يوميات حرب 1967
اعتبرت إسرائيل أن الأحداث التي تلت حملة سيناء عام 1956 تشكل تهديدًا لأمنها سواء جهود جمال عبد الناصر ونشاط سوريا ضد المستعمرات الإسرائيلية على الجبهة السورية وأمام الجبهة الأردنية وقرار القمة العربية 1964 في القاهرة بتحويل مياه نهر الأردن في كل من سوريا ولبنان وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1965.
وعلى ذلك بدأ تخطيط إسرائيل لشن الحرب على العرب مع مطلع عام 1967، في ظل تواطؤ خفي ظاهره عدوان ضد سوريا حيث أبلغ وفد سوفياتي مصر أن إسرائيل حشدت 11 لواء على الحدود السورية وإعلان مصر تدخلها لمساندة سوريا وما تلاها من أحداث، ويمكن القول إن الأحداث تصاعدت بوتيرة متسارعة في الجانبين منذ منتصف مايو/أيار 1967 مع ما رافق ذلك من قرارات وأحداث مهمة ذات صلة بالحرب التي أصبحت واقعا صباح الخامس من يونيو/حزيران.
اليوم الأول 5 يونيو/حزيران
قبل الهجوم الجوي قامت قوات إسرائيلية بهجوم في الساعة السابعة والنصف صباحا من يوم 5 يونيو/حزيران على المحور الأوسط بسيناء واحتلت موقعا متقدما في منطقة "أم بسيس" الأمامية، وقد سبقت ذلك تحركات في اتجاه العوجة ليلة 4/5 يونيو/حزيران لم تبلغ القيادة العليا، بل علم بها قائد المنطقة الشرقية ظهرا بعد فوات الأوان وكان الرد عليها كفيلاً بتغيير الموقف.
الضربة الجوية الإسرائيلية
قامت إسرائيل في الساعة 8 و45 دقيقة صباح الاثنين 5 يونيو/حزيران لمدة ثلاث ساعات بغارات جوية على مصر في سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل في ثلاث موجات الأولى 174 طائرة والثانية 161 والثالثة 157 بإجمالي 492 غارة دمرت فيها 25 مطاراً حربياً وما لا يقل عن 85% من طائرات مصر وهي جاثمة على الأرض.
وطبقا للبيانات الإسرائيلية تم تدمير 209 طائرات من أصل 340 طائرة مصرية منها:
30 طائرة تي يو-16
27 طائرة اليوشن قاذفة
12 طائرة سوخوي- في
90 طائرة مقاتلة ونقل وهليكوبتر
وردا على الضربة الجوية الإسرائيلية قامت القوات الجوية الأردنية بقصف مطار قرب كفار سركن. أما الطيران السوري فقد قصف مصافي البترول في حيفا وقاعدة مجيدو الجوية الإسرائيلية، بينما قصفت القوات العراقية(*) جوا بلدة ناتانيا على ساحل البحر المتوسط، أما إسرائيل فلم تكتف بقصف السلاح الجوي المصري بل قصفت عدة مطارات أردنية منها المفرق وعمان ودمرت 22 طائرة مقاتلة و5 طائرات نقل وطائرتي هليكوبتر.
ثم قصفت المطارات السورية ومنها الدمير ودمشق، ودمرت 32 طائرة مقاتلة من نوع ميغ، و2 اليوشن 28 قاذفة. كما هاجمت القاعدة الجوية هـ3 في العراق.
وقدرت المصادر الإسرائيلية أنها دمرت 416 طائرة مقاتلة عربية. وقدرت خسائر إسرائيل بـ26 طائرة مقاتلة.
الحرب على الجبهات
اعتمدت إسرائيل في حرب يونيو/حزيران 1967 على الطيران وعلى جيشها البري في كافة الجبهات العربية المحيطة بها.
1- الجبهة المصرية
انطلقت في أعقاب الضربة الجوية الإسرائيلية مباشرة وفي الساعة 9.15 تشكيلات القوات البرية الإسرائيلية لتخترق الحد الأمامي للجبهة المصرية في سيناء بثلاث مجموعات عمليات، وفي ساعة متأخرة من المساء استطاعت بهجومها على المحاور الثلاثة الشمالي والأوسط والجنوبي تدمير فرقتي مشاة النسق الأول، السابعة والثانية، التي كان يرتكز عليها النظام الدفاعي لمصر.
2- الجبهة الأردنية
قصفت القوات الأردنية الساعة 11 صباحا بالمدفعية مدن تل أبيب والقدس وعبرت جنوب القدس، وقام الطيران الأردني بقصف مطارات إسرائيلية، وهنا تحول القصف الجوي الإسرائيلي بعد أن قضى على القوات الجوية المصرية إلى الجبهة والمطارات الأردنية وقام بتدمير طائرات الأردن، وأصبحت المملكة بدون قوات جوية بينما قامت القوات الإسرائيلية بعد الظهر بهجوم على الضفة الغربية وعزلت القدس عن الضفة ووصلت إلى جنين.
3- على الجبهة السورية
قصف جوي ومدفعي متبادل بين الجانبين ومحاولة اختراق من جانب سوريا أحبطها الجيش الإسرائيلي.
اليوم الثاني 6 يونيو/حزيران
الجبهة المصرية
صباح يوم 6 يونيو/حزيران سقطت العريش وانفتح المحور الشمالي أمام القوات الإسرائيلية المدرعة.
