسيولوجية، المواصفات النفسية).
وبشكل عام المهارات الحركية والتي هي عبارة عن التوافق العضلي العصبي والقدرة على تقييم القدرات الفسيولوجية هي من أهم الركائز في عمليات الإختيار، بالإضافة إلى مستوى الذكاء العام وسرعة البديهة والقدرة على العمل ضمن فريق، هذا فضلا عن الطموح و الروح القيادية والشجاعة. ولكل دولة نموذجها ومعيارها الخاص في الإختيار والتقييم. ففي سلاح الجو الأمريكي هناك اختبار يسمى (اختبار كفاءة ضباط السلاح الجوي) Air Force Officers Qualification Test (AFOQT) وفي سويسرا هناك اختبار يسمى SPHAIR والذي يتم على أساسه اختبار مهارات طياري المستقبل. وفي الهند هناك (اختبار قدرات و كفاءة الطيارين)
Pilot Aptitude Battery Test (PABT) والذي يركز بشكل كبير على المقدرة الحركية والمستوي العلمي والثقافي للطيار، والآن يقوم سلاح الجو الهندي بوضع اختبار جديد ليتمشى مع متطلبات المرحلة الحالية ويسمى (منظومة اختيار الطيارين الآلية) Computerised Pilot Selection System CPSS.
ولكن هذا النظام لازال في انتظار الإعتماد، للمباشرة في العمل بموجبه. ومن جانب آخر وضعت شركة Symbiotic Ltd اختباراً يعد اليوم من أهم وأفضل اختبارات قبول الطيارين الجدد و يسمى اختبار ADAPT ويتكون من 8 مستويات، تعتبر 5 منها أساسية، وهذا الاختبار يضمن اختبار القدرات البدنية والذهنية بدقة تصل حتى 98.5%، وهو معتمد حتى الآن في 13 دولة، وقد أصبحت الآن واضحة أهمية عملية الإختيار الطويلة والمعقدة، لأنها ستتعامل مع من سيقودون في المستقبل طائرات الجيل الخامس لسنوات طويلة قادمة.
برنامج التدريب (حقيقي- افتراضي- فعال )
بفضل التطور الكبير في الحواسيب الآلية تقلصت الفجوة بين الطيران الحقيقي والتشبيهي على المقلدات الآلية، مما جعل التدريب أكثر فاعلية وواقعية، الأمر الذي يجعل التدريب أكثر جدوى وأقل خطورة، وبالطبع أقل في التكاليف بعشرات المرات من الطيران الفعلي. طبعا كل ذلك من دون الإخلال بمعادلة المزج بين الطيران الحقيقي و التشبيهي، حيث توصلت إحدى الدراسات التي نشرت في مؤتمر (تدريب الطيران العسكري) الذي عقد بلندن سنة 2013، أن النسبة المثلى بين التدريب الإبتدائي على الطيران الحقيقي و التشبيهي هي 30:70 أي أن كل 100 ساعة طيران حقيقي يقابلها 30 ساعة طيران على المقلد، وتتغير هذه النسبة لتصبح 50:50 في مرحلة من مراحل التدريب المتقدم، حيث يتم التركيز على التدرب على استخدام منظومات الأسلحة والرادار وإدارة المعركة بصفة عامة.
و من جهة أخرى دخل اليوم مفهوم جديد في التدريب، وهو التدريب المدمج الذي أخذ مكانة مهمة في التدريب خلال العقد الماضي، وهذا النوع من التدريب يعتمد على الاستفادة القصوى من التدريب الحقيقي والبحث عن النسبة المثلى للدمج مع الطيران التشبيهي، بحسب مرحلة التدريب، ليس بالضرورة بمقلدات كاملة ولكن حتى بالمقلدات الجزئية التي تمكن من التدريب على منظومات معينة في الطائرات (الرادار مثلا) دون الحاجة إلى باقي المنظومات مما يمثل توفيرا في تكاليف تشغيل المقلدات و تكاليف التدريب بشكل عام.
