قال محللون جزائريون إن الأسلحة الكبيرة التي عثر عليها الجيش الجزائري بولاية الوادي الحدودية مع تونس وليبيا، تثبت وجود تهديدات أمنية ضد البلاد، وسعي بعض التنظيمات المسلحة لنقل نشاطها إلى داخل الأراضي الجزائرية تحسبا لوقوع تدخل عسكري أجنبي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا.
وكانت وزارة الدفاع الجزائرية أعلنت الأحد الماضي أنها صادرت كمًّا كبيرًا من الأسلحة يعدّ الأكبر منذ بداية الصراع المسلح في الجزائر عام 1992. ومن بين الأسلحة المصادرة 104 رشاشات كلاشنيكوف، وألغام مضادة للدبابات، ومدافع رشاشة وقاذفات صواريخ وأجهزة اتصال.
ويرى متابعون أن الأسلحة جرى تهريبها من ليبيا، وتأتي في سياق تحضير مجموعات مسلحة لعمليات نوعية داخل الجزائر.
ويقول العقيد السابق في الجيش الجزائري رمضان حملات إن ما حققه الجيش من مصادرة لهذا الكم من الأسلحة "إنجاز كبير"، غير أنه تساءل في حديثه للجزيرة نت عن كيفية دخول هذه الأسلحة، وعبر أية مسالك ومن يقوم بذلك؟ كما تساءل هل يعني ذلك وجود خلايا نائمة تعمل على إدخال السلاح؟ ولأي غرض يتم تسريبها إلى مناطق صحراوية وغير صحراوية؟
ويعتقد العقيد السابق أنه في حال تنفيذ تدخل عسكري أجنبي بليبيا سيتسبب في فوضى كبيرة، ويؤدي إلى تسلل جماعات إرهابية إلى داخل الجزائر، "لاسيما في ظل توفر الأسلحة المخبأة في مناطق محددة تعرفها هذه الجماعات".
ويدعو الضابط حملات إلى تجنب توظيف إنجازات الجيش لخدمة شخص أو طرف معين، "فنحن لسنا بحاجة إلى صراعات يتم فيها توظيف هذه الإنجازات من طرف جهة ضد أخرى". وإذا كان لا بد من استغلالها فليكن ذلك من أجل رص الصف الوطني ورفع معنويات المواطنين والعسكريين وحماية البلاد، على حد قوله.
من جانب آخر، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة سكيكدة محسن خنيش إن هذه الأسلحة مصدرها مخازن السلاح في ليبيا التي تتحكم فيها الجماعات الإرهابية وجماعات تجارة الأسلحة.
ويؤكد خنيش في حديث للجزيرة نت أن الجزائر تعتمد في مواجهة هذه التداعيات على خبرتها الطويلة في محاربة الإرهاب.
وبرأيه فإن هذه الكميات الكبيرة من الأسلحة تشير إلى وجود شبكة استعلامات قوية أدت إلى كشف مخابئ الأسلحة.
ويشدد الأستاذ الجامعي على أن تجربة الجزائر الخاصة في محاربة الإرهاب جعلتها تستفيد منه في توحيد جبهتي الموالاة والمعارضة في دعم الجيش وقوى الأمن، "وإن كان هذا الاصطفاف يصب في مصلحة الموالاة أكثر".
من جهة أخرى، يقول الضابط السابق في الجيش خثير زرمان إن كل التدخلات في الإقليم سيكون لها تأثير كبير على الجزائر، "حتى لو كانت مجرد تحركات سياسية".
كما شدد زرمان على أن أي تدخل عسكري في المنطقة مهما كانت الأسباب، يعد مساسا بالأمن القومي للجزائر. ويضيف أن الجيش اتخذ كافة الاحتياطات خصوصا في المناطق الحدودية الجنوبية الشرقية، منعا لأي اختراق أمني أو تسلل للتنظيمات الإرهابية من وراء الحدود.
ويؤكد الضابط السابق الذي يقود الأكاديمية الجزائرية لمكافحة الفساد، أن حجز الجيش لتلك الترسانة الكبيرة من الأسلحة يعكس وجود أطراف تسعى إلى نقل الفوضى، وإثارة المشاكل وتوسيعها في المنطقة.
ورغم اعتقاد زرمان بأن هذه الأسلحة سبق أن دخلت إلى الجزائر منذ سقوط نظام القذافي في ليبيا، فإنه دعا إلى عدم التهويل من الأمر.