وكانت مهمة الطيران الإسرائيلي طوال اليوم هي تثبيت الوحدات المدرعة في الممرات الجبلية وفي مساء اليوم نفسه أذاعت إسرائيل أن عناصر قواتها وصلت إلي قناة السويس مما أصاب جنود الجيش المصري بالذعر فيما أطلق عليه الغرب الحرب الخاطفة.
وفي مساء هذا اليوم أيضا تمكن الإسرائيليون من الاستيلاء على مدينتي غزة وخان يونس.
وكان نائب القائد الأعلى للقوات المصرية عبد الحكيم عامر قد أصدر في الساعة الخامسة من بعد الظهر، أمرا بالانسحاب العام لجميع قوات سيناء إلى غرب قناة السويس، على أن ينفذ على مراحل وخلال الأيام التالية، وهو القرار الذي أثر سلبا على أداء الجيش المصري وعلى مسار الحرب بالنسبة له.
أما على الصعيد الدبلوماسي الدولي فصدر قرار مجلس الأمن رقم 233 بوقف إطلاق النار وهو ما كان يعني حينها إقرارا دوليا باحتلال إسرائيل أراضي مصرية وحرمان مصر من حقها في استعادتها.
الجبهة الأردنية:
شهدت قتالا في كافة أنحاء الضفة الغربية وسقطت نابلس وأخذت القوات الإسرائيلية تتحرك في اتجاه نهر الأردن مع قتال حول القدس الشرقية.
الجبهة السورية:
استمرار الاشتباكات من دون أي جديد على الأرض غير ما كان في يوم 5 يونيو/حزيران.
اليوم الثالث 7 يونيو/حزيران
الجبهة المصرية:
كان على القوات المصرية صباحا وفي وسط سيناء مواجهة ثلاث مجموعات عمليات، وظهرت في هذا اليوم الذي تركزت فيه العمليات على الجبهة المصرية مع وقف إطلاق النار على الجبهة الأردنية بوادر الانهيار التام للقوات المصرية وقرب وصول القوات الإسرائيلية إلى قناة السويس.
الجبهة الأردنية
احتلت القدس الشرقية حيث وصلت القوات الإسرائيلية في العاشرة صباحا إلى حائط البراق بينما كانت قد سيطرت تماما على المدينة مساء.
وعلى صعيد التحركات الدولية صدر قرار مجلس الأمن رقم 234 للتأكيد على وقف إطلاق النار الساعة 8 مساء، وأعلن الملك حسين قبول وقف إطلاق النار مع إسرائيل بصفة رسمية.
الجبهة السورية
استمرار الاشتباك بالمدفعية والدبابات.
اليوم الرابع 8 يونيو/حزيران
قصفت إسرائيل السفينة الأميركية ليبرتي الساعة 1.54 ظهرا، وهو أمر لا يزال يثير جدلا حتى اليوم: هل حصل الهجوم عمدا أم خطأ.
الجبهة المصرية
مع قرب وصول القوات الإسرائيلية إلى قناة السويس بدأت في هذا اليوم الاستعدادات للدفاع عن القاهرة من مدخلي السويس والإسماعيلية.
وجرى حديث بين السوفيات والرئيس المصري جمال عبد الناصر عن وقف القتال على الجبهة المصرية في الوقت الذي شكلت فيه الوحدات المصرية المدرعة المتبقية سدا دفاعيا وسط سيناء، ولكن مع قبول مصر وقف إطلاق النار كانت قد انهارت الدفاعات المصرية المتبقية شرق القناة وبدأ الارتداد العام والانسحاب من سيناء.
الجبهة السورية
استمرار الاشتباكات بالمدفعية والدبابات.
اليوم الخامس 9 يونيو/حزيران
الجبهة المصرية
قامت القوات الإسرائيلية في هدوء باحتلال سيناء كلها حتى شرم الشيخ باستثناء الخط من رأس العش شمالاً حتى شرق بور فؤاد الذي ظل تحت سيطرة القوات المصرية.
وصدر قرار مجلس الأمن رقم 235 للتأكيد على وقف إطلاق النار، بينما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر في أعقاب هذه الخسارة تنحيه عن السلطة.
الجبهة السورية
بدأ في هذا اليوم الهجوم الإسرائيلي على سوريا واخترق الدفاعات السورية شمال هضبة الجولان.
اليوم السادس 10 يونيو/حزيران
بتنحي الرئيس عبد الناصر استقال عبد الحكيم عامر ووزير الحربية شمس بدران، وخرجت مظاهرات شعبية ترفض قبول تنحي الرئيس وطالبت بعودته فوافق عبد الناصر على ذلك وعاد إلى الحكم.
الجبهة السورية
واصلت القوات الإسرائيلية اختراقها للدفاعات السورية على طول الجبهة في الجولان ووصلت إلى القنيطرة، فأعلنت سوريا قبولها وقف إطلاق النيران الساعة السادسة والنصف مساء من ذلك اليوم.
وقف العمليات العسكرية
صدر قرار مجلس الأمن 236 الساعة الرابعة والنصف من يوم 11 يونيو/حزيران ونص على إدانة أي تحرك للقوات بعد 10 يونيو/حزيران.
وخسر العرب في هذه الحرب المزيد من الأراضي لصالح إسرائيل، أما الخسائر الميدانية والعسكرية للحرب فغالب بياناتها قد تضاربت لاعتبارها معلومات سرية.
* شارك لواء من القوات العراقية في الحرب من خلال الجبهة الأردنية، ووصفت مشاركة العراق بأنها كانت غير فاعلة لأن تسارع الأحداث قد سبق دخولها الفاعل في الحرب.