و لكن التدريب على الطيران يختلف عن أي نوع آخر من التدريبات التي يمكن أن تقرب مفهومها المقلدات الآلية، فهناك العامل البدني الفسيولوجي المصاحب للطيران مثل حدوث قوة الجاذبية العالية أثناء المناورات القتالية الحادة و النقص في كمية الأكسجين وما يصاحب كل ذلك كن تغيرات بدنية و نفسية لها تأثير سلبي كبير على أداء و درات الطيار المقاتل، وذلك ما لا يمكن توفيره بواسطة المقلدات الآلية بشكل حقيقي مماثل للواقع.
القدرات الذاتية في التدريب:
معظم الطيارين تدربوا على الطيران بالطريقة التقليدية، وكنا نحصل على الشكر والتشجيع من المدرب اذا ما أكملنا الدوران المستوي على نفس مستوى الطيران بدخولنا في أثر الدفع النفاث للطائرة مرة أخرى، أو عند تنفيذ مناورة الحلقة (Loop) بوضعية الأجنحة المستوية، وأيضا كنا نتلقى ملاحظات من المدرب عند الهبوط تحت مستوى الطيران المحدد، أو في حالة عدم اتباع إجراءات معينة في مناورات معينة. كل ذلك أصبح في التدريب الحديث شيئا من الماضي، فقد أصبحت اليوم المناورات تنفذ ضمن قوالب كاملة، ليس الغرض منها تنفيذ المناورة في حد ذاتها وإنما الهدف هو استخدامها من ضمن سلسلة من المناورات لتنفيذه مهام معينة.
ويصاحب ذلك التركيز بشدة على مبدأ السلامة التي لا تغتفر فيها الأخطاء، حيث أن تعقيدات التقنية الحديثة، مثل ما سهلت كثيرا في مهام الطيار في قيادة الطائرة، إلا أنها كما هو حال الحواسيب ليست ذكية، ولكن يجب استخدامها بذكاء فالتدريب على الطائرات الحديثة اليوم لا يحتاج إلى مهارات (يدوية) كبيرة كما كان الشأن في طائرات الأجيال السابقة، ولكنه يحتاج إلى قدرات عقلية ذات مستوى عالي تتميز بالمرونة و سرعة تقييم الموقف و سرعة اتخاذ القرارات.
ويرى خبراء الطيران أن العقود الثلاثة القادمة ستشهد تغيراً كبيراً في المفاهيم، ستفرضها التغيرات في نظرة الإنسان للطيران العسكري بسبب التقنيات الحديثة مثل تقنيات التسلل والإختفاء والأسلحة الذكية عالية الدقة، كل ذلك سيتدرب عليه طيارو المستقبل الذين إذا لم يتم إعدادهم بالصورة السليمة والواقعية فلن يتحقق اللحاق بركب التقنية الذي لا ينتظر أحدا وسنقاتل عدونا بطائرات مكانها المتحف.
إن التقنية الحديثة أمر حتمي لا يمكن التهرب منه، لذا فإن صانع القرار يجب أن يمد نظره الى ما هو وراء التقنية المعروضة، بحيث ينبغي التعامل مع مصادر التقنية من المصممين والمصنعين أنفسهم وليس مع السوق، بمعنى أن يخطط لشراء طائرة للغد وليس لليوم، وإلا فإنه، أي صانع القرار، سيجد نفسه يدفع المليارات لشراء تقنيات اليوم التي أصبحت غبية و لا توفر أسباب الإنتصار على العدو الذي يمتلك تقنية الغد الأكثر ذكاءً. وهذا ما تفعله دول تفطنت إلى ذلك مبكرا فأصبحت تطلب تقنيات مختلفة من المصنّع غير تلك المعروضة في السوق، وإلا فما الفائدة للمرء من شراء طائرة من نفس السوق الذي يشتريها منه عدوه؟ الطيارون اليوم يجب أن يكونوا على نفس المقدار من الذكاء الذي تتمتع به طائراتهم، وأن يكون مدربوهم أكثر ذكاء و تجربة، وطبعا يجب أن يفوق ذلك كله النظرة المستقبلية التي يجب أن يراها و يعيها صانع القرار.