الآباء الروحيون لبرنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية هم ثلاثي من المسنين: عالم في الفيزياء النووية وجنرال في الجيش ووسيط حلقات الوصل مع باكستان.
أوردت أنباء أن الوسيط توفي في 2014 لكنه والاثنين الآخرين ساعدوا في إرساء القاعدة التي مكنت كوريا الشمالية يوم الأربعاء الماضي من إجراء رابع تجربة نووية للدولة المنعزلة.
وجاء في تقرير لمعهد سياسات العلوم والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية صدر في 2009 أن قرابة 6000 شخص يعملون في البرنامج النووي والصاروخي لكوريا الشمالية ويعدون من النخبة. وحصل كثير منهم على منازل جديدة فاخرة. ونال المشرفون على البرنامج أوسمة صاروا بمقتضاها أبطالا للدولة.
وقال مايكل مادين وهو خبير في شؤون القيادة الكورية الشمالية "مثل مشروع منهاتن تماما تحتاج من أجل أن تصنع قنبلة نووية إلى عقول وأفراد للإمداد وأفراد عسكريين."
وأضاف "هؤلاء الناس مثل سو سانج جوك وجون بيونج هو وأو كوك ريول."
وحتى بمقاييس كوريا الشمالية التي تخفي شؤونها ظل الثلاثة بشكل حازم وراء الكواليس. ومع ذلك أشارت بعض التفاصيل القليلة إلى دورهم في البرنامج النووي للبلاد.
العقل الذي يقف وراء البرنامج -كما يقول خبراء- هو سو سانغ جوك (77 عاما)
وهو عالم ماهر حاصل على درجة الدكتوراه اعتلى منصب رئيس قسم الفيزياء النووية في جامعة كيم إيل سونج.
تقول وسائل الإعلام الرسمية لكوريا الشمالية إن سو ألف 40 كتابا من بينها (ميكانيكا الكم) و(نظرية الجسيمات الأولية).
وباعتباره بطلا تقلد وساما أنعم عليه الزعيم في ذلك الوقت كيم جونغ إيل بوفير الطعام الشهي لعيد ميلاده الستين عام 1998 بحسب وسائل الإعلام الرسمية.
وقال مادين "كان المدرس الخاص لكيم جونغ إيل في الفيزياء النووية والعلوم النووية."
وعين سو في إدارة التنظيم والتوجيه وهي هيئة نشاطها خفي استخدمها كيم جونغ إيل في تنحية والده عن السلطة قبل أن يصبح زعيما في 1994.
وقال مادين "السبب في حصوله على منصب إدارة التنظيم والتوجيه هو الإشراف على الأفراد وإعطاء العاملين وظائف في برنامج الأسلحة."
وأضاف "منحه منصبه هناك فعليا موافقة أمنية تمكنه من الوصول إلى الوثائق السرية التي يحتاج إليها."
وذكرت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء أن سو استغل الصلات التي أقامها وهو طالب في الاتحاد السوفيتي في القيام برحلة فردية إلى روسيا لترتيب صفقة لاستيراد أجزاء نووية.
وقال جانج جين-سونغ وهو كوري شمالي فر من البلاد في 2004 إن ابنة سو حصلت على وظيفة في مدرسة موسيقى مرموقة استنادا لنفوذ والدها. وكان جانج جين-سونغ زميل دراسة لابنة سو.
وقال جانج لوكالة رويترز "ذات مرة اشتكت من أنها لا تستطيع الدراسة في الخارج لأن والدها يعمل في مشروع ما كبير محاط بالسرية."
وكان سو على قائمة مستهدفين بعقوبات مالية من جانب الاتحاد الأوروبي في 2009.
* الجنرال أو: الرجل العسكري
قال جيانغ إن الراحل كيم جونغ إيل أقام قاعدة نفوذ من خلال الهدايا وقدم في 2001 تقريبا سيارتين فان كبيرتين أميركيتي الصنع هديتين لاثنين من أكثر مساعديه الموثوق بهم في الإدارة النووية.
حصل سو سانج جوك على سيارة منهما. وقال جانج إن السيارة الأخرى حصل عليها أو كوك ريول وهو رجل نحيف خفيف الشعر ويضع نظارة ملونة قيل إنه المنسق العسكري للبرنامج النووي.
ويتمتع أو الذي يبلغ من العمر 85 عاما بصحة جيدة ويمشي عدة كيلومترات يوميا وهو "فريد" بين الصفوة في كوريا الشمالية لأنه -بحسب مادين- يتجنب كثرة الظهور في الحفلات.
ورقي أو إلى رتبة الجنرال في 1984 وكان قد ولد في الصين كما تقول وزارة الوحدة الكورية الجنوبية.
ويعزى صعوده السريع في جيش الشعب الكوري الشمالي لقرابته لفدائي قاتل بجانب مؤسس كوريا الشمالية كيم إيل سونغ خلال الاحتلال الياباني.
وأدرج اسم أو على قائمة العقوبات الأمريكية المفروضة على برنامج الأسلحة الكوري الشمالي في 2013 من أجل "زيادة تعطيل برامج كوريا الشمالية لأسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية."
وشوهد لآخر مرة في وسائل الإعلام الرسمية بجوار الرئيس كيم جونغ أون في تشرين الثاني العام الماضي.
* جون بيونغ هو: رجل الإمداد
في تموز 2014 قالت وسائل الإعلام الرسمية إن جون بيونغ رجل حزب العمال الحاكم الذي كان وراء تطوير برنامج الصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية توفي.
وقال خبراء إنه ساعد في التوسط في عقد صفقة مع باكستان في التسعينات حصلت بيونجيانج بمقتضاها على تكنولوجيا حساسة لبرنامجها لتخصيب اليورانيوم. وكان جون حلقة الاتصال الرئيسية لكوريا الشمالية مع أبي البرنامج النووي الباكستاني عبد القدير خان الذي اعترف في 2004 بأنه باع أسرارا نووية لإيران وكوريا الشمالية وليبيا.
ذات مرة قال هوانغ جانغ-يوب وهو مدرب سابق للراحل كيم جونغ إيل وأكبر المنشقين رتبة في كوريا الشمالية لصحيفة يابانية قبل أن يتوفى في 2010 إن جون اقترب منه سائلا إذا كان ممكنا أن "يصنعوا عددا قليلا آخر من القنابل النووية."
ونقل هوانغ سؤال جون له "هل يمكن أن نشتري كمية إضافية ما من البلوتونيوم من روسيا."
وقال "بحلول خريف 1996 قال 'لقد حللنا مشكلة كبيرة. لا نحتاج البلوتونيوم هذه المرة. بفضل اتفاق مع باكستان سنستخدم الورانيوم'."
ولمدة تزيد على 40 عاما عمل جون -وهو خريج جامعة موسكو الحكومية ومستشار مقرب لكيم جونج إيل- في منصب قيادي في إنتاج وتطوير الأسلحة الكورية الشمالية قبل أن يترك الحياة العامة في 2011.
ويذكر مادين أن جون كان رجل الإمداد الذي أشرف على المصانع والعلماء والفنيين العاملين في البرنامجين النووي والصاروخي لكوريا الشمالية.
ويقول نعي لجون في وسائل الإعلام الرسمية "رغم غيابه فإن الأعمال التي أداها باسم الحزب والثورة والبلاد ستبقى ساطعة."