قال الخبير الأمني الإسرائيلي في صحيفة معاريف، يوسي ميلمان، إن علاقات إسرائيل بدول القارة الأفريقية آخذة بالتزايد في الآونة الأخيرة، لاسيما في المجالات الأمنية والاقتصادية.
وذكر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيكون الزعيم الإسرائيلي الأول الذي سيقوم بعد شهرين من الآن بزيارة رسمية لهذه القارة منذ ثلاثين عاما.
ومن بين الدول الـ48 التي تتكون منها القارة الأفريقية، تمتلك إسرائيل علاقات دبلوماسية مع أربعين دولة منها، وهناك عشر سفارات إسرائيلية تعمل بهذه القارة: في جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا والكاميرون وأنغولا وإثيوبيا وإريتريا وغانا وساحل العاج والسنغال.
أما في باقي الدول، فيوجد سفراء إسرائيليون غير مقيمين فيها بصورة دائمة، في حين أن 15 دولة أفريقية لديها سفارات دائمة في إسرائيل.
وأوضح الكاتب أن الجديد في علاقات إسرائيل مع أفريقيا يظهر تطورا بينهما في ثلاثة قطاعات أساسية هي القطاع الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، تنظر الخارجية الإسرائيلية للكتلة الأفريقية في الأمم المتحدة ووكالاتها وأجسامها الدولية على أنها يمكن أن تصوت بصورة تمنع اتخاذ قرارات دولية معادية لتل أبيب.
ورغم أن الدول الأفريقية دأبت على التصويت على أنها كتلة واحدة كونها تمثل الاتحاد الأفريقي، فإن تل أبيب بدأت تلاحظ أن هناك تصدعات تدريجية بمواقف الاتحاد، وأن كل دولة باتت تتخذ مواقف فردية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يقول الكاتب إن إسرائيل ترى أفريقيا قوة اقتصادية وسوقا تجاريا كبيرا لبضائعها، ومع ذلك فإن تل أبيب حتى اللحظة لم تحسن استغلاله، لأن ميزان التبادل التجاري مع جميع الدول الأفريقية يصل بالكاد مليار دولار سنويا، ثلثا المبلغ مخصص للتبادل التجاري مع جنوب أفريقيا، لاسيما في قطاع المجوهرات.
وفي مجال تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الأفريقية، يقول الكاتب إن إسرائيل تجري اتصالات مع "حكام دكتاتوريين" في القارة ينتهكون حقوق الإنسان في بلادهم، ويطلبون من الإسرائيليين عبر هذه العلاقات، مساعدتهم في تدريب قواتهم العسكرية، وتسويق مواقفهم السياسية في الدول الغربية عبر شركات العلاقات العامة.
وحتى لا تتهم تل أبيب بأنها تقيم علاقات فقط مع الحكام الأفارقة، فإنها توسع اتصالاتها مع باقي السكان في القارة، من خلال قسم التعاون الدولي في وزارة الخارجية الإسرائيلية.
وفي هذا القسم تقوم إسرائيل بتدريب ألف طالب أفريقي في قضايا الزراعة والطب وغيرها، وترسل إلى القارة أطباء ومستشارين في مجالات شتى، وجزء من هذه الجهود يتم بين إسرائيل ودول مثل فرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا وغيرها.
وبجانب الجهود الرسمية الإسرائيلية، هناك علاقات شخصية ومنفردة يقوم بها إسرائيليون يرسلون متطوعين إلى أفريقيا، لمحاربة الفقر والأمراض والجوع فيها، وكل ذلك في سبيل إظهار ما وصفها الكاتب "إسرائيل الجميلة".
ويضيف ميلمان أن القطاع المهم الثالث الذي يجري توثيقه بين إسرائيل والقارة الأفريقية يتعلق بالجانب العسكري الأمني الاستخباري الإستراتيجي، حيث لا تزال إسرائيل من بين أكبر عشرة مصدرين للسلاح في العالم.
ووفق معطيات وزارة الدفاع الإسرائيلية التي نشرت الشهر الجاري، فإن الصادرات العسكرية الإسرائيلية بلغت نهاية عام 2015 قرابة 5.66 مليارات دولار، وما وصل الدول الأفريقية من السلاح الإسرائيلي لم يتجاوز 163 مليونا بنسبة 2.5%.
وأوضح الكاتب أن السبب الأساسي في هذا الانخفاض يكمن في البعد المالي، فالصناعات العسكرية الإسرائيلية معنية أكثر من أي وقت مضى بتصدير أكبر كمية من السلاح، لكن المشكلة أن أغلب الدول الأفريقية فقيرة وليس لديها المال الكافي لدفع أموال نقدية مقابل شراء السلاح الإسرائيلي.
كما أن أي دولة أفريقية لا تمتلك في إسرائيل ملحقا عسكريا، رغم أن العديد من السفراء الأفارقة في تل أبيب ذوو ماض عسكري.
وأشار الكاتب إلى أن إسرائيل تتخذ دورا بجانب نيجيريا وكينيا في محاربة حركتي بوكو حرام والشباب المجاهدين التابعتين لـ تنظيم القاعدة من خلال الاستعانة بخبراء عسكريين إسرائيليين، علما بأن العنصر الأساسي من سلاح الجيش الكاميروني من إنتاج إسرائيلي.
يأتي ذلك في ظل تضاعف المخاوف الأفريقية من تهديد المنظمات الإسلامية، حيث ترغب عدة دول أفريقية بالاستفادة من الخبرة الإسرائيلية في مجال الاستخبارات.